رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 11 أكتوبر، 2010 0 تعليق

الارتفاع غير المسوّغ للأسعار محرّم باتفاق العلماء

 

ارتفعت أسعار السلع الغذائية بصورة واضحة وكثرت الشكاوى في الآونة الأخيرة من ارتفاع الأسعار، حيث قام بعض التجار بزيادة أسعار السلع الضرورية، كما قام بعض ضعاف النفوس بتخزين واحتكار هذه الضروريات حتى يرتفع ثمنها ثم يبيعها بسعر أغلى مما كانت عليه فما حكم رفع الأسعار؟ وهل تسعير السلع واجب؟

يؤكد الداعية الإسلامي ناظم المسباح أن ارتفاع الأسعار غير المبرر مخالف للعدل ومخالف لقيم الإسلام السامية التي حثت على التعاون والتكافل بين المسلمين ونهت عن استغلال حاجتهم لبعض السلع الأساسية. وعن مواجهة هذه الظاهرة، قال الداعية المسباح: يتم عن طريق الحملات الحكومية والشعبية للقضاء عليها ويجوز تدخل ولي الأمر أو من ينوب عنه في تسعير بعض السلع لمنع ظلم بعض التجار، ولاسيما أن الشريعة قد جاءت بإزالة الضرر عموما وتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام مراعاة لمصلحة العام واستدل بقول الرسول[: «لا ضرر ولا ضرار»، فالتسعير أن يسعر الإمام أو نائبه على الناس سعرا يجبرهم على التبايع به والراجح فيه الجواز عند الحاجة العامة، ولاسيما إذا كانت الأسعار قد رفعت لأسباب مفتعلة بحيث يكون فيها ظلم واقع على المستهلكين فيجوز التسعير حينئذ للمصلحة وهي رفع الظلم عن المستهلكين، وثانيها ألا يكون سبب الغلاء قلة العرض أو كثرة الطلب.

يقول رئيس قسم العقيدة بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية د. بسام الشطي: إن هناك صمتا مريبا من أصحاب القرار لما يرونه ويلمسونه ويسمعون به من ارتفاع الأسعار دون مسوّغ يذكر فضلا عن الغش والرشاوى وفقدان الجودة. وتساءل: لماذا لا تسأل الوزارة المختصة نفسها ما الذي حدث في ارتفاع الأسعار في جميع السلع؟ ولماذا يتفاوت السعر من جمعية إلى أخرى ومن سوق تجاري إلى شبرة الخضار؟ والغريب في المسألة انتشار الرشوة بين بعض الجهات الرقابية فأصبح لا هم إلا ملء الجيب بالحرام والحلال حقا إنها حالة مأساوية.

وأضاف، مع كثرة الشكاوى من المواطنين والمقيمين حول زيادة أسعار السلع من ناحية ومن ناحية أخرى احتكارا بعض التجار سلعا مهمة وضرورية ثم يرفع سعرها وينزلها للأسواق وبين د. الشطي رأي الشرع في تسعير السلع، فقال: هناك مذهبان، مذهب يحرم التسعير ويمنعه ومذهب يجيزه، وقد استدل المانعون للتسعير بأدلة منها حديث أنس رضي الله عنه قال: غلا السعر في المدينة على عهد رسول الله[ فقال الناس: يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا، فقال رسول الله[: «إن الله هو المسعر، القابض، الباسط، الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة من دم ولا مال».

وعن أدلة المنع بين د.الشطي وجه الدلالة في هذا الحديث من وجهين: أحدهما أنه لم يسعر وقد سألوه ذلك ولو جاز لأجابهم إليه، والثاني، أنه علل الامتناع عن التسعير بكونه مظلمة والظلم حرام.

وما رواه مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له في السوق، فقال له عمر رضي الله عنه: «إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا» فلما رجع عمر رضي الله عنه حاسب نفسه، ثم أتى حاطبا في داره فقال: إن الذي ملكت علي ليس عزيمة مني ولا قضاء إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد فحيث شئنا نبيع وكيف شئنا نبيع».

وأضاف د.الشطي: التسعير سبب الغلاء لأن الجالبين إذا بلغهم ذلك لم يأتوا بسلعهم إلى بلد يكرهون على بيعها فيه بغير ما يريدون ومن عنده بضاعة يمتنع عن بيعها ويكتمها ويطلبها أهل الحاجة فلا يجدونها إلا قليلا، فيرفعون من ثمنها فترتفع الأسعار ويحصل الأضرار بالجانبين، جانب الملاك في منعهم من بيع أملاكهم، وجانب المشتري في منعه من الوصول إلى غرضه فيكون حراما.

وبين د. الشطي أن هذه الأدلة لا تدل على المنع في التسعير بوصفها قاعدة عامة في كل الأحوال والظروف، ولكنها تدل على المنع من التسعير.

في الأحوال العادية التي يكون التسعير فيها مجحفا بحق البائع أو العامل الذي يقوم بما يجب عليه من امتناع عن الاحتكار أو التواطؤ لإغلاء الأسعار ورفعها، وذلك أن الامتناع عن التسعير جاء معللا والأحكام تدور مع العلة وجودا وعدما، ووضح أن الحديث الشريف يبين أن الرسول[ امتنع عن التسعير نظرا لأن فيه مظلمة وذلك لأنه لم يكن هناك ما يقتضي التسعير في ذلك الوقت، لأن ارتفاع الأسعار لم يكن بفعل التجار واحتكارهم، وإنما كان ذلك نتيجة لعوامل أخرى لا شأن لهم بها.

وعن الحالات التي يجب أن تتدخل فيها الدولة بتسعير السلع قال الشطي: على الدولة أن تتدخل وتجبر التجار على بيع سلعهم وتسعيرها في حال حاجة الناس إلى السلعة وإذا حدث احتكار لها وفي حالة الحصر (حصر البيع بأناس مخصوصين) وفي حالة تواطؤ البائعين فإذا اقتضت المصلحة والعدل في التسعير فإنه واجب ولي الأمر أن يفعل ذلك، ولكن يجب أن يحقق هذا السعر العدالة وألا يكون مجحفا بأحد الطرفين البائع والمشتري ولتحقيق ذلك يستعان بأهل الخبرة والرأي.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك