رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 1 أبريل، 2013 0 تعليق

شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري ( 39 ) التشهد في الصلاة

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وبعد:

 فهذه تتمة الكلام على أحاديث كتاب «الصلاة» من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري رحمهما الله، نسأل الله عز وجل أن ينفع به، إنه سميع مجيب الدعاء.

306.عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ صَلَاةً، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أُقِرَّتْ الصَّلَاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ، قَالَ: فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى الصَّلَاةَ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ لَعَلَّكَ: يَا حِطَّانُ قُلْتَهَا؟! قَالَ: مَا قُلْتُهَا، وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَنَا قُلْتُهَا، وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذْ قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ، يُجِبْكُمْ اللَّهُ، فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ، فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلىالله عليه وسلم : «فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».

 الشرح: قال المنذري: باب: التشهد في الصلاة.

وأورد فيه حديثين:

الأول: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

والحديث أخرجه مسلم في الصلاة (1/303- 304) وبوّب النووي الباب نفسه.

حِطَّان بنِ عَبد اللَّه الرَّقَاشِيّ، البصري، تابعي ثقة، روى له مسلم والأربعة.

قوله: «أُقِرَّتْ الصَّلَاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ» أي: قرنت بهما، وأقرت معهما، وصار الجميع مأمورا به.

قوله: «فَأَرَمَّ الْقَوْمُ» أرم بفتح الراء وتشديد الميم، أي: سكتوا.

قوله: «وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا» رهبت، أي: خفت، تبكعني، أي: تبكتني وتوبخني.

قوله: «أن رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ «فيه تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه صلاتهم، وأمور دينهم.

قوله: «إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ» إقامة الصفوف تسويتها، والاعتدال فيها، والتراص فيها، وتتميم الأول فالأول منها،  هو مأمورٌ به بإجماع الأمة، وكثرت فيه الأحاديث النبوية المذكرة به.

وقوله: «إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ» فيه الأمر بصلاة الجماعة في المكتوبات، وهي فرضُ عين على الرجل القادر الصحيح المقيم، على الراجح من قولي أهل العلم، وعليه الأكثر.

وقال بعضهم: إنها فرض كفاية، إذا فعله من يحصل به إظهار هذا الشعار، سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوا كلهم، أثموا كلهم.

قال ابن خزيمة: هي فرض عين، لكنْ ليست بشرط، فمن تركها وصلى منفردا بلا عذر، أثم، وصحت صلاته.

وقال بعض أهل الظاهر: هي شرط لصحة الصلاة !

والصحيح: قول ابن خزيمة، وهو قول الجمهور.

 قوله: «ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» فيه أمر المأموم بأن يكون تكبيره عقب تكبير الإمام.

قال النووي: ويتضمن مسألتين: إحداهما: أنه لا يكبر قبله ولا معه، بل بعده.

والثانية: يستحب كون تكبيرة المأموم عقب تكبيره، ولا يتأخر، فلو تأخر جاز، وفاته كمال فضيلة تعجيل التكبير.

 قوله: «وَإِذْ قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ» ذكرنا فيما سبق أن تأمين المأموم يكون بعد تكبير الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم : «إذا أمن الإمام فأمنوا».

قوله: «يُجِبْكُمْ اللَّهُ» أي: يستجيب دعاءكم. وفيه حثٌ عظيم على التأمين.

قوله: «فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ» أي: اجعلوا تكبيركم للركوع وركوعكم، بعد تكبيره وركوعه، وكذلك رفعكم من الركوع يكون بعد رفعه.

 قوله: «فَتِلْكَ بِتِلْكَ» أي: اللحظة التي سبقكم الإمام بها في تقدمه إلى الركوع، تنجبر لكم بتأخركم في الركوع بعد رفعه لحظة.

 

 قوله: «وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ» فيه: أن الإمام يجهر بالتسميع وهو قوله: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فإذا سمعه المأمومين قالوا بعده: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ.

وذكرنا فيما سبق أن الصحيح المختار: أن الإمام والمأموم يجمع بينهما، وكذلك المنفرد.

ومعنى «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» أجاب الله دعاء من حمده. وقد سبق ذكر الألفاظ الواردة فيها.

ومعنى: «يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ» يستجيب دعاءكم.

قوله: «فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» أي: سمع الله لمن حمده، فيا ربنا استجب حمدنا ودعاءنا، ولك الحمد، على هدايتنا لذلك.

قوله: «وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ، فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : «فَتِلْكَ بِتِلْكَ» والقول فيه كما سبق في الركوع.

قوله: «وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ، فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» وهو التشهد الذي كان يعلمه النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه، ويأتي شرح مفرداته في الحديث الثاني بهذا الباب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك