رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 13 نوفمبر، 2017 0 تعليق

ضوابط الرد على المخالف – النهى عن مخالطة أهل البدع والضلال

 

ذكرنا فيما سبق أنّ من ضوابط الرد على المخالف قبول الحق من أي شخصٍ كان؛ وذكرنا أن قبول هذا الحق، لا يعني محبة من جاء بالحق على كل حال؛ فإنّ الولاء والبراء أصلٌ أصيل من أصول الإسلام، و دعامة من دعائمه، فلا يستقيم إسلام المرء حتى يحب في الله -عز وجل- ويبغض في الله، ويوالي في الله، ويعادي في الله -عز وجل-؛ فيوالي أولياء الرحمن، ويعادي أولياء الشيطان، ويهجرهم ويتباعد عنهم، وهذه القاعدة الجليلة الشريفة، مؤصّلة عند أهل العلم؛ بما دلّ عليها من الكتاب والسنّة والآثار، بل بانعقاد الإجماع على تقريرها، وذكرنا الأدلة على ذلك.

     ومن المسائل المهمة أن الأدلة السابقة في قبول الحق ممن جاء به، ولو كان بغيضاً للنفس، أو منحرفاً عن الدِّين، أو حتى كان كافراً، لا تعني أننا نخالط أهل الكفر والبدع والضلال! ونُجالسهم ونسمع لهم، ونقرأ مؤلفاتهم بحجة أننا نريد أنْ نأخذ منهم الحق؛ فالأصل تجنب الجلوس إليهم، والسماع منهم، فقد نهانا الله -تعالى- عن مخالطة أهل الباطل، واللغو والزور، في كتابه الكريم، ومن ذلك : قوله -تعالى-: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(الأنعام: 68).

مجالسة أهل الكبائر لا تحلُّ

     قال أبو جعفر الطبري: يقول -تعالى ذكره- لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {وإذا رأيت} يا محمد المشركين {الذين يخوضون في آياتنا} التي أنـزلناها إليك, ووحينا الذي أوحيناه إليك, وخوضهم فيها، كان استهزاءَهم بها، وسبَّهم من أنـزلها وتكلم بها، وتكذيبهم بها {فأعرض عنهم}، يقول : فصد عنهم بوجهك, وقم عنهم، ولا تجلس معهم: {حتى يخوضوا في حديث غيره}، يقول: حتى يأخذوا في حديث غير الاستهزاء بآيات الله من حديثهم بينهم {وإما ينسينك الشيطان}، يقوله : وإنْ أنساك الشيطان نهيناك عن الجلوس معهم، والإعراض عنهم في حال خوضهم في آياتنا ، ثم ذكرت ذلك, فقمْ عنهم، ولا تقعد بعد ذكرك ذلك مع القوم الظالمين، الذين خاضوا في غير الذي لهم الخوضُ فيه بما خاضوا به فيه . وذلك هو معنى (ظلمهم) في هذا الموضع . انتهى

     والمراد بذلك كل فرد من أفراد الأمة، ألا يجلس مع المكذّبين الذين يُحرِّفون آيات اللّه ، ويضعونها على غير مواضعها؛ فإنْ جلس أحد معهم ناسياً: {فلا تقعد بعد الذكرى} بعد التذكر: {مع القوم الظالمين}.

     وقد ورد في الحديث : «إن اللّه وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما اسْتُكرهوا عليه». أخرجه ابن ماجة،  قال القاضي أبو بكر ابن العربي في الآية: وهذا دليل على أنّ مجالسة أهل الكبائر لا تحلُّ، وقال ابن خويز منداد : من خاض في آيات الله، تُركت مجالسته وهُجر، مؤمناً كان أو كافراً .

     قال: وكذلك مَنَع أصحابنا الدخول إلى أرض العدو، ودخول كنائسهم والبِيع، ومجالس الكفار وأهل البدع، وألا تعتقد مودتهم، ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم، وقد قال بعض أهل البدع لأبي عمران النخعي: اسمعْ مني كلمة ! فأعرض عنه، وقال: ولا نصف كلمة . ومثله عن أيوب السَّختياني.

      ومن ذلك قوله -تعالى-: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}(النساء: 140).

      قال أبو جعفر الطبري: يقول: أخبر من اتخذ من هؤلاء المنافقين الكفار أنصارًا وأولياءَ ؛ بعد ما نـزل عليهم من القرآن: {أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره} يعني : بعد ما علموا نَهْي الله عن مجالسة الكفار، الذين يكفرون بحجج الله وآيِ كتابه، ويستهزئون بها: {حتى يخوضوا في حديث غيره}، يعني بقوله : «يخوضوا» يتحدّثوا حديثًا غيره .

إنكم إذًا مثلهم

     وقوله -تعالى-: {إنكم إذًا مثلهم} يعني: وقد نـزل عليكم أنكم إنْ جالستم من يكفر بآيات الله، ويستهزئ بها وأنتم تسمعون؛ فأنتم مثله، يعني: فأنتم إنْ لم تقوموا عنهم في تلك الحال، مثلُهم في فعلهم؛ لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم، وأنتم تسمعون آياتِ الله، يكفر بها ويستهزأ بها، كما عصوه باستهزائهم بآيات الله؛ فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتَوْه منها؛ فأنتم إذًا مثلهم في ركوبكم معصية الله، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه. انتهى

وقال الحافظ ابن كثير قوله : {إنكم إذاً مثلهم} أي: إنكم إذا جلستم معهم ، وأقررتموهم على ذلك؛ فقد ساويتموهم فيما هم فيه.

وفي هذه الآية : الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع، من المبتدعة والفسَقة، عند خوضهم في باطلهم .

الأدلة من السنة النبوية

     عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : {هو الذي أَنزلَ عليكَ الكتابَ منه آياتٌ مُحْكمات هنَّ أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربّنا وما يذَّكر إلا أولو الألباب}(آل عمران: 7). قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا رأيتُم الذين يَتبعُون ما تَشابه منه؛ فأولئك الذين سمَّى الله ؛ فاحْذروهم»، رواه البخاري ، ورواه مسلم في كتاب العلم ، وبوب عليه النووي: باب النهي عن اتباع متشابه القرآن، والتحذير من متبعيه، والنهي عن الاختلاف في القرآن .

     فأخبر -تعالى- أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب، أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحدٍ من الناس، ومنه آيات أخر فيها اشتباهٌ في الدلالة على كثيرٍ من الناس أو بعضهم؛ فمن ردّ ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى ، ومَنْ عكس انعكس؛ ولهذا قال -تعالى-: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب} أي : أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه: {وأخر متشابهات}، أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئا آخر من حيث اللفظ والتركيب ، لا من حيث المراد .(ابن كثير) .

      فقوله: {منه آياتٌ محكمات هنَّ أم الكتاب} المحكم : اسم مفعول من أحكم، والإحكام الإتقان، ولا شك في أنّ ما كان واضح المعنى - لا إشكال فيه ولا تردد - إنما يكون كذلك لوضوح مفردات كلماته، وإتقان تركيبها، ومتى اختل أحدُ الأمرين جاء التشابه والإشكال.

     وقال محمد بن جعفر بن الزبير: المحكمات هي التي فيها حجةُ الرب وعصمة العباد ، ودفع الخصوم والباطل، ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه، والمتشابهات لهن تصريفٌ وتحريف وتأويل ، ابتلى الله فيهن العباد، وكذا قاله مجاهد وابن إسحق .

وقوله: {فأما الذين في قلوبهم زيغٌ} أي: ميلٌ عن الحق . قال الراغب في مفردات القرآن : الزيغ الميل عن الاستقامة إلى أحد الجانبين . انتهى .

      واختلفوا في المشار إليهم؛ فقيل : هم وفد نجران الذين خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيسى -عليه السلام- وقالوا ألست تزعم أن عيسى روح الله وكلمته؟ قال: بلى، قالوا: حسبنا فأنزل الله هذه الآية، وقيل هم اليهود؛ لأنهم طلبوا معرفة مدة بقاء هذه الأمة ، قاله الخازن .

يتبعون ما تشابه منه

      فقوله: {فيتبعون ما تشابه منه} أي: يُحيلون المحكم على المتشابه والمتشابه على المحكم، وهذه الآية تعم كل طائفة من الطوائف الخارجة عن الحق من طوائف البدعة؛ فإنهم يتلاعبون بكتاب الله تلاعباً شديدا، ويوردون منه لتنفيق أي (لترويج) جهلهم؛ ما ليس من الدلالة في شيء، ابتغاء الفتنة: أي: طلبا منهم لفتنة الناس في دينهم، والتلبيس عليهم، وإفساد ذوات بينهم، لا تحريا للحق: {وابتغاء تأويله} أي: تفسيره على الوجه الذي يريدونه، ويوافق مذاهبهم الفاسدة .

يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا

      وعن أَبِي هُريرة رضي الله عنه عن النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم قال : «سَيَكُونُ في آخِرِ أُمَّتِي نَاسٌ، يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ؛ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ». أَخرجه مسلِم، قال الطيبي: ففيه إشارة إلى أنّ الحديث ينبغي ألا يتلقى إلا عن ثقة، عُرف بالحفظ والضبط، وشهر بالصدق والأمانة عن مثله، حتى ينتهي الخبر إلى الصحابي، وهذا علمٌ من أعلام نبوّته، ومعجزةٌ من معجزاته؛ فقد يقع في كل عصرٍ من الكذابين كثير، ووقع ذلك لكثير من جهلة المتدينة المتصوفة. (فيض القدير).

مَنْ أحدث فيها حَدثاً

     وقال صلى الله عليه وسلم عن المدينة: «مَنْ أحدث فيها حَدثاً، أو آوى مُحدثاً؛ فعليه لعنة اللَّه، والملائكة، والناس أجمعين» رواه مسلم، قال القاري -رحمه الله-: «(مَنْ أَحْدَثَ): أَي: أَظْهَرَ (فيها): أَي في المَدينةِ (حَدَثًا): أَي : مُنْكَرًا أَو بِدعَةً، وهي ما خَالَفَ الْكتابَ والسُّنَّةَ (أَوْ آوَى): بِالْمَدِّ وَيُقْصرُ (مُحْدِثًا): أَي: مُبْتَدِعًا، وقيل: أَيْ : جانِيا بِأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ أَنْ يَقْتَصَّ منه، ويُرْوَى بِفَتْحِ الدَّالِ، أَي: أَمْرًا مُبْتَدَعًا، وإِيوَاؤُهُ : الرِّضاءُ به، والصَّبْرُ عليهِ». (مرقاة المفاتيح) (5/ 1871) .

     وقال صلى الله عليه وسلم : «إنَّ الله احتجرَ التوبة عن كلِّ صاحب بدعة». رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة : 1620، احتجر: من الحجر، أي: حجب ومنع. وهذا على وجه العقوبة له، عياذاً بالله تعالى .

نهي السلف

     ولذا كان سلفنا الصالح ينهون عن مجالسة أهل الأهواء والبدع والضلال؛ لما في مجالستهم من ضرر عظيم على الدِّين، وحصول مرض القلوب بالشبهات، وخطر المتابعة لهم على بدعهم التي يخلطون فيها الحق بالباطل، بل هم أخطر على الإسلام والمسلمين من أهل الفسق والمجون! كما قال كثيرٌ من السلف؛ لأنّ خطر الفسّاق وانحرافهم ظاهر واضح، وأقوالهم في هذا الباب كثيرة، فمنها :

     عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: «لا تجالس أهل الأهواء؛ فإنّ مجالستهم ممرضة للقلب». رواه اللالكائي في (أصول اعتقاد أهل السّنة والجماعة)، وعن ابن سيرين -رحمه الله-: أنّه كان إذا سمع كلمةً من صاحب بدعة، وضع إصبعيه في أذنيه، ثم قال: لا يحل لي أنْ أكلمه حتى يقوم من مجلسه . الإبانة (2/473).

      وعن الفضيل بن عياض -رحمه الله- أنه قال : «صاحب بدعةٍ لا تأمنه على دينك ، ولا تشاوره في أمرك ، ولا تجلس إليه، ومَن جلس إلى صاحب بدعة، أورثه الله العمى». أي : في قلبه .

      وقال أيضاً: من أحب صاحب بدعة، أحبط الله عمله، وأخرج نور الإسلام من قلبه، ومن زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها، ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، وإذا علم الله -عزوجل- من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة، رجوت أن يغفر الله له، الإبانة لابن بطة (2/460).

نزع العصمة

     وعن سفيان الثوري -رحمه الله- أنه قال: «من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة، وهو يعلم أنه صاحب بدعة، نُزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه». رواه ابن وضاح في (البدع والنهي عنها).

وروى كذلك عن الأوزاعي -رحمه الله- أنه قال: «لا تمكّنوا صاحب بدعة منْ جدل؛ فيورث قلوبكم من فتنته ارتياباً».

     وعن الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: «أنه رأى قوماً يتكلمون في شيءٍ من الكلام؛ فصاح، وقال: «إما أنْ تجاورونا بخير، وإما أن تقوموا عنا». (مختصر كتاب الحجة على تارك المحجة) لنصر بن إبراهيم المقدسي .

     وعن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى-: إن أهل البدع والأهواء، لا ينبغي أن يستعان بهم في شيء من أمور المسلمين؛ فإن في ذلك أعظم الضرر على الدين. (مناقب الإمام أحمد) لابن الجوزي، وفيه كذلك أنه قال: احذر البدع كلها، ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك .

شيءٌ معلوم ومتواتر

     فالنهي عن مخالطة أهل البدع، وزجرهم والتحذير منهم شيءٌ معلوم ومتواتر عن سلفنا -رحمهم الله- لا يرده رجل منصف عاقل، بل أجمع عليه أئمة أهل السنة .

     وقد سمعنا من بعض الناس أنه يرحل إلى أهل البدع، ويجالسهم ويطلب عندهم بعض فنون العلم، ويقول: إن أبا هريرة قَبِل الحق من الشيطان، وأمره بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم !

     وهذا استدلال غير صحيح؛ فليس في حديث أبي هريرة ما يدل على ذلك لا من قريب ولا من بعيد؛ فإنّ أبا هريرة لم يرحل إلى الشيطان ولم يجالسه، ولم يفتح له أذنيه، وإنما سمع أبو هريرة كلاماً من شخص لا يعرفه، دون تعمد للسماع منه، ثم لم يكتف أبو هريرة بهذا حتى عرضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم ووافقه على ذلك، فقبله بعد ذلك أبو هريرة .

خلاصة ما سبق

ويمكن أن تُلخص الحكمة في عدم السماع من أهل البدع والضلال ومجالستهم بما يلي:

دسّ العقائد الفاسدة

     أولا: أنّ (أهل البدع يدسّون أقوالهم الفاسدة وعقائدهم؛ فيما يكتبون  ويدرسون ويشرحون) على بعض الكتب الحديث أو التفسير والفنون، كأصول الفقه والعربية وغيرهما، أو في وعظهم؛ فلا ينتبه لذلك كلُّ أحد؛ فتركهم أسلم للعبد من مخالطتهم والسماع منهم، وهذا ما يسمى بالهجر الوقائي، أي: وقاية الأصحاء من أمراض البدع وأهلها.

حتى لا يغتر الناس بهم

ثانيا: نهجرهم حتى لا يغتر بهم بعض الناس، ويثقون بهم؛ ففي مخالطتهم ومصاحبتهم ترويج لبدعتهم، وإشهار لرؤوسها .

نوعُ تعزير لهم

     ثالثا: كما أن هجرهم والابتعاد عنهم فيه نوعُ تعزير لهم، كما في قصة كعب وصاحبيه؛ فهذا الهجر أشبه ما يكون بالدواء لصاحبه؛ فإنْ نفعه الهجر وإلا انتفع الهاجر .

     والقول باشتراط انتفاع المهجور فقط لمن أراد الهجر، قولٌ غير صحيح! فإنه لا يشترط انتفاع المهجور فقط، وإنما يقال: يشترط في الهجر انتفاع المهجور أو انتفاع الهاجر أو غيرهما، فلابدّ من مصلحة في الهجر على الصحيح، وأما بغير مصلحة فلا يجوز، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والله أعلم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك