رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 2 ديسمبر، 2013 0 تعليق

حكم التصوير

- شيخنا ... ما حكم التصوير؟

- التصوير له أحوال: الحال الأولى: أن يصور الإنسان ما له ظل كما يقولون، أي: ما له جسم على هيكل إنسان أو بعير أو أسد أو ما أشبهها، فهذا أجمع العلماء فيما أعلم على تحريمه، فإن قلت: إذا صور الإنسان لا مضاهاة لخلق الله، ولكن صور عبثًا، يعني: صنع من الطين أو من الخشب أو من الأحجار شيئًا على صورة حيوان وليس قصده أن يضاهي خلق الله، بل قصده العبث أو وضعه لصبي ليهدئه به، فهل يدخل في الحديث؟

 

      فالجواب: نعم، يدخل في الحديث؛ لأنه خلق كخلق الله، ولأن المضاهاة لا يشترط فيها القصد، وهذا هو سر المسألة، فمتى حصلت المضاهاة ثبت حكمها، ولهذا لو أن إنسانًا لبس لبسًا يختص بالكفار ثم قال: أنا لا أقصد التشبه بهم، نقول: التشبه منك بهم حاصل أردته أم لم ترده، وكذلك، لو أن أحدًا تشبه بامرأة في لباسها أو في شعرها أو ما أشبه ذلك وقال: ما أردت التشبه، قلنا له: قد حصل التشبه، سواء أردته أم لم ترده.

 

     الحال الثانية: أن يصور صورة ليس لها جسم بل بالتلوين والتخطيط، فهذا محرم لعموم الحديث، ويدل عليه حديث النمرقة؛ حيث أقبل النبي  صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فلما أراد أن يدخل رأى نمرقة فيها تصاوير، فوقف وتأثر، وعرفت الكراهة في وجهه، فقالت عائشة رضي الله عنها: ما أذنبت يا رسول الله؟ فقال: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم»، فالصور بالتلوين كالصور بالتجسيم، وقوله في (صحيح البخاري): «إلا رقمًا في ثوب»، إن صحت الرواية هذه، فالمراد بالاستثناء ما يحل تصويره من الأشجار ونحوها.

 

الحال الثالثة: أن تلتقط الصور التقاطًا بأشعة معينة دون أي تعديل أو تحسين من الملتقط، فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين:

فالقول الأول: إنه تصوير، وإذا كان كذلك، فإن حركة هذا الفاعل للآلة يعد تصويرًا؛ إذ لولا تحريكه إياها ما انطبعت هذه الصورة على هذه الورقة، ونحن متفقون على أن هذه صورة، فحركته تعد تصويرًا، فيكون داخلًا في العموم.

القول الثاني: إنها ليست بتصوير؛ لأن التصوير فعل المصور، وهذا الرجل ما صورها في الحقيقة وإنما التقطها بالآلة، والتصوير من صنع الله.

ويوضح ذلك لو أدخلت كتابًا في آلة التصوير، ثم خرج من هذه الآلة، فإن رسم الحروف من الكاتب الأول لا من المحرك، بدليل أنه قد يشغلها شخص أمي لا يعرف الكتابة إطلاقًا أو أعمى في ظلمة، وهذا القول أقرب، لأن المصور بهذه الطريقة لا يعد مبدعًا ولا مخططًا، ولكن يبقى النظر: هل يحل هذا الفعل أو لا؟

والجواب: إذا كان لغرض محرم صار حرامًا، وإذا كان لغرض مباح صار مباحًا؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وعلى هذا، فلو أن شخصًا صور إنسانًا لما يسمونه بالذكرى، سواء كانت هذه الذكرى للتمتع بالنظر إليه أم التلذذ به أم من أجل الحنان والشوق إليه، فإن ذلك محرم ولا يجوز؛ لما فيه من اقتناء الصور؛ لأنه لا شك أن هذه صورة ولا أحد ينكر ذلك.

وإذا كان لغرض مباح كما يوجد في التابعية والرخصة والجواز وما أشبهه، فهذا يكون مباحًا، فإذا ذهب الإنسان الذي يحتاج إلى رخصة إلى هذا المصور الذي تخرج منه الصورة فورية بدون عمل لا تحميض ولا غيره، وقال: صورني، فصوره، فإن هذا المصور لا نقول: إنه داخل في الحديث، أي: حديث الوعيد على التصوير، أما إذا قال: صورني لغرض آخر غير مباح، صار من باب الإعانة على الإثم والعدوان.

الحال الرابعة: أن يكون التصوير لما لا روح فيه، وهذا على نوعين:

النوع الأول: أن يكون مما يصنعه الآدمي، فهذا لا بأس به بالاتفاق؛ لأنه إذا جاز الأصل جازت الصورة، مثل: أن يصور الإنسان سيارته، فهذا يجوز، لأن صنع الأصل جائز، فالصورة التي هي فرع من باب أولى.

النوع الثاني: ما لا يصنعه الآدمي وإنما يخلقه الله، فهذا نوعان: نوع نام، ونوع غير نام، فغير النامي، كالجبال، والأودية، والبحار، والأنهار، فهذه لا بأس بتصويرها بالاتفاق، أما النوع الذي ينمو، فاختلف في ذلك أهل العلم، فجمهور أهل العلم على جواز تصويره.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك