رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 18 مارس، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 37 ) باب: الاعتدال في السجود ورفع المرفقين

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب «الصلاة» من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

302.عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ».

 الشرح:

قال المنذري: باب الاعتدال في السجود، ورفع المرفقين.

     والحديث رواه مسلم في الصلاة (1/355) وبوب عليه النووي (4/ 209): باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض، ورفع المرفقين عن الجنبين، ورفع البطن عن الفخذين في السجود.

ورواه البخاري في مواقيت الصلاة (532) وفي الأذان (822) باب: لا يفترش ذراعيه في السجود.

      قوله «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ»، الاعتدال المقصود هو: أن يضع كفيه على الأرض، ويرفع مرفقيه عن الأرض، وعن جنبيه رفعا بليغا بحيث يظهر باطن إبطيه إذا لم يكن مستورا، قاله النووي.

وهذا أدبٌ متفق على استحبابه، فلو تركه المصلي كان مسيئا مرتكبا للنهي، وصلاته صحيحة.

      وقال القاضي أبو بكر بن العربي: أراد به كون السجود عدلاً، باستواء الاعتماد على الرجلين والركبتين واليدين والوجه، ولا يأخذ عضوٌ من الاعتدال أكثر من الآخر، وبهذا يكون ممتثلا لقوله: «أُمرت بالسجود على سبعة أعظم»، وإذا فرش ذراعيه فرش الكلب، كان الاعتماد عليهما دون الوجه، فيسقط فرض الوجه» (عارضة الأحوذي 2/75-76).

      قال العلماء: والحكمة في هذه الهيئة: أنه أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض، وأبعد عن هيئات الكسالى؛ فإنّ المنبسط كشبه الكلب، ويُشعر حاله بالتهاون بالصلاة، وقلة الاعتناء بها، والإقبال عليها (شرح مسلم 4/ 209).

      قوله «وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ» وفي الرواية الأخرى: «ولا يتبسط» بزيادة التاء، وفي رواية أبي داود: «لا يفترش» ومعناه: لا يبسط ذراعيه انبساط الكلب، أي: يتّخذ الأرض بساطاً لذراعيه.

قال ابن دقيق العيد: وقد ذكر الحكم – وهو النهي عن انبساط الذراع – مقروناً بعلته؛ فإن التشبه بالأشياء الخسيسة يناسب تركه في الصلاة.

قال الحافظ ابن حجر (2/302): والهيئة المنهي عنها أيضا مشعرة بالتهاون، وقلة الاعتناء بالصلاة.

 104- باب: التَّجْنيح في السُّجود

 303.عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ».

الشرح:

قال المنذري: باب التجنيح في السجود.

والحديث رواه مسلم في الصلاة (1/ 356) وهو في الباب السابق.

     عَبْد اللَّه بْن مالك ابْنِ بُحَيْنَةَ، بحينة ليست صفة لمالك، بل هي أم عبد الله وزوجة مالك، وهو صحابي معروف، حليف بني المطلب، مات بعد الخمسين، روى له الستة.

      قوله «أَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ»، فرج أي: باعد، «بَيْنَ يَدَيْهِ» أي: وجنبيه، فهو من حذف المعطوف، كقوله تعالى {سرابيل تقيكم الحر} (النحل: 81)، أي: والبرد.

قوله «حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» أي: بالغ في هذا التفريج حتى يبدو بياض الإبط، ويكون برفع عضديه عن إبطيه.

وفي الرواية الأخرى له: «كانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد جنّح في سجوده، حتى يُرى وَضَح إبطيه» وجنّح بمعنى فرج.

وفي ثالثة: «إذا سجد خوّى بيديه (يعني جنح)».

وفي رواية ميمونة رضي الله عنها: «كانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد جافي، حتى يَرى مَنْ خلفه وَضَح إبطيه». والوضح: بياض الإبطين.

     وعنها أيضا: قالت: «كانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد، لو شاءت بَهمةٌ أن تمر بين يديه لمرّت»، والبهمة: ولد الغنم ذكرا أو أنثى، وجمعها: بُهم، بضم الباء. وقولها «بين يديه» أي: تحت يديه، كما هو عند أصحاب السنن - أبوداود (835) وغيره.

     وعن أحمر بن جزء صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه، حتى نأوي له» رواه أبو داود (900). ومعنى «نأوي» أي: نرثي له، ونشفق عليه، ونرق له.

وروى عنه هذه الصفة أيضا: ابن عباس رضي الله عنهما، رواها أبوداود (899) وأحمد (1/292، 302 ومواضع أخر) وغيرهم.

قال الألباني رحمه الله: هذه الصفة مما تواتر نقلها عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رواها عنه جمع من الصحابة رضي الله عنهم (أصل صفة الصلاة 2/747).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك