رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 17 أبريل، 2023 0 تعليق

شرح كتاب الصيام من مختصر مسلم – باب: فِي السُّحُور

 

عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً»، الحديث رواه مسلم (2/770) باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه، واستحباب تأخيره، وتعجيل الفطر، ورواه البخاري في الصوم (1923) باب: بركة السّحور منْ غير إيجاب؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه واصلوا ولم يذكر السحور. قوله: «تَسَحَّرُوا» دليلٌ على أن الصائم مأمور بالسحور؛ لأنّ فيه خيراً كثيراً، وبركة عظيمة، دينية ودنيوية، وذكره - صلى الله عليه وسلم - للبركة من باب الحضّ على السحور، والترغيب فيه، والسَّحور بفتح السين: هو ما يُؤكل مِن طعام في وقت السّحر، وهو آخر الليل، وبضم السين «السُحور» هو أكل السَُّحور.

     وورد الأمر أيضاً عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَتَسَحَّرْ بِشَيْءٍ». رواه أحمد (14533)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2309).

أمرُ استحباب

     وهذا الأمر في الحديث أمرُ استحباب؛ لا أمرَ إيجاب؛ بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - واصَل وواصل أصْحابه معه، كما بوّب البخاري بذلك، والوِصال: أنْ يصوم يومين فأكثر فلا يُفطر، بل يصوم النهار مع الليل.

فضل السحور

وقد ورد في فضل السحور أحاديث أخرى، وأنّ فيه بركة عظيمة تشمل منافع الدنيا والآخرة، فمن بركة السحور ما يلي:

1- التّقوّي على العِبادة، والاسْتعانة على طاعة الله -تعالى- أثناء النّهار، منْ صلاةٍ وقراءة وذكر، فإنّ الجائع يكسل عن العبادة، كما يكسل عن عمله اليومي، وهذا محسوس.

2- ومن بركة السحور: مُدافعة سُوء الخُلُق الذي يُثيره الجوع والعطش، فالمتسحّر طيّب النفس، حسن المعاملة.

3- ومن بركة السحور أنه تحصل بسببه الرغبة في الازْدياد منْ عبادة الصيام، لخفّة المشقة فيه على المتسحّر، فيرغب في الصيام ولا يتضايق منه.

4- ومن بركة السحور: اتّباع السُّنّة، فإنّ المتسحر إذا نوى بسحوره امتثال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، والاقتداء بفعله، كان سحوره عبادة، يحصل له به أجر من هذه الجهة، وكذا إذا نوى الصائم بأكله وشربه تقوية بدنه على الصيام والقيام، كان مثاباً على ذلك.

5- ومن بركة السحور: أنّ الإنسان يقوم آخر الليل، ويُوفّق للذكر والدعاء والصلاة، في هذا الوقت الفاضل، وذلك مظنة الإجابة.

6- أنّه وقت صلاة الله والملائكة على المتسحرين لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «السُّحُورُ أَكْلَةٌ بَرَكَةٌ، فَلا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ». رواه أحمد (11003)، وحسنه الألباني في «صحيح الجامع» (3683).ً

7- ومن بركة السحور: أنّ فيه مخالفةً لأهل الكتاب، والمسلم مطلوب منه البعد عن التشبه بهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فَصْلُ ما بيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ». رواه مسلم.

8- ومنْ بركة السحور: صلاة الفجر مع الجماعة، وفي أوّل وقتها الفاضل، ولذا تجد أنّ المُصلّين في صلاة الفجر في رمضان، أكثر منهم في غيره من الشهور؛ لأنهم قاموا من أجل السحور.

الحرص على السحور

     فينبغي للصائم أنْ يحرص على السُّحور، ولا يتركه لغلبة النوم أو غيره، وعليه أن يكون طيب النفس، مسروراً بامتثال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريصاً على الخير والبركة؛ ذلك لأنّ نبينا - صلى الله عليه وسلم - أكد على السحور، وأمر به، ونهى عن تركه.

     ويحصل السحور بأقلَّ ما يتناوله الإنسان منْ مأكولٍ أو مشروب، فلا يَختصّ بطعامٍ معين، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَ سُحور المُؤمن التّمر». رواه أبو داود (2345)، وصححه الألباني.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك