رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 15 يناير، 2012 0 تعليق

محبة الله للتائبين

- سمعت حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لا أتذكر لفظه بالضبط ولكن معناه: إن المسلمين إن لم يذنبوا ويستغفروا لجاء الله بأناس آخرين يذنبون ويستغفرون، فإذا كان هذا الحديث صحيحاً وارداً عن النبي صلى الله عليه وسلم فما لفظه كاملاً؟ وما معناه؟ وإلى ماذا يشير ويرشد؟

 

- الحديث ذكره السيوطي في «الجامع الصغير» عن ابن عباس بلفظ: «لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون» رواه الإمام مسلم في صحيحه (4/2106) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي رواية: «ثم يستغفرون فيغفر لهم» وعزا روايته إلى الإمام أحمد في المسند ورمز له بالحسن.

       قال شارحه المناوي: قال الهيثمي: فيه يحيى بن عمرو بن مالك البكري وهو ضعيف وقد وثِّق: وبقية رجاله ثقات، انتهى كلام الهيثمي، قال المناوي: وقد خرجه الإمام مسلم في التوبة من حديث أبي أيوب بلفظ: «لولا أنكم تذنبون خلق الله خلقاً يذنبون فيَغفر لهم» انظر صحيح الإمام مسلم (4/2105) من حديث أبي أيوب ]، وانظر فيض القدير شرح الجامع الصغير (5/331)، وذكر له ألفاظاً أخرى. والحديث معناه ظاهر أن الله سبحانه وتعالى يحب من عباده أن يستغفروه وأن يغفر لهم ليظهر بذلك فضله سبحانه وتعالى وآثار صفته الغفار والغفور، وهذا كما في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53)، الحديث يدل على مسألتين عظيمتين: المسألة الأولى: أن الله سبحانه وتعالى عفو يحب العفو، وغفور يحب المغفرة. والمسألة الثانية: فيه بشارة للتائبين بقبول توبتهم ومغفرة ذنوبهم وألا يقنطوا من رحمة الله ويبقوا على معاصيهم ويصروا عليها، بل عليهم أن يتوبوا ويستغفروا الله سبحانه وتعالى، لأن الله فتح لهم باب الاستغفار وباب التوبة، هذا معنى الحديث. ثم أيضاً فيه – في الحديث أيضاً – كسر العجب من الإنسان، وأن الإنسان لا يعجب بنفسه وبعمله؛ لأنه محل للخطأ ومحل للزلل ومحل للنقص، فعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار من تقصيره ومن خطئه ومن زَلَله، ولا يظن أنه استكمل العبادة أو أنه ليس بحاجة إلى الاستغفار، فهذا فيه الحث على الاستغفار، وأن الله سبحانه وتعالى يحب من عباده أن يستغفروه ويتوبوا إليه، وفي الحديث «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» رواه الإمام أحمد في مسنده (2/198) بنحوه وللحديث بقية، ورواه الترمذي في سننه (8/191)، ورواه ابن ماجه في سننه (2/1402)، ورواه الدارمي في سننه (2/392، 393 )، ورواه الحاكم في مستدركه (4/244)، كلهم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وليس معناه أن الله يحب من عباده أن يذنبوا أو يحب المعاصي، فالله سبحانه وتعالى لا يحب الكفر ولا يرضاه ولا يحب المعاصي، ولكنه يحب من عباده إذا أذنبوا وعصوا أن يتوبوا إليه سبحانه وتعالى وأن يستغفروه، هذا معنى الحديث.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك