رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 13 فبراير، 2017 0 تعليق

الجهاد …تعريفه -أحكامه – ضوابطه- ضوابط جهــاد الطلب

فضائل الجهاد كثيرة جداً، فهو من أفضل القُربات، ومن أعظم الطاعات، وهو ذروة سنام الإسلام، وبابٌ عظيم من أبواب الشريعة الغراء، يقوم به ذوو الفضل والشرف والسُّؤدد في الدّين، دعوة ودفعاً؛ لما يترتّب عليه من مصالح عظيمة لأمة الإسلام، من نصر للمؤمنين، وإعلاء لكلمة الدين، وقمع للمنافقين والكافرين، وتسهيل لانتشار الدعوة الإسلامية بين العالمين، وإخراج للعباد من الظلمات إلى النور، ونشر محاسن الإسلام، وأحكامه العادلة بين الخلق أجمعين، وغير ذلك من المصالح الكثيرة والعواقب الحميدة للمسلمين، واستكمالاً لما بدأناه في الحديث عن ضوابط جهاد الطلب نكمل اليوم مع الضابط السابع:

جواز الصلح والهدنة مع الكفار والمشركين

     سواء أكان في جهاد الدعوة أم الدفع، وذلك إذا رأى الإمام أو الحاكم المسلم المصلحة في ذلك للمسلمين، أو كان أهل الإسلام في ضعف، فإنَّ للإمام أنْ يُصالح ويعقد الهدنة مع من يراه لصالح المسلمين، وقد دلت النصوص على ذلك، والسيرة النبوية؛ مما وقع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ وما في كتب التاريخ في عهد صحابته من بعده، والأئمة من بعدهم ، في هذا الباب .

أدلة القرآن الكريم

     قال -تعالى-: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}(الأنفال: 61)، في تفسير الطبري : {جنحوا للسلم فاجنح لها}، وإنْ مالوا إلى مُسَالمتك ومُتاركتك الحرب، إما بالدخول في الإسلام، وإما بإعطاء الجزية، وإما بموادعة، ونحو ذلك من أسباب السَّلم والصلح {فاجنح لها}، يقول: فمل إليها، وابذل لهم ما مالوا إليه من ذلك وسلكوه، يقال منه: جَنَحَ الرجل إلى كذا يجنح إليه جنوحاً، وهي لتميم وقيس فيما ذكر عنها، وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

     وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: {وإنْ جنحوا}، أي: مالوا (للسلم) أي: المسالمة والمصالحة والمهادنة؛ {فاجنحْ لها}. أي : فملْ إليها، واقبل منهم ذلك؛ ولهذا لما طَلبَ المشركون عام الحديبية الصُّلح، ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله[ تسع سنين؛ أجابهم إلى ذلك ، مع ما اشترطوا من الشروط الأُخرى.

وقال: فأما إذا كان العدوّ كثيفاً، فإنه يجوز مهادنتهم، كما دلّت عليه هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؛ فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص، والله أعلم .

{وتوكّل على الله} أي : صالحهم وتوكّل على الله؛ فإنَّ الله كافيك وناصرك ، ولو كانوا يُريدون بالصلح خديعة ، ليتقوَّوا ويَستعدوا. انتهى. (حسن التحرير 2/290 ) .

     ومن الأدلة : قوله -تعالى-: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}(التوبة:4)، أي : إلا عهد الذين عاهدتم من المشركين، أيها المؤمنون، ثم لم ينقصوكم شيئا من عهدِكم الذي عاهدتموهم {ولم يُظاهروا عليكم أحدا} من عدوكم ، فيعينوهم بأنفسهم وأبدانهم ، ولا بسلاحٍ ولا خيل ولا رجال {فأتموا إليهم عَهدهم إلى مدتهم}، يقول  فَفُوا لهم بعهدهم الذي عاهدتموهم عليه ، ولا تَنْصبوا لهم حَرباً إلى انقضاء أجل عهدهم الذي بينكم وبينهم {إن الله يحب المتقين}، إنَّ الله يحب من اتقاه بطاعته، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه. (الطبري).

     ومنها : قول الله -تعالى-: {إنَّا فتحنا لك فتحاً مبينا}(الفتح: 1)، والفتح المقصود بهذه الآية: هو صلح الحديبية ففي البخاري : عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: {إنَّا فتحنا لك فتحا مبينا}،  قال : الحديبية، وفي صحيح مسلم: عن قتادة أنّ أنس بن مالك حدّثهم قال: لما نزلت: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً  ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما} إلى قوله: {فوزاً عظيماً}، مرجعه من الحديبية، وهم يخالطهم الحُزن والكآبة، وقد نَحر الهدي بالحديبية ، فقال صلى الله عليه وسلم : «لقدْ أُنزلتْ عليَّ آيةٌ ، هي أحبُّ إليَّ من الدُّنيا جميعاً».

     مع أنّ ما حصل في صلح الحديبية، بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش، كان فيه ما فيه من الإجْحاف بالمسلمين والظلم لهم، وقد حزنوا حزناً شديداً لعقده، لكن قد كان في هذا الصلح من المصالح العظيمة، أنْ سمَّاه الله -تعالى-: {فتحا مبينا} كما قال -تعالى-: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}. أول سورة الفتح .

تشريع الصلح والهدنة

     وقد شرع الله -تعالى- للمسلمين الصلح والهدنة، عندما يفقدون القدرة على الجهاد، أو يرون في الصلح والهدنة مصلحة راجحة، أو ضرورة لازمة، أو حاجة داعية، فعن الحَسَنِ بنِ علِيِّ بنِ أَبِي رافعٍ : أَنَّ أَبا رَافِعٍ أَخبره قال: بَعَثَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؛ فلمَّا رأَيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أُلْقِيَ فِي قلبِي الْإِسلامُ ، فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، إِنِّي واللَّهِ لا أَرجِعُ إِليهِم أَبَدًا ، فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنِّي لا أَخِيسُ بِالعَهْدِ، ولا أَحْبِسُ البُرُدَ، ولكنْ ارْجِعْ، فإِنْ كانَ فِي نَفْسِكَ الَّذي فِي نَفْسِكَ الآنَ؛ فَارْجِعْ، قال: فَذَهَبْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمْتُ.

     سنن أبي داود (2785): كتاب الجهاد: باب في الإمام يُستجَنُّ به في العهود. وأحمد (23908)، فقوله صلى الله عليه وسلم : «إني لا أخيس» بكسر الخاء المعجمة بعدها تحتية ، أي : لا أغدر بالعهد ، ولا أنقضه ، ففيه: أنَّ العهد يُراعى حتى مع الكفار  ،كما يراعى مع المسلمين، وقوله: «ولا أحبس البرد» بضمتين وقيل بسكون الراء، جمع بريد ، وهو الرسول، وإنما لم يحبسه الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الرسول مستأمن .

     قال الطيبي: المراد بالعهد هاهنا ، العادة الجارية المتعارفة بين الناس، مِن أنَّ الرسل لا يُتعرَّض لهم بمكروه، ويدل عليه قوله في الحديث الآتي بعده: «أما والله، لولا أنَّ الرسل لا تقتل...» الحديث، ألا ترى كيف صدر الجملة بلفظ ( أما) التي هي من طلائع القسم، ثم عقبها به دلالة على أنَّ ارتكاب هذا الأمر من عظائم الأمور فلا ينبغي أن يرتكب.

     وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: «ومعنى الشرط في الآية - يعني قوله -تعالى-: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}(الأنفال: 61)- أن الأمر بالصلح ؛ مقيدٌ بما إذا كان الأحوط للإسلام المصالحة، أما إذا كان الإسلام ظاهراً على الكفر، ولم تظهر المصلحة في المصالحة فلا». اهـ، والذي يرى ذلك أو لا يراه إنما هو إمام المسلمين وحاكمهم، وليس غيره .

      قال ابن قدامه -رحمه الله-: «ولا يجوز عقد الذّمّة والهُدنة، إلا مِنْ الإمام أو نائبه، وبهذا قال الشافعي، ولا نعلم فيه خلافاً؛ لأنّ ذلك يتعلَّقُ بنظرِ الإمام، وما يراه من المصلحة؛ ولأنَّ عقد الذّمة عقدٌ مؤبَّد ، فلم يجزْ أنْ يُفتاتَ به على الإمام؛ فإنْ فعله غيرُ الإمام أو نائبه، لم يَصحْ..» المغني(13/213) كتاب الجزية.

     وقال أيضا: مسألة: أهل الذمة إذا نقَضَوا العهد : فصل: لا يجوز عقد الهدنة ولا الذمة إلا من الإمام أو نائبه: «ولا يجوز عقد الهدنة ولا الذمة إلا من الإمام أو نائبه ; لأنه عقد مع جملة الكفار، وليس ذلك لغيره؛ ولأنه يتعلَّق بنظر الإمام وما يراه من المصلحة، على ما قدمناه، ولأنَّ تجويزه من غيرِ الإمام، يتضمَّن تعطيل الجهاد بالكلية، أو إلى تلك الناحية، وفيه افْتياتٌ على الإمام.

     فإنْ هادنهم غير الإمام أو نائبه، لم يصحْ، وإنْ دخل بعضهم دار الإسلام بهذا الصلح، كان آمناً; لأنه دخل معتقداً للأمان، ويُرد إلى دار الحرب، ولا يُقَر في دار الإسلام; لأنَّ الأمان لم يصح. وإنْ عَقَد الإمام الهدنة ، ثم ماتَ أو عُزل، لم ينتقض عهدُه، وعلى مَنْ بعده الوفاءُ به; لأنَّ الإمام عقدَه باجتهاده، فلم يَجزْ للحاكم نقض أحكام من قبله باجتهاده.

     وقال -رحمه الله-: وإذا عقد الهدنة‏,‏ لزمه الوفاء بها ، لقول الله -تعالى-‏:‏ {‏يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود}(المائدة: 1) وقال -تعالى-: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}(التوبة: 4)؛ ولأنه لو لم يفِ بها ؛ لم يسكن إلى عقده، وقد يحتاج إلى عقدها‏,‏ فإنْ نقضوا العهد جاز قتالهم لقول الله -تعالى‏-: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ}(التوبة:12)،‏ وقال -تعالى‏-: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}(التوبة : 7). اهـ .

وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: «يجوز ابتداء الإمام بطلب صُلح العدو، إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه، ولا يتوقف ذلك على أنْ يكون ابتداء الطلب منهم». اهـ .

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله ابن باز -رحمه الله تعالى-: «تجوز الهدنة مع الأعداء، مُطلقة ومؤقتة، إذا رأى وليُّ الأمر المصلحة في ذلك؛ لقوله -تعالى-: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}( الأنفال:61).

     ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فعلهما جميعاً ، كما صالحَ أهلَ مكة على ترك الحرب عشر سنين، يأمنُ فيها الناس ، ويكفُّ بعضهم عن بعض، وصالح كثيراً من قبائل العرب صُلحاً مطلقاً؛ فلما فتح الله عليه مكة نبذ إليهم عهودهم، وأجّل من لا عهد له أربعة أشهر ، كما في قول الله -سبحانه-: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} (التوبة:1-2)، وبعث صلى الله عليه وسلم المنادين بذلك عام تسع من الهجرة بعد الفتح مع الصديق لما حج صلى الله عليه وسلم .

     ولأنَّ الحاجة والمصلحة الإسلامية، تدعو إلى الهدنة المطلقة ، ثم قطعها عند زوال الحاجة، كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بَسَط العلامة ابن القيم -رحمه الله- القول في ذلك في كتابه (أحكام أهل الذمة)، واختار ذلك شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من أهل العلم، والله ولي التوفيق. اهـ. (الموقع الرسمي للشيخ) .

أصحاب العهد

مسألة: أصحاب العهد، أهل الذمة والمستأمنون؛ وكذا رسل الملوك والرؤساء، دمهم ومالهم معصوم، لا يجوز أنْ يُقتلوا في عهدهم ، وقد جاء في السُّنة الوعيد الشديد لمن ينتهك دم هؤلاء ، أو يتعدَّى عليهم.

فعن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرو عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا ، لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا». رواه البخاري في الديات: باب إثم من قتل ذميا بغير جرم .

قال الحافظ ابن حجر في شرحه لقوله: «معاهدا»: «والمُراد به مَنْ لهُ عَهد مع المسلمين، سَوَاء كان بِعَقْدِ جِزْية أم هُدْنة مِنْ سُلطان، أَم أَمَان مِنْ مُسْلِم» اهـ.

     وقال ابن قدامة -رحمه الله-: « ومن أعطاهم الأمان منَّا من رجلٍ أو امرأة, أو عبد, جاز أمانه وجملته أنَّ الأمان إذا أُعطي أهل الحرب, حَرُم قتلهم ومالهم والتعرّض لهم . ويصح من كل مسلمٍ بالغ عاقل مختار, ذكراً كان أم أنثى, حرا ًكان أم عبداً؛ وبهذا قال الثوري, والأوزاعي, والشافعي, وإسحاق, وابن القاسم, وأكثر أهل العلم. انتهى من (المغني9/195).

     تنبيه: هذا الحُكم في جواز الهُدنة والصُّلح مع العدو، يكون في جهاد الدعوة والطلب، وفي جهاد الدفع أيضاً؛ فإنَّ العدو إذا تمكَّن من البلد المسلم، ولم يُقدر على دفعه لقوته أو كثرته، جاز للمسلمين الذين احتلّ العدو أرضهم، أنْ يدخلوا معه في هدنةٍ وصلح حقناً لدماء المسلمين، وحتى لا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، كما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مع كفار مكة في صلح وهدنة، وهم كانوا قد غَصَبوا المسلمين أموالهم في مكة وديارهم ، كما قال -تعالى-: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}(الحشر: 8)، ومع ذلك صالح النبي صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم الحديبية، سنة ستٍ من الهجرة مع ما فعلته قريش من ظلم المهاجرين وأخذ دورهم وأموالهم، مراعاة للمصلحة العامة التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم لجميع المسلمين من المهاجرين وغيرهم، ولمن يرغب الدخول في الإسلام .

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك