رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 10 ديسمبر، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 69 )باب : النهي أنْ يبزق الرجل أمامه في الصلاة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

145-  347.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ، فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ، فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا» وَوَصَفَ الْقَاسِمُ، فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ.

الشرح:

 قال المنذري: باب: النهي أن يبزق الرجل أمامه في الصلاة.

والحديث أخرجه مسلم في المساجد (1/388) وبوب عليه النووي: باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها.

وقد مضى في باب (55) : كفاره البزاق في المسجد، نحوه.

      قوله: «رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِد». النخامة ما يخرج من الصدر، والنخاعة ما يخرج من الرأس، يقال: تنخم وتنخع.

      قوله: «فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ، فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ»، ففي الحديث تحريم التفل تجاه القبلة إذا كان الإنسان يصلي، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم : « إذا كان أحدُكم يُصلي فلا يَبصق قِبَل وجهه ، فإنّ الله قِبل وجهه إذا صلى» رواه مسلم (1/388).

وفي رواية أنس رضي الله عنه مرفوعا: «.. فإنه يُناجي ربَّه» رواه مسلم (1/390).

     فإذا صلى الإنسان فإنّ الله تعالى قبل وجهه، أي: تجاه وجهه وأمامه ؛ ولذلك يحرم على المصلي أنْ يبصق أمامه، أو أنْ يبصق عن يمينه، ولكن يبصق عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى، وهذا إذا كان خارج المسجد إذا كان يصلي في صحراء أو في طريق .

     وأيضا: يَحرم التّفل تجاه القبلة عموماً، ولو خارج الصلاة، لحديث حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «منْ تفل تجاه القبلة، جاء يوم القيامة وتفلُه بين عينيه». أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان (332 موارد) والألباني في الصحيحة (222).

وفي الحديث: تحريم البصاق في المسجد للنهي عنه، والنهي للتحريم .

     وفيه: أنه يجبُ على كل أحدٍ رأى النخامة، أنْ يحكّها أو يدفنها إذا كان فيه تراب؛ لأن هذا من إنكار المنكر وإزالة الأذى، ووجوب ذلك في حق المتنخم آكد، مع التوبة والاستغفار .

     فعن أَنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : «الْبُزَاقُ في الْمسجدِ خَطِيئَةٌ ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا».

 وقد مضى في باب: كفّارة الْبُزَاق فِي الْمَسْجِدِ برقم (250) .

     وفيه: أنّ البزاق في أرض المسجد خطيئة، لكن إذا وقع فكفارتها دفنها في تراب المسجد، فإنْ لم يكن له ترابٌ، حكّها أو أخرجها من المسجد.

     وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم  فعل ذلك، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم  رأى بُصاقا في جدار القبلة، أو مخاطا أو نُخامة، فَحكّه. رواه مسلم (1/389).

     وفيه: دليل على أن الدفن للنخاعة في المسجد ، واجب على كل أحد؛ إزالةً للأذى وإنكارًا للمنكر؛ لأنه جعلها من مساوئ أعمال أمته، ويتأكّد ذلك في حقّ المتنخع .

     ولأنه أذيةٌ للمصلين، كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مرفوعا: «إذا تَنخّم أحدُكم في المسجد، فليغيّب نُخامته، أنْ تصيب جلدَ مؤمنٍ أو ثوبه فيؤذيه». رواه أحمد (1/179) وأبويعلى بإسناد حسن .

      وثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم  أنه عزل إماماً لأجل بصاقه في القبلة ، فجاء في سنن أبي داود: عن أبي سهلة  السائب بن خلاد رضي الله عنه: أن رجلاً أمّ قوماً، فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  حين فرغ: «لا يُصلي لكم». فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم، فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: «نعم، إنك قد آذيتَ الله ورسوله». رواه أبو داود (501) وابن حبان (1634) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.

وأيضا: هذا الحديث فيه دليل منع الإمام من البصاق تجاه القبلة، ومنعه من الإمامة.

     وفيه: أنّ الله تعالى قِبَلَ وجه المصلي، وهو فوق العرش سبحانه، كما هو معتقد السلف، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم  نهى عن البصاق، وقال: «إنّ الله قِبَل وجه المصلي». رواه البخاري ومسلم .

     وفي حديث أبي هريرة مرفوعا: «ما بالُ أحدكم يقومُ مستقبل ربّه فيتنخع أمامه...» رواه مسلم (1/389).

      قوله: «فإذا تنخّع أحدُكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه»، أي: لأجل ألا يُؤذي بها غيره من المصلين، وفي رواية أبي داود ( 497 ): «ولكن عن تلقاء يساره إنْ كان فارغا».

     قوله: «فإن لم يجد فليقل هكذا، ووصف القاسم فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض». أي: فإن احتاج أحدكم البصاق واضطره، فإنه يبصق في ردائه ، ويحكه ببعضه حتى يذهب أثره .

      وفيه: أن البصاق والمخاط والنخاعة طاهرات، بدليل أنه لا يجب غسله من أرض المسجد، وأنه يجوز أن يبصق في ثوبه.

وفيه: أن البصاق أثناء الصلاة لا يبطل الصلاة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك