من ضوابط الرد على المخالف- الحق يقبل من أي شخص إذا وافق الدليل والحجة والبرهان
ذكرنا فيما سبق أنّ من ضوابط الرد على المخالف عدم بتر الدليل والاستدلال بجزئه، وذكرنا أن بتر الدليل والاستدلال بجزئه هو شأن أهل الابتداع، وأهل الزيغ والضلال، حتى يجدوا من النصوص الشرعية ما يسوغ لهم بدعتهم , ويجعلها تروج عند ضعفاء المسلمين، أو سبيلا لتشكيك المسلمين في دينهم، وصدهم عن كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله الأمين - صلى الله عليه وسلم -، واليوم نكمل تلك الضوابط بهذه القاعدة وهي أن الحق يقبل من أي جهة جاء.
نعم الحق يقبل من أي شخصٍ كان؛ لكونه حقاً، موافقاً للدليل، وللحُجة والبرهان، فلا أثر للمتكلم به في قبوله أو رفضه، سواءً كان القائل حبيباً أم بغيضاً، براً أم فاجراً، صغيراً أم كبيرا، إذا عرف أن هذا حق؛ فإنه لا يرد، فالحق يقبل دائما، وعلى ذلك الأدلة من كتاب الله -تعالى-، وسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم -، وعمل سلف الأمة، فمنها قول الله -تعالى-: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} الزمر: 32، فذمّ من كذب بالحق وردّه لما جاءه، وقال: لا أحد أظلم من هذا؛ لأنه جمع بين طرفي الباطل، كذب على الله، وكَذَّب بالحق والصدق لما جاءه، على لسان رسول الله، فقالوا الباطل، وردوا الحق؛ ولهذا قال -جلت عظمته- متوعداً لهم: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}، وهم الجاحدون المكذبون، وكثير من الناس يرفضون الحق؛ لأنَّ فلاناً قاله وهو ممن لا يعجبه! أو بينه وبينه عداوة شخصية؟!
رفض مشركي مكة للحق
ومشركي مكة رفضوا الحقّ؛ لأنهم سخروا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم - واستصغروا أمره، فقالوا: يتيم وفقير، كما قال الله -تعالى- {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} الفرقان: 41. لماذا جعل هذا الفقير اليتيم رسولا نبيا؟!، ومثلها قول الله -عز وجل-: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} الزخرف: 30، 31، يقول -تعالى- ذكره: وقال هؤلاء المشركون بالله من قريش لما جاءهم القرآن من عند الله: هذا سحر , فإنْ كان حقاً؛ فهلا نـزل على رجل عظيم من إحدى هاتين القريتين مكة أو الطائف؟! (الطبري).
وقال -تعالى-: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} البقرة: 213، فمن هداه الله إلى الأخذ بالحق حيث كان، ومع من كان، فقد هُدي، وكان ممن يحب الحق وأهله، سواء قاله هو، أم قاله غيره، لا فرق عنده، المهم هو أن يعرف الحق، وأنْ يأخذ به.
الواجب عند الاختلاف
فالواجب عند الاختلاف أخذ الحق ممن جاء به، كائناً من كان، وردّ الباطل على من جاء به، كائناً مَن كان؛ ولهذا كان أهل السنة يقبلون ما عند جميع الطوائف من الحق، ويردون ما عندها من الباطل، بغض النظر عن الموالي منها أو المعادي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-؛ مبيناً منهجه في التعامل مع المخالفين له، من أهل الكلام والبدع وغيرهم: «وليس كل من ذكرنا شيئاً من قوله - من المتكلمين وغيرهم - يقول بجميع ما نقوله في هذا الباب وغيره، ولكنّ الحقَّ يقبل من كلّ من تكلم به». الفتاوى (5/101).
كما امتدح الله -عز وجل- القائل بالصدق، والمصدّق به، فقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} الزمر: 33، فعلى الإنسان أن يصدق بالحق الذي يقوله غيره، كما يصدق بالحق الذي يقوله هو، وأن يأخذ به، ويحذر من ردّه، كما قال -سبحانه-: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ} الزمر: 32، كما مدح سبحانه المتبعين للحق، العاملين به، فقال تعالى: {فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} البقرة: 213.
استفتاح صلاة الليل
وفي دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم - في استفتاح صلاة الليل:، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته في قيام الليل: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ». رواه مسلم (770)، «فهذا الدعاء جليل القدر، فيه أعظم المقاصد، وأرفع المطالب، وهو طلب العبد من الرب -تبارك وتعالى- الهداية، التي عليها الفلاح في الدنيا والدار الآخرة، ثم ذكر علّة مطلبه وسؤاله فقال: {إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. أي: يا ربي، ما سألتك هذا الأمر العظيم؛ إلا لأن بيدك الهداية والاستقامة، فتوفِّق من شئت إليها، فأسألك أن تنعم عليَّ بالهداية، هداية العلم والإرشاد، وهداية التوفيق والثبات على صراطك المستقيم، الذي ليس فيه اعوجاج في الدنيا؛ حتى أثبت على صراط الآخرة الذي من نجا منه فقد فاز فوزاً عظيماً، وهُدي إلى صراط مستقيم في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّه يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} الحج: 23-24».
وقال -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} المائدة: 8، فقوله: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله} أي: كونوا قوامين بالحقّ لله عز وجل، لا لأجل الناس والسُّمعة، وكونوا {شهداء بالقسط} أي: بالعدل لا بالجور. وقوله: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا} أي: لا يحملنكم بغضُ قومٍ على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحد، صديقاً كان أم عدوا؛ ولهذا قال: {اعدلوا هو أقرب للتقوى} أي: عدلكم أقرب إلى التقوى من تركه. (ابن كثير)، فمن العدل فيمن تبغضه، قبول ما عنده من الحق.
هكذا أدَّبنا القرآن الكريم
وهكذا أدَّبنا القرآن الكريم، حين ساق كلام بلقيس -وقت كفرها - ثم وافقها عليه، قال -تعالى- حكاية عنها أنها قالت لقومها: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفْسدوها وجعلوا أعزَّة أهلها أذلة} قال الله -تعالى- موافقاً لقولها: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} النمل: 34.
وقد روى البخاري في (صحيحه): عن أبي هريرة -رضي الله عنه - في قصة الشيطان، وأخذه من طعام الصدقة، والشاهد منها أن الشيطان قال لأبي هريرة - رضي الله عنه -: «دعني أعلمك كلمات، ينفعك الله بها قلت: «ما هو؟ قال: إذا أويتَ إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تُصبح؛ فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليتُ سبيله قال: ما هي؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «أما إنه قد صدقك، وهو كذوب».
ففي هذا الحديث: دليل على أنَّ الحق يُقبل منْ كل مَن قاله ونطق به، ويعمل به، إذا تبين له أنه حق وعدل، دون النظر إلى قائله، لأنَّ النظر إلى القائل قد يكون سبباً في رد الحق، بسبب أنّ قائله وضيع أو صغير أو عدو، كما أنّ الباطل لا يقبل؛ لأن قائله رفيع أو حبيب أو ولي.
وعن قتيلة، امرأة من جهينة قالت: إن يهوديا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تنددون، وإنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أنْ يحلفوا أنْ يقولوا: وربِّ الكعبة، ويقولوا: ما شاء الله، ثم شئت. رواه النسائي وصححه الألباني، فقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - التذكير من اليهودي، وأمر به المسلمين لأنه مما يوافق الحق.
الله حَكمٌ قِسط
وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنه: كان لا يجلس مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال: «الله حَكمٌ قِسط، هلكَ المرتابون» فقال معاذ بن جبل يوما: إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعبد والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأتُ القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره! فإياكم وما ابتدع، فإنَّ ما ابتدع ضلالة، وأحذركم زيغة الحكيم، فإنّ الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق»، قال قلت لمعاذ: ما يُدريني -رحمك الله-، أنَّ الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأنّ المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: «بلى، اجتنب من كلام الحكيم المُشتهرات، التي يقال لها: ما هذه؟ ولا يُثنينّك ذلك عنه، فإنه لعله أنْ يراجع، وتلق الحق إذا سمعته، فإنَّ على الحقِّ نورا»، قال أبو داود: قال معمر عن الزهري في هذا «ولا ينئينك ذلك عنه» مكان: «يثنينك». وقال صالح بن كيسان عن الزهري في هذا «المشبهات» مكان «المشتهرات»، رواه أبو داود (4611) وقال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد موقوف.
وهذا وإنْ كان أثراً موقوفاً على معاذ رضي الله عنه ، إلا أنَّ لبعضه أو أكثره ما يدل على أنّ مُعاذاً قاله عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن معاذاً لم يطلع الغيب، وفي الأثر خبر عن المستقبل، وهو قوله: «إن من ورائكم فتناً يكثُر فيها المال، ويفتح فيها القرآن» أي: أنّ الله سيفتح عليهم في الدّنيا، ويفتح عليهم فيحفظون القرآن ويسهل عليهم، قال: «حتى يأخذه المؤمن والمنافق» أي: حتى يحفظ القرآن المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعبد والحر، فيوشك قائل أنْ يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأتُ القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدعَ لهم غيره؟» أي: سأصنعُ لهم بدعةً من البدع، كي أجمعهم حولي، وهذا أصل البدع؛ وذلك أنّ الإنسان يُحب أنْ يجتمع الناس عليه من حوله، فيكون له أتباعٌ وأنصار. قال معاذ رضي الله عنه: «فإياكم وما ابتدع؛ فإنما ابتدع ضلالة» وهذا قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «كلُّ مُحدثةٍ بدعة، وكلُّ بدعة ضلالة».
قال معاذ: «وأحُذركم زَيغة الحكيم» يعني: يمكن أنْ يكون الإنسان عالماً وحكيماً وحليماً، لكنه قد يزيغ أحياناً، ويقع في الغلط، بل وفي الباطل المخالف للحقّ! لأنه بشر ليس بمعصوم؛ ولذلك قال: «فأحذركم زيغة الحكيم، فإنّ الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم».
قال يزيد: قلت لـمعاذ: وما يُدريني -رحمك الله- أنّ الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأنَّ المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال معاذ رضي الله عنه : «بلى، اجتنبْ من كلام الحكيم المشتهرات، التي يقال لها: ما هذه؟ ولا يثنينك ذلك عنه».
فهذا الوصية من كلام العلماء والحكماء، فمعاذ رضي الله عنه عالم جليل وحكيم، بل أعلم الأمة بالحلال والحرام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولم يقلْ معاذ رضي الله عنه اجتنب كلام الحكيم أو العالم بالكلية، فإن هذا من الخطأ ومن مخالفة النهج الصحيح، فلو أنّ كل عالم أو فقيه أخطأ تركناه، وابتعدنا عنه وهجرناه، لأوشك الإنسان ألا يجد أحداً يتبعه؛ فكل عالم معرض لأنْ يهفو ويُخطئ، ويسهو عن الدليل، وقد يقع في الخطأ مجتهداً ظانّا أنه الصواب، وكونه وقع في الخطأ مرة، فليس معناه أنك تتركه بالكلية! فتخسر علماً كثيراً؛ لأنه غير معصوم؛ فكل بني آدم خطّاء، فإذا وقع في شيءٍ من الخطأ، فلا تتركه؛ لأنه سيرجع إذا ذُكّر أو تذكّر، ولهذا قال معاذ: «فإنه لعله أن يُراجع نفسه» أي ويقول: أنا أخطأت في هذا الشيء، فيرجع عنه، ويستقيم على الحق، وهذا من دِين المسلم المتقي لله تعالى.
قال: «وتلقّ الحق إنْ سمعته، فإن على الحق نوراً» يعني حين تسمع الحق من أيّ إنسان؛ صغيراً أم كبيراً؛ محبوباً لك أم مبغوضاً، فاقبل منه هذا الحق، فإنّ على الحق نوراً ظاهراً بيّناً، لا يكاد يخفى على مَن له بصيرة من المؤمنين. فالواجب الحذر من قبول زلات العلماء والفقهاء، أو متابعتهم على خلاف الدليل، تقليداً لهم دون نظر إلى موافقة الكتاب والسنة لقولهم أو مخالفته، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «ثلاثٌ يهدمن الدِّين: زلةُ عالمٍ، وجدالُ منافقٍ بالقرآن , وأئمةٌ مضلون»، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (2/223).
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «ويل للأتباع من عثرات العالم، قيل: كيف ذلك؟ قال: يقول العالم شيئاً برأيه، ثم يَجد من هو أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منه؛ فيترك قوله ذلك، ثم يمضي الأتباع». جامع بيان العلم (2/226).
لاتوجد تعليقات