رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 30 ديسمبر، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 72 ) باب : مسح الحصى في الصلاة

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

350.عَنْ مُعَيْقِيبٍ رضي الله عنه: قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْحَ فِي الْمَسْجِدِ - يَعْنِي الْحَصَى – قَالَ: «إِنْ كُنْتَ لَابُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً».

 الشرح: قال المنذري: باب: مسح الحصى في الصلاة . والحديث أخرجه مسلم في المساجد (1/387) وبوب عليه النووي: باب كراهة مسح الحصى وتسوية التراب في الصلاة.

وأخرجه البخاري في كتاب العمل في الصلاة: باب مسح الحصا في الصلاة (1207).

      معيقيب بالتصغير : هو ابن أبي فاطمة الدوسي، وحليف بني عبد شمس، من السابقين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد المشاهد، وولي بيت المال لعمر، ومات في خلافة عثمان أو علي.

روى له الستة، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد.

قوله: «ذَكَرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْحَ في الْمَسجِدِ - يعني الْحصَى – قَالَ: «إِنْ كُنْتَ لَابُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً».

وفي رواية: «أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسح في الصلاة؟ فقال : « واحدة».

وقال الكرماني: ترجم بالحصى، أي: البخاري؛ لأن الغالب أنه يوجد في التراب، فيلزم من تسويته مسح الحصى.

     وقال ابن رشيد: ترجم بالحصى، والمتن الذي أورده في التراب، لينبه على إلحاق الحصى بالتراب في الاقتصار على التسوية مرة، وأشار بذلك أيضا إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ (الحصى) كما أخرجه مسلم.

     وقال الحافظ: تنبيه: والتقييد بالحصى وبالتراب، خرج للغالب، لكونه كان الموجود في فرش المساجد إذْ ذاك، فلا يدل تعليق الحكم به على نفيه عن غيره؛ مما يُصلى عليه من الرمل والقذى وغير ذلك .

      فقوله: «إنْ كنت لا بد فاعلا فواحدة»، معناه: لا تفعل، وإنْ فعلتَ فامسح واحدة لا تزد، وقوله: «فواحدة» بالنصب على إضمار فعل، أي: فامسح واحدة، أو على النعت لمصدر محذوف، ويجوز الرفع على إضمار الخبر، أي: فواحدة تكفي، أو إضمار المبتدأ، أي: فالمشروع واحدة.

ووقع في رواية الترمذي: «إنْ كنتْ فاعلا فمرة واحدة».

قال: والعمل على هذا عند أهل العلم .

وهذا نهيٌ عن هذا الفعل أثناء الصلاة، وحكى النووي اتفاق العلماء: على كراهة مسح الحصى وغيره في الصلاة.

 قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، فقد حكى الخطابي في (المعالم) عن مالك: أنه لم ير به بأسا! وكان يفعله، فكأنه لم يبلغه الخبر.

وأفرط بعض أهل الظاهر، فقال: إنه حرام إذا زاد على واحدة، لظاهر النهي، ولم يفرق بين ما إذا توالى أو لا؟ مع أنه لم يقل بوجوب الخشوع!

قال: والذي يظهر أنّ علة كراهيته: المحافظة على الخشوع، أو لئلا يكثر العمل في الصلاة انتهى .

وأيضا: فقد اتفق العلماء على كراهة المسح؛ لأنه يُنافي التواضع؛ ولأنه يشغل بال المصلي.

قال القاضي: وكره السلف مسح الجبهة في الصلاة، وقبل الانصراف - يعني من المسجد - مما يتعلق بها من تراب ونحوه.

وقد روى ابن أبي شيبة: عن  أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «ما أحبُ أن لي حُمر النعم، وأني مسحتُ مكان جبيني من الحصى».

وروى أيضا: عن  أبي صالح السمان قال: إذا سجدت فلا تمسح الحصى، فإنّ كل حصاةٍ تُحب أن يسجد عليها، فهذا تعليل آخر، والله أعلم.

 وأما حديث أبي ذر مرفوعا بلفظ: «إذا قام أحدُكم إلى الصلاة، فإنّ الرحمة تُواجهه، فلا يمسح الحصى».

فهو حديثٌ ضعيف، رواه أبوداود (201) والترمذي (380) والنسائي وابن ماجة (213).

 وقوله في رواية البخاري: «في الرجل يُسوّي الترابَ حيث يسجد»، أي: حكم الرجل، وذُكر للغالب، وإلا فالحكم جارٍ في جميع المكلفين.

وقوله: «حيث يسجد»، أي: مكان السجود، وهل يتناول العضو الساجد؟ لا يبعد ذلك، قاله الحافظ.

      وقد ورد في حديث أبي سعيد رضي الله عنه - كما في الصحيحين - أنه لما حصل المطر وصلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، وخر المطر من السقف، قال أبو سعيد رضي الله عنه: فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم رأيت أثر الطين والماء على جبهته وأنفه. صلوات ربي وسلامه عليه، فدل هذا على أنه لم يمسحها في الصلاة، فالسنة أن تترك إلى ما بعد السلام.

 وقد سئل العلامة ابن باز رحمه الله: سمعنا من يقول: يكره مسح الجبهة عن التراب بعد الصلاة، فهل لهذا أصل؟!

     فقال: الجواب: ليس له أصلٌ فيما نعلم، وإنما يكره فعل ذلك قبل السلام؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض صلواته أنه سلّم من صلاة الصبح في ليلة مطيرة ويرى على وجهه أثر الماء والطين فدل ذلك أن الأفضل عدم مسحه قبل الفراغ من الصلاة. انتهى كلامه.

 149- باب: دَلكُ النُّخاعة بالنّعل

351-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَرَأَيْتُهُ تَنَخَّعَ فَدَلَكَهَا بِنَعْلِهِ.

 الشرح:

قال المنذري: باب: دَلك النُخاعة بالنعل.

والحديث أخرجه مسلم في المساجد (1/390) وبوّب عليه النووي: باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها.

عبدالله بن الشخير بتشديد الشين والخاء، هو ابن عوف العامري ، صحابي من مُسلمة الفتح، روى له مسلم والأربعة.

قوله: «دَلك النُخاعة بالنعل»، النخاعة: هي ما يخرج من الرأس.

ودلكها بالنعل في المسجد، يدل على أنها طاهرة.

ويدل على جواز ذلك الفعل في الصلاة، إذا كانت أرض المسجد رملا، وكان لا يؤذي بها أحدا.

وقد سبق الكلام على ذلك بتفصيل في الأبواب السابقة قريبا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك