رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 2 نوفمبر، 2014 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 109 ) باب: رفعُ الصّوتِ بالخُطبة وما يقول فيها

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

413.عن جابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يقولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» ويقولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» ويَقْرُنُ بين إِصْبَعَيْهِ - السَّبَّابَةِ والْوُسْطَى - ويقولُ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ، كِتَابُ اللَّهِ، وخَيْرُ الْهُدَى، هُدَى مُحَمَّدٍ، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثُمَّ يقولُ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، ومَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَو ضَيَاعًا، فإِلَيَّ وعليَّ».

الشرح: قال المنذري: باب: رفعُ الصّوتِ بالخُطبة وما يقول فيها.

والحديث رواه مسلم في الجمعة (2/592) في الباب السابق: باب: تخفيف الصلاة والخطبة.

قوله: «كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذا خَطَبَ» إِذا خَطَبَ، أي: يوم الجمعة، ويحتمل أنها عامة لخطب الجمعة وغيرها.

قوله: «احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ، واشْتَدَّ غَضَبُهُ» فيه تفخيم أمر الخطبة، وتعظيم شأنها، ورفع الصوت فيها، لإسماع جميع الحاضرين، وشد انتباههم.

قال النووي: ولعل اشتداد غضبه، كان عند إنذاره أمراً عظيما، وتهديده خَطباً جسيما. انتهى.

قوله: «حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ» أي: كأنه يُنذر بقدوم جيش عدوٍ من الأعداء على البلد. «يقولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» الضمير فيها عائد على «مُنْذِرُ جَيْشٍ» أي: ربما دهمكم العدو في الصباح أو المساء، وذلك لقربه منكم.

قوله: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» «ويَقْرُنُ بين إِصْبَعَيْهِ - السَّبَّابَةِ والْوُسْطَى» هذا القدر رواه البخاري في كتاب الرقاق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «بعثت أنا والساعة كهاتين»  {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (النحل:77).

     قال أبو البقاء العكبري في إعراب المسند: «الساعة» بالنصب والواو فيه بمعنى «مع» قال: ولو قرئ بالرفع لفسد المعنى؛ لأنه لا يقال بعثت الساعة، ولا هو في موضع المرفوع، لأنها لم توجد بعد. قال الحافظ ابن حجر: وأجاز غيره الوجهين، بل جزم عياض بأنّ الرفع أحسن، وهو عطفٌ على ضمير المجهول في «بعثت» قال: ويجوز النصب، وذكر نحو توجيه أبي البقاء، وزاد: أو على ضمير يدل عليه الحال، نحو: فانتظروا، كما قُدّر في نحو: جاء البردُ والطيالسة فاستعدوا.

قوله: «بُعثتُ أنا والساعة» والمراد بالساعة هنا يوم القيامة، والأصل فيها، أنها قطعة من الزمان، وهي جزء من أربعة وعشرين جزءاً من اليوم والليلة. وقد ثبت في حديث جابر المرفوع: «يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة».

وقوله: «كهاتين» ووقع في رواية سفيان «كهذه من هذه أو كهاتين» وفي رواية عند مسلم: «بعثت أنا والساعة هكذا»، وفي البخاري «هكذا ويشير بإصبعيه فيمد بهما».

قوله: «ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى» قوله «يقرن» هو بضم الراء على المشهور والفصيح، وحكي كسرها.

     والسبابة الإصبع التي تلي الإبهام، وسُميت سبّابة؛ لأنهم كانوا يشيرون بها عند السب. وفي حديث المستورد بن شداد مرفوعاً: «بعثت في نفس الساعة، سبقها كما سبقت هذه لهذه» لإصبعيه السبابة والوسطى. أخرجه الترمذي والطبري. وقوله: «في نفَس» بفتح الفاء، وهو كناية عن القُرب، أي بعثت عند تنفسها.

وقال القاضي: يحتمل أنه تمثيلٌ لمقاربتها، وأنه ليس بينهما إصبع أخرى، كما أنه لا نبي بينه وبين الساعة، ويحتمل أنه لتقريب ما بينهما من المدة، وأن التفاوت بينهما، كنسبة التفاوت بين الإصبعين تقريبا لا تحديداً.

وقوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ} الآية 77 من النحل، كذا ذكر البخاري هذه الآية معطوفة على الحديث، وفيها: إثبات قدرة الله -تعالى- التامة التي لا تمانع، وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له (كن) فيكون بلمح البصر.

قوله: «أَمَّا بَعْدُ» مضى الكلام عليها في الحديث السابق.

وقوله «السبابة» سميت بذلك لأنهم كانوا يشيرون بها عند السب.

قوله: «فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ، كِتَابُ اللَّهِ» هذا كما قال الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ...} (الزمر: 23).

قال ابن كثير: «هذا مدحٌ من الله عزّ وجل لكتابه: القرآن العظيم، المنزّل على رسوله الكريم».

     وقال العلامة السعدي رحمه الله: يُخبر تعالى عن كتابه الذي نزله أنه: { أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} على الإطلاق، فأحسن الحديث كلام الله، وأحسن الكتب المنزلة من كلام الله هذا القرآن، وإذا كان هو الأحسن، علم أنّ ألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها، وأن معانيه أجلّ المعاني؛ لأنه أحسن الحديث في لفظه ومعناه، متشابهاً في الحسن والائتلاف، وعدم الاختلاف بوجهٍ من الوجوه، حتى إنه كلما تدبره المتدبّر، وتفكّر به المتفكر، رأى من اتفاقه حتى في معانيه الغامضة، ما يبهر الناظرين، ويجزم بأنه لا يصدر إلا من حكيم عليم، هذا هو المراد بالتشابه في هذا الموضع انتهى.

     وقوله: «خير الهدي هدي محمد» هو بضم الهاء وفتح الدال فيهما، وبفتح الهاء وإسكان الدال أيضا ضبطناه بالوجهين، وكذا ذكره جماعة بالوجهين. وقال القاضي عياض: رويناه في مسلم بالضم، وفي غيره بالفتح، وبالفتح ذكره الهروي، وفسره الهروي على رواية الفتح: بالطريق، أي: أحسن الطرق طريق محمد، يقال: فلان حسن الهدي، أي الطريقة والمذهب، وفي الحديث «اهتدوا بهدي عَمّار».

وأما على رواية الضم فمعناه: الدّلالة والإرشاد.

ق     ال العلماء: لفظ الهدي له معنيان: أحدهما: بمعنى الدّلالة والإرشاد، وهو الذي يُضاف إلى الرسل والقرآن والعباد، قال الله -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}(الشورى: 52). وقال إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ } (الإسراء: 9). ومنه قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}(فصلت: 17)، أي: بيّنا لهم الطريق، ومنه قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}(الإنسان: 3)، و{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}(البلد: 10). والثاني: بمعنى اللطف والتوفيق، والعصمة والتأييد، وهو الذي تفرّد الله -تعالى- به، ومنه قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (القصص: 56).

وقالت القدرية: حيث جاء الهُدى فهو للبيان! بناء على أصلهم الفاسد في إنكار القدر!

وردّ عليهم أهل الحق، مثبتي القدر لله تعالى، بما سبق من الآيات، وبقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}(يونس: 25)، ففرّق بين الدعاء والهداية.

قوله «وكل بدعة ضلالة» زاد النسائي بإسنادٍ حسن: «وكل ضلالةٍ في النار».

والبدعة لغة: ما أُحدث على غير مثالٍ سابق، يقال: جئت بأمرٍ بديع، أي: محدث عجيب لم يعرف قبل ذلك.

وفي الشرع: البدعة هي الأمر المحدَثُ المخترع، الذي لم ينص عليه في القرآن، ولا جاء في السنة النبوية.

فالبدعة في الدين هي: إحداث عبادة، لم يشرعها الله سبحانه وتعالى.

قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم : «وكل بدعة ضلالة» هذا عام مخصوص! والمراد به غالب البدع» اهـ. شرح مسلم (6/154).

كذا قال. والصحيح: أن لفظة «كل» تدل على العموم، وتمنع التخصيص، فلا يخرج عنها شيءٌ، إلا بدليل، ولا دليل هنا!

ثم هذا لفظ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي لا ينطق عن الهوى، وقد أوتي جوامع الكلم.

بل قد جاءت الأدلة الكثيرة تؤيد هذا الحديث، كقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «وإياكم ومُحدثات الأمور، فإنّ كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة». رواه أحمد وأهل السنن.

وقال أيضاً: عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد». يعني: فهو مردود. متفق على صحته.

وقال صلى الله عليه وسلم : «من عمل عملاً، ليس عليه أمرنا فهو رد». خرجه مسلم في الصحيح.

وأما تقسيم البدع إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة فهذا مما لا دليل عليه من كتابٍ ولا سنة، ولا جرى عليه عمل السلف!

كما أن فيها استدراكاً على كلام النبي[!

كما جاء في القرآن أيضا نحوها، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: 63).

وأما البدع الدنيوية، والمخترعات العادية: فما غلب فيها جانب المصلحة على جانب المفسدة، فهي جائزة وإلا فهي ممنوعة، ومن أمثلة ذلك: ما أحدث من أنواع المطاعم والمشارب، والملابس والمساكن، والمراكب كالسيارات والطائرات ونحو ذلك.

     وكذا ما كان وسيلة لغيره وليس مقصوداً لذاته، كمكبرات الصوت في الأذان والصلوات، وإضاءة المساجد وتكيفها، وكطبع القرآن وكتابته وتسجيله، ونحوها من وسائل حفظه وتعلمه وتعليمه، فهو من الوسائل والتيسيرات للعبادات، وليس فيها محذور شرعي، فاستعمالها لا بأس به، إذا لم يكن في ذلك ظلم أو منكر، وليست داخلة في الأحاديث المحذرة من البدع.

أما حديث: «منْ سنّ في الإسلام سُنةً حَسنة، فله أجرها» الحديث في مسلم. فهذا معناه: إحياء السنن وإظهارها، والدعوة إليها، وتعظيمها حتى يعرفها الناس، ويعملوا بها، فيكون له مثل أجورهم، ليس معناه: ابتدع بدعة؟!

     ويدل عليه سبب الحديث، فإنّ سببه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ناساً عليهم آثار الفقر والحاجة، فخطب الناس وذكرهم، وحثهم على الصدقة، فجاء رجل بصرةٍ من فضة في يده، كاد كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس بالصدقات، فقال عند ذلك: «من سنّ في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها، وأجر من عمل بها من بعده، لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن سنَ في الإسلام سنةً سيئة، كان عليه وزرها، ووزر منْ عمل بها، لا ينقص من أوزارهم شيئا».

     فالمعنى: أن إظهار السنن والدعوة إليها، يكون لفاعل ذلك أجر ما فعل، ومثل أجور من اقتدى به فيها. وهكذا من دعا إلى الباطل والمعاصي، وابتدع في الدين، يكون عليه إثم ذلك، ومثل آثام من تابعه في البدعة، وليس معنى: «سن في الإسلام» يعني ابتدع؛ لأن هذا يناقض الأحاديث الصحيحة؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم  أنكر البدع، وحذّر منها.

وننصح بالرجوع إلى كتاب: الاعتصام، للإمام الشاطبي، والسنن والمبتدعات، للشقيري، والإبداع في مضار الابتداع، لعلي محفوظ.

قوله: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه» هو موافق لقول الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (الأحزاب:6). أي: أحق؛ لأنه أرحم بهم من أنفسهم، وهو أعظم الخلق عليهم منّةً، بما حصل لهم من الخير على يديه.

قال النووي: قال أصحابنا: فكأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اضطر إلى طعام غيره، وهو مضطر إليه لنفسه، كان للنبي صلى الله عليه وسلم  أخذه من مالكه المضطر، ووجب على مالكه بذله له  صلى الله عليه وسلم . قالوا: ولكن هذا وإن كان جائزاً فما وقع.

     قوله: «ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي» هذا تفسير لقوله صلى الله عليه وسلم : «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه». قال أهل اللغة: الضياع - بفتح الضاد - العيال، قال ابن قتيبة: أصله مصدر ضاع يضيع ضياعا، المراد: من ترك أطفالاً وعيالاً ذوي ضياع، فأوقع المصدر موضع الاسم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول الإسلام، لا يصلي على من مات وعليه دين، ولم يخلف وفاء له؛ لئلا يتساهل الناس في الاستدانة، ويهملوا الوفاء، فزجرهم على ذلك بترك الصلاة عليهم، فلما فتح الله -تعالى- على المسلمين الفتوح، وكثر المال، قال صلى الله عليه وسلم : «من ترك دينا فعلي» أي: قضاؤه فكان يقضيه.

قال النووي: اختلف أصحابنا: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يجب عليه قضاء ذلك الدين، أم كان يقضيه تكرما؟ والأصح عندهم: أنه كان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم .

واختلف أصحابنا هل هذه من الخصائص أم لا؟ فقال بعضهم: هو من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يلزم الإمام أن يقضي من بيت المال دين من مات، وعليه دين إذا لم يخلف وفاء، وكان في بيت المال سعة، ولم يكن هناك أهم منه.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك