رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 25 يوليو، 2021 0 تعليق

من درر الأعلام – واجب الشباب تجاه دينهم

 

الشيخ: عبد العزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله

 الشباب لهم شأن كبير؛ لأنهم عصب الأمة وقوتها بعد الله -تعالى-، ويرجى فيهم الخير العظيم والنصر لدين الله في مستقبل الزمان إذا استقاموا وتثقفوا في الدين، كما يرجى فيهم النفع للأمة والرفع من شأنها وإعلاء دين الله وجهاد أعدائه، وعلى الشباب واجب كبير في نصر الحق وأهله ومكافحة الباطل والدعاة إليه.

     فالواجب على كل شاب مكلف أن يهتم بدينه وأن يعتني به وأن يتفقه فيه من طريق الكتاب والسنة بواسطة العلماء المعروفين بالعلم والفضل وحسن العقيدة، حتى يستقيم على دينه على بصيرة ويدعو إليه على بصيرة، وحتى يدع ما حرم الله عليه على بصيرة، وطريق ذلك العناية بالقرآن الكريم حفظا وتدبرا وتعقلا والإكثار من تلاوته؛ لأنه صراط الله المستقيم، وحبله المتين، وذكره الحكيم، ولأنه الهادي إلى كل الخير، كما قال -سبحانه-: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (الإسراء:9) وقال -تعالى-: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًىَ وشِفَاءٌ} (فصلت:44) وقال -جل وعلا-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ} (ص:29).

الاعتناء بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم 

     وعلى الشباب أيضا وغيرهم من المسلمين أن يعتنوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي أحاديثه وسيرته، ويتفقهوا فيها ويحفظوا ما تيسر منها، ويدعوا الناس إلى ذلك؛ لأنها الوحي الثاني والأصل الثاني من أصول الشريعة بإجماع أهل العلم كما قال -تعالى-: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:1-4) وقال -سبحانه-: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (النور:54) وقال -عز وجل معظما شأن الكتاب والسنة في آخر سورة الشورى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} (الشورى:52-53) فأخبر -سبحانه- في هذه الآية الكريمة أن القرآن والسنة روح تحصل به الحياة للعباد، ونور تحصل به الهداية لمن شاء الله منهم.

التفقه في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم 

     فجدير بأهل العلم من الشباب وغيرهم أن يعضوا على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالنواجذ، وأن يتفقهوا فيهما، وأن يهتدوا بهما إلى صراط الله المستقيم الموصل إليه وإلى دار كرامته وجنته، وأن يسيروا على ذلك في المدارس والجامعات وفي الحلقات العلمية وغير ذلك من مجالس العلم، مع سؤال علماء الحق عما أشكل عليهم في الأحكام، كما قال -تعالى-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (النحل:43).

حفظ الوقت والعناية به

     وعلى الشباب حفظ الوقت والعناية به حتى لا يصرف إلا فيما ينفع ويفيد، ويلتحق بذلك العناية بالدروس والإقبال عليها، وسؤال الأساتذة عما يشكل فيها، والمذاكرة مع الزملاء في ذلك حتى يكون الطالب قد حفظ وقته واستعد لما يقوله الأستاذ ويشرح له، ولا يجوز له أن يتكبر عن المذاكرة مع زميله والسؤال لأستاذه، كما لا ينبغي أن يستحيي في طلب العلم والسؤال عن المشكلات، قال الله -تعالى- في سورة الأحزاب: {وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (الأحزاب:53) وقالت أم سليم الأنصارية -رضي الله عنها-: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نعم إذا هي رأت الماء. متفق عليه. والمراد بالماء المني، وقال مجاهد بن جبر التابعي الجليل: «لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر» رواه البخاري في صحيحه معلقا مجزوما به.

العمل بالعلم

      ومن الواجب على الشباب وغيرهم العمل بالعلم، وذلك بأداء الواجبات والحذر من المحرمات؛ لأن هذا هو المقصود من العلم، ومن أسباب رسوخه وثباته في القلوب، ومن أسباب رضاء الله عن العبد وتوفيقه له. ومن المصائب العظيمة أن بعض الناس يتعلم ولكنه لا يعمل، ولا شك أن ذلك مصيبة كبيرة، وتشبه بأعداء الله وأمثالهم من علماء السوء الذين غضب الله عليهم بسبب عدم عملهم بعلمهم. يقول بعض السلف -رضي الله عنهم-: «من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم» ويدل على هذا قوله -سبحانه-: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} (محمد:17) وقوله -عز وجل-: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} (مريم:76) فمن اهتدى زاده الله هدى وزاده علما وتوفيقا.

الحرص على العلم والفقه

     فالواجب على الشباب خصوصا، وعلى كل مسلم عموما، أن يعتني بهذا الأمر، ويكون في دراسته حريصًا على العلم والفقه في الدين والعمل بذلك، حافظا لوقته معتنيا بالمذاكرة والدراسة والسؤال عما أشكل عليه ناصحا لله ولعباده، فالشاب الناشئ في العبادة له شأن عظيم في فقهه وعلمه ونصحه؛ لكونه قد تربى على العلم والفضل والعمل والعبادة والخير فيكون بذلك نافعا لنفسه نافعا لعباد الله من أساس شبابه حتى يلقى ربه.

العناية بالصلاة

     ووصيتي لكم أيها الشباب ولكل مسلم تقوى الله في كل شيء، والعناية بالصلاة خصوصا، والمحافظة عليها في وقتها في الجماعة في المساجد مع المسلمين، وهذا من أهم واجبات الشباب وواجب كل مسلم ومسلمة، فالصلاة هي عمود الإسلام، «من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع» كما تقدم، وهي أول شيء يسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن صحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله»، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت»، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، ويقول أيضا -عليه الصلاة والسلام-: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»، ويقول أيضا - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة».

وطنوا أنفسكم على الخير

     ومن الواجبات العظيمة بر الوالدين والإحسان إليهما، وصلة الرحم، وإكرام الضيف، وصدق الحديث، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء الأمانة والنصح لكل مسلم، مع الحذر من جميع ما حرم الله مثل: الزنا والسرقة وشرب المسكر وأكل الربا، وسائر ما حرم الله من: الغيبة وشهادة الزور والكذب وغير هذا مما حرم الله. فالواجب على الشباب وعلى كل مسلم ومسلمة الحذر من ذلك، فعليكم أيها الشباب أن توطنوا أنفسكم على الخير، وأن تجاهدوها في هذا المقام حتى تؤدوا ما أوجب الله، وحتى تبتعدوا عما حرم الله عليكم، ومن ذلك الحذر من المخدرات وسائر المسكرات؛ فإن شرها عظيم، وفسادها كبير، فيجب البعد عنها والحذر من مجالسة أهلها؛ لأن المجالسة تجر إلى أخلاق الجليس، فالواجب صحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار.

العناية بالزملاء والإخوان

     ومن الأخلاق الكريمة العناية بالزملاء والإخوان وعدم التكبر عليهم والعناية بالجار والإحسان إليه؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- أوصى بذلك، وهكذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الله -عز وجل-: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} الآية (النساء:36) وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» إلى غير ذلك من أخلاق المؤمنين. قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

العناية بطاعة الله ورسوله

     ومن الأخلاق الكريمة العظيمة العناية بطاعة الله ورسوله في الأوقات جميعها، والمحافظة على ذلك، والحفاظ على الوقت، وأن يأمر بطاعة الله وترك ما نهى عنه، والعناية بالأخلاق الكريمة من بر للوالدين وصلة الرحم وإيثار للمسلم وعدم الغيبة والنميمة، والحرص على حفظ اللسان عما لا ينبغي، والإكثار من ذكر الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير والتحذير من الشر.

التعود على الأخلاق الكريمة

      وهكذا المؤمن، وهكذا الشاب المتعلم، يجب أن يعود نفسه هذه الأخلاق الكريمة، ويجب أن يتعود البعد عما حرمه الله والحذر عما حرم الله، فإن العبد متى نشأ على شيء في الغالب يشيب عليه ويموت عليه. في سنة الله على عباده أنه -سبحانه- إذا وفق العبد في شبابه على الخير والاستقامة فإن الله -سبحانه- يوفقه للثبات عليه والوفاة عليه. فليحرص المؤمن والشاب الصالح على الثبات على الحق والسير عليه ومصاحبة الأخيار الذين يعينونه على الخير والحذر من صحبة الأشرار والزملاء الذين يعينونه على الشر.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك