رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أسامة شحادة 20 أكتوبر، 2020 0 تعليق

حفظ وحدتنا وقوتنا أولوية بالغة


لا يجهل عاقل أن أمة الإسلام اليوم تجابه تحديات ضخمة جدًا وعلى الأصعدة كافة، لكن قد يجهل كثير من العامة والخاصة الحجم الحقيقي لهذه التحديات وتنوعها وأساليبها وأدواتها، ولذلك قد نجد من له جهد مشكور في قضية معينة سواء فردا كان أم جماعة أم مجتمعا أم حكومة، ثم نجد أنه قد تورط في قضية أخرى مما تواجهه الأمة من تحديات.

 

 وهذا الخلل في واقع مكونات الأمة عموما هو خلل طبيعي؛ نتيجة تباين العلم والفهم للواقع والحقيقة، وتفاوت القدرة على اجتراح الحلول، وتغاير الهمم والعزيمة، واختلاف القوى والقدرات.

     ومن المؤسف أن يستثمر الأعداء هذا الحال لمصلحتهم؛ بتركيزهم على توسيع الشقة وترسيخ الخصام ببث الإشاعات وتوليد الأكاذيب، والأكثر أسفا استجابة قطاع واسع منا لهذه الأكاذيب، بل أصبح منا من يتولى مهمة الكذب والافتراء على إخوانه ليحقق غاية الأعداء بتفتيت ما تبقى لنا من قوة ووحدة.

أخطر ما يهدد بقاء الأمة

     وهذا الحال (المائل) هو من أخطر ما يهدد بقاء الأمة؛ لأن الهدم من الداخل يصعب إعادة بنائه، ويفتح المجال واسعا للخصوم بالهجوم بحرية، ومجابهة هذا الوضع الخطير مسؤولية الجميع، ويمكن ذكر بعض الخطوات اللازمة والضرورية، فعلى خاصة أهل السنة والجماعة من طلبة العلم والدعاة والعلماء الذين فضّلهم الله -عز وجل- وشرّفهم باتباع الكتاب والسنة والتزام نهج الصحابة والأئمة من التابعين وغيرهم أن يحرصوا على وحدتهم، وألاّ تفتتهم الأزمات السياسية أو الصراعات الحزبية؛ لأنهم أمل الأمة والمصباح الذي ينير دربها.

تحديد المصالح والمفاسد

     فإتقانهم للعلم الشرعي لا يعني إتقانهم للعمل السياسي، كما أن عواطفهم السليمة ليست مقياسًا لتحديد المصالح والمفاسد، ومع شدة تعقيد المشهد السياسي وتضارب مشاريع الخصوم على أمتنا وتفرق دولنا لمحاور متصارعة برغم ضعفها وعجزها، فإن ذلك كله يجعل هناك حالة ضبابية يصعب فيها تحديد موقف سياسي صحيح وسليم على الأصعدة كافة؛ مما قد يوقع بعضنا في أخطاء، فليكن العذر والتسامح هو الأصل، ولا نَنجر لحملات التشويه والإسقاط والحروب الأهلية البينية التي يسعى لها حمقى غلاة التبديع وخبثاء الحزبية، وكهنة التطرف والغلو من الداخل.

     فاختلاف آرائكم مفهوم في مثل هذه الحالة الضبابية، ولكن التشرذم والتنازع والتفتت غير مسوغ ولا مقبول، لنُبقِ على وحدتنا العامة برغم اختلافنا السياسي، الذي سرعان ما يزول قدر كبير من الضباب، وينكشف المشهد عن حقائق تنهي قدرا كبيرا من الخصام حوله.

كيف كان الحال قبل عقود؟

     وليتذكر كثير من شباب أهل السنة المتحمس كيف كان الحال قبل عقود من اعتراضٍ على بعض الاختيارات الشرعية السياسية للأئمة الثلاثة (ابن باز والألباني وابن عثيمين) مثل جواز دخول البرلمانات، وفصل العمل الدعوي عن العمل السياسي، وعدم الصدام مع الأنظمة، وكيف أن المعترضين من شباب أهل السنة بتأثير من أطروحات الآخرين عادوا لقبول كل اختيارات الأئمة بعد سنوات، بل أصبح هذا يعد تجديدًا واجتهادًا عصريًا وفتحًا في باب السياسة الشرعية، وحقيقته أنه موقف أئمتنا من القديم.

الحركات الإسلامية

     وأيضًا على الحركات الإسلامية وشبابها الحرص على ما تبقّى من وحدة الأمة وقوتها، ولا يجوز أن تقدم هذه الحركات مصالحها الخاصة على مصلحة عموم الأمة، فليس من المقبول والجائز شرعا أن تجعل جماعة معينة من قضيتها الخاصة قضية للأمة بأكملها، نعم لها الحق في أن تتبنى رأيا وموقفا لكن لا تُلزم به غيرها، ثم تجعله معيارا للقبول والرفض، فأي فرد أو تيار أو مجتمع أو دولة خالفها أسقطته وخونته.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك