رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 8 يوليو، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 53 ) بــــاب : فـــي فضـــــل الجمـــاعـــــة

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

324.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ، أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ، بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا».

الشرح :

قال المنذري : باب : في فضل الجماعة.

والحديث رواه مسلم في المساجد (1/ 449) وبوب عليه النووي : باب فضل صلاة الجماعة ، وبيان التشديد في التخلف عنها .

قوله: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ ، أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ ، بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا»، وفي « الرواية الأخرى «بخمس وعشرين درجة»، وفي الرواية  الثالثة «بسبع وعشرين درجة».

والجمع بينها من ثلاثة أوجه:

1-  أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أولا بالقليل، ثم أعلمه الله بزيادة الفضل فأخبر به.

2-  أن هذا الفضل يختلف باختلاف المصلين والصلاة ، فيكون لبعضهم خمس وعشرون، ولبعضهم سبع وعشرون، بحسب كمال الصلاة، ومحافظتهم على هيآتها وخشوعها وكثرة جماعتهم وفضلهم ، وشرف البقعة ونحو ذلك.

3- أنه لا منافاة بينها؛ لأن ذكر القليل لا ينفي الكثير ، والعدد لا مفهوم عند كثير من الأصوليين .

     والحديث احتج به الجمهور من العلماء على أن صلاة الجماعة، ليست شرطاً لصحة الصلاة، خلافاً لداود الظاهري وأصحابه الذين عدّوا الجماعة للرجل شرطا لصحة الصلاة؟!

وأما كونها فرضاً على الأعيان، فهذا هو الصحيح، وأنّ تاركها بغير عذر آثم، وإنْ كانت صلاته صحيحة، كما ذكرنا وسيأتي مزيد بسط لهذه المسألة.

     وتفضيل الله تعالى لصلاة الجماعة على صلاة المنفرد، بسبع وعشرين درجة لا يعدل عنه إلا مغبون، باع نفيسا برخيص؟! ولا يرضى أحدٌ بمثل ذلك لنفسه في المعاملات الدنيوية، بل لو فعله لكان مستحقا للحجر عليه، ومنعه من التصرف بماله، والمحروم من حرمه الله صلاة الجماعة ، فتأمل ذلك!

     ومن واجبات الأئمة وولاة الأمر: إلزام الرجال القادرين على الجماعة في المساجد، ومحاسبتهم على تركها، أو التقصير في أدائها، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر قال: «أشاهدٌ فلان ؟ أشاهد فلان؟ ثم يقول: إن هذه الصلاة أثقل الصلوات على المنافقين ..».

والله ولي التوفيق.

 125- باب: صلاة الجماعة من سنن الهُدى

 

325.عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْ الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ أَوْ مَرِيضٌ إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ ، وَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ».

 الشرح :

 قال المنذري: باب: صلاة الجماعة من سنن الهُدى.

والحديث رواه مسلم في المساجد (1/ 453) وبوب عليه النووي (5/156): باب صلاة  الجماعة من سنن الهدى.

      قوله: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْ الصَّلَاةِ إِلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُه، وهذا مما استدل به على وجوب صلاة الجماعة، وهو أنّ التخلف عن صلاة الجماعة كان في عهد الصحابة إنما يعرف عن المنافقين ، وأن ترك الجماعة في المساجد علامة النفاق.

وقال النووي: هذا دليل ظاهر لصحة ما سبق تأويله، في الذين همّ بتحريق بيوتهم ، أنهم كانوا منافقين.

قوله: «أَوْ مَرِيضٌ» وهذا من أعذار ترك الجماعة .

     وفي رواية: «إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ»، وفي لفظ قال: «لقد رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عن الصَّلَاةِ إلا مُنَافِقٌ قد عُلِمَ نِفَاقُهُ أو مَرِيضٌ، إن كان الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بين رَجُلَيْنِ حتى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ».

وهذا فيه تأكيد لأمر الجماعة ، وتحمل المشقة في حضورها، وأن المريض ونحوه إذا أمكنه التوصل إليها، استحب له حضورها.

  وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى السنن بفتح السين وضمها ، وهما بمعنى متقارب، أي : طرائق الهدى والصواب.

    قوله: «وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ». أي: من طريق النبي صلى الله عليه وسلم وسنته الصلاة في مع الجماعة في المساجد، وليس من هديه صلى الله عليه وسلم ولا سنته المنقولة عنه الصلاة في البيوت، إلا النوافل فإنه صلى الله عليه وسلم كان يحث على فعلها في البيوت .

     والصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «أن أَوَّلَ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ من عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ». سنن النسائي ( 465) والترمذي (413) وصححه الألباني.

      ووعد النبي صلى الله عليه وسلم من حافظ عليها ولم يضيع شيئا منها بالجنة، عهدا من رب العالمين، فعن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ الله على الْعِبَادِ ، فَمَنْ جاء بِهِنَّ لم يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شيئا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كان له عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ « رواه أحمد في المسند (5/315) والنسائي (461) وأبي داود (142) وصححه ابن حبان(1732) والألباني.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك