رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 3 أكتوبر، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 61 )باب : نسخ الكلام في الصلاة

 

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

336.عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ، فَوَاللَّهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآن» أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَالَ: «فَلَا تَأْتِهِم»، قَالَ: «وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ» قَالَ: «ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ»، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ : فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ ، قَالَ قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ، قَالَ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ»، قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟! قَالَ: «ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا»، فَقَالَ لَهَا: «أَيْنَ اللَّهُ؟»، قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «مَنْ أَنَا؟»، قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ».

الشرح : قال المنذري باب: نسخ الكلام في الصلاة. والحديث أخرجه مسلم في المساجد (1 / 381 ) وبوب عليه النووي: تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة .

      معاوية بن الحكم السلمي صحابي ، قال أبو عمر: كان يسكن بني سليم وينزل المدينة، قال البخاري: له صحبة، يعد في أهل الحجاز. وقال البغوي: سكن المدينة وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا، قلت: ثبت ذكره وحديثه في صحيح مسلم من طريق عطاء بن يسار. اهـ

      قوله: «بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ ..» في الحديث: أن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه دخل الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان حديث عهد بجاهلية، فلم يعلم من أحكام الشريعة وأحكام الصلاة شيئا كثيرا، وكان قد علم أنّ العاطس يُشمت إذا عطس وقال: الحمد الله، فيقال له: يرحمك الله، ولكنه لم يكنْ يعلم أن التشميت يكون في غير الصلاة ، ولا يصح أثناء الصلاة .

فسمع معاوية رجلا يعطس بعد دخوله في الصلاة، فبادر إلى تشميته قائلا له: يرحمك الله».

     وهذا يدل على أن العاطس يحمد الله في صلاته، وقد ورد ذلك صريحا في رواية للترمذي: عَنْ مُعَاذ بْن رِفَاعَةَ عنْ أَبِيه قَالَ: صلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهصلى الله عليه وسلم فَعطَسْتُ، فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، حَمدًا كَثيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيه، مُبارَكًا عَلَيْهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَلَمَّا صلَّى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم انْصرَفَ فَقَال: «مَنْ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصلَاة؟»، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ: «مَنْ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ؟» فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ: «مَنْ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ؟» فَقَالَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ ابْنُ عَفْرَاءَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «كَيْفَ قُلْتَ ؟»، قَالَ قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مُبَارَكًا عَلَيه ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى،  فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ ابْتَدَرَهَا بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مَلَكًا، أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا».

     قَالَ أَبُو عِيسَى: وفي الْباب عن أَنَس ووائل بن حُجْر وعامر بن ربِيعةَ، قَال: حَدِيثُ رِفَاعَةَ حَديثٌ حسنٌ، وَكَأَنّ هذَا الْحَدِيثَ عنْدَ بعضِ أَهْلِ العلْمِ أَنَّه فِي التَّطَوُّعِ، لِأَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ التّابعِينَ قَالُوا: إِذَا عَطَسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، إِنَّمَا يَحْمَدُ اللَّهَ فِي نَفْسهِ، ولَم يُوَسِّعُوا في أَكْثَرَ مِنْ ذَلكَ.

وقال عنه شيخنا الألباني: حسن، صحيح أبي داود ( 747 ).

     قوله: «فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ» أي: نظر إليه الصحابة نظراً حادِّا ، منكرين عليه ما كان منه  من الكلام أثناء الصلاة، ولكنه لم يدر ما السبب في تحديدهم النظر إليه وما الذي أنكروا عليه؟ فما كان منه إلا خاطبهم قائلا: واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي؟

      قوله: «فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ » أي : أخذ الصحابة يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، منكرين عليه، فعلم أنهم يريدون تسكيته ، فسكت من غير أن يعلم الأمر الذي أنكروه عليه!

      وفيه: أن الصحابة لم يكن عندهم علم بالكيفية التي يتصرفون بها إذا نايهم أمر في الصلاة، فعندما اخطأ معاوية أخذوا ينظرون إليه ، ثم ضربوا بأيديهم على أفخاذهم، ثم نهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأمر الرجال إذا نابهم شيء في الصلاة أن يقولوا: سبحان الله، وقال لهم: «إنما التصفيق للنساء».

      قوله: «فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي» أي : لما أتم الرسول صلى الله عليه وسلم صلاته، علمه ما لم يكن يعلم، من فقه الصلاة مما ليس عنده. وهكذا ينبغي أن يكون المربي والمعلم، فالجاهل لا يؤنب ولا يوبخ بجهله، ولا يضرب، كما يفعل العوام الذين لا علم عندهم، فلا تجد عند إلا الصراخ والإنكار الشديد على من وقع في مثل هذه المخالفات، دون تعليم ولا تربية؟!

     وهكذا ينبغي أن يكون الدعاة إلى الله تعالى ، فيتركوا كثرة العتاب للعاصين، وينشغلوا بإزالة الجهل لديهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن .

      ولذلك حمد معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن تصرفه معه تجاه خطئه، ولطفه به، فقال: «فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده، أحسن منه تعليما منه، فوالله ما كهرني- أي : ما نهرني - ولا ضربني ولا شتمني» أي: إنما كل الذي فعله أنه دلّه على خطئه بأيسر عبارة وأسهلها، فقال له: إن الذي تكلم به هو من كلام الناس، وهو لا يجوز في الصلاة، فلا يجوز للمصلي أن يتكلم بكلام الناس بعد دخوله في الصلاة، كتشميته للعاطس، ورد السلام، أو أمر أهله وأصحابه بالسكوت ونحو ذلك. وفيه: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا دخلوا الإسلام، تعلموا العلم شيئا فشيئا ، وليس دفعة واحدة.

      قوله: «إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ»، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  أي: بهذا ينشغل المصلي، لا بغيره من الكلام، وقد سبق ذكر ذلك وقول تعالى: {وقوموا لله قانتين} (البقرة: 238).

      قوله: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ ، قَالَ: «فَلَا تَأْتِهِمْ» فيه: حرمة إتيان الكهان، وهم من يدعي معرفة الغيب والمستقبل، ومثلهم قارئي الكف والفنجان وأصحاب الأبراج و ما شابه ذلك ، ولو للتسلية، فمن سألهم لم تقبل له الصلاة أربعون يوما، ومن صدق كاهنا بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .

      قَولَه: «وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ»، قَالَ: «ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ»، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ: فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ» الطيرة هي: التشاؤم، وأصل الطيرة منسوبة إلى الطير؛ حيثُ كانت العرب إذا أراد أحدٌ منهم السفر، يراقبون السَّانح – وهو الطائر إذا طار يمينًا - والبارح - وهو الطائر إذا طار يسارًا - فكانوا يتطيَّرون بها، والمرء يتساءل: ما فِقْه الطير إنْ طار يمينًا أو شمالاً ؟ وما هو العلم الكامن تحت هذا ؟ ولذا أخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا كلِّه بأنه ليس شيئًا حقيقيًّا، بقوله: «ذاك شيء يجدونه في صُدُورهم» ؛ أي: لا حقيقة له، فإذا رأى المرء شيئًا من هذا «فلا يصدنهم»؛ أي: ما يجده في صدره لا يصده أن يُتمم حاجته ، فنهى النَّبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك نهيًا رفيقًا.

     وكان أهل الجاهلية يتطيرون أشدَّ ما يكون التطير في ثلاثة أشياء: المرأة، والدار، والفرس؛ كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبيصلى الله عليه وسلم : «لا عدوى ولا طيرة، إنَّما الشُّؤم في ثلاث: في الفرس، والمرأة، والدار». رواه البخاري في كتاب الطب، باب لا عدوى ( 5438 ) .

      وإنَّما قيل: الشُّؤم في هذه الأشياء؛ لكثرة مُلابسة الرجل امرأته وداره وفرسه، فهي أكثر الأشياء التي تُصاحب الرجل، فقد يصادف قَدَرَ الله أن تكون المرأةُ على غير ما يريد الرَّجل فيتأذَّى بها، فكلما حدث له شر، أناطه بالمرأة؛ بسبب استمرار أذاها، وهي ليست لها علاقة بذلك الشر.

     وقال النبيصلى الله عليه وسلم : «الطيرة شركٌ، الطيرة شركٌ - ثلاثًا - وما منَّا إلاَّ، ولكنَّ اللَّهَ يذهبه بالتوكُّل» رواه أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة (3910)؛ أي : ما منَّا من أحد إلاَّ ويخطر عليه ، ويقع له تشاؤم من شيء ما، لكنَّ الموحد إذا مضى، وتوكَّل على الله، ينقضي الأمر.

      وندب النبي صلى الله عليه وسلم بدلاً من الطيرة الفأْل، فاستفهموا ما الفأْل؟ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم  موضحًا هذا التفاؤل: «لا طيرة، وخيرها الفأل»، قالوا : وما الفأل يا رسول الله ؟ قال: «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم» رواه البخاري في كتاب الطب، باب الفأل ( 5423).

      قَولَه « قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ ، قَالَ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ»، اختلف العلماء في معناه, فالصحيح أن معناه: من وافقه خطه فهو مباحٌ له, ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة ، ولذلك فلا يباح , والمقصود: أنه حرام؛ لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة , وليس لنا يقين بها, وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن وافق خطه فذاك, ولم يقل : هو حرام, بغير تعليق على الموافقة, لئلا يتوهم متوهمٌ أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط, فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم على حُرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا .

فالمعنى أن ذاك النبي لا منع في حقه, وكذا لو علمتم موافقته , ولكن لا علم لكم بها.

وقال الخطابي: هذا الحديث يحتمل النهي عن هذا الخط، إذا كان علما لنبوة ذاك النبي  وقد انقطعت فنهينا عن تعاطي ذلك .

     وقال القاضي عياض: المختار أن معناه: أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته فيما يقول لا أنه أباح ذلك لفاعله, قال: ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا، فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن. (وانظر شرح النووي)   قوله: «قِبَـلَ أُحـد والجوانية» أي : جهة جبل أحد، وموضع يُسمّى «الجوّانيّة» شمال المدينة.

وفيه جواز استخدام الجارية وهي «الأمَـة» في الرعي ونحوه .

     قوله: «آسف» أي: أغضب، وهو رضي الله عنه قد اعتذر عن نفسه بهذا الأسلوب حيث قال : وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون . أي أغضب كما يغضبون.

     قوله:  «فعظم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم » فيه: أنه لا يجوز ضرب الوجه، والتشديد في حقوق الخلق، والمُسامحة في حق الله تعالى .  قوله: «أين الله؟ قالت: في السماء » فيه جواز السؤال بـ: أين الله؟

 والجواب: أنه في السماء .

ومن شهد أن الله تعالى في السماء، وشهد للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، حُـكم له بالإيمان، والسرائر أمرها إلى الله تعالى.

أما من شهد أن الله في كل مكان؟!  أو أنه لا يعلم أين الله، فلا يُشهد له بالإيمان.

     فالحديث ينص على أن الله عز وجل في السماء على عكس ما يقول المعطلة والجهمية وأهل الكلام أن الله لا يشبه الخلق، ولا يجوز أن نقول: أين الله؟ لأن ذلك مما لا يليق بالله تعالى، وهكذا يردون على رسول الله قوله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أين الله للجارية!!

وعقيدة أن الله في كل مكان ، هي عقيدة (الحلول) وهي من عقيدة النصارى وليست من عقيدة المسلمين؟!

 قوله: «أعتقها»، فيه تشوّف الإسلام إلى العتق، والمبادرة إليه، ففي كثير من الكفارات يدخل عتق الرقاب.     والله أعلم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك