رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 23 يونيو، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 51 )- باب : إذا تَخَلَّفَ الإمام تقدَّم غيره

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

322.عن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَبُوكَ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَتَبَرَّزَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قِبَلَ الْغَائِطِ، فَحَمَلْتُ مَعَهُ إِدَاوَةً قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم  إِلَيَّ أَخَذْتُ أُهَرِيقُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْإِدَاوَةِ، وَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُخْرِجُ جُبَّتَهُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَضَاقَ كُمَّا جُبَّتِهِ، فَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الْجُبَّةِ، حَتَّى أَخْرَجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَأَقْبَلْتُ مَعَهُ حَتَّى نَجِدُ النَّاسَ قَدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَصَلَّى لَهُمْ، فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُتِمُّ صَلَاتَهُ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ، أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: «أَحْسَنْتُمْ» أَوْ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمْ» يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوْا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا.

 الشرح :

قال المنذري: باب: إذا تَخَلَّفَ الإمام تقدَّم غيره.

     والحديث أخرجه مسلم في الصلاة (1/317) وبوب عليه النووي (4/ 144): باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، ولم يخافوا مفسدة بالتقديم.

قوله: «عن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  تَبُوكَ» أي كان ذلك في غزوة تبوك.

قَالَ الْمُغِيرَةُ: «فَتَبَرَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ الْغَائِطِ» أي : قضى حاجته في الغائط، وهو المكان المنخفض للاستتار.

قوله: «فَحَمَلْتُ مَعَهُ إِدَاوَةً قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ أَخَذْتُ أُهَرِيقُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْإِدَاوَةِ» أهريق أي: أصب.

قوله: «وَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَه»، وقد تقدم شرح هذا الحديث في كتاب الطهارة، ومما جاء فيه من الفوائد:

حمل الإداوة – وهي وعاء صغير للماء من الجلد – مع الرجل الجليل القدر لوضوئه.

وجواز الاستعانة بالغير في صب الماء في الوضوء.

وغسل الكفين في أول الوضوء ثلاثا.

وجواز لبس الجبة ، وجواز إخراج اليد من أسفل الثوب للوضوء إذا لم يتبين شيء من العورة.

وفيه جواز المسح على الخفين.

      قوله: «فَأَقْبَلْتُ مَعَهُ حَتَّى نَجِدُ النَّاسَ قَدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَصَلَّى لَهُمْ»، هذا موضع الشاهد من الحديث للباب، وهو أن الإمام إذا تأخر عن الصلاة تقدّم غيره، إذا لم يخافوا مفسدة بذلك، بإنكار من الإمام أو المصلين.

وفيه: أن المتقدم للصلاة نيابة عن الإمام، ينبغي أن يكون أفضل القوم وأقرؤهم وأصلحهم للإمامة.

وورد في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه ما يؤيد هذا، وأن المؤذن هو المكلف بإبلاغ الفاضل بذلك، ليقوم بالإمامة.

      قوله: «فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم  إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ» أي: صلى ركعة مع عبد الرحمن بن عوف، ثم أتم صلاته بركعة أخرى، وذلك أنهم كانوا في سفر.

      قوله: «فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَامَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم  يُتِمُّ صَلَاتَهُ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ»، فيه أن المصلي إذا نابه شيء في صلاته، أو أراد أنْ يُنبه الإمام أو غيره، أو منْ يستأذن عليه، أنْ يسبح إنْ كان رجلاً، فيقول: سبحان الله، وأنْ تصفق المرأة، بأن تضرب ببطن كفها على ظهر كفها الأيسر، ولا تضرب بطن كف على بطن كف؛ لأنه يفعل على وجه اللهو واللعب، وهو مما ينافي الصلاة.

     قوله: «فَلَمَّا قَضَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ، أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: «أَحْسَنْتُمْ» أَوْ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمْ» يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوْا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا. أي: أنه صلى الله عليه وسلم صوّب فعلهم، وهو محافظتهم على إقامة الصلاة بوقتها، فقال لهم: أحسنتم، أي بفعلكم هذا.

     وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الصلاة بوقتها، منها حديث عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ : «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. متفق عليه.

     وأداء الصلاة في وقتها عنوانُ الهدَى، والبراءة من النّفاق، وعلامة التوفيق، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظْ على هذه الصلوات؛ حيثُ ينادى بهنّ، فإنّ الله شرع لنبيّكم سنَنَ الهدى، وإنّهنّ من سنن الهدى». أخرجه مسلم (654).

 أما أن يتركوا الصلاة حتى يخرج وقتها ولم يصلوا، فهذا من كبائر الذنوب، إلا لعذر شرعي كالنوم والنسيان.

وفي الموسوعة الفقهية (10/8): اتفق الفقهاء على تحريم تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر شرعي.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك