رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 9 يونيو، 2015 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (139) بــاب: صــلاة الكســوف

تخصيص الزنا في خطبة الكسوف لأنه من أقبح المعاصي وأعظم الفواحش ومما تحل به النقم

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

448.عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَامَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا، وهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا، وهو دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وهو دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وهو دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وهو دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى علَيه، ثُمَّ قال: «إِنَّ الشَّمْسَ والْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وإِنَّهُما لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوتِ أَحدٍ ولَا لحياتِهِ، فإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَكَبِّرُوا وَادْعُوا اللَّهَ وصَلُّوا وتَصَدَّقُوا، يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ، أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَو تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، واللَّهِ لو تَعْلَمُونَ ما أَعْلَمُ، لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ولَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ».

449.عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حينَ كَسَفَتْ الشَّمْسُ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، في أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ.

الشرح:  قال المنذري: باب: صلاة الكسوف. والحديثان أخرجهما مسلم في كتاب الكسوف (2/618).

وكذا البخاري في صحيحه. والخسوف والكسوف هو: ذهاب نور الشمس والقمر. ويطلق الكسوف على الشمس، والخسوف على القمر.

     وصلاة الكسوف أو الكسوفين، نوعٌ من أنواع صلاة النفل بسبب كسوف الشمس وتسمى: (صلاة الكسوف) أو بسبب خسوف القمر وتسمى: (صلاة الخسوف). ويُسميان أيضا: صلاة الكسوفين، وهما: سُنةٌ مؤكدة، وعددها ركعتان، في كل ركعةٍ قيامان وقراءتان طويلان، وركوعان وسجودان طويلان.

ويُسن الخروج لأدائها في جماعة، بلا أذانٍ ولا إقامة، بل يُنادى لها الصلاة جامعة. ويندب بعدها أنْ يخطب الإمام، ويعظ الناس، ويذكرهم بالرجوع إلى الله تعالى. ويستحب مع ذلك أيضا: الإكثار من الذكر والاستغفار والدعاء. ويبدأ وقت الصلاة من تحقق الكسوف، وينتهي بالانجلاء.

     قوله: «خَسَفَتْ الشَّمْسُ في عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » وفي رواية لمسلم: «خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » والمعروف أنّ الشمس لم تنكسف على عهده صلى الله عليه وسلم  إلاّ مرة واحدة حينما مات إبراهيم عليه السلام، وهذا يُرجِّح عدم تكرر الكسوف في عهده صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إنَّما صَلَّى ذلك يومَ ماتَ إبراهِيمُ، ومعلومٌ أَنَّ إبْرَاهيمَ لَم يَمُتْ مَرَّتَيْنِ ! ولا كَانَ لَهُ إبراهيمانِ؟!».

وكان وقوع الكسوف في وقت الضحى، ففي رواية للبخاري: «فَخَسَفَتْ الشَّمْسُ، فرجعَ ضُحًى فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينَ ظَهْرَانَيْ الْحُجَرِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، وقَامَ النَّاسُ ورَاءَهُ».

وفي الطبقات الكبرى لابن سعد: ومات يوم الثلاثاء لعشر ليال خَلَون مِن شهر ربيع الأول سنة عشر. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر: قصة الكسوف متأخرة جداً، فقد تقدم أن موت إبراهيم كان في العاشرة، كما اتفق عليه أهل الأخبار. اهـ.

قولها: «فَقَامَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصلّي فأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا، وهو دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ...» وفيه إطالة القراءة والركوع فيها، وفي رواية ابن عباس: «فقَامَ قياما طوِيلا قَدْرَ نحوِ سُورةِ الْبَقَرةِ».

وهو أيضا: مما يحتج به على تطويل القراءة والركوع، دون السجود.

ورُدّ بأن: الأحاديث الأخرى بيّنت تناسب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في القيام والركوع والسجود.

كما أنه ورد عن عائشة قالت: «ما ركعت ركوعاً قط، ولا سجدت سجوداً قطُ، كان أطول منه». رواه مسلم (2/628).

وهذه الصفة في صلاة الكسوف، هي أصحّ ما ورد في صلاة الكسوف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وقدْ تواتَرَ عنه أَنَّهُ صلَّى الْكُسُوفَ يومئِذٍ رُكُوعَيْنِ، في كُلِّ ركعةٍ، كما رَوَى ذلك عنه عائشةُ وابنُ عَبَّاسٍ وابنُ عَمْرو وغيرُهم ؛ فلهذا لَم يَروِ الْبُخاريُّ إلاَّ هذه الأَحاديثَ. اهـ.

قال الباجي: اختلفتْ الرِّوايةُ في صفةِ صلاةِ الْكُسُوفِ، وأَصحُّهَا حديثُ عُروةَ وعَمْرَةَ عن عائشَةَ فرواتُهُ أَئِمَّةٌ: هشامٌ والزُّهريُّ عن عُروةَ وعَمرَةَ عن عائشَةَ، وقَد تابعها علَى ذلك ابنُ عبَّاسٍ، وبه أَخَذَ الْفُقَهاءُ ؛ مالكٌ والثَّوْريُّ والشَّافعيُّ. اهـ.

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: فَصَلَّى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والنَّاسُ معهُ، فقَامَ قياما طوِيلا قَدْرَ نحوِ سُورةِ الْبَقَرةِ، ثُمَّ ركَعَ رُكُوعًا طَوِيلا، ثُمَّ رَفعَ فَقَامَ قِيَامًا... رواه البخاري ومسلم.

     وفي حديث أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْكَسَفَتْ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمسجدَ فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بنَا ركْعَتَيْنِ حتَّى انْجَلَتْ الشَّمْسُ، فقال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوتِ أَحَدٍ، فإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فصَلُّوا وادْعُوا حتَّى يُكْشَفَ ما بكم». رواه البخاري.

وهذه الرواية مُختصرة، فذكر فيها أصل الصلاة، وهو ركعتين، دون ذِكر التفصيل الوارد في حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما.

قال ابن عبد البر: وقال العراقيون منهم: أبو حنيفة وأصحابه والثوري: صلاة الكسوف كهيئة صلاتنا ركعتان، نحو صلاة الصبح، ثم الدعاء حتى تنجلي، وهو قول إبراهيم النخعي؟! اهـ.

وهذا القول لا دليل عليه؟! لأن الحجة بما ثَبت من فِعل النبي صلى الله عليه وسلم ، مما جاء في أحاديث الباب، وما خالفها فضعيف، وهو إما مُضطرب، وإما شاذّ، كما قال ابن عبد البر وغيره.

وقد تقدّم أنّ الشمس لم تنكسف إلاّ مرّةً واحدة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان ذلك كذلك، فالحديث واحد، وإذا اتَّحد مَخْرَج الحديث، ولم تتعدّد القصة، وَجب حمله على رواية واحدة.

     ولذلك قال الإمام ابن القيم: «والمنصوصُ عن أحمد أيضاً أخذه بحديث عائشة وحده، في كل ركعة ركوعان وسجودان. قال في رواية المروزي: وأذهب إلى أنّ صلاة الكسوف أربعُ ركعات، وأربعُ سجدات، في كل ركعة ركعتان وسجدتان، وأذهب إلى حديث عائشة، أكثرُ الأحاديث على هذا. وهذا اختيارُ أبي بكر وقدماء الأصحاب، وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية، وكان يضعف كُلَّ ما خالفه من الأحاديث، ويقول: هي غلط، وإنما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم  الكسوفَ مرة واحدة يومَ مات ابنه إبراهيم. واللّه أعلم. اهـ من زاد المعاد (1/456).

وقال ابن القيم: «وقد رُوي عنه أنه صلاَّها على صفات أخر:

منها: كُلّ ركعة بثلاث ركوعات.

ومنها: كل ركعة بأربع ركوعات.

ومنها: إنها كإحدى صلاة صُلِّيت كل ركعة بركوع واحد؟! ولكن كِبار الأئمة لا يُصححون ذلك، كالإِمام أحمد، والبخاري، والشافعي، ويرونه غلطًا. اهـ الزاد (1/452 -453).

- والسنة الجَهر بالقراءة فيها: كما ثبت في الأحاديث، كحديث عائشة «...فاقترأ قراءة طويلة..».

 وحديث جابر: «.. بدأ فكبّر، ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع..» في مسلم (2/623).

وحديث عبد الرحمن بن سمرة: «.. فقرأ سُورتين، وركَع ركعتين» مسلم (2/629).

وهو قول أَبي يُوسُف ومحمد بن الْحسن وأَحمد وإِسحق وغيرهم.

قال ابن عبد البر: ومن حُجة من قال بالجهر في صلاة الكسوف إجماع العلماء على أن كل صلاة سنتها أن تُصَلَّى في جماعة من الصلوات المسنونات فَسُنَّتها الجهر، كالعيدين والاستسقاء، قالوا: فكذلك الكسوف.

وقال الطبري: إنْ شاء جَهَر في صلاة الكسوف، وإنْ شاء أسَرّ.

وقال النووي: قوله: «جَهَرَ في صَلاة الْخُسُوف» هذا عند أَصْحابنَا وَالْجمهور مَحْمول علَى كُسُوف الْقَمر ؛ لأَنَّ مَذْهَبنَا ومذْهب مالك وأَبِي حنيفة واللَّيْث بن سعد وجُمْهُور الْفُقَهَاء: أَنَّهُ يُسِرّ فِي كُسُوف الشَّمْس، ويجهر في خُسُوف الْقَمر.

- والسنة إطالة صلاة الكسوف: حتى ينجلي الكسوف أو يُقارِب على الانجلاء، لقوله عليه الصلاة والسلام: «فَصَلُّوا وادْعُوا، حَتَّى يُكْشَفَ ما بِكُمْ». رواه البخاري.

وإذا فرغ الناس مِن الصلاة، والكسوف لا يزال باقيا، فإنه يُشرَع لهم ذِكر الله تعالى، والدعاء والاستغفار، لقوله عليه الصلاة والسلام: «فإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَكَبِّرُوا، وادْعُوا اللَّهَ وصَلُّوا».

وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه: «فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً، فَافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَدُعَائِهِ، وَاسْتِغْفَارِهِ».

- واخْتُلِف في خطبة الكسوف: وهل هي خُطبة أم موعظة؟

والصحيح أن خُطبة الكسوف ليست خُطبة راتبة، مثل خُطبة الجمعة والعيد، وإنما هي موعظةٌ وتذكير، يُذكّر الناس بِما نَزَل بهم، ويُخوّفوهم بالله تعالى، ويُحثّهم على ترك المعاصي واجتنابها.

قال ابن عبد البر: واختلفوا أيضا في الخُطبة بعد صلاة الكسوف، فقال الشافعي ومن اتبعه وهو قول إسحاق والطبري: يخطب بعد الصلاة في الكسوف كالعيدين والاستسقاء. اهـ.

وقال ابن القيم: «ثم انصرف، فخطب بهم خُطبة بليغة». اهـ. ثم ذَكَر ما حَفِظ منها، كما في (زاد المعاد).

والخطبة قد تُطلَق على الموعظة، كما في خُطبة الكسوف، وقد قال فيها ابن عباس رضي الله عنهما: لم يَخطب كَخُطْبَتِكم هذه. رواه الإمام أحمد، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.

ومن الدليل على أنها موعظة ويُخوّف بها الناس ما جاء في الأحاديث، ومنها ما في حديث عائشة رضي الله عنها هذا، وفيه: «يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، واَللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً».

وفي حديث أسماء رضي الله عنها: فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: ما قَال؟ قَالَتْ: قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ في مَقَامِي هذا، حتَّى الْجنَّةَ والنَّارَ، وإِنَّهُ قد أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في الْقُبُورِ، مِثْلَ أَوْ قَرِيبَ من فِتْنَةِ الْمسيحِ الدَّجَّالِ». رواه البخاري ومسلم.

قال الباجي: وعظَهُم في أَوَّلِ كَلامِهِ، ثُمَّ أَمَرهُم بأَعمالِ الْبِرِّ، ونَهَاهُمْ عن الْمَعَاصِي، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ. وَإِذَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنَّا يَغَارُ عَلَى أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ أَمَتُهُ، ولَيس أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنْ الْبَارِي تَعَالَى، فَيَجِبُ أَنْ يُجَدِّدَ عُقُوبَتَهُ فِي مُوَاقَعَةِ الزِّنَا. اهـ.

- وفي الحديث: مشروعية الصدقة لِدفع البلاء، وكذا رفعه، سواء كان عامًّا أو خاصًّا، لقوله: «وَتَصَدَّقُوا».

والدّفع يكون لِما يُتوقّع وقوعه، والرفْع لِمَا يكون قد وَقَع، وكلاهما مشروع اتِّقاؤه بالصدقات وأعمال الخيرات.

فائدة (1): سبب ذِكْر الزنا في خُطبة الكسوف. قال الزرقاني: قال الطيبي وغيره: وَجْه اتصال هذا بقوله: «فاذكروا الله..» مِن جهة أنهم لَمَّا أُمِرُوا باستدفاع البلاء بالذِّكْر والصلاة والصدقة، نَاسَب رَدعهم عن المعاصي التي هي مِن أسباب جَلْب البلاء، وخَصّ منه الزنا لأنه أعظمها في ذلك.

وقيل: لَمَّا كانت هذه المعصية مِن أقبح المعاصي، وأشدّها تأثيرا في إثارة النفوس، وغَلبة الغضب ناسَب ذلك تخويفهم في هذا المقام مِن مُؤاخذة ربّ العِزَّة. اهـ.

ولعل تخصيص الزنا لأنه مِن أعظم الفواحش؛ ولأنه مما تَحِلّ به الـنِّقَم، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: «ما ظَهر في قوم الربا والزنا، إلاَّ أحَلُّوا بأنفسهم عِقاب الله عز وجل». رواه الإمام أحمد وأبو يعلى وإسناده جيد. وقال الألباني: حسن.

فائدة (2): مَن فاته الركوع الأول، فإنه لا يعتدّ بالركوع الثاني من الركعة الأولى، بل يقضي إذا سلّم الإمام ركعة كاملة، بِرُكوعين وسجودين.

وكذلك مَن فاته الركوع الأول من الركعة الثانية، فإنه يقضي مثل صلاة إمامه، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه». رواه البخاري ومسلم.

ولِعُموم قوله عليه الصلاة والسلام: «ما أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». رواه البخاري ومسلم.

فائدة (3): إذا فاتت صلاة الكسوف فلا تُقضَى؛ لأنه قد فات سببها، وقد مرّ قول النبي صلى الله عليه وسلم : «... فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ»؛ فجعل الانجلاء غاية للصلاة، ولأن الصلاة إنما سُنّت رغبةً إلى الله في ردِّها، فإذا حصل ذلك حصل مقصود الصلاة.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك