رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 24 سبتمبر، 2012 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 14 ) باب : الدّنو من السترة


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب «الصلاة» من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

259- عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما قال: «كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الجِدار ممرُّ الشّاة».

الشرح :

 قال المنذري  رحمه الله: باب: الدنو من السترة .

        والحديث أخرجه مسلم في الصلاة، وبوب عليه النووي (4/ 216) باب سترة المصلي والندب إلى الصلاة سترة، والنهي عن المرور بين يدي المصلي وحكم المرور ودفع المار، وجواز الاعتراض بين يدي المصلي والصلاة إلى الراحلة، والأمر بالدنو من السترة، وبيان قدر السترة وما يتعلق بذلك .

ورواه البخاري في الصلاة (496) باب: قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة .  

قوله: «بين مصلى رسول الله» يعني «بالمصلى»: موضع السجود .

 قوله «وبين الجدار» أي: جدار المسجد مما يلي القبلة، وجاء ذلك صريحا في رواية البخاري في الاعتصام، أي: المسافة ما بين المنبر والجدار، لأن مسجده لم يكن به محراب .

قال ابن بطال: هذا أقل ما يكون بين المصلي وسترته، يعني قدر ممر الشاة .

      قال الحافظ: وقيل: أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث بلال «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة  وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع كما سيأتي قريبا بعد خمسة أبواب .

وجمع الداودي: بأن أقله ممر الشاة، وأكثره ثلاثة أذرع .

وحمع بعضهم: بأن الأول في حال القيام والقعود، والثاني في حال الركوع والسجود .

       وقال البغوي: استحب أهل العلم الدنو من السترة، بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود، وكذلك الصفوف، وقد ورد الأمر بالدنو منها، وفيه بيان الحكمة في ذلك، وهو ما رواه أبوداود وغيره: من حديث سهل بن أبي حثمة مرفوعا: «إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته» ( الفتح: 1/575 ) . 

وحديث سهل رواه أبوداود (692) وإسناده على شرط الشيخين ، وصححه الألباني .

 ورواه أبو داود (695) عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ: «إذا صلى أحدكم، فليصل إلى سترة، وليدن منها».  وأخرجه ابن ماجة .

 وفيه أن من السنة: قرب المصلي من السترة .

 وفي رواية: «وكان بين المنبر، والقبلة قدر ممر الشاة ».

        قال النووي: المراد بالقبلة الجدار، وإنما أخر (المنبر) عن الجدار، لئلا ينقطع نظر أهل الصف الأول، بعضهم عن بعض.

 قال: وينبغي أن يدنو من السترة، فلا يزيد ما بينهما على ثلاث أذرع .

 فإن لم يجد عصاونحوها، جمع أحجارا أو ترابا أو متاعه .

وإلا فليبسط مصلى، وإلا فليخط الخط!

       قال: وإذا صلى إلى سترة، منع غيره من المرور بينه وبينها ، وكذا يمنع المرور بينه وبين الخط، ويحرم المرور بينه وبينها، انتهى .

         قال الشوكاني في «السيل الجرار »: هذه السنةيعني اتخاذ السترةثابتة بالأحاديث الصحيحة الكثيرة، ولا وجه لتخصيص مشروعيتها بالفضاء، فالأدلة أعم من ذلك .

         والكلام على مقدار السترة، ومقدار ما يكون بينها وبين المصلي، مستوفى من كتب الحديث، وشروحها، وأكثر الأحاديث مشتملة على الأمر بها .

 قال : وظاهر الأمر الوجوب، فإنْ وُجد ما يصرف هذه الأوامر عن الوجوب إلى الندب، فذاك.

 ولا يصلح للصرف قوله  صلى الله عليه وسلم  : «فإنه لا يضره ما مرّ بين يديه».

لأن تجنب المصلي لما يضره في صلاته، ويذهب ببعض أجرها، واجبٌ عليه. انتهى .

 وأما خط الخط كسترة، فلم يثبت ، كما سبق بيانه في الحديث السابق .

 باب : الاعتراض بين يدي المصلي

260 - عن عائشة رضي الله عنها: وذُكر عندها ما يقطع الصلاة: «الكلبُ، والحمار، والمرأة، فقالت عائشة: قد شبّهتمونا بالحمير والكلاب! والله لقد رأيتُ رسول الله [ يُصلي، وإني على السّرير، وبينه وبين القبلة مضطجعةٌ، فتبدو لي الحاجةُ فأكره أن أجلس فأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأَنسلُّ من عند رجليه».

 الشرح :

قال المنذري: باب: الاعتراض بين يدي المصلي .

 والحديث رواه مسلم في الصلاة ، وبوب عليه النووي ( 4 /229) الباب السابق .

وراه البخاري في الصلاة (1/581).

باب: الصلاة على  السرير 

وفي رواية  «كان يصلي من الليل ، وأنا معترضة، بينه وبين القبلة كأعتراض الجنازة» .

 وهذه أصرح وألصق بترجمة الباب.

 وفي رواية: «قالت : كنت أنام بين يدي رسول الله [ ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح» .

       فاستدلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بذلك، وبعض العلماء بعدها؛ على أن المرأة لا تقطع صلاة الرجل! وبه بوب أبو داود على الحديث: باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة .

        وفيه نظر؟! لأن عائشة رضي الله عنها لم تكن تمر بين يدي النبي  صلى الله عليه وسلم ، وإنما كانت تضطجع بين يديه، ثم تقوم للحاجة، وهذا واضح .

وفي الحدي: جواز صلاته إليها .

     قال النووي: وكره العلماء أو جماعة منهم الصلاة إليها لغير النبي  صلى الله عليه وسلم لخوف الفتنة بها، وتذكرها وإشغال القلب بها، وبالنظر إليها ، وأما النبي  صلى الله عليه وسلم  فمنزه عن هذا كله، وصلاته مع أنه كان في الليل، والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح، انتهى.

       قولها: «فتبدو لي الحاجةُ فأكره أن أجلس فأوذي رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ، فأَنسلُّ من عند رجليه «قأنسل: أي أمضي وأخرج بتأن وتدريج. ومنه قول حسان رضي الله عنه: لأسلنّك منهم كما تُسل الشّعرة من العجين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك