رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 3 أكتوبر، 2011 0 تعليق

قيام الليل·· دأب الصالحين

- مَن صلى العشاء في جماعة والفجر مع الجماعة، هل يكتب له قيام الليل كله؟ جزاكم الله خيرا·

 

- عن عبد الرحمن بن أبي عمرة قال: دخل عثمان بن عفان المسجد بعد صلاة المغرب، فقعد وحده فقعدت إليه، فقال: يابن أخي سمعت رسول الله [ يقول: «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله» أخرجه مسلم، وأخرجه أبو داود أيضاً، وقال في آخره: «ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة» وبنحوه أيضاً أخرجه الترمذي·

       وهذا الحديث يبيِّن فيه النبي[ فضل صلاة العشاء والفجر في جماعة وأنها تعدل قيام الليل في فضلها؛ لما يحصل من العبد فيها وفي تحريها من مجاهدة لنفسه ومغالبة للنوم فيظهر بذلك شدة حرصه على الطاعة، وهذان الفرضان، العشاء والفجر، يأتيان في وقت الراحة والدعة؛ فالعشاء يأتي بعد عناء النهار بالعمل والكد، والفجر يأتي بعد أن ينام العبد ويستغرق في نومه، وهذا كله يجعل هاتين الصلاتين من أثقل الصلوات على المنافقين؛ لعدم حرصهم على الطاعة وإنما صلواتهم لمراءاة الناس·

        ولهذا أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله [: «إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتُقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار»·

       وأخرج مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله [: «من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم»، وفي هذا الحديث ترغيب في صلاة الفجر، وأن من صلاها فهو في ذمة الله، وتحذير من التخلف عنها·

      ويحسن هنا أن أنبه على أمر، ألا وهو أن حديث عثمان المتقدم وإن كان فيه بيان الفضل العظيم والأجر الجزيل لمن أدى صلاة العشاء والفجر في جماعة، لكن ينبغي للمسلم ألا يدعوه ذلك إلى التهاون بقيام الليل فإنه دأب الصالحين، والله قد ذكره وجعله من أهم خصال المؤمنين الذين فازوا بالجنان، ونالوا من ربهم الرضوان فقال سبحانه: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الذاريات: 17-18)·

      وفي آخر آية من سورة المزمل حث على قيام الليل، وكان الخطاب موجهاً للرسول [ وأصحابه وهم أكمل الخلق وأحرصهم على صلاة الفرائض جماعة؛ فالمسلم ينبغي له الاقتداء برسوله[ في ذلك، فإن عائشة رضي الله عنها أخبرت عنه[ أنه ربما قام الليل حتى تتفطَّر قدماه، وأيضاً ينبغي للمسلـم أن يكـون مسـابقاً بالخيرات، منافساً في ميادين الطاعات والصالحات؛ لأنها هي التي تقرِّبه من رضوان الله وجنـانه والله سبحانه يقول: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} (الصافات: 61) ويقول سبحانه: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (المطففين: 26)، ولا ينبغي للمؤمن أن يحرم نفسه الأجر والمغنم للذة نوم أو غفلة ساعة، فإن الدنيا مزرعة للمؤمن ينوّع فيها الطاعات والقرب فيجني ثمارها أوفر ما كانت وأحسنها يوم القيامة، جعلنا الله وإياكم من أهل الله وخاصته، المتنافسين في طاعته المجتنبين لمعصيته·

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك