
ملف العدد .. دراسة ميدانية حول: صناعة القدوة في زمن التحديات
- إن الناظر إلى حال القدوة في عالمنا اليوم يشعر بالحيرة والألم حيث نفتقد من تطابق أفعاله أقواله إلا من رحم الله كما لا نجد العناية الكافية من المؤسسات المدنية لرعاية أصحاب الكفاءات والمواهب وتهيئتهم لخدمة الأمة
- من طبيعة البشر وفطرتهم أن يتأثروا بالمحاكاة والقدوة أكثر مما يتأثرون بالقراءة والسماع ولاسيما في الأمور العملية
- القدوة الحسنة من أهم الوسائل التربوية التي يعتمد عليها الإسلام في بناء شخصية المسلم وهي نموذج عملي يجسد القيم والأخلاق الرفيعة
- تؤدي القدوة الحسنة دورًا مهما في الإصلاح الاجتماعي حيث يؤثر القدوات في الآخرين ويشجعونهم على فعل الخير وتجنب الشر
- اهتم الإسلام اهتمامًا بالغًا بالقدوة الحسنة وجعلها أساسًا في نشر الفضيلة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»
- الاستقامة والصدق والأمانة والإخلاص والعدل والتواضع والقيادة والتأثير الإيجابي من أبرز سمات القدوة الحسنة
- أولت الشريعة الإسلامية في مجال صناعة القدوة عناية فائقة للمواهب التي يتمتع بها بعض الأفراد في زمن الصحابة وعملَتْ على تنميتها وتقويتها
تعد القدوة الحسنة من أهم الوسائل التربوية التي يعتمد عليها الإسلام في بناء شخصية المسلم وتقويم سلوكه؛ فهي نموذج عملي يجسد القيم والأخلاق الرفيعة، ويسهل على الأفراد الاقتداء به، ولا سيما لدى الشباب والأجيال الناشئة، وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - قدوة للمسلمين؛ حيث قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.
مفهوم القدوة الحسنة:
تتمثل القدوة أو الأسوة الحسنة في ذلك الشخص أو المثال الأعلى الذي يُقتدى به في أقواله وأفعاله وتصرّفاته؛ بحيث يصبح القدوة لأتباعه مثالاً راقياً يسهم في تعزيز القيم والسلوك الإيجابي.القدوة في الإسلام
اهتم الإسلام اهتمامًا بالغًا بالقدوة الحسنة، وجعلها أساسًا في نشر الفضيلة؛ حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وقوله: «من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها..»، وقد أشار القرآن الكريم إلى نماذج من القدوات الحسنة مثل الأنبياء والصالحين، فقال الله -تعالى عن إبراهيم عليه السلام-: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ}، ثم كان التوجيه بعد ذكر مجموعة من الرسل بالاقتداء بهم واتباعهم، كما قال الله في شأنهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}. وفي مجال صناعة القدوة الحسنة أولت الشريعة الإسلامية عناية فائقة للمواهب التي يتمتع بها بعض الأفراد في زمن الصحابة، وعملَتْ على تنميتها وتقويتها؛ ليكون هؤلاء الأفراد قدوةً للناس في فعل الخير والدلالة عليه، ورموزًا في الاستقامة والصلاح والعطاء، وأداة فاعلةً ومؤثرة في إصلاح المجتمع وتقويم سلوكه والارتقاء به. وقد أسهمت تلك التربية القائمة على القدوة الحسنة التي تلقاها كبار الصحابة -رضوان الله عليهم- من النبي - صلى الله عليه وسلم - في انتشار الإسلام، وصنع قادة المستقبل. فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتني بكل فرد من أصحابه عناية خاصة، فيعزز من إيجابياته ويرشده إلى عيوبه، ويشجعه فيما يحسن، ويذكره بالخير بين الناس، وهو بهذا يمنحهم الثقة الكافية لتنمية مهاراتهم وصقل شخصياتهم، ما جعلهم يستجيبون لنصائحه وتوجيهاته، وقد تخرج على يده مجموعة من خيرة القادة ورواد الحضارة والإنسانية في التاريخ البشري، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الذين كانوا نتاج تلك التربية النبوية الفذة.أمثلة إسلامية رائعة:
ومن أصدق الأمثلة على ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدفاع عن أبي بكر - رضي الله عنه -: «إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقتَ! وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟». ومما اشتهر عن عمر - رضي الله عنه - إجلاسه عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - رغم حداثة سنه في مجلس شورى شيوخ المسلمين، ليفيدهم برأيه وينضج فكره بمجالستهم وسماع أحاديثهم. ومن أشهر الأمثلة على ذلك أيضا عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إمارة بعث الشام لأسامة بن زيد - رضي الله عنه -، وهو الجيش الذي جمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته، وكان قبل ذلك قد أوكل إليه مهمات جهادية متنوعة. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يدربهم على الالتزام وتحمل المسؤولية في حال كانوا رؤساء وأمراء، كما يعودهم على الطاعة في حال كانوا مرؤوسين، وجعل همهم في كلا الحالين رضا الله -سبحانه وتعالى-، وقد قال الشافعي: «لم يكن رسول الله ليبعث واحدا إلا والحجة قائمة بخبره على من بعثه إليه إن شاء الله» ونستنتج من ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بعث البعوث واستناب من استناب راعى في مبعوثيه ونوابه -إضافة إلى العلم- أمورا أخرى تجعل قولهم مقبولا وخبرهم مصدقا عند من أرسل إليهم..الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير قدوة:
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قدوة في الكرم كما جاء عن أنس - رضي الله عنه - قال: «ما سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -شيئًا إلا أعطاه، فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة (الفقر)». وكذلك كان - صلى الله عليه وسلم - القدوة بالحلم، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: «خدمتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، لا والله ما سبني سبة قط، ولا قال لي أف قط، ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته؟!» فينبغي للمسلم أن يقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال الله -عز وجل في وصفه-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.أنواع القدوة الحسنة:
هنالك العديد من أنواع القدوات، وقد تجتمع في شخص واحد (القدوة المطلقة)، ومن ذلك ما يلي:1- القدوة الدينية:
تتمثل ذلك في الأنبياء والعلماء والدعاة الذين يسيرون على نهج الإسلام الصحيح، وعلى رأسهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي كان نموذجًا في العدل والرحمة والصدق، وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:»فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّون»2- القدوة الأسرية:
3- القدوة الأخلاقية:
تشمل الأفراد الذين يتحلون بالأمانة، والصدق، والعدل، والتواضع، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الصحابي الجليل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - والعشرة المبشرون بالجنة، وقد عُرفوا بالصدق والشجاعة والأمانة.. الخ.4- القدوة العلمية والفكرية:
تشمل العلماء والمفكرين والمبتكرين الذين يسهمون في نهضة المجتمع بالعلم النافع والعمل الصالح على المستوى الدنيوي، وقد أثنى الله عليهم بقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.5- القدوة العملية والمهنية:
تضم العمال المخلصين، والقادة الناجحين، والإداريين الأكفاء الذين يمثلون نماذج للإتقان والإبداع في العمل، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».دواعي القدوة ودوافعها:
إن من طبيعة البشر وفطرتهم أن يتأثروا بالمحاكاة والقدوة، أكثر مما يتأثرون بالقراءة والسماع، ولاسيما في الأمور العملية، ولعل من أشد الأسباب تحفز الناس على الاقتداء بالآخرين الشعور بالمحبة تجاه فلان؛ بسبب صفاته وسلوكياته كما قال الله -تعالى في ذلك-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، ومثل هذا غالبا ما يكون موجودا بين المتعلم والعالم أو الولد ووالده، ومنها أيضا اعتقاد الكمال والأفضلية في الشخص القدوة، وأحيانا يكون السبب في التبعية والتقليد القهر والغلبة، وهذا ما قرره ابن خلدون وجعله قاعدة مضطردة بين الدول الغالبة والمغلوبة، وينسحب ذلك على الأفراد كذلك، وأحيانا يكون السبب في التقليد واتخاذ القدوة الغبطة بمعنى المنافسة في الخير، كما جاء في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنافسة: «لاحسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها».معايير القدوة الحسنة:
1- الاستقامة:
بحيث نلمس في شخصية القدوة الاتساق بين القول والفعل: فلا يمكن أن يكون قدوة إلا إذا طابق قوله فعلَه وسلوكه، وذلك مصداقا لقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}.2- الصدق والأمانة:
وذلك حتى يكون القدوة موثوقاً في نظر الآخرين؛ لأن خلاف ذلك يوقعه في التناقض، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان».3- الإخلاص في العمل:
فينبغي أن يكون الهدف من الاقتداء هو التقرب إلى الله -تعالى- وإيثار المصلحة العامة ونفع الناس، وليس تحقيق مصالح شخصية، ويؤيد ذلك قوله -تعالى-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (البينة: 5).4- العدل والتواضع:
فالقائد والمعلم والأب القدوة لا بد أن يكون عادلًا مع الجميع، وألا يكون متكبرا مغرورا ومن شأن ذلك أن يرفع قدره ويعلي من شأنه «من تواضع لله رفعه».5- العلم والخبرة:
فالقدوة لا بد أن يكون عالمًا بما يدعو إليه، خبيرا بحل ما يتعلق بمجال التوجيه من مشكلات وتحديات، حتى يكون مؤثرًا، وينال اهتمام الناس وإعجابهم، ففاقد الشيء لا يعطيه، وكل إناء بما فيه ينضح.6- القيادة والتأثير:
غالبا ما يكون الشخص القدوة قياديا ولديه حسّ إداري، ولديه القدرة على التأثير في الآخرين، وإقناعهم بأفكاره وآرائه، ولديه روح المبادرة والقدرة على قيادة الناس لتحقيق الأهداف وتجاوز العقبات والتحديات.أهمية القدوة في التربية:
تعدّ القدوة الحسنة من أهم وسائل التربية؛ حيث يتعلم الأبناء من خلال ملاحظة سلوكيات آبائهم وأمهاتهم، والاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم، وتؤدي القدوة الحسنة دورًا مهما في الإصلاح الاجتماعي؛ حيث يؤثر الأشخاص الذين يتمتعون بالقدوة الحسنة في الآخرين، ويشجعونهم على فعل الخير وتجنب الشر. ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك أداء العبادات أمام الأطفال فإنه من أساليب تعليمهم وتربيتهم على أدائها بصورة صحيحة، بحسب الكيفية التي أدى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه العبادة، فهو القائل - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلم أن يجعل لبيته نصيبا من صلاة السنن، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا»، ولا أدل على ذلك أيضا من وصية عمرو بن عتبة لمؤدب أولاده: «ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت». ولذلك يعدّ أسلوب الاقتداء من أفضل الأساليب التربوية التي تؤثر في سلوك الآخرين؛ «لأنها تطبيق عملي يثبت القدرة والاستطاعة الإنسانية على التخلي عن الانحرافات، والتحلي بفضائل الأفعال والأقوال، فهي تنقل المعرفة من الحيز النظري إلى الحيز التطبيقي المؤثر، فتلامس بها الأبصار والآذان والأفئدة، فيحصل الاقتناع والإعجاب والتأسي» وفي مجال التعليم ينبغي أن يكون المعلم ذا أخلاق حسنة صالحا وأن يكون قدوة لغيره، وأن يهتم بالمسائل التربوية وطرائق التعليم ومناهجه؛ حتى يكون مقبولا وقدوة ويؤتي ثمرة تعليمه للنشء على خير وجه.واقع القدوة في زماننا:
إن الناظر إلى حال القدوة في العالم العربي والإسلامي اليوم يشعر بالحيرة والألم، فمن جهة نفتقد القدوة الصالحة ممن تطابق أفعاله أقواله ومبادئه إلا ما رحم الله، ومن جهة أخرى لا نجد العناية الكافية من المؤسسات المدنية لرعاية أصحاب الكفاءات والمواهب وتهيئتهم لخدمة الأمة. ولعل أخطر ما في الأمر تسابق كثير من وسائل الإعلام المؤثرة إلى تنظيم مسابقات الغناء والرقص والمواهب التافهة من مهارات خفة اليد.. وما إلى ذلك؛ حيث أسهمت مثل تلك البرامج في جعل أولئك المثل الأعلى لأبنائنا وبناتنا.. ولا يمنع ذلك من وجود كثير من المؤسسات الدينية والتربوية التي تعتني بتربية الطلاب وتنشئتهم على الدين والعلم والأخلاق، ولكن هذه المؤسسات كثيرا ما تعجز عن صناعة القدوة على المستوى المحلي والإقليمي فضلا عن العالمي؛ بسبب ضعف القدرات والإمكانات. ولا شك أن منطلقات الغرب وأهدافه من صناعة القدوات أو الرموز تختلف عن أهداف الإسلام، ولهذا ينبغي الحذر من التقليد الأعمى، ولا بد من عرض كل أمر على مقاصد الشريعة، مع اختيار الوسائل المعاصرة التي لا تتعارض مع ثقافتنا ومبادئنا الإسلامية حتى ننجح في صناعة القدوة الحسنة، مع التركيز على جيل الشباب ودورهم في المجتمع.التحديات التي تواجه صناعة القدوة:
إن التأثير السلبي لبعض وسائل الإعلام، وانتشار الشخصيات غير المناسبة نماذج يقتدي بها الشباب، وضعف الوازع الديني يؤدي إلى قلة الاهتمام باتباع القدوات الصالحة، ويضاف إلى ذلك غياب القدوات الحقيقية، وافتقاد المجتمع لأشخاص يمثلون قدوات ملهمة للشباب في زمن التقليد الأعمى دون وعي؛ حيث نرى كثيرًا من الشباب يتبعون شخصيات مشهورة دون النظر إلى سلوكياتهم وثقافتهم ومدى انسجامها مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وقيمه الأخلاقية السامية. فلا بد من صناعة القدوة برعاية الموهوبين وتهيئة البيئة الصحية المناسبة لهم، ومنحهم الثقة الكافية حتى تكتمل عملية التكوين مع تشجيعهم على الإبداع وتحقيق التميز الإيجابي من أجل نهضة المجتمع وارتقائه، والحقيقة أننا لا نستطيع صناعة القدوة الحسنة إلا في جو من الثقة والحرية المنضبطة بأحكام الشريعة حتى يتمكن القدوة من تأدية مهمته في الحياة بمهنية وأخلاقية سامية. وعلى من يجد في نفسه القدرة والكفاءة ليكون قدوة حسنة لمجتمعه في أي مجال من المجالات أن يتقدم إلى المؤسسات ذات الصلة ولا ينتظر حتى يكتشفه الآخرون، كما قال يوسف -عليه السلام لعزيز مصر-: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم}؛ فإن الأمة بأمسّ الحاجة إلى القدوة الصالحة في مجتمعنا، وكلكم مسؤول عن رعيته.أثر القدوة الحسنة على الفرد والمجتمع
1- أثرها على الفرد: تكسبه الأخلاق الحسنة وتجعله شخصًا إيجابيا، وتعينه على النجاح في حياته الدينية والدنيوية،وتزرع فيه حب الخير وخدمة الآخرين. 2- أثرها على الشباب: تساعدهم على بناء شخصياتهم وتنمي قدراتهم القيادية، وتقيهم من الانحرافات الفكرية والأخلاقية، وتوجههم لاختيار قدوات صالحة بدلاً من التأثر بقدوات غير مناسبة، كما تشجع القدوة الحسنة الشباب على تبني السلوكيات الإيجابية، مثل الاجتهاد في الدراسة، والمشاركة في الأعمال التطوعية، والالتزام بتعاليم الإسلام. 3- أثرها على الأسرة: تجعل الأسرة أكثر استقرارًا وترابطًا، وتساعد الوالدين على تربية الأبناء بطريقة صحيحة، كما أنها تنشر روح المحبة والتفاهم داخل البيت، وللقدوة الحسنة دور مهم في بناء أسرة قوية ومتماسكة؛ حيث يتعلم الأبناء من خلال ملاحظة سلوكيات آبائهم وأمهاتهم، والاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم. ومن ثم يجب على الوالدين أن يكونا قدوة حسنة لأبنائهم، من خلال الالتزام بتعاليم الإسلام، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، والتعامل مع الآخرين بلطف واحترام. 4- أثرها على المجتمع: تسهم في خلق بيئة قائمة على الأخلاق والقيم، وتساعد في تحسين مستوى العلاقات الاجتماعية، كما تسهم في تطور المجتمع من خلال تقديم نماذج ناجحة للجيل القادم، وبذلك تسهم في بناء المجتمع وارتقائه.الخاتمة:
يتضح لنا مما سبق أن القدوة الحسنة ركن أساسي في بناء شخصية الفرد، وتقويم المجتمع، وإرساء القيم الفاضلة، وهو منهج نبوي اعتمده الإسلام في تربية الأجيال؛ لذا فإن من الضروري العمل على صناعة القدوة الحسنة في المجتمع، سواء في البيوت أم المدارس أم المؤسسات، والعمل على توجيه الشباب لاختيار القدوات التي تعكس المبادئ الإسلامية والأخلاق السامية، وهكذا تبرز أهمية الحرص على اختيار القدوة الحسنة في حياتنا وفي حياة أبنائنا، بما يحقق التحول السريع نحو الأفضل.تحليل نتائج استبيان القدوة الحسنة
- الاتفاق على أهمية اتخاذ القدوة الحسنة وتأثيرها الإيجابي على الفرد والمجتمع
- العلماء والمشايخ والآباء والأمهات في صدارة من يستحق أن يكون القدوة الحسنة لدى المشاركين ثم رجال الفكر والثقافة
- حازت التربية الأسرية والتعليمية وتفعيل دور المسجد على المركز الأول في الوسائل التي تساعد في صناعة القدوة في مجتمعنا
- المشاركون في الاستبيان يرون بالإجماع افتقار المجتمع في عصرنا الحاضر إلى القدوات الحسنة ما يعكس الحاجة إلى صناعة القدوة والاهتمام بتوفير البيئة المناسبة لذلك
- منطلقات الغرب وأهدافه من صناعة القدوات أو الرموز تختلف عن أهداف الإسلام ولهذا ينبغي الحذر من التقليد الأعمى
- اتفق المشاركون على كون التحلي بالدين والقيم الأخلاقية من أبرز مقومات القدوة الصالحة ومن ثم النجاح والتأثير والمهارات القيادية
أسئلة الاستبيان:
تنوعت أسئلة الاستبيان حول مدى أهمية القدوة في حياتنا وأثرها على الفرد والمجتمع، ومن يكون القدوة في حياتك؟ ومدى توافر القدوة في زماننا هذا، وعن القدوة عموما في حياة المسلم، ونصيب العلماء والمشايخ ورجال الفكر والثقافة والآباء والأمهات والمشاهير في ذلك، وسؤال حول أهم الصفات الواجب توافرها في القدوة الحسنة، وأهم الوسائل التي من شأنها أن تسهم في صناعة القدوة، ومن ثم دور وسائل الإعلام عموما في ذلك، وفي الختام سؤال حول كيفية تأثير القدوة في حياة المشاركين في الاستبيان، والدور الذي يمكن للمؤسسات الدينية والتعليمية أن تقوم به في ترسيخ مفهوم القدوة الحسنة وأهم النصائح المقدمة في ذلك للشباب. كانت سمات المشاركين في هذا الاستطلاع كما يلي:- من حيث الجنس: كان نصف المشاركين من الذكور بنسبة 53%، بينما كانت نسبة مشاركة الإناث 47% ومن ثم فإن الاستبيان يعبّر عن آراء الجنسين بشكل شبه متساوٍ.
- من حيث العمر: توزعت أعمار المشاركين في الاستبانة على ثلاث فئات: الأولى وهي النسبة الأكبر، وكانت لمن هم أكبر من (51سنة) بنسبة 56%، والثانية لمن هم بين (31-50 سنة) بنسبة 36%، والأخيرة وهي الأقل للناشئة (أقل من 30 سنة)، ونسبتهم في المشاركة 8% فقط، ومن ثم فإن الإجابات ستكون أكثر نضجا، وتعبر عن خبرة الحياة وتوجه الناشئة نحو أفضل السبل لاتخاذ القدوة الحسنة والتحلي بالقيم والأخلاق.
- هل تعتقد أن القدوة تمثل حافزا مهما في أمور حياتك جميعها؟
- كانت إجابة (98%) بالإيجاب، وفي ذلك إجماع على دور القدوة الحسنة في تحفيز أفراد المجتمع، وبيان أهمية القدوة في توجيه سلوكيات الأشخاص، ومن ثم قيادة المجتمع نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
- من قدوتك في الحياة ؟
- وتنوعت الإجابات مع التركيز بنسبة كبيرة على شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - بوصفه نبي الأمة وخير العالمين، وهذا بلا شك يتفق مع كونه - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة للمسلمين جميعا، ومنهم من جعل الصحابة الكرام قدوته.
- وبعضهم جعل والديه قدوته آباءً وأمهات، ومنهم من جعل قدوته أخاه أو عمه أو زوجه، وأحدهم جعل قدوته ابنته ! ويبدو أن ابنته تقوم بدور مهم في الأسرة أو أنها حققت إنجازات يفخر بها ذلك الأب.
- وهناك من ركز على المشايخ والسلف الصالح وأمهات المؤمنين، ومنهم من جعل قدوته أصحاب الحكمة، وأحدهم قدوته العلماء وأصحاب الاختراعات في زماننا، وآخر جعلها في بعض القادة السياسيين.
- وهكذا نجد أن القدوات تتجه نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده العظماء وقادة الأمة والآباء والأمهات بما يملك كل واحد من هؤلاء من مؤهلات وأدوار دينية وقيادية وعلمية في الأمة.
- هل وجود قدوة يسهم في بناء الأسرة والمجتمع والارتقاء بهما؟
- وكان الإجماع الإيجابي سيد الموقف بنسبة 100% مؤيدا، وهذا أمر بدهي وأردنا من طرحه في الاستبانة تأكيد هذا المفهوم وتوجيه الناس إلى أهمية القدوة في بناء الأسرة والمجتمع والارتقاء بهما، من خلال توفير الأسوة الحسنة التي يقتدي بها الناس في أقوالهم وأفعالهم وسلوكياتهم، ومن ثم يسهم ذلك في إيجاد النموذج الإيجابي ويوفر الوقت والجهد من أجل نهضة الفرد والمجتمع.
- هل تعتقد أن المجتمع اليوم يفتقر إلى القدوات الحسنة؟
- وكانت الإجابة بالتأييد بواقع 94%، وهذه الإجابة بحاجة إلى مزيد تأمل ونظر؛ فهي تعكس مدى الحاجة إلى صناعة القدوة الحسنة في زمننا هذا، وما تعانيه الأمة من ضعف وغياب للهوية الإسلامية والعربية، وما تعانيه من التقليد الأعمى للرموز والثقافة الغربية، ولا سيما في مجال الغناء واللهو، ولعل هذا يسوغ تركيز عينة البحث على اتخاذ السلف الصالح من بعد النبي -صلى الله عليه وسلم - ومن في حكمهم قدوة وهم من عصر النبوة، ولو كان في المجتمع قدوات معاصرة ممن يسوغ ويسهل التأسي بهم لتم ذكرهم والتركيز عليهم، ولا شك أننا لا نعدم خيرا في مجتمعنا ومن سبقه ومن يليه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: « خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ..».
- من القدوة الحسنة للمسلم عموما؟
- وكانت الخيارات المتعددة للإجابة كما يلي:
- ما أهم الصفات التي تبحث عنها في القدوة الحسنة؟
- وكانت الخيارات المتعددة للإجابة كما يلي:
- برأيك ما أكثر الوسائل التي تساعد في صناعة القدوة الحسنة؟
- وكانت الخيارات المتعددة للإجابة كما يلي:
- هل تعتقد أن وسائل الإعلام -عموما- تقدم نماذج جيدة للقدوة الحسنة؟
- كانت الإجابة بالنفي لكثير من المشاركين بواقع 52%، بينما أيد ذلك 48%.
- كيف أثرت القدوة الحسنة في حياتك؟
سبب في النجاح والتوفيق:
- اتخاذ القدوة الحسنة سبب للنجاح والتوفيق في حياتي، والرضا بما رزقني الله، وحب الآخرين ولا سيما أسرتي، وأصبحت أحرص على مساعدة الآخرين قدر استطاعتي.
- بفضل الله أولا ثم القدوة الحسنة بدأت أحقق التقدم والازدهار في نطاق العمل تدريجيا.
- نستلهم من القدوة الحسنة سبل النجاح في الحياة وطرائق التفكير والإبداع.
- استفدت كثيرا من اتخاذ قدوة حسنة في حياتي، وقد غير ذلك حياتي إلى الأفضل.
الالتزام والإخلاص:
- القدوة الحسنة جعلتني إنسانا أفضل، واتخاذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة الكرام قدوة لي جعلني أتوجه إلى الطريق الصحيح بفعل الطاعات والابتعاد عن المعاصي.
- تعلمت من قدوتي الحسنة الصبر وحسن الخلق والتمسك بالدين.
- القدوة الحسنة جعلتني أدرك معني الحياة، وأتعلم كثيرا من الأخطاء والتجارب حتى أستمر إلى الأمام، وتعلمت ألا أؤجل عمل اليوم للغد وأن أخلص في العمل وألتزم بديني وعلمي..
- للقدوة الحسنة تأثير إيجابي في تثبيت الأسس الدينية والحياتية وترسيخ القيم، والشعور بالرضا والعيش بحياة سعيدة.
- القدوة الحسنة تبقي الإنسان على الطريق السليم، فكلما حاد عن الطريق رجع إلى الصواب من جديد.
- سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرة أصحابه أثرت كثيرا في سلوكياتي، وأيضا سيرة بعض العلماء والمشايخ، وسيرة جدي كان لهم أثر كبير جدا في فهمي للواقع والتعامل معه بما ينبغي.
- يصعب حصر ذلك التأثر بالقدوة الحسنة؛ لأن تأثيرها تراكمي وعلى امتداد سنوات وأزمنة، والقدوة الحسنة وجودها في حياتنا نعمة والتأثر بها هداية وتوفيق من الله -تعالى.
- أستلهم من القدوة الحسنة المبادرة والإبداع وتحسين النفس..
- علمتني الجد وأنه لا مستحيل، وأن الإنسان إذا نمّى مهاراته يمكنه الوصول إلى تحقيق أحلامه بإذن الله.
- القدوة الحسنة تساعد في التمسك والثبات على الدين الصحيح.
- القدوة الحسنة تؤثر فيّ إيجابيا، وأسهمت في تعديل السلوك والتفكير والممارسة الصحيحة ونقل القدوة للآخرين، وفي استشعار وجود الله -تعالى- ومن ثم الاستقامة.
- الحرص على تحقيق القدوة الصالحة في حياتي دفعتني إلى الالتزام بالجانب الديني والنجاح العلمي.
- اتباع الرسول -عليه الصلاة والسلام- والصحابة والسلف الصالح والعلماء بالتأكيد له أثر إيجابي في مجالات الحياة جميعها؛ فقد قدموا أفضل الأمثلة، وكانوا قدوة أناروا العالم بعد ظلمته.
تحقيق المنافع الأسرية والتربوية:
- اتخاذ القدوة مفيد جدا حتى في الأمور الأسرية، ولا بد من التطبيق العملي في الأقوال والأفعال.
- القدوة الحسنة لها أثر كبير في نجاح عملية التربية للأبناء وتعويدهم على الصلاة وحفظ القرآن وتعليمهم العقيدة منذ الصغر.
- القدوة لها أثر في بناء جزء من شخصيتي، وفي تخطي مشكلات الحياة، وعلمتني كيف أكون قوية في مواجهة مصاعب الحياة، وفي اكتساب مهارات جديدة.
- دائما أعود في حل المشكلات التي تواجهني إلى كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأمي جعلتني صبورة، وأن أكون عادلة في حكمي على الناس.
الطمأنينة والراحة النفسية:
- القدوة الحسنة أخذت بيدي إلى الاتجاه الصحيح في عبادة الله، وبناء الشخصية والتعامل مع الآخرين.
- القدوة الحسنة تؤدي إلى الشعور بالأمن والطمأنينة والراحة النفسية، وساعدتني في وضع الخطط والأهداف الإيجابية في الحياة.
- الحرص على اتخاذ القدوة يحقق الراحة النفسية، ويحقق أفضل النتائج، ويحفز لبذل المزيد من العمل والإنجاز، ويساعد في التعامل مع الحياة بطريقة مناسبة.
- ما الدور الذي يمكن أن تؤديه المؤسسات الدينية والتعليمية في ترسيخ مفهوم القدوة الحسنة؟
التوجيه والحث على القيم والأخلاق
- المؤسسات الدينية والتعليمية يجب أن تقوم بدورها في نشر الوعي والتوجيه والمساهمة في حل المشكلات الاجتماعية والتربوية، وتقديم العلوم والحث على القيم والأخلاق الفاضلة، كما ينبغي أن تجتهد في إقامة الندوات في المدارس والجامعات والمعاهد والمساجد، وإقامة ندوات أونلاين والاستفادة من مشاهير التواصل الاجتماعي في الحث على مكارم الأخلاق وبيان القدوة الصالحة.
- دور تلك المؤسسات في ترسيخ مفهوم القدوة الحسنة يكون بالمحاضرات التوعوية باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وزيادة الدروس والمحاضرات عن السيرة النبوية وعن مواقف النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه -رضي الله عنهم-؛ لأنهم أفضل العصور، ولنا فيهم العبرة والعظة.
- المؤسسات التربوية والتعليمية توجه الشخص إلى التحلي بالأخلاق والقيم، ولها دور ثقافي مهم خصوصا لدى الأطفال، ودور في تربية النشء على الإبداع والتفكير، من خلال الدورات والدروس المباشرة أو عبر الإنترنت.
- لابد أن يكون دورها بارزا في تقديم الصورة الصحيحة للقدوة الحسنة وفق مفاهيم الدين وليس وفق الأكثر شهرة، وذلك من خلال ذكر الصفات الحسنة، وإيجاد الردود المناسبة لذوي النفوس الضعيفة؛ حتى تقي المجتمع من شرورهم.
- لن يكون لتلك المؤسسات دور حقيقي ما لم يتم العمل على ترسيخ مفهوم القدوة الحسنة في المجتمع، ولابد من مطابقة القول مع الفعل مع الصدق والأمانة للقائمين على المؤسسات الدينية والتعليمية.
- يجب أن يكون للمؤسسات التعليمية والتربوية دور كبير في غرس العقيدة الصحيحة والعبادات والأخلاق، وأن يكون الخطاب معاصرًا، مع الحرص على تطبيق السيرة المباركة على واقعنا.
- ينبغي على تلك المؤسسات صناعة القدوات الحسنة الحقيقية وتصديرها، من خلال إبراز سيرة الأنبياء والصحابة وأهل العلم والقادة وأصحاب العلوم الدنيوية ونشر محاسنهم والكف عن مثالبهم.
المقومات والأنشطة والفعاليات:
- يمكن تحقيق ذلك من خلال عمل ندوات وتجمعات وإعلانات باستمرار؛ لكي يتعلم الصغار والأجيال القادمة، ونحن في الحقيقة لا نحتاج إلى مفاهيم وشعارات جوفاء بل نحتاج للقدوة بعينها.
- المطلوب تولية المناصب القيادية في تلك المؤسسات لأهل الدين والصلاح، وتسخير إمكانات تلك المؤسسات في تقديم البرامج القيمية التربوية الهادفة النافعة، وعمل دراسات مسحية لقياس أثر تلك البرامج، مع ضرورة الاستعانة بذوي الخبرة من التربويين والاجتماعيين في صياغة مناهج تعليمية تتماشى مع مجريات العصر وتواكب المتطلبات، فضلا عن عقد المسابقات الدينية في السيرة النبوية وتراجم الصحابة والتابعين لتأصيل القدوة الحسنة وإحياء ذكراهم في حياة المسلمين والتعرف على دورهم في إنقاذ البشرية ونهضة الأمة.
- لا بد من دراسة الدين بمنظور عملي، وأن يستشعر المربون والمدرسون أنهم تحت مراقبة النشء والمجتمع، وأنهم مطالبون بتطبيق ما يعلمونه للأطفال، وبذلك تتحقق القدوة الحسنة.
- يجب اختيار الأشخاص المناسبين وإعدادهم من ناحية ثقافية وعلميّة واجتماعية ثم إبرازهم بوصفهم مؤثرين في المجتمع عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، والأفضل لو كانوا شباباً حتى يكون التأثير أفضل.
- المؤسسات التربوية والتعليمية عليها دور كبير وعظيم في ترسيخ مفهوم القدوة الحسنة، ولا بد من الاستفادة من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح.
- أعتقد أن الدور يجب أن يكون متكاملا بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية، بعمل خطة مثلا لمدة خمس سنوات ومراجعتها، ولطالما كانت المساجد منابر لتعليم الدين، وتحفيظ القرآن وتفسيره، وبذلك تتحقق الريادة في النهوض بالأمة، ولا بد من عقد ورش عمل تطبيقية لدراسة القيم وتطبيقها، وإعداد قادة المستقبل.
- ما النصيحة التي تقدمها للشباب لاختيار القدوة الحسنة؟
الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدوتنا:
- اختيار النبي -صلى الله عليه وسلم - قدوة أولى، ومن ثم الاقتداء بالعلماء وتكثيف التربية الأخلاقية والقيمية.
- كن على سجيتك بنسختك الأفضل، واجعل مسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مرجعاً لك؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام هم خير البشر، وسيرة رسولنا الكريم مليئة بالحكم والمواعظ التي تدرس لأجيال وأجيال وأجيال.
- على الشباب اليوم الاهتمام بأنفسهم وبمستقبلهم، وعدم التساهل في متابعة التافهين وأصحاب الأهواء الدنيوية؛ فالصاحب ساحب، وعلى الشباب أن يحرصوا كل الحرص على الاقتداء بالمصطفى - صلى الله عليه وسلم - وبصحبه الكرام واختيار الصالحين للاقتداء بهم، ولا نتهاون في تأثيرهم علينا.
الاجتهاد في اختيار القدوة:
- لابد أن يكون لك قدوة حسنة، وقد تعاني بعض الشيء في البحث عنها وإيجادها، حتى تستريح باقي حياتك.
- أنصح الشباب أن يحسنوا اختيار القدوة الحسنة من الصحابة والتابعين والصالحين، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين، فاختاروا من سبقكم إلى طاعة الله والتمسك بكتاب الله وسنة نبيه، وعليكم الاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو خير البشر، والمرء على دين خليله.
- من أراد اختيار قدوة له لا بد أن يكون أولاً معتزاً بدينه، ومنه يستطيع اختيار القدوة الحسنة، وعليه ألا ينجر وراء العواطف والتفكير بما بين السطور، وأن يستفيد من خبرات الآخرين في ذلك، وأن يختار من يتحلى بالصدق والأمانة والالتزام.
- ينبغي أخذ العلم من أهله، وأذكرهم بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمسا قبل خمس»، وأمور أخرى لكن الشرح يطول، فلا بد من اختيار القدوة الناجحة المرتبطة بالدين؛ لأنه ينبغي أن يكون هدفه النجاح في الآخرة تماما كالنجاح في الدنيا
- يجب عليك قبل اتخاذ القدوة الحسنة البحث عن إيجابيات تلك الشخصية هل تستحق منك كل هذا الاهتمام ؟ هل تمثل دينك وأخلاقك ؟ هل تضيف لك شيئا ؟ كيف تبرز شخصيتك من خلال اتباع هذه الشخصية وهذه القدوة ؟ فالقدوة الحسنة هي التي تدفعك للأمام، وتضيف لشخصيتك وحياتك إضافات مميزة وإيجابية.
- لا بد من التأني في اختيار القدوة الصحيحة، وسؤال من هم أعلم عن هؤلاء الأشخاص قبل الاختيار، فلا تتسرع بالحكم على الآخرين؛ لأن القدوة ليسوا ملائكة وليسوا معصومين، قد تكون لهم أخطاء، وحتى ترتقى بنفسك ولا تفقد الطريق لابد لك من قدوة حسنة؛ لأنها بمثابة السراج المنير في الطريق المظلمة، وإذا كانت غايتك مرضاة الله -عز وجل-، فسيوفقك للقدوة الحسنة وهو الكريم -سبحانه-، وهو ولي التوفيق.
- ينبغي أخذ القدوة ممن يستحق وممن له أثر طيب في دينك وله أثر إيجابي في مجتمعه وعدم الانخداع بالشهرة والمظاهر التي لا تسمن ولا تغني من جوع، يجب أن تختار من يقربك إلى الله ويعينك على خير الدنيا والآخرة، فلا تختر من يضحك عليك بل من يعلمك أخطاءك ويساعدك على تصحيحها، ولا بد أن تحرص على صلاتك وأخلاقك والسلوك القويم، باتباع سنة الرسول محمد -صلى الله عليه و سلم-، والاقتداء بالسلف الصالح، فالحي لا تؤمن عليه الفتنة، والصاحب ساحب؛ فأحسنوا اختيار جلسائكم..
لاتوجد تعليقات