واجب العلماء تجاه النكبات
- ما واجب علماء المسلمين تجاه الأزمات والنكبات التي حلت بالعالم الإسلامي؟
- مما لا شك فيه أن المعاصي والابتعاد عن عقيدة الإسلام الصحيحة قولا وعملا من أهم الأسباب التي حدث بسببها الأزمات والنكبات التي حلت بالمسلمين، يقول الله -جلت قدرته-: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (النساء:79) ويقول -عز وجل-: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى:30)؛ فالله -جلت قدرته- حليم على عباده، غفور رحيم، يرسل لهم الآيات والنذر؛ لعلهم يرجعون إليه ليتوب عليهم، وإذا تقرب إليه عبده ذراعا تقرب -سبحانه- إلى عبده باعا؛ لأنه -تعالى- يحب من عبده التوبة ويفرح بها، وهو -جل وعلا- غني عن عباده، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، ولكنه بعباده رؤوف رحيم، وهو الموفق لهم لفعل الطاعات وترك المعاصي. والأزمات والنكبات ما هي إلا نذر لعباده ليرجعوا إليه، وبلوى يختبرهم بها، قال -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة:155-157)، وقال -سبحانه-: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم:41)، وقال -تعالى-: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (الأنبياء:35)، وقال -سبحانه-: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الأعراف:168)، والآيات في هذا المعنى كثيرة. فالواجب على قادة المسلمين من العلماء والأمراء وغيرهم الاهتمام بكل مصيبة تحل أو نكبة تقع، وتذكير الناس وبيان ما وقعوا فيه، وأن يكونوا القدوة الصالحة في العمل الصالح، والبحث عن مسببات غضب الله ونقمته، وعلاجها بالتوبة والاستغفار وإصلاح الأوضاع، والأمة تبع لهم وإذا استمرأ المسلمون المعاصي، يوشك أن يعم الله الأمة بغضب منه، وإذا وقع غضب الله وحلت نقمته، فإن ذلك يشمل المحسن والمسيء، عياذا بالله من ذلك، قال -تعالى-: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} الآية (الأنفال:25). وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك الله أن يعمهم بعقابه» رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي بكر الصديق. وقال الله -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد:11). وعلى العلماء بالذات مسؤولية كبيرة أمام الله في تبصير الناس وإرشادهم، وبيان الصواب من الخطأ والنافع من الضار، نسأل الله أن يوفق المسلمين جميعا لطاعة ربهم والتمسك بهدي نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يوفق قادتهم ويبصر علماءهم بطريق الرشاد حتى يسلكوه ويوجهوا الأمة إليه، وأن يهدي ضال المسلمين ويصلح أحوالهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه. الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله
لاتوجد تعليقات