هذا دليل جهل وضعف إيمان
- سمعنا بآذاننا من يتهجم على العاملين بمغاسل الموتى ويستحقرهم ويستهزئ بهم بالآتي: «ما لقيتم إلا تشتغلون شغلة العبيد»، «ما عندكم شغل إلا أدبار الناس..»، «اذهب وابحث عن شغل يرفع رأس أهلك وعشيرتك»، «هذا عمل منحط»، والمطلوب يا سماحة الشيخ رأيكم في هذه الكلمات الموجعة، وما رأي فضيلتكم في أولئك المرابطين على مغاسل الموتى، الذين سهروا على خدمة الناس أحياءً وأمواتاً، وما توجيه سماحتكم للذين يطعنون في مثل هذه الأعمال المهمة التي حث عليها ديننا العظيم؟
- من يتهجم ويتجرأ على من يقوم بتجهيز الميت من تغسيل وتكفين بالعبارات البذيئة المذكورة، فإنه دليل على جهله، وقلة حيائه، وضعف إيمانه، وعلى اتصافه بخصلة ذميمة نبذها الإسلام وحذَّر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الطعن في الأنساب، فكيف يوصف من يقوم بهذا العمل الجليل، ومن اؤتمن على غسل أموات المسلمين، وقام بأداء فريضة افترضها الله على عباده بهذه الأوصاف القذرة؟! فهل يريد ذلك الجاهل أن تعطَّل فريضة أوجبها الله على عباده؟! فيجب على من صدر منه ذلك التوبة إلى الله، والإقلاع عن ذلك، والعزم على عدم المعاودة، والندم على ما صدر منه، وكثرة الاستغفار وفعل الطاعات لعل الله أن يتوب عليه ويعفو عنه. ولا شك أن من يقوم بغسل الميت وتكفينه وتجهيزه إذا أخلص عمله لله تعالى، وأدى تلك الأمانة التي اؤتمن عليها كما شرع الله، وستر ما يراه من عيوب الميت، فإن له الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى، قال الله تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (الرحمن: 60)، فمن يقوم بتجهيز الميت قد أحسن إلى الميت بتجهيزه وستره، وأحسن إلى أهل الميت بكفايتهم مؤونة تغسيل ميتهم وتجهيزه، وأحسن إلى المسلمين فقد كفاهم عمومًا بأداء فريضة افترضها الله على عباده فرض كفاية، فعمله من أفضل الطاعات، وأجل العبادات، وأحبها إلى الله تعالى ، فلا أحب ولا أفضل من التقرب إلى الله تعالى بأداء العبد ما افترضه الله على عباده. أسأل الله العظيم جلَّ وعلا أن يجزي القائمين على هذا العمل العظيم أحسن الجزاء وأوفره، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم يوم لقائه إنه سميع قريب مجيب، هذا ما تبيَّن لي، والله أعلم وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
لاتوجد تعليقات