رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 2 فبراير، 2015 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 122 ) باب: الصــــلاة بعـــد الجُــمــعــــــة فـــي المســجـــد

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب (الصلاة) من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

426.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:  قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:  «إِذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَصَلُّوا أَرْبَعًا».

زاد عمرٌو فِي روايَتِه قال ابنُ إِدْرِيسَ قال سُهَيْلٌ:  فَإِنْ عَجِلَ بِكَ شيءٌ، فصَلِّ ركعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، وركْعَتَيْنِ إِذا رَجَعْتَ.

 الشرح: قال المنذري:  باب:  الصلاة بعد الجمعة في المسجد .

والحديث أخرجه مسلم في الجمعة ( 2/600) وبوب عليه النووي كتبويب المنذري .

      قوله: « إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا»  وفي رواية: «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا» وفي رواية «منْ كان منكم مصلياً بعد الجمعة، فليصل أربعا». وفي رواية «أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعدها ركعتين». في هذه الأحاديث - وكلها في مسلم - استحباب سُنة الجمعة بعدها، والحث عليها، وأنَّ أقلها ركعتان، وأكملها أربع، فنبه صلى الله عليه وسلم بقوله: « إذا صلى أحدكم بعد الجمعة، فليصل بعدها أربعا» على الحث عليها فأتى بصيغة الأمر .

     قال النووي:  نبّه بقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كان منكم مصلياً» على أنها سُنةٌ ليست واجبة، وذكر الأربع لفضيلتها، وفعله صلى الله عليه وسلم الركعتين في أوقات، بياناً لأنّ أقلها ركعتان، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يُصلي في أكثر الأوقات أربعا؛ لأنّه أمرنا بهن، وحثّنا عليهن، وهو أرغبُ في الخير، وأحرص عليه، وأولى به . انتهى

      وجاء عن عبد الله بن عمر:  «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين» رواه البخاري (937 ) .

وقد اختلف الفقهاء في التطوع بعد الجمعة.

     فقال مالك: ينبغي للإمام إذا سلّم من الجمعة، أنْ يدخل منزله فيركع الركعتين في بيته، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ومن خلف الإمام أيضا، إذا سلّموا، فأحبّ إلي أنْ ينصرفوا ولا يركعوا في المسجد، فإنْ ركعوا فإنّ ذلك واسع.

 وقال الشافعي: ما أكثر المصلي من التطوع بعد الجمعة، فهو أحبُ إلي .

وقال أبو حنيفة:  يصلي بعد الجمعة أربعا، وقال في موضع آخر:  ستا، وقال الثوري:  إنْ صليتَ أربعاً أو ستا فحسن .

وقال أحمد بن حنبل:  يصلي ستا بعد الجمعة أحبُ إلي، وإنْ شاء أربعا، وكان ابن عمر يصلي بعدها ركعتين في بيته، ويقول:  هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحجة من قال:  يصلي بعد الجمعة أربعا:  الراوية السابقة لمسلم:  عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   «مَنْ كان منكم مُصلياً بعد الجُمعة، فليصلّ أربعاً».

وفي رواية قال:  «إذا صَليتم الجُمعة، فَصلُوا بعدَها أربعاً».

وروي أن ابن مسعود كان يُصلي بعدها أربعا،  وإليه ذهب إسحق، وأصحاب الرأي ; وجاء عن النخعي أنه قال: إنْ شئت ركعتين، وإنْ شئت أربعا.

وقد روي عن جماعة من السلف:  أنهم كانوا يصلون بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعا، وممن روى ذلك عنه:  علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وأبو موسى، ومجاهد، وعطاء .

قال أبو عمر ابن عبد البر:  الاختلاف عن السلف في هذا الباب، اختلافُ إباحة واستحسان، لا اختلاف منع وحظر، وكل ذلك حسنٌ إنْ شاء الله.

ثم روي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال:  قدم علينا عبد الله فكان يصلي بعد الجمعة أربعا، وقدم بعده عليٌ فكان يصلي بعد الجمعة ركعتين وأربعا.

قال:  وكذلك مَنْ لم ير الركعتين بعد المغرب في المسجد، ورآهما في البيت، إنما هو على الاختيار، لا على أن ذلك لا يجوز، والله أعلم . انتهى .

     وصلاة الجمعة ليس لها سُنةٌ راتبة قبلية, لكن يُصلي ما ييسر الله له بعدها، ثنتين أو أربع أو أكثر من ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:  « مَنْ اغتسلَ يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قُدّر له، ثم أنصتَ إذا خرج الإمام ..» فقوله:  « صلى ما قدر له» يدل على أنه يصلي ما كتب الله له , حتى يخرج الإمام , فإذا خرج الإمام ترك الصلاة، وقعد ينصت للخطبة

      قال شيخ الإسلام ابن تيمية:  أما النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يصلي قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، ولا نقل هذا عنه أحد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذن على عهده، إلا إذا قعد على المِنبر، ويؤذن بلال، ثم يخطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقيم بلال، فيصلي بالناس، فما كان يمكن أنْ يُصلي بعد الأذان، لا هو، ولا أحد من المسلمين الذين يصلون معه صلى الله عليه وسلم، ولا نقل عنه أحدٌ، أنه صلى في بيته قبل الخروج يوم الجمعة، ولا وقّت بقوله صلاةً مقدرة قبل الجمعة، بل ألفاظه صلى الله عليه وسلم فيها الترغيب في الصلاة، إذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة، من غير توقيت، كقوله: «من بكّر، وابتكر، ومشى، ولم يركب، وصلى ما كتب له».

     وهذا هو المأثور عن الصحابة، كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة، يصلون من حين يدخلون ما تيسر؛ فمنهم من يصلي عشر ركعات، ومنهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة، ومنهم من يصلي ثماني ركعات، ومنهم من يصلي أقل من ذلك، ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على، أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت، مُقَدّرَة بعدد، لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله، وهو لم يَسن في ذلك شيئاً، لا بقوله، ولا فعله .انتهى كلامه رحمه الله.

تنبيه:  أخرج الترمذي: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:  أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعاً، وبعدها أربعاً‏ .‏

والحديث رواه الترمذي معلقاً بصيغة التمريض، وموقوفاً على ابن مسعود، ونقل في التحفة عن الحافظ:  أن عبد الرزاق والطبراني أخرجاه مرفوعاً، وفي سنده ضعف وانقطاع‏ .‏ ومثل هذا لا يحتج به‏.‏

 واحتج بعضهم للسنة القبلية:  بحديث سليك الغطفاني الماضي ؟!

والحديث صحيح، لكنه في تحية المسجد، لا في السنة القبلية للجمعة.

باب:  الصَّلاة بعدَ الجُمعة في البَيت

 427.عن عبد اللَّهِ:  أَنَّه كان إِذا صلَّى الْجُمُعَةَ، انْصرفَ فسجَدَ سجدَتَيْنِ في بيتِهِ، ثُمَّ قال:  كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ ذلك .

 الشرح:  قال المنذري:  باب:  الصلاة بعد الجمعة في البيت .

والحديث أخرجه مسلم في الجمعة (2/600) في الباب السابق نفسه .

     ورواه البخاري في الجمعة ( 2/425 ) باب:  الصلاة بعد الجمعة وقبلها بلفظ « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين».

      وأما صلاة أربع ركعات بعد صلاة الجمعة، فهي سنة مستحبة وليست بفرض، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: في هذه الأحاديث استحباب سنة الجمعة بعدها والحث عليها، وأن أقلها ركعتان وأكملها أربع .

      قال الإمام ابن القيم:  وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة، دخل منزله، فصلى ركعتين، وأمر من صلاها أن يصلي بعدها أربعاً . قال شيخنا ابن تيمية:  إن صلى في المسجد، صلى أربعاً، وإن صلى في بيته، صلى ركعتين . قلت: وعلى هذا تدل الأحاديث .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك