أكثر من 70 وسيلة لنصرة نبينا صلى الله عليه وسلم زرع محبته صلى الله عليه وسلم في نفوس النشء وحثهم على قراءة سيرته الحلقة السابعة
الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم ليست متعلقة بشخصية سياسية، ولا قائد لحزب من الأحزاب، ولا رجل من عامة الناس، بل متعلقة بنبي كريم من أنبياء الله الكرام، بل بخاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، الذي هو دعوة أبينا إبراهيم -عليه السلام-، وبشرى نبي الله عيسى -عليه السلام- في الإنجيل، ومن اكتمل فيه الكمال الممكن في البشر، خلقا وخُلقا، ومن حملت رسالته الرحمة للعالمين، لو كانوا يعلمون. إننا نعتقد يقينا أن من انتقصه -عليه الصلاة والسلام- أو انتقص نبيا من أنبياء الله -تعالى-، أن الله سينتقم منه، عاجلا أو آجلا. قال -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} (الأحزاب:57). ومازال الحديث مستمراً عن وسائل نصرة النبي صلى الله عليه وسلم .
السادس والثلاثون: زرع محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في نفوس الطلبة والطالبات، من خلال إبراز حقه على أمته.
وذلك أن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصل عظيم من أصول الدين، ومنزلة جليلة من منازل المؤمنين، بل إن إيمان العبد متوقف على وجود هذه المحبة، فلا يدخل المسلم في عداد المؤمنين الناجين حتى يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المحبين، بل حتى يكون أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه، ومن ولده ووالده والناس أجمعين.
قال -عز وجل- {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة: 34).
وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله -تعالى- ورسوله، وعلى تقديمها على كل محبوب، من القرابات والأهل، والمال والتجارات والمساكن وغيرها، فإن قدمها فهو ظالم فاسق.
وهذه المحبة وإن كانت من أعمال القلوب، إلا أن آثارها ودلائلها لا بد أن تظهر على جوارح الإنسان، وفي سلوكه وأفعاله وأقواله، فالمحبة لها مظاهر وشواهد تميز المحب الصادق من المدعي الكاذب، وتميز المتبع اتباعا صحيحا، ممن سلك مسالك منحرفة عن الشرع في التعبير عن هذه المحبة.
وأول هذه الشواهد والدلائل: طاعة الرسول واتباعه، ومن دلائل محبته: تعظيمه وتوقيره والأدب معه.
ومن دلائل محبته: تقديم قوله - صلى الله عليه وسلم - على قول كل أحد، والاحتكام إلى سنته وشريعته.
ومن الدلائل أيضا على محبته: كثرة الصلاة والسلام عليه كلما ذكر، وهو أمر الله -تعالى- لنا، قال -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب: 56).
ومما يؤسف عليه أن مفهوم محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قد فسد وانحرف عند كثير من المسلمين، ولاسيما في هذه العصور المتأخرة، فبعد أن كانت هذه المحبة تعني إيثار الرسول على كل مخلوق ومحبوب، وطاعته واتباعه - كما قدمنا - صار مفهومها عند البعض عبادته ودعاءه من دون الله -سبحانه-، ووصفه بصفات الربوبية، وتأليف الصلوات المبتدعة، وإنشاد القصائد والمدائح الغالية في دعائه والاستغاثة به، وعمل الموالد البدعية!!
السابع والثلاثون: الإكثار من عقد المحاضرات التي تغطي جوانب من حياة الرسول وشخصيته - صلى الله عليه وسلم .
وذلك في المساجد والمدارس والكليات والمعاهد والجامعات وغيرها، وبصفة متواصلة طوال العام، وليس في المناسبات المحدثة، كالمولد والهجرة والإسراء والمعراج.
بل كلما تيسر وأمكن، واستخلاص الدروس، والوصایا، والعبر، والعظات منها، وربط الحياة المعاصرة وأحوال الناس بها، ومحاولة تطبيقها عمليا من قبل الأستاذ والمدرس والموجه، وحث الطلبة على الاقتداء.
فإن السيرة النبوية بذاتها معجزة من المعجزات الخالدة، وآية من آيات الله -تعالى- العظيمة، الباقية والشاهدة بنبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها مما لا يتصور وقوعه من عامة البشر، وأفذاذ الناس.
الثامن والثلاثون: حث مسؤولي قطاعات التعليم إلى إضافة مادة السيرة النبوية على مناهج التعليم، والدراسات الإسلامية في التخصصات الإنسانية.
فدراسة السيرة النبوية توضح للمعلمين والمتعلمين المنهج الصحيح لحياة الفرد والمجتمع المسلم، وتعطينا الصورة الصحيحة لأعظم منهج شهدته الأرض.
ولا يستغني عنها المربون، ليتعلموا كيف تكون التربية الصحيحة. كما أن دراسة السيرة تفيد المسلم الوقوف على كثير من الأحكام الفقهية، والقواعد الشرعية. وفيها: معالجة كثير من قضايانا ومشكلاتنا الواقعية.
وفيها أيضا: معايشة الصحابة الكرام، الذين سعدوا بصحبة خير الأنام، وما كانوا عليه من علو الهمة، وطلب الدرجات العلا، وخدمة دينهم، والقيام به ونشره في العالمين، وبذل الأنفس والأرواح والأموال في سبيل ذلك.
وفي دراسة السيرة النبوية متعة روحية، وغذاء للقلوب الطاهرة الزكية، بالوقوف على حياة الصحابة الكرام، بما فيها من مواقفهم التي يهتز لها الإنسان، وهم أزكی البشرية بعد الأنبياء والمرسلين، وأبرهم قلوبًا وألسنةً، وأطيبهمْ أعمالًا، -رضي الله عنهم أجمعين- قال الله تعالى في كتابه المبين؛ حيث قال: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 100).
التاسع والثلاثون: العمل على تمويل وضع كراسي لدراسات السيرة النبوية في الجامعات الغربية المشهورة. بالتعاون مع سفارات الدول الإسلامية وممثليها، ووزارات الأوقاف والجامعات والمعاهد الشرعية.
الأربعون: تشجيع البحث العلمي في السيرة النبوية. وحث الباحثين على تصنيف كتب السنة بتصانیف عدة، مثل المغازي والشمائل.
والعمل على تقديم بحوث في السيرة النبوية نقية مما لحق بها من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والقصص الواهية التي لا أصل لها، فإن هذا مما يجب الاهتمام به عند الكتابة والتأليف أو المحاضرة، وتنبيه المسلمين إليه، فإنه لا اعتماد إلا على الثابت من الأحاديث والآثار، سواء كان صحيحا أم حسنا، وهو أيضا من النصح لله -تعالى- ولكتابه ولرسوله وللمسلمين أجمعين.
وقد كُتبت كتب حديثية في هذا الباب:
1- ككتاب (صحيح السيرة النبوية) للإمام الألباني - ولم يتمه -رحمه الله-، وقد كانت رغبته ووصيته لطلبة العلم بكتابة السيرة النبوية الصحيحة.
٢- وكتاب (السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية) د. مهدي رزق الله أحمد، طبع مركز الملك فيصل للدراسات، وهو كتاب شامل لأكثر أحاديث السيرة، مع بيان حال أسانيدها صحة وضعفا.
٣- وكتاب (السيرة النبوية الصحيحة) د. أكرم ضياء العمري.
4- وكتاب (صحيح السيرة النبوية) لإبراهيم العلي، تقديم د.عمر الأشقر، وهمام سعيد.
5- وكنوز السيرة، للشيخ عثمان الخميس.
لاتوجد تعليقات