بيع العربون المتداول
- ظهر في الأسواق التجارية ما يسمى ببيوع «الأبشن» أو ببيوع العربون المتداول، وذلك بأن يشترى أحد الناس أسهم شركات بمبلغ مليون ريال على أن يدفع عربوناً قدره خمسون ألف ريال، ويكون له خيار إمضاء البيع أو رده خلال شهر مثلاً، فإن رد البيع ضاع عليه العربون وأصبح من حق البائع، ثم يكون من هذا المشتري أثناء مدة الخيار بيع هذه الأسهم بما له فيها من حق الخيار من الإمضاء أو الرد وبعربون أكثر من العربون الذي دفعه، ثم يكون من المشترى الثاني ما كان من الأول، وهكذا يجري تداول شراء هذه الأسهم بين مجموعة من المشترين ويكون لكل واحد منهم حق الإمضاء أو الرد باعتبار أن هذا الحق المقابل للعربون اختصاص يجوز بيعه أو الاستعاضة عنه مدة الخيار، فما حكم هذه البيوع؟
- بيع العربون من مفردات الإمام أحمد - رحمه الله - فقد أجازه وأخذت بإجازته القوانين الدولية، وهو مسلك من مسالك تيسير أمر البيوع وله في ذلك مستند من الفعل والنقل عن السلف الصالح، إلا أن مدة الخيار تنتهي بانتهاء أجلها أو باختيار المشتري أحد الأمرين خلالها إمضاء البيع أو الرد، سواء كان ذلك بإفصاح من المشتري دافع العربون أم كان ذلك بتصرفه في البيع تصرفاً يشعر بإمضائه البيع، كبيع السلعة أو هبتها أو وقفها أو تأجيرها أو نحو ذلك مما يعتبر رضا بالبيع وإمضاءً له، وفي حال تصرف المشتري ببيعه السلعة خلال مدة الخيار فإن حقه في ذلك قد انتهى ببيعه السلعة وعليه أن يدفع للبائع بقية قيمة السلعة، وقد يرد على هذا بأن للمشتري اختصاصاً منشؤه العربون يحق له بموجبه التنازل عن هذا العربون لغيره، والجواب من أمرين: أحدهما أن للبائع حق الاعتراض على المشتري بذلك التصرف، حيث إن حق المشتري بالعربون على البائع حق أكده اتفاق الطرفين البائع والمشتري؛ فلا يجوز دخول طرف ثالث بينهما إلا بالتراضي، فليس حق المشتري حقاً مستقلاً حتى يقال بجواز تصرفه فيه مطلقاً. والأمر الثاني: أن تصرف المشتري دافع العربون ببيعه السلعة التي اشتراها يعتبر اختياراً منه للإمضاء؛ حيث إنه لا يجوز له بيع ما لا يملكه ملكاً مستقراً؛ فتصرفه بالبيع قطع لحقه في الخيار وإمضاء للبيع فلا يجوز للمشتري الثاني شراءَ عربونٍ أن يرجع على البائع الأول؛ لانقطاع الحق عليه بالتصرف. وعليه فتعتبر البيوع المتتابعة صحيحة، ولكن كل مشتر يرجع على من باعه وينتهي حق كل مشتر على من باعه بتصرفه بالبيع، ويرجع كل بائعً على من باعه بالمطالبة ببقية الثمن، وينتهي حق الخيار إلى المشتري الأخير مع البائع الأخير، والله أعلم.
لاتوجد تعليقات