تحقيقًا لمقاصد الشريعة – حج عام 1441 بأعداد محدودة
قررت السلطات السعودية إقامة موسم الحج لهذا العام بعدد «محدود جدا» من الحجاج من مختلف الجنسيات من المقيمين فيها؛ وذلك بسبب استمرار تفشي جائحة فيروس كورونا في العالم، وعدم توفر دواء أو لقاح للمصابين بالفيروس، وأضافت وزارة الحج والعمرة السعودية في بيان لها أن حصر إقامة الحج لمختلف الجنسيات المقيمة لديها بأعداد محدودة يعود إلى رغبتها في «إقامة الشعيرة بطريقة آمنة وصحية»، وحرصًا على الأمن الصحي العالمي؛ بسبب خطورة تفشي العدوى في التجمعات والحشود البشرية، والتنقلات بين دول العالم.
وجاء القرار بعدما كانت السعودية علّقت أداء العمرة في مارس الماضي؛ جراء تفشي الجائحة في العالم، ودعت وزارة الحج الدول الإسلامية في نهاية الشهر نفسه إلى التريث قبل القيام بأي خطط للحج حتى تتضح الرؤية بشأن فيروس كورونا.
نص البيان
وقد صدر البيان بتاريخ 01 ذو القعدة 1441 هـ الموافق 22 يونيو 2020 م، وجاء فيه:
نظرًا لما يشهده العالم من تفشٍّ لفايروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في أكثر من (180) دولة حول العالم، بلغ عدد الوفيات المتأثرة به قرابة النصف مليون حالة وفاة، وأكثر من 7 ملايين إصابة حول العالم، وبناءً على ما أوضحته وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية؛ حيال استمرار مخاطر هذه الجائحة وعدم توفر اللقاح والعلاج للمصابين بعدوى الفايروس حول العالم وللحفاظ على الأمن الصحي العالمي، خاصةً مع ارتفاع معدل الإصابات في معظم الدول وفق التقارير الصادرة من الهيئات ومراكز الأبحاث الصحية العالمية، ولخطورة تفشي العدوى والإصابة في التجمعات البشرية التي يصعب توفير التباعد الآمن بين أفرادها.
حرص دائم
لذلك؛ فإن المملكة العربية السعودية، وانطلاقًا من حرصها الدائم على تمكين ضيوف بيت الله الحرام وزوار مسجد المصطفى -صلى لله عليه وسلم- من أداء مناسك الحج والعمرة في أمن وصحة وسلامة، حرصت -منذ بدء ظهور الإصابات بفايروس كورونا، وانتقال العدوى إلى بعض الدول- على اتخاذ الإجراءات الاحترازية لحماية ضيوف الرحمن، بتعليق قدوم المعتمرين والعناية بالمعتمرين الموجودين في الأراضي المقدسة؛ حيث لاقى هذا القرار مباركةً إسلاميةً ودولية؛ لما كان له من إسهام كبير في مواجهة الجائحة عالميًا، ودعمًا لجهود الدول والمنظمات الصحية الدولية في محاصرة انتشار الفيروس.
أعداد محدودة جدًا
وفي ظل استمرار هذه الجائحة، وخطورة تفشي العدوى في التجمعات والحشود البشرية، والتنقلات بين دول العالم، وازدياد معدلات الإصابات عالميًا، فقد تقرر إقامة حج هذا العام 1441هـ بأعداد محدودة جدًا للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، وذلك حرصًا على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًا، وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية -بإذن الله.
أمن قاصدي الحرمين الشريفين
إن حكومة خادم الحرمين الشريفين، وهي تتشرف بخدمة ملايين الحجاج والمعتمرين في كل عام، لتؤكد أن هذا القرار يأتي من حرصها الدائم على أمن قاصدي الحرمين الشريفين وسلامتهم حتى عودتهم إلى بلدانهم، نسأل الله -عز وجل- أن يحمي دول العالم أجمع من هذه الجائحة، وأن يحفظ الإنسانية من كل مكروه، إنه على كل شيء قدير.
تأييد هيئة كبار العلماء
من جانبها أعلنت هيئة كبار العلماء في السعودية، تأييدها لقرار الحكومة السعودية، بقصر الحج هذا العام على أعداد محدودة جدا للمقيمين بالداخل فقط ، وقالت الهيئة فى بيانها: فقد نظرت هيئة كبار العلماء في قوله -سبحانه-: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}، وأوضحت الهيئة أنه من جملة ما ترشد إليه الآية الكريمة في أمن البيت الحرام وتطهيره اتخاذ الأسباب لمنع انتشار الأمراض والأسقام كالعدوى التي تفتك بالأرواح في زمن الأوبئة.
وجوب الاحتراز من الأوبئة
وأضافت، أن الهيئة نظرت في الأحاديث الصحيحة التي تدل على وجوب الاحتراز من الأوبئة، وأن تُبذل كل الأسباب التي تؤدي إلى التقليل من تفشيها كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يوردن ممرِض على مصح». متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فِر من المجذوم كما تفر من الأسد» أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه .
بذل الأسباب
وذكرت أن الشريعة الإسلامية ركزت ببذل الأسباب التي تؤدي إلى عدم انتقال الأوبئة والأمراض من بلد إلى آخر، أو التقليل من ذلك؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها». متفق عليه من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما.
المحافظة على النفوس
ونظرت الهيئة في النصوص الكريمة التي تدل على وجوب المحافظة على النفوس وأن ذلك من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء كقوله -تعالى-: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، وقوله -سبحانه-: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
دفع الضرر قبل وقوعه
كما اطلعت على قواعد الشريعة التي تدل على دفع الضرر قبل وقوعه، ورفعه بعد وقوعه أو التخفيف منه، كقوله -صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار» أخرجه ابن ماجه. ومن القواعد المتفرعة عنها: أن الضرر يدفع قدر الإمكان، واطلعت على ما قرره أهل الاختصاص من أن التجمعات تعد السبب الرئيس في انتقال العدوى في ظل ما يشهده العالم من جائحة كورونا، وأن منعها أو التقليل منها هو الحل الأمثل حتى يأذن الله -تعالى- بارتفاع هذا الوباء.
تحصيل المصالح ودرء المفاسد
ولأهمية إقامة شعيرة الحج دون أن يلحق ضرر بأرواح الحجاج، ودون أن تكون هذه الشعيرة العظيمة سبباً في زيادة انتشاره، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها؛ لذلك كله من النصوص الشرعية والمقاصد والقوعد الكلية، فإن هيئة كبار العلماء تؤيد ما قررته حكومة المملكة العربية السعودية، بأن يكون الحج هذا العام 1441هـ بعدد محدود جداً من داخل المملكة؛ حفاظاً على صحة الحجاج وسلامتهم.
حفظ الضرورات الخمس
من جهته ذكر رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي الشيخ محمد الحمود النجدي أن قرار اقتصار الحج هذه السنة على الحجاج من الداخل بسبب وباء الكورونا متوافق مع مقاصد الدين الإسلامي الحنيف، الذي جاء بحفظ الضرورات الخمس، وهي: الدين والنفس والعقل والعرض والمال، والمحافظة على هذه الضرورات الخمس من أسباب استقامة مصالح العباد، ودفع أي ضرر يمسها أو أي خلل يطالها، وهو سبيل لعيش المسلم آمنا مطمئنا، وتعيش المجتمعات المسلمة في أمن واستقرار وعافية وصلاح حال؛ فهذا الإجراء الذي اتُّخذ من وزارة الحج، يحفظ على ضيوف الرحمن سلامتهم وأمنهم، ولا نشك في حرص الجهات الرسمية بالمملكة العربية السعودية على تمكين الحجاج من أداء مناسك الحج والعمرة كل عام بسهولة وسلامة وإزالة كل المعوقات عن ذلك، مع خبرة طويلة في هذا المجال على مر السنين.
موافق لمقاصد الشريعة
من جهته قال الخطيب بوزارة الأوقاف د.أحمد عبدالرحمن الكوس: إن قرار المملكة العربية السعودية بخصوص الحج هذا العام واقتصاره على الحج من داخل المملكة، في ظل جائحة كورونا أمر تشكر عليه المملكة، وهو موافق للاحترازات الصحية بحسب وزارة الصحة، ولا شك أن هذا العمل حماية للمواطنين والحجاج، سواء بالداخل أم بالخارج من خطورة هذا المرض الذي ينتشر بسرعة، فلابد من الاقتصار على أعداد ونسب معينة لضمان صحة الجميع، وهو موافق لمقاصد الشريعة في الكتاب والسنة، قال -تعالى-: {فاتقوا الله ما استطعتم}، وجاء في الحديث: «لا ضرر ولا ضرار»، وقد اتخذ العلماء هذا الحديث قاعدة فقهية، حيث إن كل ما يضر المسلم يمكن إعفاؤه أو تركه، أو التخفيف منه، سواء في العبادات أم المعاملات.
قرار حكيم وصائب
وفي هذا السياق علق الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف الشيخ رائد الحزيمي قائلاً: إن ماجاء من قرار حكيم وصائب من قصر الحج على المواطنين والمقيمين داخل المملكة العربية السعودية قرار حكيم وصائب، ويحقق غايات عدة منها: أنه لم يتوقف موسم الحج، ولَم يخلُ العام من أن يحج إلي بيت الله المسلمون، وكذلك لم تعرض حكومة المملكة المسلمين لمخاطر هذا الوباء، فَلَو فتحوا الحج للناس كما جرت العادة فإن ذلك فيه تعريض المسلمين للتهلكة، والله يريد بنا اليسر ولا يريد بِنَا العسر، وفق الله حكومة المملكة والقائمين علي شؤونها ومصالح المسلمين وأيدهم بنصره.
وحدة كلمة المسلمين
أما الأستاذ بكلية الشريعة د.بسام الشطي فقال معلقًا على القرار: إن المملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على سلامة المسلمين وأمنهم وأمانهم؛ فقد أثبتت للعالم أنها لا تتاجر في قضايا المسلمين، ولا يهمها رأي الشامتين والطاعنين، وترجع إلى اجتهاد العلماء ووحدة كلمة المسلمين والمصلحة العامة.
وأضاف، وباء كورونا خطير وفتاك ومؤذٍ، والعالم كله عمل بالاحترازات حتى لا ينتشر ويتفشى، ومازالت معدلاته ومؤشراته عالية، سواء المصابون أم الموتى، ومن المعلوم أن الحج يجمع الناس من كل دول العالم؛ ففيهم الضعيف والمريض، والغني والفقير، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، على اختلاف ألسنتهم، وكانت هناك إجراءات تتخذ قبل موسم الحج بأشهر والآن هناك صعوبة، والحمد لله أن المملكة لم تلغ الحج،ن ورفعت الحرج عن الدول، واكتفت بأعداد قليلة من حجاج الداخل، نسأل الله أن يبارك في جهودهم، ويوفقهم ويسددهم، ويسلمهم ويسلم الحجاج، ويسلم المسلمين من هذه الجائحة والفتن والأوبئة ومن كل شر.
قرار مدروس ومتأنٍّ
من جهته قال الأستاذ بكلية الشريعة، د. محمد ضاوي العصيمي: إن هذا القرار جاء مدروسًا ومتأنيًا، ولا سيما أنه أُعلن عنه قبل الحج بوقت قصير، وكان طوال الفترة الماضية هناك توقع بأن يقل الوباء أو يخف، ولكن قدر الله أن يستمر، وأرى أن هذا القرار موافق لمقاصد الشريعة للمحافظة على النفس وخشية انتقال الوباء والعدوى، والحمد لله أن الشعيرة لم تعطل، وستقام بالحد الأدنى من حجاج الداخل.
وأضاف د.العصيمي أنه قد يحزن ويؤلم قلوب الكثير الذين كانوا حريصين على أداء الفريضة هذا العام، ونقول لهم: الأمر بنيتكم، ونسأل الله أن يثيبكم أجر الحجاج، وأكد أن الواجب على الجميع أن يعلموا أن هذا وضع استثنائي، وأن كثيرًا من هذه النوازل لم تمر في التاريخ، ومع ذلك فالواجب على الجميع الرجوع لأهل العلم الذين أفتوا بهذه الفتوى، وهي تقليص عدد الحجاج مع بقاء فريضة الحج.
جمع بين المفاجأة والحكمة
وفي هذا السياق بين عميد الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية ورئيس لجنة الإفتاء والإرشاد باتحاد علماء إفريقيا.أ. د محمد أحمد لوح هذا القرار يعد في نظري -على الأقل- هو الأحكم والأسلم لأمور عدة:
عنصر المفاجأة
- الأمر الأول: أن هذا القرار يأتي في وقت كان الناس يتوقعون ألا حج هذا العام؛ بسبب هذا الوباء العالمي الذي حصد من أرواح البشر ما يناهز النصف مليون نسمة، فتوقفت بسببه كل الأنشطة التجارية العالمية، وأغلقت المطارات، والموانئ، والمساجد والجوامع، وعزلت المدن عن بعضها، وصام الناس رمضانهم بلا تراويح تذكر، ولا عمرة تؤدى، وأفطروا من غير صلاة العيد في معظم بقاع الأرض، فالقرار إذًا جامعٌ بين عنصر المفاجأة، وعنصر الحكمة كما يتبين فيما يأتي.
ما لا يدرك كله لا يترك جلُّه
- الأمر الثاني: أننا إذا نظرنا إلى واقع الجاليات المقيمة داخل المملكة من الموظفين والمدرسين والعاملين والطلاب وغيرهم، نجد أنهم يمثلون العالم الإسلامي كله؛ فحين يتم السماح لنخبة من أبناء هذه الجنسيات بأداء مناسك الحج، يكون القرار قد راعى الوسطية في فتح باب الحج أمام المسلمين الوافدين من العالم الإسلامي من غير مخاطرة بجلب الجموع المتكاثرة من الآفاق مما يتسبب في اشتعال نار الوباء، فما لا يدرك كله، لا يترك جله.
مقاربتان تتجاذبهما فئتان
- الأمر الثالث: خرج هذا القرار سالما من مقاربتين بينهما من التضاد ما بينهما، مقاربتان تتجاذبهما فئتان: فئة تذهب إلى أن الأولى الامتناع عن الحج هذا العام بناء على ما هو معروف مما ذكرته في مطلع هذه السطور حماية للأنفس المعصومة، وفئة مطبوعة على العاطفة فترى حتمية فتح باب الحج على مصراعيه من غير نظر إلى المآلات.
إحصاءات حج العام الماضي
تفيد بيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة بأن عدد حجاج العام الماضي ناهز قرابة المليونين و490 ألفا، منهم أكثر من 634 ألفا من حجاج الداخل، ضمنهم 211 ألفا من السعوديين، والأعداد المتبقية من غيرهم من الجنسيات، أما عدد حجاج الخارج فناهز مليونا و755 ألفا.
وبالنسبة لحجاج الداخل من غير السعوديين، فإن نسبة 35.8% منهم كانوا مصريين، يليهم الباكستانيون بنسبة 12.2%، ثم اليمنيون 10.1%، ثم الهنود بنسبة 9.9%، فالسودانيون بنسبة قاربت 6.5%، والنسبة المتبقية موزعة على باقي الجنسيات.
واستحوذت قارة آسيا -ما عدا الدول العربية- على حصة الأسد من حجاج الخارج؛ فقد بلغ عددهم مليونا وقرابة 126 ألفا في حج العام الماضي، يليهم حجاج الدول العربية عدا دول مجلس التعاون (أكثر من 414 ألفا)، فحجاج أفريقيا عدا الدول العربية أزيد من 187 ألفا، ثم حجاج أوروبا أكثر من 67 ألفا، فحجاج دول مجلس التعاون بما يقارب 32 ألفا، وفي آخر القائمة حجاج الأميركتين وأستراليا بنحو 27 ألفا. ويأتي السواد الأعظم من حجاج الخارج جوا بنسبة بلغت 94% العام الماضي، في حين جاء 5% من إجمالي الحجاج برا، و1% فقط بحرا.
محطات تاريخية
- تاريخيًا توقف الحج مرارًا، بسبب حروب وأزمات؛ لعل أشهرها في التاريخ الإسلامي حادثة «القرامطة»، عندما منعوا الحج 40 عاماً، لاعتبارهم الحج من الأعمال الجاهلية، وذلك بحسب ما ذكر في كتاب (تاريخ الإسلام) للإمام الذهبي، وفي تفاصيل الحادثة التي رواها الذهبي فقد وقف أبو طاهر القرمطي منشداً على باب الكعبة، يوم الثامن من ذي الحجة سنة 317 هجرية، داعياً سيوف أتباعه أن تحصد حجاج بيت الله قتلاً ونهباً وسفكاً لدمائهم، في الوقت الذي كان يشرف فيه هو بنفسه على هذه المجزرة المروِّعة، وينادي أصحابه: «أجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار، ودكوا أركان الكعبة، واقلعوا الحجر الأسود»، ويومها تعلق الحجاج بأستار الكعبة واستغاثوا بالله، فاختطفتهم سيوف القرامطة، واختلطت دماؤهم بأستار الكعبة، حتى زاد عدد من قتل في هذه المجزرة على 30 ألفاً، دفنوا في مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة، وذكر العديد من المصادر التاريخية قيام القرامطة بجمع 3 آلاف جثة حاج، وطمروا بها بئر زمزم وردموها بالكلية، ثم قاموا بعد ذلك بقلع الحجر الأسود من مكانه، وحملوه معهم إلى مدينة «هجر» بالبحرين، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم.
- وفي عام 983 ميلادية قيل إنه لم يحج أحد من العراق بسبب الفتن والخلافات بين خلفاء بني العباس وخلفاء بني عبيد.
- وفي عام 1213 هجرية توقفت رحلات الحج في أثناء الحملة الفرنسية، وفي سنة 1344 هجرية حدث ما سمي بالمحمل المصري ونتج عنه انقطاع الحج تماماً من مصر.
- أما في عام 1253م فعاد أهل بغداد للحج بعد توقف دام 10 سنوات؛ بعد وفاة الخليفة المستنصر.
- وفي 1257 ميلادية لم يحج أحد من أهل الحجاز، ولم ترفع راية من رايات الملوك في مكة، وفي 1814م مات نحو 8000 شخص في الحجاز بسبب الطاعون.
- أما في 1831م فتفشى وباء هندي خلال موسم الحج، ومات بسببه كثير من الحجاج، ومن 1837 حتى 1840 شهدت الحجاز تفشي الأوبئة، ومن 1846 حتى 1883م تفشى وباء الكوليرا، الذي عطل الحج ودفع الناس للهروب من الحجاز، وتم حجرهم صحياً.
- وتعطل موسم الحج في عام 1030 ميلادية؛ حيث لم يؤدِّ الفريضة سوى مجموعة من العراق، وانقطع أهل العراق وخراسان والشام ومصر عن الحج في موسم عام 1039 ميلادية.
- كما توقف موسم الحج في عام 1099 بسبب اختلاف السلاطين قبل سقوط القدس في يد الصليبيين بخمس سنوات، ولم يتمكن المصريون من أداء فريضة الحج في عام 1168 بسبب حرب داخلية.
لاتوجد تعليقات