كيف تربي طفلًا سليم العقيدة؟
تعليم الطفل القرآن الكريم يعمل على بناء شخصيته بناء إيمانيًا، ويربي في نفسه قيم الأخلاق والسلوك المستقيم، ويُكوِّن شخصيته وطريقة تفكيره تكوينا يتسم بالنقاء والأصالة، كما يمنحه الفصاحة وحسن النطق وسلامة المنطق، ويزوّده بالوعي والمعرفة؛ لهذا على الوالدين تعليم أطفالهم كتاب الله مع سنوات العمر الأولى، وتحبيب تلاوته، وتقديسه في نفوسهم.
إنَّ مراحل تعليم القرآن ينبغي أنْ تبدأ حين شروع الطفل بالنطق، والتركيز على قراءة القرآن في الصغر يجعل الطفل منجذباً إلي كتاب الله، وفي البداية يبدأ الوالدان بتحفيظ الطفل آياتٍ قصارا من القرآن، ويُشجَّعّ على حفظها بالثناء عليه، وتقديم الهدية التي تناسب سنه واهتماماته، ولاسيما تلك الهدايا المستديمة القابلة للحفظ؛ فتبقى ذكرى وهدية محببة إليه؛ فإهداء مصحف أنيق الطباعة والإخراج له، يزيد من اهتمامه ويشعره بحب أبويه له.
كيف نحبب الطفل في حفظ القرآن الكريم؟
لكي يُقبل الطفل على حفظ القرآن، نُحدثهُ عن أهمية حفظ القرآن، ومقدار الثواب الذي يناله حافظ القرآن، وعن أهمية القرآن في حياتنا، ويكون الأب والأم قدوة له، فيراهما الطفل وهما ممسكان بالمصحف للقراءة والحفظ، ويطلب الأب والأم إلى الطفل الجلوس بجانبهما أثناء القراءة.
الورد اليومي
ومن المفيد أن يقوم الأب أو الأم بقراءة الورد اليومي من القرآن الكريم بجوار الطفل وهو يسمع؛ فهذا له أعظم الأثر على الطفل، ويراعي الأب عند القراءة تحسين صوته؛ فإن الصوت الحسن يجذب النفس، ويرقق القلب، ومن المهم أن يقوم أحد الوالدين بشرح مبسط في أثناء التلاوة حتى تتفتح معاني القرآن في قلوبهم.
الأشرطة المسموعة
ومن الممكن أنْ نلجأ إلى الأشرطة المسموعة، وتوجد أشرطة خاصة لتعليم الأطفال الحفظ، وأيضا هناك أقراص ليزر للحاسب الآلي، ومن المهم غرس احترام القرآن في قلوب الأطفال؛ ليشعروا بقدسيته والالتزام بأوامره بأسلوب سهل، وكذلك تعويد الطفل الحرص على الالتزام بآداب التلاوة والاستعاذة والبسملة واحترام المصحف مع حسن الاستماع.
تعليم الطفل أسماء الله الحسنى
تعليم الطفل أسماء الله الحسنى، فمثلاً عندما يتحدث الأب أو الأم عن الله الخالق، يقول: إنَّ الله هو الخالق الذي خلق الأب والأم للطفل لرعايته، والله الرازق هو الذي رزقه الطعام ليأكل، وهو الذي رزقه الشراب ليشرب، وهو الله الوهاب الذي يهب الأب المال، وهو الذي وهبه المنزل والسيارة والملابس والألعاب.
وكذلك يذكر الأب للطفل أنَّ عيوننا التي نرى بها من بديع خلق الله، والأيدي من خلق الله، وأنَّ الأرجل التي نمشي عليها من خلق الله. إلخ.
الخالق لا يشبه خلقه
كما يشرح الأب للطفل أنَّ الله الخالق لا يشبه خلقه، وهو -سبحانه- ليس كمثله شيء. كما ينبغي للوالدين أنْ يشرحا للطفل -بطريقة يسيرة- أنَّ قدرة الإنسان تتحقق بالوسائل والإمكانات والظروف، ولكنّ الأمر يختلف بالنسبة لقدرة -الله عز وجل-؛ فهو عزيز بذاته وجليل بجبروته.
قدوس سلام
ثم إنَّ الخالق «قدوس سلام»؛ فهو يحب الناس ويحب الأطفال، ولا يصدر عنه سوى الخير والرحمة، فهو رحمان، والله هو الذي يمنح الأمن لعباده، ومن يخاف المصائب والأمراض فما عليه إلا الالتجاء لخالقه السلام. كذلك يُعلِّم الأبُ الطفلَ أنَّ الله يعلم ما يجول بخاطره حتى لا يفكر إلا في الطيب، و يُعلّمه أنَّ الله هو البصير، وهو الرحمن، والرحمن من أعظم أسماء الله، يقتضي أنْ تكون قلوبنا رحيمة، بشرط أن تكون هذه الرحمة في طريق الله ووسيلة للقرب إليه، وهكذا بأسلوب سهل ميسر يمكن تعليم الطفل أسماء الله الحسنى.
التفكر في خلق الله -تعالى
على الأب والأم توجيه الطفل للتفكر في خلق الله، من: سموات وأرض وجبال وبحار وأشجار؛ حتى يعلم الطفل قدرة الله وعظمته، وعلى الوالدين اصطحاب الطفل في نزهة ليرى الأشجار والطيور، فاللعب وسط الخضرة يدخل البهجة في نفس الطفل، ثم يجري الأب حوارا مع الطفل، كأن يقول له: أرأيت كيف خلق الله هذه الشجرة من بذرة صغيرة؟ وكيف أنزل الله لها الماء لكي تنبت وتكبر وتصير شجرة نأكل ثمرها ونستمتع بجمالها؟
ثم نوجه نظر الطفل إلى المظاهر الطبيعية، كأن يقال له: انظر جمال هذه النخلة.. وهذه الوردة.. انظر صفاء السماء.. انظر هذه الشجرة.. انظر هذا الطفل الجميل.. انظر الزهرة وألوانها المتناسقة.. إلخ.
تعريف الطفل بالملائكة
من المهم جدا استغلال الخيال الكبير الذي يعيشه الطفل في تعميق العقيدة في نفسه، فبدلاً من إرضاء الخيال النامي عند الطفل بقصص خرافية وأساطير وهمية، تستغل هذا في قضية الإيمان بالغيب؛ فنتحدث عن الملائكة، فيُعلَّم الطفل أن الملك جسم لطيف نوراني، وأنهم خلق من خلق الله، لهم وظائف حددّها لهم الله، وعددهم كثير جداً لا يعلمه إلا الله -تعالى-، وهم لا يأكلون و لا يشربون، وأنَّ من أخلاقهم الحياء، و هم من أعظم جنود الله -تعالى.
تعريف الطفل بالجنة
إذا أراد أحد الوالدين الحديث مع الطفل عن يوم القيامة، فالأفضل أن يكون الحديث مركزاً على نعيم الجنة بما يتناسب مع رغباته، من أكل وشرب وألعاب وغير ذلك، و يؤكد له أنه سيحصل عليها إنْ أصبح خَلوقاً ملتزماً بالآداب الإسلامية، ويُحرم منها إنْ لم يلتزم، ويؤجل التركيز على النار والعذاب إلى مرحلة متقدمة من عمره، وإذا حُدِّث الطفل مثلاً عن الجنة وسُئل عن أمر يحبه من الحلوى أو الألعاب، يقال له: الجنة فيها كل ما تشتهي؛ فالجنة مطلب غال للجميع.
تعريف الطفل الحلال والحرام
على الأب والأم أن يعلما الطفل أحكام الحلال والحرام، ويربطا ذلك بأحكام الدين والشريعة، ويضعا للطفل برنامجاً يوضحان له الحلال والحرام، فيفهمه الأب أن هذا حرام وهذا حلال في كل قضية من القضايا التي تعرض له، ليستشعر الطفل أنه محاط بشريعة و أحكام تنظم شؤون حياته، ويكون المدح أو التأنيب منصبا على العمل لكي يزرع في قلبه حب الأعمال الصالحة، وبغض الأعمال غير الصالحة، ويعمل الأب على تقوية الضمير في نفس الطفل في هذه المرحلة حتى يكون صماما له في المستقبل؛ فيزرع في قلبه الخوف من ارتكاب العمل غير الصالح، بدلا من الخوف من العقوبة.
حاسة خاصة
فبعد فترة من المران والتكرار على الحلال والحرام يصبح عند الطفل حاسة خاصة، فيحب أن يتعرف حكم الله في كل قضية، أو أمر يقوم به، فيسأل عن الحكم فيما يراه ويسمعه، وهذا الإحساس هو حجر الزاوية الأساس في استقامة الولد في المستقبل -إن شاء الله.
حب الأمر بالمعروف
وكما يحرص الأب على غرس حب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نفس الطفل، وأن يدعو إلى الخير أقرانه؛ فإن رآهم على منكر نصحهم، فإن استجابوا وإلا فليفارقهم، وما أجمل الطفل حين يقدم على هذه الشعيرة بشجاعة ويغار على حرمات الله!
لاتوجد تعليقات