رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي 28 أكتوبر، 2024 0 تعليق

شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: المَبيتُ بِذِي طَوى والاغْتِسال قبلَ دُخُول مكة

  • كان للنبيُّ صلى الله عليه وسلم عاداتٌ وسُننٌ في سَفَرِه منها أنّه يَنتظِرُ في أوَّلِ السَّفرِ في مَكانٍ قَريبٍ مِن المدينةِ ليَتجمَّعَ المسافِرون معه
 

عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طَوًى حَتَّى يُصْبِحَ، ويَغْتَسِلَ ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ نَهَاراً، ويَذْكُرُ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ فَعَلَهُ. الحديث رواه مسلم في الحج (2/919) باب: اسْتحباب المَبيت بذي طوى، عند إرادة دخول مكة، والاغتسال لدخولها، ودخولها نهارا. ورواه البخاري في الحج (3/1574) باب: دخول مكة نهاراً أو ليلا. يَروي نافع مولى ابن عمر: أنّ ابنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- كانَ لا يقدم مكة، إلا بَاتَ بِذِي طَوًى حَتَّى يُصْبِحَ» أي: يَنزِل بذي طُوًى، يقال بفتح الطاء وضمها وكسرها، والفتح أفصح وأشهر، ويصرف ولا يصرف. وهو اسمُ بِئرٍ أو مَوضِعٍ بِقُربِ مَكَّةَ، ينزل بها ويبيت حتَّى يُصبِحَ، فيُصلِّي الصُّبحَ حينَ يَقدَمُ مِن المدينةِ إلى مَكَّةَ، ويصلي بمَكانُ صَلاة النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو على أَكَمَةٍ غَليظةٍ، وهي مَوضِعٌ عَظيمٌ واسعٌ مُرتَفِعٌ على ما حَولَه أو تَلٌّ مِن حَجَرٍ.

الأماكنَ التي صلَّى فيها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم

         ولم تكُنْ صَلاةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في المَسجِد الَّذي بُنِيَ هُناكَ بعْدَ ذلك، ولكِن أسفَلَ مِن ذلِك المسجدِ، حَسبَما أشار ابنُ عمَرَ -رضي الله عنهما-، وقدْ روَى البُخاريُّ: عن عبداللهِ بنِ عمَرَ -رضي الله عنهما- تِسعةَ أحاديثَ تُحدِّدُ الأماكنَ التي صلَّى فيها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- في أسفارِه في الطَّريقِ بيْن المدينةِ ومَكَّةَ، منها هذا الحديثُ، وهذه المساجدَ لا يُعرَفُ اليومَ منها غيرُ مَسجدِ ذي الحُليفةِ، والمساجِدِ التي بالرَّوحاءِ. وقد ورَدَ عن عمَرَ بنِ الخطَّابِ - رضي الله عنه - أنَّه كان يَنْهى الناسَ عن قصْدِ التَّبرُّكِ بالمواضعِ والأماكنِ التي كان رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- يُصلِّي فيها، خَشيةً عليهم أنْ يَجعَلوا لها فَضْلًا في ذاتِها، وهذا النَّهيُ منه منِ بابِ سَدِّ الذَّرائعِ، أمَّا الأماكنُ التي نُصَّ على فضْلِ الصَّلاةِ فيها، كالحَرَمينِ، والأقْصى وقُباءٍ ونحْوِها، وكذلك قصْدُ المساجدِ عامَّةً بالصَّلاةِ، حتَّى التي وَرَدَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- صلَّى فيها، فلا تَدخُلُ تحْتَ هذا النَّهيِ.

 فوائد الحديث

1- فيه استحباب الاغتسال لدخول مكة، وأنه يكون بذي طوى لمن كانت في طريقه، ويكون بقدر بعدها لمن لم تكن في طريقه. قال النووي: قال أصحابنا: وهذا الغسل سُنة، فإن عجز عنه تيمم. 2- قال: ومنْها: المَبيت بذي طَوى، وهو مُستحب لمن هو على طريقه، وهو موضعٌ معروف بقرب مكة. 3- ومنها: استحباب دخول مكة نهاراً، وهذا هو الصحيح الذي عليه الأكثرون من أصحابنا وغيرهم، أنّ دخولها نهاراً أفضل من الليل، وقال بعض أصحابنا وجماعة من السلف: الليل والنهار في ذلك سواء، ولا فضيلة لأحدهما على الآخر، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- دخلها مُحرماً بعمرة الجعرانة ليلاً، ومن قال بالأول حمله على بيان الجواز، والله أعلم. انتهى 4- وفيه: ما كان عليه أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- مِنْ تتبَّع هَدْيَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- في كلِّ أحوالِه، وقد كان عبداللهِ بنُ عمَرَ من أشدِّهم اجتهاداً في تَحرِّي الأماكنِ التي صلَّى فيها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- في أسفارِه، فيُصلِّي فيها تَبرُّكًا وحُبًّا له - صلى الله عليه وسلم .

باب: دُخُول مَكة والمدينة مِنْ طَرِيق والخُرُوج مِنْ طَرِيق

        عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ، وإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، ويَخْرُجُ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى. الحديث رواه مسلم في الحج (2/918) باب: استحباب دُخُول مكّة مِنَ الثنيّة العليا، والخُروج منها من الثنيّة السّفلى، ودُخول بلده من طريق غير التي خرج منها. ورواه البخاري الحج (3/1575) باب: منْ أينَ يدخل مكة؟ في هذا الحديثِ يَرْوي عبداللهِ بنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أنَّ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- كانَ يَخرُجُ مِن المدينةِ إلى العُمرةِ أو الحَجِّ، مِن طَريقِ الشَّجرةِ الَّتي عِندَ مَسجدِ ذي الحُلَيْفةِ، ويَدخُلُ مِن طَريقِ المُعَرَّسِ، وهو بَطْحاءُ ذي الحُلَيْفةِ، وسُمِّيَ المُعَرَّسَ، لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- كانَ إذا رَجَعَ إلى المدينةِ نَزَلَ فيه آخِرَ اللَّيلِ، فسُمِّيَ مُعَرَّساً مِن التَّعريسِ، وهُو النُّزولُ آخِرَ اللَّيلِ، وكان - صلى الله عليه وسلم- يَنزِلُ فيه ويُصلِّي فيه، ويَبيتُ فيه، ويقَعُ أسْفَل مِن مَسجِدِ ذي الحُلَيفةِ. وذو الحُليفةِ: قَريةٌ بيْنها وبيْن المدينةِ سِتَّةُ أميالٍ أو سبعَةٌ (10 كم)، وهي مِيقاتُ أهلِ المدينةِ ومَن مرَّ بها. ثمَّ يُخبِرُ عبداللهِ بنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا خَرجَ مُسافرًا إلى مَكَّةَ -لحَجٍّ أو عُمرةٍ- يُصلِّي في مَسجِد الشَّجرةِ بذي الحُلَيْفةِ، وإذا رَجَعَ مِن سَفرِه نَزَلَ آخِرَ اللَّيلِ في وَسطِ وادي ذي الحُلَيْفةِ، وصلَّى فيه، وباتَ فيه إلى الصَّباحِ، ثمَّ يَتوجَّهُ إلى المدينةِ، لئلَّا يَفجَأَ الناسُ أهالِيَهم لَيلًا. وقدْ روى البُخاريُّ ومسلم عن عبداللهِ بنِ عمَرَ -رضي الله عنهما- أحاديثَ عدَّةَ تُحدِّدُ الأماكنَ التي صلَّى فيها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- في أسفارِه، وهذه الأماكنَ والمساجدَ لا يُعرَفُ اليومَ منها غيرَ مَسجِدِ ذي الحُلَيفةِ، والمساجِدِ التي بالرَّوحاءِ.

فوائد الحديث

  • كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- له عاداتٌ وسُننٌ في سَفَرِه، فكان منها: أنّه يَنتظِرُ في أوَّلِ السَّفرِ في مَكانٍ قَريبٍ مِن المدينةِ، ليَتجمَّعَ المسافِرون معه، وكذلك عندَ الرُّجوعِ، يَنتظِرُ في مكانٍ قَريبٍ مِن المدينةِ، ولا يَدخُلُها إلَّا في الصَّباحِ، وكان يُصلِّي في كلِّ مكانٍ يَنزِلُ فيه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك