
تضخيم الاعتداءات على اليهود في بريطانيا لأغراض سياسية
سلطت وسائل الإعلام البريطانية الضوء، على ما تتعرض له الجالية اليهودية في بريطانيا من اعتداءات توصف بـ«اللاسامية» والارتفاع الملحوظ في عدد هذه الاعتداءات؛ حيث سُجِلت لدى الشرطة 1168 حادثة اعتداء من هذا النوع خلال عام 2014، أي أن هذا العدد زاد عن ضعف عدد الاعتداءات الشبيهة في عام 2013 التي بلغت 535 اعتداءً. فيما تسابق الوزراء والساسة البريطانيون للتنديد بالاعتداءات على اليهود والتهديد بمعاقبة المعتدين، على نحو يوحي بأن الحكومة تستعد لسن قوانين تنطوي على قيود جديدة، ليس ضد الحركات اليمينية العنصرية والمتطرفة فحسب، بل ضد الاحتجاجات المعادية لإسرائيل وجرائمها ضد الفلسطينيين والشعوب العربية الأخرى.
وتخضع كل وسائل الإعلام في بريطانيا، من دون استثناء لسيطرة اللوبي الموالي لإسرائيل والحركة الصهيونية؛ ما أدى إلى الخلط المتعمد بين الاعتداءات «اللاسامية» التي يشنها المتطرفون الإنكليز المتعصّبون والمعادون لليهود وللأجانب عامة ومنهم العرب والمسلمون، وبين الاعتداءات على خلفية سياسية وغير عرقية التي يشنها بعض العرب والمسلمين على اليهود المؤيدين لإسرائيل والحركة الصهيونية بسبب الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين والشعوب العربية الأخرى.
فتسليط الضوء، على هذا النحو في الصفحة الأولى لجريدة (التايمز) وغيرها من الصحف أشبه بعملية اصطياد في الماء العكر، عقب إعلان أحد رموز الحركة العنصرية والفاشية الإنكليزية في بريطانيا، (يوشوع بونيهيل)، عن عزمه تنظيم مسيرة في مارس المقبل، ضد ما أسماه (تهويد حي ستامفورد هيل) في شمال شرقي لندن، الذي تقطنه مجموعة من اليهود المتدينين، الذين يسعون للحصول على موافقة من المجلس البلدي للحي من أجل تسهيل ممارستهم لعبادتهم بوصفهم يهوداً، لاسيما فيما يتعلق بحرمة السبت، الأمر الذي أثار حفيظة (بونيهيل)، الذي يُعرّف نفسه بفخر واعتزاز على شبكة الإنترنت بأنه «قومي وفاشي ومُنَظـِّر مؤيد لحقوق البيض».
ولوحظ أن وسائل الإعلام ذاتها التي تحدثت عن الاعتداءات ضد اليهود، لم تورد أي كلمة عن معاداة بونيهيل العرب والمسلمين على أساس عنصري وعرقي، بل إنها ساوت بين العداء العرقي لليهود والسامية المتأصلة في المجتمعات الأوروبية منذ قرون، والعداء العربي والإسلامي لإسرائيل ومؤيديها من يهود وغير يهود، وهو عداء سياسي طبيعي شبيه -على سبيل المثال لا الحصر- بالعداء الذي واجهه الأميركيون في العالم خلال الحرب على فيتنام.
وقامت وسائل الإعلام بتضخيم الخطر الذي تواجهه الجالية اليهودية في بريطانيا البالغ عددها نحو 280 ألف يهودي؛ حيث كشف استطلاع رأي لمعرفة توجهات اليهود في بريطانيا عن أن 18 في المئة منهم فقط يشعرون بعدم الأمان في بريطانيا، ويفكرون بالهجرة إلى إسرائيل، وذلك على العكس من الجاليات اليهودية الأخرى في البلدان الأوروبية مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا وغيرها، ومع ذلك يجري تضخيم الخطر الذي يواجهه اليهود في بريطانيا، من دون توضيح مصدر هذا الخطر.
لاتوجد تعليقات