رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 6 يوليو، 2010 0 تعليق

الفتوى في المسائل الكبرى مناطة بالهيئات العلمية

تشكِّل الفتوى أساساً مهماً في المجتمع المسلم، ومع ذلك يلاحظ أن هناك مصادر متعددة للفتوى في المسائل المتخصصة والمصيرية كقضايا الاقتصاد والطب والعلاقات الدولية والجهاد، فهل ترى سماحتكم أن هذا من باب الاجتهاد؟ أم أنه فوضى علمية يجب الحد منها وتقييدها ولا سيما كما ذكرت في المسائل المتخصصة والمصيرية للأمة؟

 الفتوى أمرها عظيم وخطرها جسيم؛ يقول الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الإسراء: 36)، ويقول سبحانه: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} (النحل: 116)، ويقول عزَّ وجلَ:ّ {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (الأعراف: 33). فالجـرأة على الفتيا أمر خطير جداً على دين بغير علم أو بهوى، وهي خطيرة أيضاً على المجتمع المسلم، إذ تكون سبباً في تفككه وبعده عن الدين.

وقـد أخرج الدارمي في (سننه) بسنده عن عبيد الله بن أبي جعفر قال: قال رسول الله [: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار». وكـان السلف رضي الله عنهم أخوف على دينهم من أن يتجرؤوا بالكلام في دين الله أو التعجّل في الفتوى؛ فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو من التابعين الثقات قال: «لقد أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله [ لا يسأل أحدهم عن فتيا إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا». ولما سُئل الشعبي – رحمه الله –: كيف كنتم تصنعون إذا سُئلتم؟ قـال: على الخبير وقعت، كان إذا سُئل الرجل قال لصاحبه: أفتهم، فلا يزال حتى يرجع إلى الأول. فالواجـب التحفظ والتحرز من التسرع في الفتوى.

أما المسـائل الكبار التي تتعلق بمصالح الأمة عامة دينياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً أو غير ذلك مما يكون تأثيره عاماً، فإن الواجب ألا ينفرد بالحديث عنه طالب علم، بل يجتمع له جمع من العلماء كهيئة كـبار العلماء أو المجامع الفقهية، ويطرح الموضوع على مائدة البحث، ويأخذ حقه في البحث والمشاورة، ثم يصدر القرار بناءً على دراسة فاحصة متأنية يراعى فيها جوانب الموضوع ومتعلقاته التي قد لا يدركها الفرد الواحد. وهذا ما كان يفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان له مجلس مشورة ورأي يجتمع فيه الفقهاء الكبار، وكان إذا عرضت له مسألة كـبيرة جـمع لها أهل بدر، الذين هم قدماء الصحابة رضي الله عنهم وفقهاؤهم، وهكذا يجب على طلاب العلم أن يكونوا:

فأولاً: الواجب عدم التسرع في الفتيا، وأن يكلوا الأمر إلى أهله.

ثانياً: في المسائل العامة ينبغي ألا ينفرد الواحد بالكلام فيها، بل يطرح الأمر على المجامع العلمية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك