
الاحتجاجات الكردية تشتعل في إيران؟
الاحتجاجات الكردية لها تاريخ طويل؛ حيث اندلعت أول احتجاجات في منتصف مارس عام 1979
الأحداث فرصة تاريخية للعرب (الأحواز) لو أنهم اتخذوا موقفًا إيجابيًا من الحراك الثوري الكُردي في إيران الآن!
النظام الإيراني يحاول تهدئة الوضع، وإيقاف الاحتجاجات خشية امتدادها إلى بقية المدن الكُردية
وصف محللون رد فعل الشرطة الإيرانية على الاحتجاجات بالرد الوحشي
ما زالت الاضطرابات تسود مدينة (مهاباد) الكردية الإيرانية؛ حيث اشتعلت ليلة الخميس الموافق 7/5/2015 حركة احتجاجات وصدامات مع القوات الأمنية الإيرانية قتل وأصيب فيها أكثر من70 شخصًا، وقد اشتعلت الأحداث إثر محاولة شرطي مخابرات إيراني اغتصاب فتاة كردية؛ مما اضطرها إلى إلقاء نفسها من الطابق الرابع للفندق الذي تعمل فيه؛ مما أسفر عن مقتلها في الحال، الأمر الذي أغضب الأكراد في المدينة، وجعلهم يثورون في مظاهرات عارمة ضد السلطة الإيرانية، التي قامت بإعلان حالة الطوارئ بعد هذه المواجهات.
حوادث متكررة
مقتل الفتاة الكردية (فريناز خسرواني) التي تبلغ من العمر 26 عامًا، لم تكن الحادثة الأولى أو الوحيدة التي تتعرض فيها النساء في إيران لمثل هذه الحوادث، ففي واقعة سابقة قام النظام الإيراني بإعدام (ريحانة جباري) بعد قيامها بطعن عنصر مخابرات حاول أيضًا اغتصابها، ولعل محاولة هروب الضحية (فريناز) من الشرفة أنقذ شرفها، إلا أنه أودى بحياتها.
اشتعال الأحداث
إثر ذلك خرج أهالي المدينة عن بكرة أبيهم احتجاجًا على هذه الاعتداءات والجرائم، وهاجموا الفندق وأضرموا النار فيه، ثم توجهوا إلى مبنى مديرية مخابرات النظام التي يعمل فيها العنصر المعتدي وحاصروها، وخلال هذه الأحداث، خرجت المدينة عن سيطرة قوات النظام رغم إنزال حشود منها وانتشارها في أحياء المدينة؛ حيث يطالب المحتجون بمعاقبة العنصر المخابراتي الإيراني.
توتر في العلاقات
وبعد هذه الأحداث توقع محللون توتر العلاقة بين إيران وكردستان، ولاسيما أن هناك العديد من الأزمات التي تكشف عن اضطهاد إيران للأكراد، كما أن هناك تاريخاً طويلاً من محاولات الانفصال الكردي عن إيران؛ حيث أعاد هذا الحدث إلى الأذهان محاولات الأكراد الانفصال عن إيران؛ حيث يشير مفهوم انفصال الأكراد في إيران إلى مختلف الأحداث التي قادها الأفراد أو المنظمات الكردية التي تطالب بالانفصال عن إيران، وتشير الأحداث الأقرب التي توصف في بعض الأحيان بالانفصالية إلى المظاهرات التي نشبت في محافظة أذربيجان الغربية المعروفة بهذا الاسم اليوم التي جاءت نتيجة كوارث ما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية والتدخل الأجنبي المباشر، والأحداث الأخيرة المتمثلة في تمرد حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) في غرب إيران الذي بدأ في القرن الواحد والعشرين.
لادولة منفصلة
كانت إيران حاسمة في رفض أي مقترح يقوم على أساس انفصال الأكراد، وعلى عكس البلدان الأخرى المأهولة بالسكان الأكراد، تتميز الشعوب الإيرانية بوجود علاقات لغوية عرقية وثقافية قوية بين الأكراد والفرس، إن حقيقة أن إيران ليست نتاج رسم الخريطة الامبراطورية، وأن الأكراد يتقاسمون الكثير من تاريخهم مع بقية إيران يمثل سببًا من وجهة نظر القيادات الكردية في إيران التي لا ترغب في إقامة دولة منفصلة للأكراد، علاوةً على ذلك، لم تبد أعداد كبيرة من الأكراد في إيران أي اهتمام بإنشاء القومية الكردية، ولا سيما الأكراد الشيعة الذين رفضوا بقوة فكرة الاستقلال الذاتي، وفضلوا أن يكونوا خاضعين للحكم المباشر من طهران. ولم يجرِ التشكيك في الهوية الوطنية الإيرانية سوى في المناطق الكردية السنية الهامشية.
موقف الأحزاب الكردية
وعلى عادة الأحزاب الكُردية والكُردستانية عموما، لم تتضح وجهات النظر بعد، فهي تتأخر دائمًا في اتخاذ مثل هذه القرارات، في حين بات واضحًا أن الشعب الكُردي، ينتظر منها موقفًا صارمًا بالوقوف معه، في الوقت الذي يبقى فيه الشارع الكُردي، شارعًا شعبيًا قوميًا وحيدًا وموحّدًا دون مظلةٍ سياسية، ومطالبًا بحقوقه المغتصبة في أكثر من دولة منذ اتفاقية (سايكس بيكو) التي قسمت كُردستان الكبرى، فالشعب الذي خرج ويخرج في تظاهرات غاضبة، لن يوقفه بيانٌ حزبي، أو آلة عسكرية، وأكبر دليل على ذلك، هذه المواجهات بالتزامن مع ألاعيب (النظام الإيراني) الذي يحاول تهدئة الوضع، وإيقاف الاحتجاجات خشية من امتدادها إلى بقية المدن الكُردية هناك، من خلال وجهاء المدينة ورجال الدين، والتعهّد بعدم تكرار مثل هذه الحوادث ومعاقبة الفاعلين، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا، هو: من سيحاسب السلطات الإيرانية نفسها، على ارتكابها جريمة الإعدام بحق مئات الشبان والشابات الكُرد بذريعة انتمائهم لأحزاب كُردية محظورة في البلاد؟
كل ما سبق، هل يمكن أن يكون بداية لثورة كُرديّة في إيران، نستطيع القول: إنه من الممكن أن يتحقق ذلك إن استطاعت الأحزاب الكُردية والكُردستانية الوقوف بجانبها إعلاميًا وسياسيًا كي تنال ما تريده، ولاسيما وأن الإعلام الكُردي والأحزاب الكُردية والكُردستانية، ما زالت تراقب الوضع من بعيد، ولم تقرر هي بعد، ماذا تريد؟ ولا ننسى أيضًا أن هذه الفرصة، قد تكون تاريخية للعرب (الأحواز) في إيران وللعرب جميعًا، لو أنهم اتخذوا موقفًا إيجابيًا من الحراك الثوري الكُردي في إيران الآن!.
تاريخ الاحتجاجات الكردية
والاحتجاجات الكردية لها تاريخ طويل في إيران؛ حيث اندلعت أول احتجاجات كردية في منتصف مارس عام 1979، بعد نحو شهرين من قيام ما يسمى بالثورة الإيرانية، وأصبح الأكبر بين الانتفاضات على مستوى الدولة في إيران ضد النظام الجديد، وبينما حقق المسلحون الأكراد، الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بعض المكاسب الإقليمية في منطقة (مهاباد) وأطاح بالقوات الإيرانية من المنطقة، إلا أن هجومًا كبيرًا وقع في ربيع 1980 من الحرس الثوري الإيراني قام بعكس مجرى التمرد.
وبعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، في سبتمبر 1980، تم بذل جهد أكبر من قبل النظام الإيراني لقمع التمرد الكردي، الذي كان الوحيد ضمن انتفاضات عام 1979 الذي مايزال مستمرًا (تم قهر الانتفاضات العربية والبلوشية والتركمانية بالفعل قبل ذلك الوقت). وبحلول أواخر عام 1980، أطاحت القوات النظامية الإيرانية والحرس الثوري بالمتمردين الأكراد من معاقلهم، ولكن استمرت مجموعات من المتمردين الأكراد في تنفيذ هجمات متفرقة. واستمرت الاشتباكات في المنطقة حتى أواخر 1983.
وفيها قتل نحو 10 آلاف شخص أثناء التمرد الكردي، منهم 1200 شخص من السجناء السياسيين الأكراد تم إعدامهم في المراحل الأخيرة من التمرد. وعاد النزاع الكردي الإيراني في عام 1989 فقط، بعد اغتيال زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.
مدينة (مهاباد)
تحظى مدينة (مهاباد) بمكانة رمزية للأكراد في العالم؛ حيث تعد معقل الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الذي كوَّن جمهورية (مهاباد) عام 1946 وخرجت الأحزاب الكردية كافة في العالم من رحم هذا الحزب، وتقع في شمال غرب إيران، ويقدر عدد سكانها بحوالي 150 ألف نسمة، وتقع جنوب بحيرة أرومية، في وادٍ ضيق، على ارتفاع 1300 فوق مستوى سطح البحر، في محافظة أذربيجان الغربية. وتعد المدينة مركزاً زراعياً غنياً. والمدينة متصلة بواسطة الطرق البرية مع تبريز، التي تبعد عنها بـ 300 كم شمالاً، وتبعد عن كل من أرومية ومدينة أربيل في العراق بحوالي 150 كم. أغلب سكان المدينة من الأكراد. وتوجد في المدينة أيضاً جامعة، وتعد المدينة رمزاً وطنياً للأكراد، فقد كانت عاصمة لجمهورية (مهاباد) في عام 1945، ولكن في 16 ديسمبر 1946، غزتها القوات الإيرانية. و تشتهر هذه المدينة بصناعة أشهر أنواع السجاد والمنسوجات، ومن أبرز من أنجبتهم مدينة (مهاباد) الشاعر والكاتب الكردي هيمن و هزار.
واستنادا إلى إحصاءات عام 2006 فإن ما يقارب 7% من مجموع 68،688،433 من الساكنين في إيران هم من الأكراد، ويقدر عددهم بحوالي 6٫2 مليون نسمة. يعيش معظم الأكراد في (مهاباد) ومحافظة (كردستان) محافظة (كرمانشاه) ومحافظة (إيلام) ومحافظة (همدان) ومحافظه (لورستان) ومحافظه (بختياري).
لاتوجد تعليقات