رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 1 أبريل، 2013 0 تعليق

الواجب رعاية حق العمال

- نرجو من سماحة الشيخ -حفظه الله- نصيحةً وتوجيهاً لصاحب العمل للعمالة الذين جاؤوا من بلادهم بحثاً عن رزق الحلال جزاكم الله عنا خيراً.

 

- الأخ السائل يسأل عن حكم من يظلم العمالة ويجهل حقوقهم أو يماطلهم بها أو يتعدى عليهم بلا حق بتغيير العقود ومخالفتها لما اتفق عليه سابقاً، أولاً: أصل الظلم حرام، والظلم ظلمات يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم : «اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، ومن كمال عدل الله جلَّ وعلا أنه حرَّم الظلم على نفسه فقال الله في الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا» أي لا يظلم بعضكم بعضا، فالواجب علينا أن نرعى حق العمال وأن نعطيهم حقهم المتفق عليه بيننا وبينهم وألا نماطل في الحق بل نعطيه في وقته فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ»، وفي لفظ: «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» يحل أن يتكلم فيه ويحل أن يعاقب، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَعْطُوا الأَجِيرَ حقه قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ»، فالواجب عليك أخي أن تعطي حقوقهم وأن تتقي الله فيهم وأن تبتعد عن الظلم والتعدي عليهم، أتيت بهم من بلادهم وتركوا بلادهم وأهليهم وجاؤوا لخير ينتفعون به وخير يستفيدون منه فجاؤوك بعقد شرعي ثم تحاول إضعاف هذا العقد أو إلغاءه وتماطلهم حقوقهم فلا تعطيهم حقوقهم في وقتها وربما بعضهم يمر عام كامل ولم يأخذ شيئاً أو يأخذ جزءاً من حقوقهم وربما هرب وترك حقه فأصبح ظالماً له من جحده حقه ولم يوف بها، فاتق الله في نفسك أيها المؤمن وتذكر لو كنت عاملاً في منزلته لتمنيت أن تعطى حقك ويوفى لك بالعقد.

     فيا أخي المسلم لا تغتر بنفسك ولا بغناك، اتق الله وراع العمال وأعطهم حقوقهم وإياك وظلمهم، يقول صلى الله عليه وسلم: «قال الله: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِراء فَاسْتَوْفَى حقهم ولم يعطهم أجرهم، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ»، فلنتق الله في أنفسنا ولنخف الله في أنفسنا ولنراقب الله في أنفسنا ولنظهر صورة الإسلام حيةً كما هي من التزام العدل واحترام الآخرين {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} (المائدة:1) فأمر الله بالوفاء بالعقود، وفي الحديث: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً أو أَحَلَّ حَرَامًا»، وتذكّر يا أخي حديث النبي صلى الله عليه وسلمعن الثلاثة الذين أووا إلى الغار وانطبقت الصخرة عليهم من الجبل فسدت الغار حتى انعزلوا عن الناس كلهم فلا أحد يسمعهم ولا يراهم فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم وكان آخرهم قال: «اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ كلهم حقهم إلا وَاحِداً تَرَكَني وَذَهَبَ فأخذته فَثَمَّرْتُ حَتَّى صار مِنْهُ رقيق وإبل وبقر وغنم، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ وقَالَ: أعطني حقي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ لك، فَقَالَ: أتسْتَهْزِئْ بي؟! فَقلت: لاَ. فَأَخَذَهُ كُلَّهُ ولَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ َإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ»، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ»

     إن إعطاء الناس حقوقهم بركة في الرزق ونجاة من المضايق، وظلم الناس يحيق بمن ظلمه، يقول صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُوم؛ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» وقال: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالمسافر، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا الله فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَقُولُ: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ»، فلنتق الله في أنفسنا ولنعامل الناس بحسن المعاملة وهذا هو المطلوب منا، فكم يشتكي العمال من كفلائهم، أحدهم يقول: كفيلي دخلت عنده في يوم كذا سنة كذا ما أعطاني إقامة رسمية، وقائل يقول: ما أعطاني حقي، وقائل يقول: أخرني عن إجازتي، وكل يدّعي على هؤلاء الكفلاء ما يدّعي عليهم، والواجب على وزارة العمل المختصة بهذا الشأن أن يكون لها مكتب خاص يتابع قضايا هؤلاء، يسمع شكاواهم ويحقق المطلوب، ولا يترك هؤلاء الضعفاء ليفترسهم الأقوياء الذين لبعضهم قوة شخصية اعتبارية أو نفوذ أو نحو ذلك فيؤذون هؤلاء ويظلمونهم، فلنتق الله في أنفسنا ولنتعامل مع الآخرين بالعدل والإنصاف، هذا هو المطلوب منا {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: 90).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك