رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي 13 فبراير، 2024 0 تعليق

شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: فَرْضُ الحَجّ ِمرّةً في العُمر

  • الحجُّ منْ أفْضلِ العبادات وأجلّ القُربات، شَرَعه سبحانه إتماماً لدينه وقد دلّ الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم على وجُوبه على المستطيع في العمر مرّة واحدة
 

الحجُّ منْ أفْضلِ العبادات، وأجلّ القُربات، شَرَعه -سبحانه- إتماماً لدينه، وشرع معه العُمرة، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، إلى جانب فريضة الحَج، في قوله -تعالى-: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (البقرة: 196)، وقد دلّ الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم على وجُوب الحج على المستطيع في العمر مرّة واحدة.

       فأما الكتاب: فقوله -سبحانه-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (آل عمران:97)، وأما السُّنة: فقد ثبتَ ذلك في أحاديث كثيرة منها: حديث ابن عمر - رضي الله عنه -: عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأنْ مُحمّداً رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصَوم رمضان، وحَج البيت مَنْ اسْتطاع إليه سبيلاً». متفق عليه. ونقل الإجْماع على الوجوب: الإمام ابن المنذر وابن قدامة وغيرهم. وأما العُمرة: فقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في حُكمها، والصحيح: أنّها واجبة على مَنْ يجبُ عليه الحَج، لعدد مِنَ الأدلة، منْها: حديث عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: «قلتُ يا رسول الله: على النّساء جِهاد؟ قال: «نعم، عليهنّ جهادٌ لا قتالَ فيه، الحجُّ والعُمرة». رواه أحمد. كما وقع الخَلاف أيضاً بينهم: في وجُوب الحجّ على المُسْتطيع فوراً أم على التّراخي؟ والأكثر على أنّه يجبُ على الفَور، فلا يَجوز للعبد تأخيره إذا كان مُستطيعاً؛ لأمر الله -تعالى- به في قوله: {وأتمّوا الحجَّ والعُمْرة لله} (البقرة 196)، وقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (آل عمران: 97)، والأصْل في الأوامر أنْ يقوم بها المكلف فوراً.

شُروط وجُوب الحج

الحج لا يكون واجبًا على المُكَلَّف إلا إذا توافرت فيه شُروط معينه، وتُسمى هذه الشّروط «شُروط الوجُوب» فإذا توفرت هذه الشّروط كان الحج واجبًا على المُكَلَّف، وإلا فلا يجب عليه، وهذه الشروط هي:
  • أولا: الإسْلام
فغير المُسْلم لا يصحّ منه الحجّ ولو أتى به، لقوله -تعالى-: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} (التوبة:54)؛ فالإسلام شرطٌ لصحة كل عبادة، وشرط لوجوبها.
  • ثانيا: التكليف
وهو أنّ يكون المُسلم بالغاً عاقلاً، فالصّغير لا يجبُ عليه الحج؛ لأنّه غير مكلّف، لكن لو حج صحّ منه، ولا يجزئه ذلك عن حجّة الإسْلام، فيلزمه أن يحج مرة أخرى بعد بلوغه، أما المجنون فلا يجب عليه الحج ولا يصح منه؛ لأن الحج لا بد فيه من نيةٍ وقصد، ولا يمكن وجود ذلك من المجنون.
  • ثالثاً: الحُرّية
فلا يجبُ الحجّ على العبد المملوك؛ لأنّه غير مستطيع، لكن لو حج صحّ منه، ويلزمه أنْ يحجّ حجّة الإسلام إذا أُعْتق.
  • رابعاً: الاسْتطاعة
والاستطاعة تكون في المال والبدن، بأن يكونَ عنده مالٌ يتمكن به منَ الحَجّ، ويكون أيضاً صحيح البدن، غير عاجز عن أداء المناسك، فإنْ كان المكلف غير قادرٍ لا ببدنه ولا بماله، ففي هذه الحال لا يجب الحج عليه، لعدم تحقق شرط الاستطاعة، وإنْ كان قادراً بماله غير قادر ببدنه، فيلزمه أنْ ينيب مَنْ يحجّ عنه، ولا يلزم المُكَلَّف الاسْتدانة لأجلِ الحج، كما لا يلزمه الحج ببذل غيره له، ولا يَصير مستطيعاً بذلك.
  • خامساً: وجُود المحرم للمرأة
فمن الاستطاعة أنْ يكون للمرأة مَحْرَم يسافر معها، فمَن لمْ تَجد المَحْرم فالحجّ غير واجبٍ عليها، وذلك لمنع الشّرع لها منَ السّفر مِنْ غير مَحْرم، وسيأتي مزيد من التفصيل لهذه الأحْكام، خلال شرحنا لأحاديث: كتاب الحجّ، من (مُختَصَر صَحيح مُسْلم) للحافظ المنذري -رحمهما الله تعالى.

 باب: فَرْضُ الحَجّ ِمرّةً في العُمر

       عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثاً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، ولَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، واخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ». الحديث الأول: رواه مسلم في كتاب الحج (2/975) باب: فرض الحجّ مرّة في العُمر. في هذا الحَديثِ يقولُ أبو هُرَيْرَةَ - -: «خطَب رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ»، أي: قامَ فيهم خَطيباً، فقال: «إنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- قد فرَض عليكم الحَجَّ»، أي: أوجَب عليكم الحجَّ، والتَّوجُّهَ إلى بَيتِه الحرامِ، والطَّوافَ حولَه، والإتيانِ بكلِّ الأركانِ بحسَبِ ما أوضَحه الشَّارعُ.

قوله: «فقال رجُلٌ: في كلِّ عامٍ؟»

      أي: هل فرَض اللهُ الحجَّ علينا في كلِّ عامٍ؟ «فسَكَت عنه»، أي: لم يَرُدَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وسكَتَ إعْراضاً عن هذا السُّؤالِ الَّذي فيه تَشديدٌ، «حتَّى أعادَه ثلاثًا»، أي: حتَّى أعادَ الرَّجلُ سُؤالَه ثلاثَ مرَّاتٍ، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لو قلتُ: نعَمْ، لوَجَبَت، ولو وجبَت ما قُمتُمْ بها»، أي: لو أجَبْتُك بقولِ: «نعَمْ» لأصبَح الأمرُ فَرضاً واجباً لازماً أنْ يَحُجَّ المُسلِمُ كلَّ عامٍ، وهذا فيه مِن المشقَّةِ والتَّعسيرِ، ما يُخالِفُ نهْجَ الإسْلامِ في التَّيسيرِ.

ظاهرُ الحديثِ

      وظاهرُ هذا الحديثِ: يَقتَضي أنَّ أمْرَ افتِراضِ الحجِّ كلَّ عامٍ كان مُفوَّضًا إليه حتَّى لو قال: نعَمْ لحصَل، وليس بمُستبعَدٍ أن يَأمُرَ اللهُ -تعالى- بالإطلاقِ ويُفوِّضَ أمْرَ التَّقييدِ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذلك قال النَّبيُّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- للرَّجُلِ: «ذَروني ما تَرَكتُكم»، أي: اترُكوني واترُكوا سُؤالي إذا تُرِكتُم وتَرَكتُ الرَّدَّ علَيكم، وهذا كان إشارةً إلى كَراهةِ السُّؤالِ في النُّصوصِ المطلَقةِ والتَّفتيشِ عن قُيودِها، بل يَنبَغي العمَلُ بإطلاقِها قدْرَ الاستطاعةِ حتَّى يَظهَرَ فيها قَيدٌ؛ «فإنَّما هلَك مَن كان قَبْلَكم بكثرةِ سُؤالِهم واختلافِهم على أنبيائِهم»، أي: هلَكوا بكثرةِ الأسئلةِ فيما لا يُفيدُ ممَّا تتَرتَّب عليه فرْضُ أمورٍ شاقَّةٍ وصعبةٍ عليهم، ولم يَستَطيعوا أداءَها فهلَكوا بالعِصيانِ.

لا يُكلِّفُ اللهُ نفساً إلَّا وُسْعَها

      قوله: «فإذا أمَرتُكم بالشَّيءِ فخُذوا به ما استَطَعتُم»، أي: افعَلوا مِن الأوامرِ ما تَستَطيعونه دُونَ مشَقَّةٍ ولا تَفريطٍ، فلا يُكلِّفُ اللهُ نفساً إلَّا وُسْعَها، «وإذا نَهيتُكم عن شيءٍ فاجتَنِبوه»، أي: إنَّ النَّواهيَ الَّتي أنهاكم عنها وأُبلِّغُكم عن اللهِ بها فابتَعِدوا عنها تمامًا ولا تَقْرَبوها، وهذا بمعنى ما في قولِه -تعالى-: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (المائدة: 101)، وهذا تَوجيهٌ وتَربيةٌ نبويَّةٌ للمُسلمين على طاعةِ اللهِ ورسولِه قدْرَ الاستطاعةِ، والانتهاءِ عمَّا نَهى اللهُ عنه، مع عدَمِ التَّنطُّعِ في الدِّينِ، وكثرةِ التَّشدُّقِ مع تَشقيقِ الكلامِ فيما لا يُفيدُ، والنَّهي عن كَثرةِ السُّؤالِ عمَّا لم يقَعْ، وقد ورَد في الصَّحيحَيْن عن عامِرِ بنِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ عن أبيه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أعظَمَ المسْلِمينَ في المسْلِمين جُرْماً، مَنْ سَأل عَن شَيءٍ لم يُحرَّمْ على المسْلِمين، فحُرِّم عَليهِم مِن أَجْلِ مَسْأَلتِه». وكذلك مَن سأَل عن أمرٍ فنزَل التَّشديدُ فيه مِن أجْلِ مَسألتِه، وليس في هذا مَنعٌ للسُّؤالِ، وإنَّما هو تَوجيهٌ للتَّوقُّفِ عندَ أوامرِ اللهِ ونَواهيه. قال النووي -رحمه الله- في قوله: «... وإذا نَهيتكم عن شيءٍ فدَعوه» هذا الرجل السائل هو «الأقرع بن حابس» كذا جاء مُبيناً في غير هذه الرواية، واختلف الأصوليون في أنّ الأمر: هل يقتضي التّكرار؟ والصّحيح عند أصحابنا لا يقتضيه. والثاني: يقتضيه. والثالث: يتوقف فيما زاد على مرة على البيان فلا يحكم باقتضائه ولا بمنعه، وهذا الحديث قد يستدلُّ به مَنْ يقول بالتوقف؛ لأنّه سأل فقال: أكلّ عام؟ ولو كان مُطلقه يقتضي التكرار أو عدمه لمْ يَسْأل، ولقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا حاجة إلى السّؤال، بل مطلقه محمول على كذا، وقد يجيب الآخرون عنه: بأنه سأل استظهاراً واحتياطاً.

قوله: «ذَرُوني ما تركتكم»

       وقوله: «ذَرُوني ما تركتكم» ظاهر في أنّه لا يقتضي التكرار، قال الماوردي: ويحتمل أنه إنّما احتمل التّكرار عنده منْ وجْه آخر؛ لأنّ الحج في اللغة: قصد فيه تكرّر، فاحتمل عنده التّكرار منْ جِهة الاشتقاق، لا منْ مُطلق الأمر، قال: وقد تعلّق بما ذكرناه عن أهل اللغة ههنا مَنْ قال بإيجاب العمرة، وقال: لمّا كان قوله -تعالى-: {ولله على الناس حج البيت} (آل عمران: 97) يقتضي تكرار قصد البيت بحُكم اللغة والاشْتقاق، وقد أجْمعوا على أنّ الحج لا يجب إلا مرّة، كانت العودة الأخْرى إلى البيت تقتضي كونها عُمرة؛ لأنّه لا يجب قصده لغير حجٍ وعمرة بأصل الشرع. وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لو قلتُ: نعم لوجبت». ففيه دليلٌ للمذهب الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم - كان له أنْ يجتهد في الأحكام، ولا يشترط في حكمه أنْ يكون بوحي، وقيل: يشترط، وهذا القائل يجيب عن هذا الحديث بأنه لعلّه أوْحي إليه ذلك. والله أعلم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ذرُوني ما تَركتكم» دليل على أنّ الأصل عدم الوجوب، وأنّه لا حُكم قبل ورود الشرع، وهذا هو الصحيح عند محققي الأصوليين، لقوله -تعالى-: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} (الإسراء).

من قواعد الإسلام المهمة

     قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما اسْتطعتم» هذا من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكلم التي أعطيها - صلى الله عليه وسلم -، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام كالصلاة بأنواعها، فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن، وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن، وإذا وجبت إزالة منكرات أو فطرة جماعة ممن تلزمه نفقتهم أو نحو ذلك، وأمكنه البعض فعل الممكن، وإذا وجد ما يستر بعض عورته أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن ؛ وأشباه هذا غير منحصرة، وهي مشهورة في كتب الفقه، والمقصود التنبيه على أصل ذلك، وهذا الحديث موافق لقول الله -تعالى- : {فاتقوا الله ما استطعتم}، وأما قوله -تعالى-: {اتقوا الله حق تقاته} ففيها مذهبان أحدهما: أنها منسوخة بقوله -تعالى- : {فاتقوا الله ما استطعتم}. والثاني: وهو الصحيح أو الصواب، وبه جزم المحققون أنها: ليست منسوخة، بل قوله -تعالى-: {فاتقوا الله ما استطعتم} مفسرة لها ومبينة للمراد بها، قالوا: {وحق تقاته} هو امتثال أمره، واجتناب نهيه، ولم يأمر -سبحانه وتعالى- إلا بالمستطاع، قال الله -تعالى-: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}. وقال -تعالى-: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} والله أعلم. «شرح النووي». وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وإذا نهيتكم عن شيء فَدَعُوه» فهو على إطْلاقه، فإنْ وُجِد عذرٌ يُبيحه كأكلِ المَيتة عند الضَّرُورة، أو شرب الخَمْر عند الإكْراه، أو التلفّظ بكلمة الكُفْر إذا أكْره، ونحو ذلك، فهذا ليسَ مَنْهياً عنه في هذا الحال. والله أعلم.  

فوائد الحديث

- الحجّ فريضة منْ فرائض الإسْلام، وأنّه لا يجبُ في العُمر إلا مرةً واحدة بأصل الشّرع، وقد يجب زيادة ذلك بالنذر، وقد أجْمعت الأمّة على ذلك. - أمَر الشَّرعُ بفِعلِ ما في الاسْتطاعةِ، والاجتنابِ التَّامِّ للنواهي الشرعيَّةِ، وأمَرَ بالوقوفِ عندَ توجيهاتِ اللهِ ورَسولِه، وعدَمِ تَخطِّيها بالتكلف والزّيادة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك