رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 29 أبريل، 2014 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 85 ) بــاب: في التَّـــنــفـــلِ باللـيــــلِ والنّهـــــار

 

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

376.عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، عَنْ تَطَوُّعِهِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

 الشرح: قال المنذري: باب: في التنفل بالليل والنهار. والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/504) وبوب عليه النووي: باب جواز النافلة قائماً وقاعدا، وفِعلُ بعض الركعة قائماً، وبعضها قاعدا.

قولها «كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ... إلخ» فيه: محافظة النبي  صلى الله عليه وسلم على السنن الراتبة، قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن.

وأنه كان  صلى الله عليه وسلم  يُصليهن في بيته، لا في مسجده الشريف، وهو الأفضل كما سبق بيانه.

إلا لمن أراد أنْ يعلم الناس السنن الرواتب وأعدادها، فلا بأس أن يصليها أمامهم في المسجد بعد الفريضة.

قولها «وكان يُصَلِّي منْ اللَّيلِ تسْعَ ركعَاتٍ، فيهنَّ الْوِتْرُ» فيه: بيان صلاته  صلى الله عليه وسلم بالليل، وكيفية صلاة الوتر وعددها.

«وكان» أي: أحيانا «يصلي من الليل» أي: بعض أوقاته وساعاته «تسع ركعات» قال ابن حجر: أي تارة، وإحدى عشرة تارة، وأنقص تارة اهـ.

وجاء عنها (عائشة) أنها قالت: «كان رسولُ الله  صلى الله عليه وسلم يُصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة».

وفي لفظ: «يُسلّم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة».

 وفي كيفية الوتر، له فيه  صلى الله عليه وسلم حالتان:

- الأولى: أنْ يسلم من كل ركعتين، وهو الأكثر من فعله  صلى الله عليه وسلم ، كما في قوله  صلى الله عليه وسلم : «صلاةُ الليلِ مَثنى مثنى، فإذا خَشي أحدُكم الصبح، صلى ركعة، أوترتْ له ما قد صلى». رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما.

ومعنى «مَثنى مثنى» أي: اثنين اثنين. كما روى مسلم: عن عقبة بن حريث قال: قلت لابن عمر: ما معنى مَثنى مثنى؟ قال: تُسلّم من كل ركعتين.

قال ابن حجر: وفيه ردٌ على من زعم من الحنفية، أن معنى «مثنى» أن يتشهد بين كل ركعتين، لأن راوي الحديث أعلم بالمراد منه، وما فسّره به هو المتبادر إلى الفهم؛ لأنه لا يُقال في الرباعية مثلاً إنها مثنى. انتهى (الفتح 2/479).

وهو الأفضل؛ لأنه أكثر عملاً.

 - الحالة الثانية: أنْ يُوتر بأكثر من ركعة واحدة، بثلاث أو بخمس أو بسبع، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يُصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يُوتر في ذلك بخمسٍ، لا يجلس في شيء إلا في آخرها» متفق عليه.

فتذكر أم المؤمنين رضي الله عنها هاهنا، كيفية صلاة الوتر، إذا كان أكثر من ركعة، فتقول: إنه  صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر بخمس، أي: كان قيامه ثماني ركعات، ثم يصلي خمس ركعات، فتكون ثلاث عشرة ركعة.

ثم بيّنت لنا كيفية وتره، أنه: ما كان يجلس في الركعات الخمس، إلا في الركعة الأخيرة.

وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يوتر بسبعٍ وبخمسٍ، لا يَفصل بينهن بسلامٍ، ولا كلام» رواه أحمد ومسلم.

فإنْ أوتر بخمس، أو سبع، سردها ولم يجلس إلا في آخرها.

فهذه الخمس والثلاث، إنْ شاء صلاها بقعود واحد، وتسليمة واحدة، كما في الصفة الثانية، وإن شاء سلم من كل ركعتين، كما في الصفة الثالثة وغيرها، وهو الأفضل.

      وأما صلاة الخمس والثلاث بقعود بين كل ركعتين بدون تسليم، فلم نجده ثابتا عنه  صلى الله عليه وسلم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم  عن الإيتار بثلاث، كما في الحديث، وعلل ذلك بقوله: «ولا تُشبهوا بصلاةِ المغرب» رواه الدارقطني وغيره ؛ فلا بدّ لمن صلى الوتر، ثلاثاً من الخروج عن هذه المشابهة، وذلك يكون بوجهين:

- أحدهما: التسليم بين الشفع والوتر، وهو الأقوى والأفضل.

- والآخر: أنْ لا يقعد بين الشفع والوتر، فلو صلى ثلاث ركعات، فعند جمهور الفقهاء: أنه يصلي الركعات الثلاث متصلة، ولا يجلس في الثانية، وإنما يجلس في الأخيرة، ويتشهد ويُسلم.

وقال الأحناف: إنه إذا أوتر بثلاث، يجلس في الثانية ولا يُسلم، ثم يقوم ويأتي بالركعة الثالثة، فيتشهد ويسلم، ولكن يرده ما سبق.

وعن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَال: قَال رسولُ اللَّه   صلى الله عليه وسلم : «الْوِتْرُ حَقٌّ , فَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِخَمْسٍ , وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِثَلاثٍ , وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ» رواه الدارقطني.

وفيه: أن قيام الليل والوتر شيءٌ واحد، كله من صلاة الليل.

قولها «وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طويلًا قائِمًا» أي: زماناً طويلاً من الليل وهو قائم، «وليلًا طَويلًا قاعدًا» وزماناً طويلا من الليل وهو قاعد، فهما حالتان من حالاته  صلى الله عليه وسلم في قيام الليل.

 قولها «وكانَ إِذَا قَرَأَ وهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ» أي: لا يقعد قبل الركوع. «وكان إذا قرأ قاعداً، ركع وسجد وهو قاعد» أي: لا يقوم للركوع.

الأولى: أنْ يصلي قائمًا، ويقرأ قائما، ويركع قائمًا.

الثانية: أن يصلي قاعدًا، ويقرأ قاعدًا، ويركع قاعدًا.

وهناك حالة ثالثة: أنْ يصلي جالسًا، فإذا بقي عليه من السورة شيءٌ، ثلاثون أو أربعون آية، قام فقرأهن ثم ركع.

وقال بعض أهل العلم: هذا من خصائص النبي  صلى الله عليه وسلم أن نافلته مع القُدرة على القيام، كنافلته قائمًا، تشريفًا له ؛ لأنه مشرّع للأمة، وأما غيره، فالجالس له نصف أجر القائم، لكن الرسول له هذه الخصوصية ؛ لكونه هو المبين للأمة دينها.

قولها «وكَان إِذا طَلَعَ الْفَجْرُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» وهما ركعتا سُنة الفجر.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك