رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 4 فبراير، 2014 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 75 ) بـاب: فــي سجــــــود القـــــرآن


المشروع في وقت سجود التلاوة أن يكون عند ختام آية السجدة، فإنْ أخّرها قليلاً لسهو أو عذر، فلا حرج عليه

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

356.عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ  صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ.

 قال المنذري: باب: في سجود القرآن.

والحديث أخرجه مسلم في المساجد (1/405) وبوب عليه النووي: باب سجود التلاوة.

والسجود عند تلاوة الآيات التي تشتمل على السجدة، هو مما شرع الله تعالى لعباده، وهو من أنواع النوافل والتطوعات التي تقرّبهم إليه سبحانه، فشرع لهم السجود عند تلاوة الآيات التي تشتمل على السجدة، وفيها كمال الخشوع، وإظهار الافتقار إليه، والتأسي بالنبي  صلى الله عليه وسلم في ذلك، وإغاظة وإبكاء الشيطان عدو الله، وغير ذلك من المصالح والفوائد.

ومما يدل على مشروعيته قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} (الإسراء: 107-109).

- وقد ورد فضلٌ عظيم لسجود التلاوة، لا ينبغي أنْ يُفرط فيه القارىء، فقد ورد في صحيح مسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : « إذا قرأ ابنُ آدمَ السجدةَ فسجد، اعتزلَ الشيطانُ يبكي يقولُ: يا ويلي، أُمرَ ابن آدم بالسجود فسجدَ، فله الجنة، وأُمرت بالسجود فأبيت، فلي النار».

فينبغي للمسلم المواظبة على سجود التلاوة، إلا من مانع أو شغل، وسجود التلاوة تحصل بسجدةٍ واحدة باتفاق الفقهاء، ولا يشرع الزيادة على ذلك.

والسجود المشروع: أنْ يتلو القارئ القرآن لقصد التلاوة، ثم يسجد لآية السجدة أما أنْ يقتصر فقط على تلاوة آية السجدة، ويكون قصده السجود، فيكره ذلك عند جمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة.

- ويشتمل القرآن على خمس عشرة سجدة، سجدة في سورة الأعراف وسورة والرعد وسورة النحل وسورة الإسراء وسورة مريم، وسجدتان في سورة الحج، وسجدة في سورة الفرقان وسورة النمل وسورة السجدة وسورة ص وسورة فصلت وسورة النجم وسورة الانشقاق وسورة العلق.

     وقد اتفق الأئمة على مشروعية السجود فيها إلا السجدة الثانية في الحج والسجدات الثلاث في المفصل كما حكاه ابن قدامة في الكافي، والجمهور على مشروعية السجود فيها، والسجدة الثانية في الحج ثبت فيها الحديث، كما روى أبوداود (1402) والترمذي (578) وصححه أحمد شاكر: عن عقبة بن عامر قال: قلت لرسول الله  صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، أفي الحج سجدتان ؟ قال: نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما.

وثبت عن عمر وابنه عبد الله وأبي الدرداء وأبي موسى الأشعري أنهم سجدوا عندها، ولم يعلم لهم مخالف، وقال إسحاق: أدركت الناس منذ سبعين سنة، يسجدون في الحج سجدتين.

     وأما سجدات المفصل الثلاث، فقد ثبت بالأدلة الصحيحة، أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم سجدها، سجدة النجم وردت في صحيح البخاري، وسجدة الانشقاق وردت في صحيح مسلم، وسجدة العلق أيضا وردت في صحيح مسلم، وبهذا يتبين أنّ عدد السجود خمس عشرة سجدة، على الصحيح، لظاهر الأدلة، وعمل الصحابة وقول الجمهور.

ورُوي عن عمرو بن العاص: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتان». رواه أبو داود (1401) وابن ماجة، بإسناد فيه مقال، وضعفه الألباني.

- وسجود التلاوة سنةٌ مستحبة عند جمهور الفقهاء، وقال أبوحنيفة هو واجب، والصحيح الأول، وهو الذي دلّت عليه الأحاديث، فقد ثبت في صحيح البخاري: أنّ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة (النحل) حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد، وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة، قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها الناس إنا نمرُ بالسجود فمنْ سجد فقد أصاب، ومنْ لم يسجد فلا إثم عليه، ولم يسجد عمر  رضي الله عنه .

وأقرّه الصحابة على ذلك، ولم يُنكر عليه أو يخالفه أحدٌ منهم، فدل ذلك على إجماع الصحابة عليه، وفيه ردٌ لقول من أوجب سجود التلاوة.

ولا حجة صحيحة لمن أوجب سجود التلاوة على قارئ السجدة.

وتشرع السجدة سواء كان القارىء في داخل الصلاة، أم في خارجها، فإذا كان خارج الصلاة فقرأ آية سجدة، سُنّ له في الحال السجود على حسب حاله، إنْ كان قائما خرّ للسجود، وإنْ كان جالسا سجد وهو جالس، ولا يشترط أن يقوم.

واستحب طائفة القيام حينئذ، ولا دليل عليه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: بل سجود التلاوة قائماً أفضل منه قاعداً، كما ذكر ذلك من ذكره من العلماء، من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما، وكما نقل عن عائشة رضي الله عنها.

أما إنْ كان في الصلاة فقرأ آية سجدة، سُنّ له السجود من فوره، ثم يعود إلى القيام مرة أخرى ويتم صلاته، وهو مخير إنْ شاء قرأ ثم ركع، أو ركع بلا قراءة.

وهو سنةٌ في الصلاة السرية والجهرية، إلا أن الإمام لا ينبغي له أنْ يسجد في الصلاة السرية؛ لأنّ ذلك يُشوش على المصلين، ويلبس عليهم صلاتهم، ولذلك كره بعض الفقهاء ذلك.

- والمأموم في الصلاة تابعٌ للإمام في سجود التلاوة، إنْ سجد تابعه على السجود، وإنْ ترك السجدة لم يسجد؛ لأنه مأمورٌ بمتابعته، ومنهيٌ عن مخالفته.

وكذلك الأمر للمستمع للقارئ خارج الصلاة، إذا سجد القارىء سجد معه.

قال ابن بطال: «أجمعوا على أنّ القارئ إذا سجد، لزم المستمع أنْ يسجد، وإذا لم يسجد القارئ لم يسجد المستمع؛ لأنه مقتد به، تابع له في التلاوة. قال زيد بن ثابت: قرأت على النبي [ (والنجم) فلم يسجد فيها». متفق عليه.

فالنبي  صلى الله عليه وسلم لم يسجد، لأن زيداً لم يسجد.

ومثله المستمع للمذياع والتلفاز، لا يسجد إذا مر القارئ بسجدة للتلاوة فلم يسجد؛ لأنه تابع له.

     أما السامع للقارئ من غير قصدٍ للاستماع، كأن يكون مارا به، أو منشغلا عنه، فلا يلزمه أن يتابعه على السجود؛ لأنه لم يأتم ولم يقتد به في التلاوة. فقد مرّ عثمان رضي الله عنه بقاص فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان، فقال عثمان: إنما السجود على من استمع، ثم مضى ولم يسجد. رواه عبد الرزاق في مصنفه.

- وهل يشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصلاة، من طهارة من الحدث الأصغر والأكبر، واجتناب نجاسة، وستر عورة، واستقبال القبلة؛ لأن السجود جزء من الصلاة، فيأخذ حكم الصلاة فيما يشترط لها ويدخل في عموم النصوص؟

قال كثيرٌ من الفقهاء بذلك، قال ابن قدامة: يشترط لسجود التلاوة ما يشترط لصلاة النّافلة من الطهارتين من الحدث والنجس، ولا نعلم فيه خلافا إلا ما روي عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في الحائض تسمع السجدة تومئ برأسها، وبه قال سعيد بن المسيب.

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان ينزل عن راحلته فيهريق الماء، ثم يركب فيقرأ السجدة ويسجد، وما توضأ، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى عدم اشتراط ذلك، لأنه لم يرد اشتراط ذلك في السنة، والأصل براءة الذمة.

وسئل العلامة ابن باز رحمه الله عن ذلك، فقال: الصواب لا يشترط، سجود التلاوة خضوعٌ لله، مثل التسبيح والتهليل لا يشرع فيه سجود الصلاة، هذا هو الصحيح، فلها أنْ تسجد وللرجل أن يسجد، وهو على غير وضوء، ولها أن تسجد وهي مكشوفة الرأس ؛ لأنه خضوع لله، مثل ما تقرأ القرآن، وتسبح وتهلل وهي مكشوفة الرأس، لا حرج عليها في ذلك، هذا هو الصواب، وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يسجد وهو على غير طهارة، وهكذا جاء عن الشعبي التابعي الجليل، والنبي  صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن في المجلس، وعنده الصحابة، فيسجد ويسجدون معه، ولم يقل لهم يوماً ما: من كان منكم على غير طهارة، فلا يسجد معنا ! ومعلوم أن المجالس تجمع الطاهر وغير الطاهر، من على وضوء، ومن ليس على وضوء، فلو كانت السجدة تحتاج إلى طهارة، يعني سجدة التلاوة لكان ذلك من أهم المهمات أن يبينه للصحابة، وهو  صلى الله عليه وسلم لا يترك البلاغ بل يبين ويبلغ عليه الصلاة والسلام، فلو كان التطهر لسجود التلاوة شرطاً لبينه النبي  صلى الله عليه وسلم للصحابة حين يقرأ بهم القرآن، ويسجد ويسجدون معه في المكان العظيم الكثير، قال ابن عمر: نسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكاناً لجبهته من كثرة الزحام، فلو كانت الطهارة شرطاً لقال لهم ذلك: يا أيها الإخوان، أو أيها الناس، مَنْ كان على غير وضوء، فلا يسجد معنا. فالمقصود: أنّ الصواب في هذا أنّ سجود التلاوة - وهكذا سجود الشكر - لا يُشترط لهما الطهارة ولا السترة؛ لأنهما ليستا صلاةً، وإنما هما خضوعٌ لله وتعبدٌ له، وذكرٌ له بما يحبه سبحانه، كما تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وتقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وتقرأ القرآن عن ظهر قلب، وأنت على غير طهارة، فهكذا سجود التلاوة، وسجود الشكر مثل هذا. لكن إذا تيسرت الطهارة، إذا تيسر أنْ تقرأ وأنت على طهارة، فهذا أفضل، إذا تيسر ذلك. انتهى كلامه.

- وإذا سجد خارج الصلاة كبّر في ابتداء السجود في خفضه، ولم يكبر في انتهائه عند رفعه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه كبر بعد السجود، وإنما نقل عنه عند الخفض لما رواه أبو داود في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة، كبر وسجد وسجدنا».

واستحب الجمهور التكبير مطلقا قبل السجود وبعده، وقد ورد عن بعض السلف ويقتضيه القياس، ويكون للقارئ علامة لانتهاء السجود لمن ائتم به بالسجود.

 أما داخل الصلاة فيكبر إذا هوى للسجود، ويكبر عند قيامه، لأن النبي  صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الصلاة في كلّ وخفضٍ و رفع، فيدخل هذا في العموم.

- ولا يشرع مطلقاً تشهدٌ ولا تسليم لسجود التلاوة؛ لأنه لم يثبت أن النبي  صلى الله عليه وسلم فعله مع كثرة سجوده، ولو كان مشروعاً لفعله وأمر به. فإذا سجد الإنسان للتلاوة رفع من سجوده، واكتفى بذلك ولم يجلس للتشهد، ولا يحتاج انصرافه لتسليم.

- والمريض الذي لا يستطيع السجود، يجزئه في سجود التلاوة الإيماء بالسجود لعذره، كما يومئ في صلاته. وكذلك المسافر على الراحلة إذا قرأ آية سجدة أَوْمأ في سجوده، لأنّ سجوده من التطوع، وثبت في السنة التطوع فوق الراحلة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء.

أما الماشي إذا أراد السجود للتلاوة، وجب عليه السجود على الأرض وتمكين جبهته عليها ولا يجزئه الإيماء حينئذ.

- وإذا كرّر القارئ آية السجدة، أجزأه أنْ يسجد مرة واحدة، ولم يكرر السجود حينئذ على الصحيح؛ لأنه قد حصل المقصود أول مرة، ولأن في ذلك مشقة ظاهرة.

- والصحيح أنه لا حرج في السجود للتلاوة وقت النهي، بناء على مشروعية فعل الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي، كما دلت السُنة الصحيحة على ذلك، وهو قول الشافعي وغيره من أهل العلم، والسجود شُرع لسبب التلاوة فيدخل في عموم ذوات الأسباب.

والصحيح أنه لا يجزئ عن السجود قول: « سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير». أو: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» بل هو عملٌ استحسنه بعض الفقهاء، ولا أصل له في الشرع ؟!

- ويستحب في سجود التلاوة أن يقول ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل، يقول في السجدة مراراً: «سَجَد وجهي للذي خَلَقه، وشقّ سمعه وبصره، بحوله وقوته» رواه أبوداود (1414) والترمذي (580) والنسائي.

     وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! رأيتني الليلة وأنا نائم، كأني أصلي خلف شجرة فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها تقول: اللهم اكتبْ لي بها عندك أجراً، وضَعْ عني بها وِزْراً، واجعلها لي عندك ذُخراً، وتقبّلها مني كما تقبلتها من عبدك داود. قال ابن عباس: فقرأ النبي  صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد، فسمعته وهو يقول، مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة. رواه الترمذي وابن ماجة.

كذلك يصح أنْ يقول فيه ما يقال في سائر السجود من الذكر المشروع والدعاء، فيقول الساجد: سبحان ربي الأعلى. وسبوح قدوس رب الملائكة والروح. ونحوها، وإنْ جمعها فحسن، وإنْ أحبّ أنْ يدعو بما شاء فحسن؛ لأن السجود موضع من مواضع الدعاء المستجاب.

- والمشروع في وقت سجود التلاوة أن يكون عند ختام آية السجدة، فإنْ أخّرها قليلاً لسهو أو عذر، فلا حرج عليه، أما إذا طال الوقت فلا يشرع قضاؤها على الصحيح؛ لأنه فات وقتها بزوال السبب الذي شُرعت لأجله.

 الحديث الثاني:

357.عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه صَلَاةَ الْعَتَمَةِ، فَقَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ فِيهَا، فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ ؟ فَقَالَ: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ  صلى الله عليه وسلم ، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ.

 الشرح: الحديث الثاني وهو في الباب نفسه.

وفيه: جواز السجود في هذه السورة (الانشقاق).

     وجواز السجود في المفصل لأنها منه. أما حديث « أنه  صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل، منذ تحول إلى المدينة « فرواه أبو داود (1403): عن أبي قدامة عن مطر الوراق عن عكرمة عن ابن عباس. فإنه حديث ضعيف، فإنه من رواية أبي قدامة، واسمه الحارث بن عبيد، ضعيف، وكذلك مطر فإنه كثير الخطأ، وضعفه الألباني في (المشكاة 1036). وحتى لو صح خبر أبي قدامة هذا، لوجب تقديم خبر أبي هريرة عليه ; لأنه مثبتٌ، فمعه زيادة علم، والله أعلم.

 - فائدة: مواضع السجدات في القرآن نوعان: إخبارٌ، وأمر.

فالإخبار: خبر من الله تعالى عن سجود مخلوقاته له عموما أو خصوصا، فسُنّ للتالي والسامع وجوبا أو استحبابا أن يتشبه بهم عند تلاوة آية السجدة أو سماعها.

وآيات الأوامر: كقوله: {فاسجدوا لله واعبدوا}، وقوله: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا} وهو مما يقتضي السجود بطريق الأولى، امتثالاً لأوامر الله عز وجل، وعبودية عند تلاوة هذه الآيات واستماعها، وقربة إليه، وخضوعا لعظمته، وتذللا بين يديه، والله المستعان.

وفيه: ملازمة الصحابة للسنن النبوية، والمحافظة عليها. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك