رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 24 يونيو، 2014 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 94 ) باب: كراهية أن ينام الرجل الليل كله لا يصلي فيه

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

388-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَال: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم  رَجُلٌ، نَامَ لَيْلَةً حتَّى أَصْبَحَ ، قَال : «ذَاكَ رَجُلٌ، بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْه»، أَو قال «فِي أُذُنِهِ».

 الشرح: قال المنذري: باب: كراهية أن ينام الرجل الليل كله لا يصلي فيه .

والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/537) وبوب عليه النووي: باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح .

 والحديث رواه البخاري في كتاب التهجد (1144)، وبوب عليه: باب إذا نام ولم يصل، بال الشيطان في أذنه.

ورواه في بدء الخلق‏، باب: ‏صفة إبليس وجنوده‏.

      قوله: «ذُكِرَ عند رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ»، لم يذكر اسمه، وجاء في سنن سعيد بن منصور: عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن ابن مسعود بلفظ: «وأيمُ الله، لقد بالَ في أُذنِ صاحبكم ليلة». يعني نفسه.

قوله: «نَامَ لَيْلَةً حتَّى أَصْبَحَ»، وفي رواية البخاري «ما زالَ نائماً حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة». المراد به جنس الصلاة، أو العهد وهي صلاة الفجر أو صلاة الليل.

وفي رواية ابن حبان: «نام عن الفريضة».

قال الحافظ ابن حجر: وبهذا يتبين مناسبة الحديث لما قبله. انتهى. يعني الحديث الذي في الباب السابق، وهو حديث: «يعقدُ الشيطانُ على قَافية رأسِ أحدكم..».

قوله: «ذَاكَ رجُلٌ، بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ»، وفي الرواية الأخرى: «أُذنه» اختلفوا في معناه، فقيل: هو على حقيقته، قال القاضي عياض: ولا يبعد أنْ يكون على ظاهره، قال: وخص الأذن؛ لأنها حاسة الانتباه.

وقال القرطبي وغيره: ولا مانع من ذلك؛ إذْ لا إحالة فيه؛ لأنه ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب وينكح، فلا مانع من أن يبول. (الفتح 3/28) .

وقيل: معناه أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل، فحجب سمعه عن الذكر.

وقال ابن قتيبة: معناه: أفسده، يقال: بال في كذا، إذا أفسده.

وقال المهلب والطحاوي وآخرون: هو استعارة وإشارة إلى انقياده للشيطان، وتحكمه فيه، وعقده على قافية رأسه: عليك ليلٌ طويل، وإذلاله .

وقيل: معناه استخف به واحتقره واستعلى عليه، يقال لمن استخف بإنسان وخدعه: بال في أذنه، وأصل ذلك في دابة تفعل ذلك بالأسد إذلالاً له، وقال الحربي: معناه ظَهَرَ عليه ، وسخر منه.

 وخص الأذن، وإنْ كانت العين أنسب بالنوم، إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامعَ هي مواردُ الانتباه. وخصّ البول؛ لأنه أسهلُ مدخلاً في التجاويف، وأسرع نفوذاً في العُروق، فيُورث الكسل في جميع الأعضاء ، قاله الطيبي .

  184- باب : إذا نعسَ في الصلاة فلْيَرقُد

 389.عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ، فَيَسُبُّ نَفْسَهُ».

 الشرح: قال المنذري : باب : إذا نعس في الصلاة فليرقد .

والحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1/542 ) وبوب عليه النووي: باب أمر من نعس في صلاته، أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد أو يقعد، حتى يذهب عنه ذلك.

والحديث رواه البخاري في الوضوء (212) باب: الوضوء من النوم، ومنْ لم ير من النَّعسة والنعستين أو الخَفقةِ وُضوءاً.

قوله: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُم في الصَّلَاةِ» النعاس: أول النوم ومقدمته.

وفي رواية الترمذي: «إذا نعس أحدكم وهو يصلي»، والواو للحال، والجملة حالية.

     قوله: «فليرقد» وللبخاري (213) عن أنس «فليَنمْ حتى يَعلم ما يقرأ»، وفي رواية النسائي «فلينصرف»، والمراد به التسليم من الصلاة، وفي حديث أنس: عند محمد بن نصر في قيام الليل: «فلينصرف فليرقد».

وفي حديث أبي هريرة مرفوعا: «إذا قام أحدُكم من الليل، فاسْتَعجم القرآنُ على لسانه، فلم يَدرِ ما يقول، فليضطجع» مسلم (1/543). واستعجم أي: استغلق ولم ينطلق به لسانه، لغلبة النعاس.

وفي حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليصلِّ أحدُكم نشاطه ، وإذا فتَر فليقعد». أخرجه البخاري ومسلم.

 وقد حمله طائفة على صلاة الليل .

قال المهلب: إنما هذا في صلاة الليل; لأنّ الفريضة ليست في أوقات النوم، ولا فيها من التطويل ما يوجب ذلك. انتهى.

وقال النووي: مذهبنا ومذهب الجمهور: أنه عامٌ في صلاة النَّفل والفرض، في الليل والنهار انتهى .

وقال الحافظ: لكن العبرة بعموم اللفظ، فيعمل به في الفرائض إنْ وقع، ما أمن بقاء الوقت.

      وقد جاء أن الحديث كان على سبب؛ كما في حديث أَنس رضي الله عنه الذي سبق، قال : دَخَلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم  الْمسجدَ، وحَبلٌ مَمْدُودٌ بين سارِيَتَيْنِ، فقال: «ما هذا ؟»، قالوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فإِذا كَسِلَتْ أو فَتَرَتْ، أَمْسَكَتْ به، فقال: «حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحدُكُمْ نَشَاطَهُ، فإِذا كَسِلَ أَو فَتَرَ، قَعَدَ».

قوله: «فلعله يذهب يستغفر، فيسبُ نفسه»، مرفوعٌ على الاستئناف، وفي البخاري «فيسبَ» منصوب عطفا على يستغفر، وهو منصوب بلام كي، ويستغفر أي: يدعو، «فيسب»: يدعو على نفسه، وصرح به النسائي في روايته. (الفتح 1/315) .

أي: يريد أنْ يستغفر ، فيسب نفسه من حيث لا يدري، فمثلا يريد أن يقول: اللهم اغفر لي، فيقول: اللهم اعفر لي، والعفر: هو التراب، فيكون دعاءً عليه بالذل والهوان.

وفي الحديث: أن النعاس والشيء اليسير من النوم كخفق الرأس، لا يبطل الوضوء.

 فائدة: مِنَ الناس مَنْ يمكث في المسجد فيأتيه النعاس، فعليه أنْ ينتقل من مكانه إلى مكان آخر في المسجد.

     لقوله صلى الله عليه وسلم : «إذا نَعسَ أحدُكم وهو في المسجد - وفي رواية: في مجلسه يوم الجمعة - فليتحوّل عن مجلسه ذلك إلى غيره». رواه أبو داود والترمذي . شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 94 )

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك