رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. فهد بن صبح 21 مارس، 2023 0 تعليق

الفكر التربوي عند الشيخ: عبد العزيز بن أحمد الرشيد  ( الأخيرة 8)

الدراسة تستهدف التعرُّف على الفكرِ التربوي عند الشيخ عبدالعزيز الرشيد (ت 1356هـ، 1938م)، وإسهاماتِه في الحركة الثقافية، سواءٌ على مستوى الكويت أم خارجها، وذلك بالنظر إلى المشاريع التي قادها في هذا الاتجاه. وخلصت الدراسةُ إلى أن الشيخ عبد العزيز الرشيد رائدٌ من روّادِ الإصلاح الكبار على مستوى الكويت والخليج العربي، في اتجاهات عدة، ولاسيما التعليمُ وما استحدثه من مناهجَ جديدةٍ، اعتنى فيها بأركان العملية التعليمية (المتعلِّم، المعلِّم، المنهاج)، أدَّت إلى النهوض بالتعليم النظاميّ في الكويت. واتخذ الرشيد من إنشاء الصِّحافة وتأليفِ الكتب وإلقاء المحاضرات سبيلاً لإرساء النهضة الثقافية الكويتية مطلعَ القرن العشرين، وحاول جاهداً إبرازَ سماحة الدين الإسلامي في أحسن صورة، وأنه صالحٌ لكل زمان ومكان، وطبق ذلك عملياً في المشاريع التي تبنّاها، وأثبت أنه لا تعارض بين التطور الذي هو سِمةُ الحياة وبينَ الدين الإسلامي الحنيف.

 

الخاتمة والتوصيات من رواد النهضة التعليمية

- إنَّ شخصيةَ الشيخِ عبدالعزيز الرشيدِ تشدُّ إليها الباحثين؛ وذلك راجع لما قدَّمه من مشاريعَ إصلاحيةٍ كبيرة، والدراسة كشفِت عن الفكر التربوي عند رائدٍ من رواد النهضة التعليمية الحديثةِ في دولة الكويت. وبعد التحليلِ والتقصِّي المنهجيِّ، وبناءً على نتائجِ أسئلة الدراسةِ فإن الشيخ عبدالعزيز الرشيد يعد علما من أعلامِ الفكر التربوي الإسلامي المعاصرِ، وقد ساهم على نحوٍ واضحٍ ملموسٍ في الارتقاء بالفكر التربوي، بمجالِه الواسعِ؛ فشملَ الجوانب السياسيةَ والتعليمية والدينية. وقد نشأ نشأةً حسنةً في بيئة متدينةٍ تحبُّ العلمَ والعلماء، وزادته الرحلاتُ العلمية والاغترابُ عن الوطن ثقافةً أوسع، كذلك وضوحُ التسلسلِ العلمي في منهجية الدراسةِ عند الرشيدِ في المدارسِ المعتبرةِ التي لها وزنها في تلك الحقبةِ الزمنية.

فهمه على طريقةِ السلف

- وتميز الشيخُ عبدالعزيز الرشيد بالرسوخِ في العديدِ من المجالات، كما اتصف بإدراك الواقع الذي يعيشُه بطريقةٍ مكنته من الجمعِ بين الأصالةِ والمعاصَرَةِ في مشاريعِه الإصلاحية، ويعدُّ تفكيرُه تفكيراً إبداعياً؛ حيث ظهرت مهاراتُ هذا التفكيرِ (طلاقةً ومرونةً وأصالةً) في مشاريعهِ الإصلاحية، واعتنى الشيخُ بعناصر العمليةِ التعليميةِ (المعلم والمتعلِّمِ والمنهاج)، ودعا إلى العودة بفهمِ الدينِ الإسلاميِّ على طريقةِ السلف الأولين. وكان الرشيدُ قادراً على إيجاد الحلولِ الواقعيةِ المنطقيةِ لما يستجدُّ من مشكلات معاصِرة؛ حيث ينبثقُ فكرُه التربويّ من الكتابِ والسنة النبويةِ، بفهمِ سلف الأمة.

ساهم في تطويرِ المناهجِ الدراسية

- زوَّد الشيخُ عبدالعزيز المكتبةَ العربيةَ والاسلامية بنتاجٍ فكريٍّ ضخمٍ، هو عصارةُ تجاربِهِ على مدى السنوات التي عاشها، تلك التي نتجت من واقعٍ خَبِرَه وتفكيرٍ عميقٍ؛ لتكونَ مرجعاً علميا يستفيد منه الباحثون وطلابُ العلم، كما أن رؤية الرشيدِ الحكيمة للحضارةِ الغربيةِ أنَّ لها مساوئَ وايجابياتٍ، وهذا لا يمنعُ أن نأخذَ ما ينفعُنا، ونتركَ ما يضرُّنا؛ لذا فله قصبُ السَّبقِ في تطويرِ المناهجِ الدراسية الحديثة، واليدُ الطُّولى في قيادة الحِراكِ الثقافي على مستوى الخليجِ العربي، وهو رائدُ الصحافةِ الأولُ على مستوى الجزيرة العربية، ومرجعٌ في تاريخِ الكويت ونهضتِها الثقافية، وقاد تياراً ثقافيا في الكويتِ، وأسَّسَ مشاريعَ علميةً، كان نتاجُها هذه النهضةُ العلميةُ في الكويتِ اليومَ.

أحد الفصول الدراسية في مدارس الكويت القديمة

كان وسطيا بين القديمِ والجديدِ

- استطاع الرشيدُ أن يطبق الإسلامِ في أطوارِ حياتِه تطبيقاً تربويا عمليا، وأثبت أن الإسلامَ صالحٌ لكلِّ زمانٍ ومكان، ولم يكن ضدَّ تعليمِ المرأة بالضوابطِ الشرعية، واستخدم الوسائط التربوية المتاحةِ في عصره، وكان له دور سياسي بارز، لكنه لم يتجاوز مصالحَ الوطنِ؛ فهو مثالٌ في الحسِّ الوطنيِّ المسؤول، وكان وسطيا بين القديمِ والجديدِ؛ فلم يحافظ على القديم لقِدَمِه، ولم يقبلِ الجديدَ لمجرد أنه حديثٌ، بل ينشدُ المصلحةَ أينما كانت.

التوصيات

- تضمينُ المناهجِ الدراسيةِ فكرَ الشيخِ عبدِالعزيز الرشيدِ وسيرته ومؤلفاته، والاستفادةُ من مؤلفاته، وإنشاءُ مكتبةٍ إلكترونيةٍ تخدُمُ التراثَ التربويَّ الكويتيَّ، وتقدِّمُه للدارسين، وندعو دور النشرِ إلى ضرورةِ العنايةِ بمؤلَّفاتِ الرشيدِ، وإعادةِ تحقيقِها، وتقديمِها للجمهورِ في أحسنِ صورة، والعنايةُ بأفكارِه التربويةِ دراسةً وتحليلاً، والعمل بمقتضاها، مع توجيه عنايةِ كليات التربية في الكويتِ إلى مزيدٍ من الاهتمامِ بتراثِ الرشيدِ، وحثِّ طلابِ الدراسات العليا على دراسةِ هذا التراثِ الوطني. وينبغي الاستفادةُ من المشاهداتِ التي سجَّلها الرشيدُ في غربتِهِ عن تاريخِ العرب في أندونيسيا، والبحثُ في جوانبَ أخرى من شخصيةِ الشيخِ عبدالعزيز الرشيدِ، مثل :(الفكر السياسي وأدب الرحلات والتعامل مع الخصوم والإدارة التربوية).

 

 

مختصر بمراحل حياة الرشيد

- عبدالعزيز بن أحمد الرشيد (1887 الكويت - 3 فبراير 1938 جاكرتا) مؤرخ وأديب كويتي عمل في الصحافة وكتب في التاريخ، وكان من الداعين إلى فهم الإسلام الفهم الصحيح، ويُسمى بمؤرخ الكويت الأول؛ لأنه أول من أصدر كتابًا في تاريخ الكويت في عام 1926، ويُسمى أيضاً برائد الصحافة في الكويت؛ لأنه قام بإصدار أول مجلة في الكويت وهي مجلة الكويت في عام 1928.

 

- وفق ماجاء في كتاب عبدالعزيز الرشيد ودوره في الحركة الأدبية للدكتور يعقوب الحجي؛ فإن والده أحمد الرشيد هاجر إلى الكويت من الزلفي مع اثنين من إخوته، وولد عبدالعزيز الرشيد في حي الوسط في مدينة الكويت، ودخل إلى الكُتّاب كي يتعلمَ القرآن وهو في السادسة من عمره عند المُلَّا زكريا الأنصاري، وختم القرآن بعد سنتين أو ثلاث، وبعدها أصبح تلميذاً عند الشيخ عبدالله الخلف الدحيان وهو في عمر الرابعة عشر.

- ذهب إلى مدينة الزبير في العراق طلبًا للعلم عند شيخها محمد بن عبدالله العوجان، وظل عنده سنة كاملة لدراسة الفقه الحنبلي، وفي عام 1906 توجه إلى الإحساء وفي مدينة المبرز بالتحديد ليطلب العلم عند الشيخ عبدالله بن علي آل عبدالقادر.

- في عام 1911 توجه إلى بغداد ليلتحق بالمدرسة الداودية عند محمود شكري الآلوسي، وبدأ معه شرح السيوطي على ألفية ابن مالك، وقام الرشيد بكتابة كتابهِ الأول (تحذير المسلمين عن اتباع غير سبيل المؤمنين) في عام 1911.

- وترك الرشيد بغداد قاصداً القاهرة، عندما سمع عن افتتاح دار الدعوة والإرشاد في فبراير 1912 على يد الشيخ رشيد رضا، وذهب بعدها إلى مكة المكرمة في العام نفسه، وبعدها ذهب إلى المدينة المنورة التي ظل فيها سنة ثم رجع إلى الزلفي.

- عاد عبدالعزيز الرشيد إلى الكويت بعد تأسيس المدرسة المباركية في عام 1911، وقد أصبح من أبرز الدعاة إلى الإصلاح بعد تعيينه ناظراً للمدرسة المباركية في عام 1917، وقد عمل ناظراً للمدرسة لمدة سنتين حتى عام 1919، وقد أدخل عددًا من المواد الجديدة في المدرسة كالجغرافيا والهندسة واللغة الإنجليزية، وفي عام 1921 كان عضوا في مجلس الشورى الكويتي الأول، وفي عام 1922 أُنشِئَت المكتبة الأهلية، وفي عام 1921 أنشئت المدرسة الأحمدية التي كانت تدرس العلوم الحديثة. أشهر أعمال عبدالعزيز الرشيد هو كتابه (تاريخ الكويت) الذي نشر في عام 1926،

- وقد كان في ذلك الوقت يقوم بنشر العديد من المقالات في عدد من الصحف، مثل: جريدة الشورى التي كان مراسلها في الكويت ومجلة اليقين ومجلة الهلال، وبعد أن أصدر كتاب تاريخ الكويت راودته فكرة إنشاء مجلة باسم الكويت، وبعث رسالة إلى الشيخ أحمد الجابر الصباح لكي يسمح له بإصدار مجلة باسم الكويت، وفي عام 1928 أصدر مجلة الكويت، وهي الأولى في الخليج، وبعدها غادر الكويت إلى البحرين، وظلَّ يصدر المجلة حتى أكملت سنتها الثانية وعددها العاشر في مارس 1930، وكان هدف المجلة هو نشر الإصلاح والقضاء على التخلف في العالم العربي والإسلامي.

- التقى الملك عبدالعزيز بن سعود في 14 فبراير 1931 في مكة المكرمة، وكان هذا اللقاء سببا في ذهابه إلى إندونيسيا للدعوة إلى المنهج السلفي، في يوليو 1931 وصل الرشيد إلى جاكرتا، وفي سبتمبر 1931 أصدر مجلة اسمها (الكويت والعراقي) مع العراقي يونس بحري.

- وقام بالعمل في التدريس، وأعطى دروساً في فقه الحديث واللغة العربية، وبعد عام عاد إلى الكويت حيث كانت تعاني من انتشار الجدري، ثم غادر إلى البحرين ثم ميناء العقير في الأحساء لمقابلة الملك عبدالعزيز بن سعود في أكتوبر 1932، وعاد إلى إندونيسيا في عام 1933، وأصدر الرشيد مجلة اسمها التوحيد، وعمل ناظراً لمدرسة الإرشاد، وعاد إلى الكويت عام 1937 مرة أخرى، وزار البصرة وبغداد، وفي ذات العام غادر الكويت عائدًا إلى إندونيسيا، فمرَّ على البحرين وبعدها على الرياض لزيارة الملك عبدالعزيز، وذهب واعتمر في مكة ثم وصل إلى سنغافورة في أغسطس 1937 ومنها ذهب إلى جاوة.

- توفي عبدالعزيز الرشيد في جاكرتا في 3 ذي الحجة 1356هـ/الموافق 3 فبراير 1938م، ودُفِن في مقبرة العرب.

- مؤلفاته: رسالة تحذير المسلمين من اتباع غير سبيل المؤمنين. وتاريخ الكويت، في جزئين صدر سنة 1926. ورسالة الدلائل البينات في حكم تعليم اللغات.

- كتب مرتبطة بالشيخ الرشيد: الشيخ عبدالعزيز الرشيد: سيرة حياته، يوسف يعقوب الحجي، عبدالعزيز الرشيد الصحافة وروّادها في الكويت، 1982، الشيخ عبدالعزيز الرشيد، يوسف يعقوب الحجي، 2001، روّاد الحركة الثقافية في الكويت، عالم المعرفة، 16 سبتمبر 2008، خالد سعود الزيد: أُدباء الكويت في قرنين المطبعة العصرية الكويت 1967،قاموس تراجم الشخصيات الكويتية في قرنين ونصف مطبعة حكومة الكويت 1998، أعلام الشعر في الكويت لعلي عبدالفتاح مكتبة ابن قتيبة الكويت 1996.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك