
وداعا .. يا أمي الحبيبة
- في صبيحة يوم اليوم الخميس (1/8/2024) ودعت أمي الحبيبة أم سعود (عائشة ناصر الخريف الناشي) وداعا يملؤه الحزن والدموع والصبر على فراق الغالية والحنون سائلا الله لها الرحمة والمغفرة.
- كانت حياة أمي تمثل السعادة المغلفة بالحزن؛ فبعد فقد أبويها وأخيها الكبير، قدمت إلى الكويت من مدينة الزبير في نهاية الاربعينيات؛ لتتزوج من ابن عمها والدي (أحمد)، وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها، وبذلك انتقلت إلى عالم جديد في منطقتي الصالحية ثم الشامية في البيوت الطينية القديمة، والحر الشديد، والعمل المتواصل الدؤوب، خدمة لزوجها وبيتها وأسرتها.
- وكانت جدتي لطيفة الشعيل (أم والدي) بمثابة الام الثانية لها، فقد علمتها كيف تتعامل مع الحياة والمجتمع الجديد حتى تصبح الزوجة الصالحة والأم المربية الحنون، وقد خلقت تلك الألفة بينهما بيئة هادئة متوازنة، استمرت قرابة 10 سنين، أنجبت خلالها أربعة من الأبناء؛ ولدين وبنتين.
- ثم انتقلت على وقع تثمين البيوت القديمة في منطقة الشامية إلى منطقة خيطان في نهاية الخمسينيات؛ حيث اصبحت البيوت من (الطابوق) الاسمنتي، ولكن تنقصها بعض الخدمات كالكهرباء وغيرها، واستمرت أمي في الكد والتعب خاصة بعد وفاة جدتي (لطيفة) وقدوم ثلاثة أبناء جدد - وكانت ترفض الولادة بالمستشفى حتى لا تترك أولادها وحدهم في المنزل- وقد توفي أحدهم وهو صغير، واستمرت هذه الفترة لمدة 10 سنوات أخرى، كان بيتها في وسط سوق خيطان حيث تستقبل قريباتها وصديقاتها يوميا على شاي الضحى.
- ثم كانت النقلة الفارقة عام 1968 ؛ حيث انتقلت إلى بيت حكومي بمنطقة الفروانية؛ حيث كانت البيوت السابقة كلها مستأجرة، أما الآن فهو بيتها الخاص فمكثت فيه أكثر من 30 سنة، وكان بيتا واسعا، فيه غرف ومساحات كبيرة، وعاشت فيه مرتاحة؛ حيث تستقبل أقربائها وجيرانها وضيوفها فيه. ثم كبر الابناء وبدأت رحلة الغربة للدراسة بالنسبة لهم، وهنا تفجرت ينابيع الحنان والاشتياق؛ فلا يذهب أحد من ابنائها للخارج إلا ويطير قلبها معه! وهكذا تزوج الأبناء الواحد تلو الأخر، وأصبح لكل واحد منهم بيته وأسرته، وكبرت الأسرة، ولكن كانت دائما هي الملتقى الأمن.
- انتقلت والدتي بعد ذلك إلى منطقة الشهداء عام 2003، وكان الوالد (أحمد) يحتاج رعاية طبية؛ إذ كان طريح الفراش حتى توفي عام 2006، وظلت هي عمود البيت وظله والراعية له حتى عام 2013 حيث اجريت لها عملية في العين، تعبت بعدها وأصبحت طريحة فراش حتى وفاتها.
- أدت فريضة الحج في السبعينيات مع حملة ابن عمها محمد الخريف الناشي وبرفقة مجموعة من نساء العائلة، وأدت العمرة أكثر من مرة بفضل الله. وتأثرت كثيرا في فترة الغزو على الكويت عام 1990، واصيبت بداء السكري وضغط الدم؛ جراء تلك الازمة، ولم تكن تشعر بأزمة جائحة كورونا.
- كانت - رحمها الله - مشهورة بالطبخ الجيد واللذيذ، وكانت تقوم بأعمال المنزل كاملة، وليس لديها خادمة إلا في سنواتها الأخيرة قبل مرضها. وظلت تهتم بمتابعة دراسة الابناء وتفرح بتخرجهم وكانت تفخر بذلك وتقول: أنا أم المهندس والدكتور.
- غفر الله للوالدة، وثبتها بالقول الثابت، وطيبها بطيب الجنان ورضى الرحمن، وأسكنها الفردوس الأعلى .. تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا على فراقك يا أماه لمحزونون!
لاتوجد تعليقات