تراث بيان ومشرف – ربع قرن من العطاء في العمل الخيري والدعوي
في يوم الخميس 21 نوفمبر 1996 م، الموافق 10 رجب 1417هــ، أُنشئ فرع جمعية إحياء التراث في منطقة بيان ومشرف، وعلى مدار هذه السنوات التي قاربت ربع قرن، والفرع يسعى لتحقيق رسالة جمعية إحياء التراث الإسلامي في مد يد العون للمسلمين في كل مكان، والعمل على نشر منهج أهل السنة والجماعة، ومحاربة الغلو والتطرف والانحراف الفكري في المجتمع، ودعم جهود الدولة في مواجهة الأزمات ومحاربة الفقر داخليًا وخارجيًا، وقد التقت الفرقان نائب رئيس الهيئة الإدارية للفرع عبدالله رفعان العجمي للتعرف على هذه الجهود.
- بدايةً، ما الرؤية الاستراتيجية للفرع وأهم أهدافه؟
- رؤية فرع بيان ومشرف تنطلق من رؤية جمعية إحياء التراث الإسلامي في تحقيق الريادة في العمل الخيري وفق الشريعة الإسلامية، ووفقًا للمعايير العلمية للجودة العالمية، وأما عن أهدافنا فهي نشر الإسلام الصحيح كما رسمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفق فهم الصحابة -رضوان الله عليهم-، وتحذير الناس من البدع والمنكرات في الدين، وتنقيته من هذه الشوائب، وإعانة الأسر المحتاجة والمتعففة داخل الكويت، وإغاثة الناس في الدول الفقيرة والمحتاجة من الغذاء والشراب واللباس والدواء، وبناء المساجد وحفر الآبار وبناء المدارس والمستشفيات في هذه الدول.
- ما التحديات التي تواجه الفرع في تحقيق تلك الأهداف؟
- لعل أهم هذه التحديات التي تواجهنا هي قلة الدعم المادي، أو بالأحرى إيجاد مورد لتمويل المشاريع الخيرية والدعوية التي تقيمها اللجنة، وإن كان للإخوة المحسنين اليد العليا في دعم مشاريعنا الخيرية والدعوية، غير أنه بات من الضروري إيجاد ذلك المورد الذي لا يقتصر على التبرعات والهبات وإنما يكون موردا قائما بذاته، يتكيف مع المتغيرات، ويضمن لنا الاستمرارية في خدمة أمتنا ومجتمعنا، وهذا هو الهدف المنشود.
لذلك نسعى لإيجاد موارد تمويلية لا تتأثر بالعوامل الخارجية التي يتم عن طريقها تمويل المشاريع المختلفة التي تتبناها اللجنة، سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، وهو هدف استراتيجي، تسعى العديد من اللجان الخيرية وجمعيات النفع العام إلى تحقيقه على نطاق واسع، وهناك العديد من الأهداف الأخرى التي لا تقل أهمية عن هذا الهدف، بيد أن إيجاد تلك الموارد أو تنشئتها يأتي في المرتبة الأولى، فكيف لا والمال هو عصب الحياة وهو المورد الأساسي في دعم المشاريع الخيرية؟! سواء كانت إغاثية أم تنموية أم دعوية.
- ما الذي يميز فرع بيان ومشرف من أعمال وإنجازات؟
- للفرع العديد من الإسهامات في شتى الميادين، وعلى رأسها خدمة كتاب الله وسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وترسيخ القيم والثوابت الوطنية لدى أفراد المجتمع، وقد لا يختلف الفرع كثيراً عن بقية اللجان، غير أنه -ولله الحمد والمنة- كان دائمًا في الطليعة، فكان يحتل المراكز الأولى في المحافل والمنافسات التي تقيمها جمعية إحياء التراث الإسلامي المباركة، وللفرع العديد من الإنجازات؛ حيث تصدر لتنفيذ العديد من المشاريع الخيرية، كتصريف مشروع الأضاحي، ومشروع العشيات بالتعاون مع الأمانة العامة للأوقاف، وكذلك كان له النصيب الأوفر في تنفيذ مشاريع إفطار صائم في مختلف المناطق، وأيضا كان له دور رئيس وبارز في التصدي لجائحة كورونا، فلم يدخر وسعًا في تقديم يد العون والمساعدة للهيئات والمنظمات الدولية، وذلك من خلال إنشاء المحاجر الصحية وتمويلها، والتعاون مع وزارات الدولة المعنية، كوزارة الصحة، والداخلية، في التصدي لهذا الوباء، وتكوين فريق تطوعي لهذا الغرض، وكذلك تقديم المساعدات للمتضررين.
- ما أهم اللجان المؤثرة في الفرع التي تحقق رسالة الجمعية ورؤيتها الاستراتيجية؟
- الفرع منظومة متكاملة، يكمل بعضها بعضًا، ولا يؤتي العمل ثماره إلا بإخلاص النية والتعاون في حمل المسؤولية على الوجه الصحيح، فلجنة الدعوة والإرشاد لها العديد من الإسهامات الدعوية في المنطقة، كإقامة الدروس الشرعية، والملتقيات الشبابية، والتصدي للبدع والمخاطر التي تحاك للشباب كافة، من المخدرات والانحرافات السلوكية، وقد تصدت لهذه الأمور بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم يأتي دور مركز الشباب، ودورة العلامة الشيخ ابن عثيمين لترسيخ هذا الدور في تعزيز هذه القيم والعادات الحميدة التي من شأنها رفعة الأمة، وكذلك بقية اللجان العاملة في الفرع؛ لأنها مكملة للأخرى، فهي كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
- ما أهم المشاريع الدعوية والعلمية للفرع؟
- تميز الفرع بإقامة دورة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الشرعية التي تقام سنويًا، وتستقطب الكثير من طلبة العلم الشرعي من داخل الكويت وخارجها، وتعد هذه الدورة من المشاريع العلمية المميزة التي انطلقت مطلع صيف عام 1423هـ الموافق 2002، وها هي ذي تستمر -بحمد الله وتوفيقه- في نجاح ملحوظ ومشاهد، ويدرس فيها نخبة من المشايخ والعلماء من داخل الكويت وخارجها متونا مختلفة في العقيدة والفقه، والحديث والتفسير، والأصول والقواعد الفقهية، وغيرها من فنون الشريعة.
- ما أهداف الدورة؟
- لهذا المشروع العلمي أهداف عديدة، منها: نشر العقيدة الصحيحة، والمنهج المستقيم بين شرائح المجتمع، وربط طلاب العلم الشرعي بسلف هذه الأمة علما وعملا ودعوة وخلقا، وكذلك بث العلم الشرعي المؤصل المبني على الكتاب والسنة على منهج سلف الأمة، فضلا عن إيجاد حلقة وصل بين شباب الأمة وعلمائها، والإسهام في إنشاء جيل مصلح للمجتمع في جوانبه ومناحيه جميعها.
- وماذا عن باقي المشاريع؟
- تقيم لجنة الدعوة والإرشاد الدروس الأسبوعية في مقر اللجنة التي تستضيف من خلالها العديد من المشايخ وطلبة العلم الشرعي، وهذه الدروس متوقفة حاليًا؛ بسبب جائحة كورونا.
كذلك تقيم اللجنة مخيم (نفحات الربيع النسائي)، وهو مخيم دعوي نسائي، كما أقامت اللجنة مراكز عدة للشباب على مدى الأعوام السابقة، أبرزها: مركز بر الوالدين، ومركز الماهرون، ومركز همم، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم؛ حيث تم -بحمد الله- تخريج العديد من الأبناء الشباب والنشء عن طريق هذه المراكز حافظا للقرآن ومتمسكين بالسنة الشريفة وفق فهم السلف الصالح.
كذلك قامت اللجنة بتكوين فريق عمل تطوعي لنشر كتيبات تعريفية عن الإسلام في المونديال الذي أقيم في أوروبا، تحت شعار (كن داعياً) في المونديال، وقد كان سببًا في إشهار إسلام العديد من الجمهور المشارك.
- من وجهة نظرك ما أهم عوامل نجاح مؤسسات العمل الخيري؟
- أهم عوامل النجاح -بلا شك- تقوى الله، والإخلاص في العمل، واتباع المنهج الصحيح في القول والعمل، ثم بالعمل الدؤوب وتذليل الصعاب في سبيل تحقيق الغاية المنشودة.
- ما الذي يحتاجه العاملون في مؤسسات العمل الخيري للرقي بهم مهنياً وأخلاقيا؟
- الإخلاص والتفاني والمثابرة والعلم قبل القول والعمل، ثم التحلي بالصبر، والتعلم من الأخطاء وتفاديها قدر المستطاع، والتمسك بالقيم والأخلاق التي حث عليها ديننا الحنيف التي تربى عليها الآباء والأجداد، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة وصحبه الكرام في الصبر، من أجل إيصال الدعوة، ونشر هذا الدين العظيم.
ويأتي في المقام الأول الامتثال لقول المولى -سبحانه وتعالى-: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة: 105).
- ما مساحة اهتمام الفرع بقطاع الشباب؟
- لقد حرصت اللجنة أشد الحرص على العناية بالنشء والشباب؛ فأقامت لهم العديد من المراكز الدعوية والأنشطة الثقافية والترفيهية، وأنشأت العديد من حلقات تحفيظ القرآن والمراكز الصيفية، ودعمت الرحلات الدعوية للشباب، مثل رحلات العمرة، وذللت -بعون الله- العديد من العقبات أمامهم، ودعمت الكثير منهم لنيل أعلى المراتب العلمية، ولم تدخر وسعاً في ذلك.
- بماذا تردون على من يتهم الجمعية بتراجع اهتمامها بالعمل الدعوي والعلمي؟
- لقد حرصت الجمعية منذ نشأتها على خدمة الدعوة وتخريج الدعاة وطلبة العلم الشرعي، ونشر الدعوة الإسلامية على الأصعدة كافة، بل إنها أنشأت لذلك المراكز الدعوية، وساهمت في طباعة العديد من الكتب العلمية، وعكفت طيلة مسيرتها الخيرة على نشر المفاهيم والمبادئ الإسلامية وفق الكتاب والسنة الشريفة المطهرة، ووفق منهج السلف الصالح، والتصدي للبدع والمفاهيم المنحرفة الدخيلة على المجتمع.
- هل جهود المؤسسات الخيرية تتجه كلها للخارج كما يزعم بعض الناس؟
- لا شك أن هذا الكلام مبالغ فيه، ويستهدف التشكيك في جهود المؤسسات الخيرية، فجمعية إحياء التراث -على سبيل المثال- تقوم بدور كبير في تقديم المساعدات للأسر الفقيرة والمحتاجة في داخل الكويت، وقد أخذت على عاتقها تقديم المساعدات، سواء المادية أم العينية من: ملبس أو مأكل أو مشرب، وقدمت يد العون للأسر المتعثرة في سداد الرسوم الدراسية لأبنائهم الطلبة، وكفلت العديد من الأيتام في الكويت، ولقد كان للجمعية العديد من المواقف المثمرة في دعم بعض الأنشطة التي تقيمها مؤسسات الدولة، كمساعدة أسر السجناء، وسداد الديون عمن صدر بحقهم أحكام بالسداد ولا سيما أولئك الذين عجزوا بالفعل عن سدادها، وكذلك مساعدة الأرامل والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، والأسر المتعففة، وتقديم المساعدات للمرضى، وقد كان للجمعية دور كبير في التصدي لجائحة كورونا وذلك من خلال تقديم يد العون والمساعدة للجهات الحكومية، فقد كانت الجمعية ضمن الصفوف الأولى للتصدي لهذه الجائحة، ووفرت العديد من المستلزمات الطبية والأجهزة للمستشفيات والمهاجع، ونقاط الحجر الصحي، وكان للإخوة المتطوعين الذين كان أغلبهم من أبناء الفرع الدور البارز في التفاني بالعمل التطوعي.
- ما أبرز جهود اللجنة النسائية؟
- للقطاع النسائي في الفرع دور كبير في نشر الدعوة وخدمة العمل الخيري، وهو لا يقل أهمية عن الدور الذي يقوم به الفرع، فقد أقيمت العديد من الأنشطة الدعوية، كمراكز الفتيات، وحلقات تحفيظ القرآن، وكذلك الدروس الشرعية التي كانت تقام بصفة أسبوعية قبل جائحة كورونا، وساهم القطاع النسائي في استقطاب العديد من الأخوات الداعمات للعمل الخيري والدعوي، وقد تخرج -بفضل الله تعالى، ثم بجهود الأخوات القائمات على هذا القطاع- العديد من الأمهات المربيات والداعيات الفاضلات، اللاتي يقع على عاتقهن النصيب الأكبر في تربية الأجيال وتنشئتهم النشأة الصالحة.
- هل من كلمة أخيرة؟
- جمعية إحياء التراث الإسلامي -بفضل الله تعالى منذ إنشائها وإلى يومنا هذا- قائمة على منهج أهل السنة والجماعة، بعيدة عن الغلو والتطرف، وهي ملتزمة بهذا المنهج، تدعو إليه، وتذب عنه، وتمد يد العون للمسلمين في كل مكان، وتعمل على نشر هذا المنهج المبارك بينهم بحسب القدرة والإمكان، وللجمعية دور بارز في دعم القضايا الوطنية ونشر العلم الصحيح ومحاربة التطرف بشتى أنواعه، وبذلت من الجهد الكبير في خدمة هذا الدين الحنيف، وتصدت للبدع والانحرافات الدخيلة على مجتمعنا ومعتقداتنا، فنشرت العلم الشرعي، وذللت الصعاب في سبيل نشره بين فئات المجتمع، ولها إسهامات كثيرة على الصعيد المحلي أو الخارجي، لا يسعنا المجال لسردها، وقد تطرقنا بالحديث عن بعضها سابقاً.
لاتوجد تعليقات