نجاسة الحشرات
هل الحشرات كالصراصير والخنافس نجسة خصوصا إذا قتلت والتصقت أجزاؤها بالملابس والفراش؟
الصراصير وسائر الحشرات هي مما لا دم سائلاً له، وهي طاهرة حال الحياة عند أكثر أهل العلم، وكذا كل ما هو دون الهرة في الخلقة.
قال ابن قدامة في (المغني) في سياق أنواع الحيوان الطاهر:
الضرب الثالث: السنور وما دونها في الخلقة، كالفأرة وابن عرس، فهذا ونحوه من حشرات الأرض، سؤره طاهر يجوز شربه والوضوء به ولا يكره، وهذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين من أهل المدينة والشام وأهل الكوفة وأصحاب الرأي، إلا أبا حنيفة فإنه كره الوضوء بسؤر الهرة، فإن فعل أجزأه.انتهى.
والدليل في ذلك: حديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي[ أنه قال في الهر: «إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات». رواه الترمذي وغيره وصححه.
وعلى هذا فهذه الصراصير إذا وقعت على بدن المصلي أو ثوبه وهي حية، لم يضره ذلك، إلا ما كان من الخلاف في صراصير الكنف (المراحيض) والأصل فيها الطهارة إلا إذا تركت أثرا نجسا من بول أو غائط يقينا.
وأما ما مات منها، فمذهب الجمهور أيضا: أن ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة، خلافا للشافعي رحمه الله.
قال ابن قدامة في (المغني): وكل ما ليس له دم سائل كالذي ذكره الخرقي من الحيوان البري أو حيوان البحر ومنه العلق والديدان والسرطان ونحوها لا ينجس بالموت، ولا ينجس الماء إذا مات فيه في قول عامة الفقهاء. قال ابن المنذر: لا أعلم في ذلك خلافا، إلا ما كان من أحد قولي الشافعي، قال: فيها قولان:
أحدهما: ينجس قليل الماء، قال بعض أصحابه: وهو القياس .
والثاني: لا ينجس، وهو الأصلح للناس. فأما الحيوان في نفسه فهو عنده نجس قولا واحدا؛ لأنه حيوان لا يؤكل، لا لحرمته؛ فينجس بالموت كالبغل والحمار.
قال: ولنا: قول النبي[: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله؛ فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء». رواه البخاري وأبو داود.
وفي لفظ: «إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه؛ فإن في أحد جناحيه سما وفي الآخر شفاء».
قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله[ قال ذلك.
قال الشافعي: مقله ليس بقتله! قلنا: اللفظ عام في كل شراب بارد أو حار أو دهن مما يموت بغمسه فيه فلو كان ينجس الماء كان أمرا بإفساده. انتهى.
فعلى قول الجمهور الذي هو الطهارة، فإنه لا يضر المصلي موت شيء من هذه الصراصير على شيء من بدنه أو ثوبه.
والله أعلم.
لاتوجد تعليقات