رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 7 يناير، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 28 ) باب: القراءة خلف الإمام

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب «الصلاة» من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

285.عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ، فَقَالَ: «أَيُّكُمْ قَرَأَ خَلْفِي بِـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ، قَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا».

 الشرح: قال المنذري: باب القراءة خلف الإمام. والحديث رواه مسلم في الصلاة (1/ 298) وبوب عليه النووي: باب نهي المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه.

     وفي الرواية الأخرى له: «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر، فجعل رجلٌ يقرأ خلفه بسبح اسم ربك الأعلى، فلما انصرف قال: «أيكم قرأ، أو أيكم القارئ»؟ 

     قوله «خَالَجَنِيهَا» أي: نازعنيها. قال النووي: ومعنى هذا الكلام الإنكار عليه، والإنكار عليه: في جهره، أو رفع صوته بحيث أَسمعَ غيره، لا عن أصل القراءة، بل فيه أنهم كانوا يقرؤون بالسورة في الصلاة السرية.

وفيه إثبات قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم. انتهى.

أي: فيه رد على من يقول بعدم القراءة خلف الإمام ولو في السرية؟!

ولا وجه لهذا القول؛ لأنه في الجهرية قد يستدل له بأنه يؤمر بالإنصات للإمام، أما في السرية فلا معنى لسكوته من غير استماع.

وقد بينا سابقا وجوب قراءة الفاتحة للمأموم في الجهرية؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب».

88- باب: التحميد والتأمين

286.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

 قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: آمِينَ.

 الشرح: قال المنذري: باب: التحميد والتأمين. والحديث رواه مسلم في الصلاة (1/306) وبوب عليه النووي: باب التسميع والتحميد والتأمين.

قوله «إذا أمن» أي: انتهى من تأمينه، وقال بعضهم: إذا أراد التأمين، والصواب الأول؛ لقوله في الحديث الآخر «ولا تؤمنوا حتى يؤمن» وقد مرّ معنا.

قوله «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» فيه استحباب التأمين للإمام والمأموم، والجهر بالتأمين.

قال النووي: وقد أجمعت الأمة على أن المنفرد يؤمن، وكذلك الإمام والمأموم في الصلاة السرية، وكذلك قال الجمهور في الجهرية.

وقال الشوكاني في السيل (1/226):  سنّة التأمين ثابتة ٌبالأحاديث المتواترة.

قوله «فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» معناه: وافقهم في وقت التأمين، فأمّن مع تأمينهم.

قال النووي: فهذا هو الصحيح والصواب، وحكى القاضي عياض قولا، أن معناه: وافقهم في الصفة والخشوع والإخلاص.

     واختلفوا في هؤلاء الملائكة؟ فقيل: هم الحفظة، وقيل غيرهم؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الآخر في مسلم: «إذا قال أحدكم في الصلاة آمين، والملائكة في السماء آمين...» وأجاب من قال بالقول الأول: بأنه إذا قالها الحاضرون من الحفظة، قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء.

     قوله «قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: آمِينَ» معناه أن هذه صيغة تأمين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو تفسير لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذا أمن الإمام فأمنوا».

والحديث فيه: دليل على قراءة الفاتحة؛ لأن التأمين لا يكون إلا عقبها.

  89- باب: القراءة في صلاة الصُّبح

287. عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ رضي الله عنه عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَانَ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ هَؤُلَاءِ، قَالَ: وَأَنْبَأَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِـ (ق وَالْقُرْآنِ) وَنَحْوِهَا.

 الشرح: قال المنذري: باب: القراءة في الصبح. والحديث أخرجه مسلم في الصلاة (1/  ) وبوب عليه النووي (4/179): باب: القراءة في الصبح.

     قوله «سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ رضي الله عنه عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَانَ يُخَفِّفُ الصَّلَاةَ» وفي رواية له: «إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في الفجر بـ (ق والقرآن المجيد) وكان صلاته بعد تخفيفا».

وفي رواية له ثالثة: «كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر بـ (الليل إذا يغشى) وفي العصر نحو ذلك، وفي الصبح أطول من ذلك».

وفي رواية له رابعة: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في الظهر بـ (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الصبح بأطول من ذلك.

وقد ورد في حديث أبي برزة رضي الله عنه: «أن رسول اللَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في صلاة الغداة من الستين إلى المائة». رواه مسلم أيضا.

     فهذه الأحاديث تدل على سنته وهديه في صلواته، وأن من هديه في الجملة التخفيف فيها، وإن كان أحيانا يطيل الصلاة، وكان تخفيفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع إتمام الصلاة وتكميلها، كما قال أنس رضي الله عنه: ما صليت وراء إمام قط، أخفَّ صلاةً، ولا أتمّ صلاة، من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وفي لفظ: «أن رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان من أخف الناس صلاة في تمام»  رواهما مسلم.

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا صلى أحدُكم بالناس فليُخفف؛ فإنّ في الناس الضعيف والسقيم وذا الحاجة» أخرجه مسلم.

وقد يريد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإطالة أحيانا فيخفف الصلاة لبكاء الصبي، كما صح عنه في الحديث، أو لعارض سعال أو مرض أو سفر.

وكان إذا افتتح سورة أكملها في أغلب أحواله، وتارة يقسمها في ركعتين.

وكان أحيانا يجمع بين سورتين أو أكثر في الركعة. (انظر صفة الصلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للألباني رحمه الله ص 102 - 103).

     وليعلم أن التخفيف والتطويل أمر نسبي، والمرجع في ذلك إلى السنة النبوية العملية الصحيحة، وفي حديث الباب دليل على أن قراءة (ق) في صلاة الفجر من التخفيف وليست من التطويل.

وفيه أيضا: أن التطويل كان في صلاة الصبح، أكثر من غيرها من الصلوات، وكذا في صلاة الظهر، كما سيأتي.

وأيضا: إذا علم الإمام أن المأمومين يؤثرون التطويل، طوّل لهم، وإذا لم يكونوا كذلك خفف.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك