رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 15 مايو، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 45 ) باب : التسليم في الصلاة

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب «الصلاة» من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

312.عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ ، حَتَّى أَرَى بَيَاضَ خَدِّهِ.

 الشرح :

 قال المنذري : باب: التسليم في الصلاة.

والحديث رواه مسلم في المساجد

(1/ 409 ) وبوّب عليه النووي: باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته.

     عامر بن سعد هو ابن أبي وقاص، روى عن أبيه وعثمان وعائشة رضي الله عنهم، وعنه ابنه داود وابن شهاب وطائفة ، تابعي ثقة، مات سنة 103 هـ وقيل : 104 هـ ، روى له الستة.

     وأبوه هو الصحابي المشهور: سعد أبي وقاص مالك بن أهيب الزهري، فارس الإسلام ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم سابع سبعة، وله مناقب كثيرة، توفي سنة 55 هـ .

     قوله: «كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ»  فيه: أن التسليم ثابت في الصلاة ، ومن عمل النبي  صلى الله عليه وسلم المستمر.

قال النووي: السلام ركنٌ من أركان الصلاة، وفرضٌ من فروضها، لا تصحّ إلا به، هذا مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ، فمن بعدهم.

وقال أبو حنيفة: هو سنة! ويحصل التحلّل بكل شيء ينافيها، من سلام أو كلام أو حدث! أو قيام أو غير ذلك .

ويرد ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم : « صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه البخاري.

وقوله صلى الله عليه وسلم : «مُفتاح الصلاة الطَّهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه النسائي وغيره.

وفيه دلالة للجمهور من السلف والسلف: أنه يُسنّ للمصلي تسليمتان.

وقال مالك وطائفة : إنما يسن تسليمة واحدة.

وهي مما اختلف فيه العلماء: فضعف بعضهم الأحاديث الواردة فيها ، كالنووي وغيره ، وأن الأحاديث في التسليمتين في الصحيحين.

وقال: لو ثبت شيء منها، حُمل على أنه فعل ذلك لبيان جواز الاقتصار على تسليمة واحدة.

     قال ابن رجب في الفتح (5 / 208):  «قد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه كان يسلم تسليمةً واحدةً ، من وجوهٍ لايصح منها شيء، قاله ابن المديني والأثرم والعقيلي وغيرهم.

وقال الإمام أحمد: لا نعرف عن النبي  صلى الله عليه وسلم في التسليمة الواحدة إلا حديثاً مرسلاً لابن شهابٍ الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم ».

وقال بعضهم : إنما كان يفعله في النوافل، كصلاة الليل ونحوها.

وحديث التسليمة الواحدة: رواه أنس رضي الله عنه قال: كان صلى الله عليه وسلم  يسلم تسليمة واحدة. أخرجه الطبراني في الأوسط ( 2 ،32 ) والبيهقي ( 2، 179 ).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (زاد المعاد في هدي خير العباد):

     «وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه، ولكن لم يثبت عنه ذلك من وجه صحيح ، وأجود ما فيه حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم  كان يسلم تسليمة واحدة السلام عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا. وهو حديث معلول، وهو في السنن،  (الترمذي: 279) لكنه كان في قيام الليل، والذين رووا عنه التسليمتين رووا ما شاهدوه في الفرض والنفل، على أن حديث عائشة ليس صريحا في الإقتصار على التسليمة الواحدة، بل أخبرت أنه كان يسلم تسليمة واحدة يوقظهم بها، ولم تنف الأخرى بل سكتت عنها ، وليس سكوتها عنها مقدما على رواية من حفظها وضبطها، وهم أكثر عددا وأحاديثهم أصح، وكثير من أحاديثهم صحيح والباقي حسان.

واختار العلامة الألباني ثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم .

وقد ورد صحيحا عن جماعة من الصحابة فعلها، والله تعالى أعلم.

والحديث فيه: أن المصلي يلتفت في كل تسليمه، عن يمينه ثم عن شماله، حتى يَرى من على جانبه خده، هذه هي السنة النبوية.

      ولو سلم التسليمتين عن يمينه، أو عن يساره، أو تلقاء وجهه، أو الأولى عن يساره والثانية عن يمينه صحت صلاته، وحصلت تسليمتان ، ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما ( النووي ).

وهذا الذي ذكرناه من ألفاظ التسليم، يستوي فيه الإمام والفذ والمأموم.

113- باب: كراهية أن يشير بيده إذا سلَّم من الصلاة.

    313.عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ  رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَامَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ، كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟! إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ.

 الشرح :

 قال المنذري: باب: كراهية أن يشير بيده إذا سلَّم من الصلاة.

والحديث رواه مسلم في الصلاة ( 1/ 322) وبوب عليه النووي: باب الأمر بالسكون في الصلاة ، والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام.

     قوله: «كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» فيه: أن السنة للمصلي أن يسلم تسليمتين اثنتين ، وهو مذهب الجمهور كما سبق وأما زيادة: «وبركاته» فذهب بعض العلماء إلى أنه ضعيفة لا تصح، وأن الأحاديث الصحيحة تخلو منها، كما هو ظاهر كلام النووي.

والراجح: ثبوتها.

وقد وردت في سنن أبي داود : من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، وصحح هذه الزيادة الحافظ ابن حجر.

ومن العلماء من يرى ثبوتها في التسليمة الأولى لا الثانية ، والأمر فيه واسع ، والحمد لله .

     قوله: «وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبَيْنِ» أي : كانوا يشيرون بأيديهم مع التسليم ، عن اليمين وعن اليسار مع التسليم ، قبل أن ينهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك.

قوله: «عَلَامَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ، كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟! «تؤمنون أي: تومؤن وتشيرون، والخيل الشُمس : هي التي لا تستقر، بل تضطرب، وتتحرك بأذنابها وأرجلها.

فنهاهم عن رفع أيديهم عند السلام إلى الجانبين،

     قوله: «إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ» أي : أن السنة في السلام من الصلاة : هي أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه وشماله.

وقوله «ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ «المراد بالأخ : الجنس ، أي: إخوانه الحاضرين عن اليمين والشمال.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك