الرقية الجماعية كسب سريع واستدراج للهاوية
أجرى بعض طلابي في مقرر العقيدة إحصائية غير رسمية لمواقع الرقية الشرعية الجماعية في الكويت فوجدوها على النحو الآتي: محافظة الجهراء 26 مقراً. تليها محافظة الأحمدي 22 مقراً، ثم محافظة الفروانية 17 مقراً، وبعدها محافظة العاصمة 11 مقراً، وتليها حولي 8 مقرات، وأخيراً محافظة مبارك الكبير 5 مقرات.
جنسيات القائمين على تلك المقرات مختلفة، وأغلبهم مواطنون، ويتم العمل فيها 3 مرات في الأسبوع، ويأتي بعد المواطنين في العدد 12 سعودياً، و12 من غير محددي الجنسية، و7 من اليمن، و5 من عُمان، و5 من مصر، واثنين من السودان، واثنين من الصومال، و3 أردنيين وغيرهم.
وأغلب هؤلاء لا يحملون شهادات شرعية، ولا يعملون أئمة مساجد، وتعرف الناس عليهم من خلال لقاءات عبر الصحف اليومية أو القنوات الفضائية، أو الإعلانات في المناطق التي يقطنون بها.
فضلاً عن أنهم جميعا لا يملكون رخصاً تجارية أو شرعية أو قانونية أو صحية للقيام بهذا النشاط، ويعمل في هذه المقرات نساء متطوعات ففي كل مقر من 4 إلى نساء، ومن 3 إلى 4 من الشباب، فضلاً عن الخدم من الهنود والبنغاليين الذين يستخدمون لبيع المطويات أو توزيع أرقام الدخول.
والذي دفعهم للعمل في هذا المجال بداية منفعة الناس لحديث: «من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل»، ولحديث: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس»، ثم تغيرت النية، وباتت لجمع المال والكسب الكبير في مدة وجيزة، وقد أجاز بعض العلماء أخذ المال وفق ضوابط معينة، وليس بطريق استغلال حاجة الناس وضعفهم، ففي الفتاوى الكبرى (5/92): «أحق ما أخذتم عليه أجرة كتاب الله». لكنه في حديث الرقية يكون الجعل على عافية مريض القوم لا على التلاوة. أما في رسائل ابن تيمية رحمه الله وفتاواه في الفقه (19/59)، وقد ثبت في الصحيحين حديث الذين رقوا بالفاتحة، وقال النبي [ : «وما أدراك أنها رقية»، ولقد أذن لهم الرسول في أخذ الجعل على شفاء اللديغ بالرقية، وفي كتاب الفتاوى لابن تيمية (20/507) قوله: إذا جعل للطبيب جعلا على شفاء المريض جاز كما أخذ أصحاب النبي الذين جعل لهم قطيع على شفاء سيد الحي فرقاه بعضهم حتى برأ، فأخذوا القطيع فإن الجعل كان على الشفاء لا على القراءة.
ومن الأسباب التي دفعتهم إلى امتهان هذا العمل الشهرة بين الناس وتسليط الضوء وكثرة المراجعين والاتصالات وبلوغ المنزلة المرموقة في المجتمع، ، ولاتتم مضايقتهم أو سؤال المباحث أو الداخلية عنهم، فمن مراجعيهم مسؤلون في الشرطة والجيش، ومن الشخصيات المرموقة في المجتمع.
ويحتجون أيضا بأن هذا العمل كان قد نفذه الرسول [ وصحابته والعلماء والأئمة على مر العصور، ولكن يبقى السؤال: هل الرسول [ جمع هذا الكم الكبير من النساء وقرأ عليهن جماعيا؟، فالمعروف أن المريض يختلف في مرضه عن غيره فمنهم المسحور، ومنهم المصاب بعين، ومنهم المحسود، ومنهم المهموم، ومنهم من يعاني مشكلات من أمثال مرضى التوحد أو الجنون، أو الانزعاج من الرؤى، أو الوهم والوسوسة، وغيرها مما في عالم الناس ، ولكل مرض من تلك الأمراض علاج خاص به، ويحتاج كل مريض إلى جلسة بحضور محارمه حتى لا يتدرج الشيطان مع هذا القارئ فتسول له نفسه فعل أمر محرم .
ومن المآخذ عليهم تقطيع القرآن أو النظر إلى المرأة وهي في أوضاع غير سليمة، أو الاستماع إلى أصواتهن ، والسماح باستخدام الضرب والكهرباء، وبعد ذلك يحق لنا أن نسأل: متى تظهر نتيجة العلاج؟ وأين تظهر؟ أم هي مجرد قراءة في ساعة معينة، ثم الدعوة إلى شراء الماء والزيت ، وتوزيع الأوراق وبيع الأشرطة .؟!
ثم من المسؤول عن توفير الأمن والراحة في سرداب أو ملحق بوجود مكيف ولاقط صوتي ومروحة وأعداد ضخمة، فقلة الهواء تسبب الصرع أو القيء أو الحركات، مع تأثر النساء بعضهن ببعض بما يجري بينهن من أحاديث، مما يسمح للشيطان بالانتقال بينهن، في هذه الأوساط المريبة، وبعدها قد يفضي ذلك إلى التعلق بغير الله تعالى، والتوكل على غيره، فمن المسؤول عن هذا المعتقد؟ وكم امرأة وقعت ضحية هذا القارئ أو ذاك، أو ربما تسلط عليها الشيطان واستدرجتها إحدى الحاضرات، وحصل بعدها ما لا تحمد عقباه.
آن الأوان لضبط هذا العمل من قبل الداخلية والصحة والشؤون والتجارة والأوقاف، فصحة الإنسان مهمة، ولابد من إبعاد السحرة والكهان والعرافين والمشعوذين عن مجتمعنا، فأعراض الناس ليست لعبة.
لاتوجد تعليقات