رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 18 نوفمبر، 2019 0 تعليق

ندوة أقامتها إدارة الكلمة الطيبة في إحياء التراث الإسلامي- فقه الاحتساب وأثره في إصلاح الفرد والمجتمع

 


أقامت إدارة الكلمة الطيبة بجمعية إحياء التراث الإسلامي الأسبوع الماضي ندوة بعنوان: (فقه الاحتساب وأثره في إصلاح الفرد والمجتمع)، حيث استضيف كل من الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ ناظم سلطان المسباح، ورئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الشيخ محمد الحمود النجدي، والإمام والخطيب بوزارة الأوقاف الشيخ عبدالرحمن عيسى السليم، وأدار الندوة رئيس إدارة الكلمة الطيبة د. خالد سلطان السلطان.

     في البداية أكد الشيخ المسباح أن فقه الاحتساب ولاية من الولايات في نظام الدولة الاسلامية وهيكلتها إذا أقيمت كما هو مطلوب، وكما يحب الله -تبارك وتعالى-، ويحبه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالحسبة لها مكانتها في هيكلة هذه الدولة التي تستظل بكتاب الله وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم .

معنى الحسبة

     وعن معنى الحسبة قال الشيخ المسباح: الحسبة من حيث اللغة العربية لها معانٍ عدة، وهذه اللغة العظيمة اللغة التي خاطب الله بها عباده (اللغة العربية) فمن معانيها الظن كما قال -سبحانه وتعالى-: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} بمعنى لا يظن. وكذلك من معانيها – الحسبة - (طلب الأجر والثواب من الله) كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا...» الحديث، وهذا المعنى مراد بالحسبة يدور الحديث عنه؛ لأنها قائمة لمرضاة الله ولإقامة ما يحبه الله ويرضاه في عباده، وهذا هو المعنى المقصود والمراد من الحسبة، وكذلك من معاني الحسبة (الإنكار)، وهذا كذلك مقصود لأن الحسبة فيها إنكار المنكر على فاعله، وكذلك من معانيها (الاختبار، والاعتدال، والاكتفاء) كما قال -تعالى- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} يعني كافيك. إذاً هذا هو المعنى اللغوي، وهناك معاني أخرى.

الحسبة اصطلاحًا

     وأضاف، أما الحسبة من حيث الاصطلاح فهي كالتالي عرفها الماوردي الشافعي -رحمه الله- قال: هي أمر بمعروف ظهر تركه، يعني إذا ظهر في المجتمع ظاهرة. وهذا الأمر ديني وشرعي ومطلوب من المسلمين، لكن توقفوا من إقامته كالصلاة مع جماعة المسلمين، أو بر الوالدين والإحسان إليهما... وهكذا. هي أمر بمعروف ظهر تركه فالمحتسب يقوم بالأمر بإقامة هذا الأمر. ونهي عن منكر ظهر فعله هذا كذلك من مهام المحتسب. فمثلا، رأى نوع من التبرج في النساء فهنا أهل هذه الولاية -ولاية الحسبة- ينكرون هذا المنكر الذي ظهر، وكذلك إصلاح بين الناس هذا بإيجاز.

أهل الولاية

     والحسبة كما قلت لها جوانب عدة فهي كذلك أهل الولاية يقومون بالاحتساب على التجار من حيث المكاييل من حيث إذا وجد الغش، ومتابعة الباعة وطريقة الأسواق، والمارة في الطرق. ولذلك يعدّ عمل رجال المرور في تنظيمهم للسير نوعا من التوسع والتقدم، لكن هو في الحقيقة يندرج تحت الحسبة. فالذي لا يعطي الطريق حقه يقوم رجال المرور بإيقافه عند حده، وكذلك الذي يسرع أو يقف في مكان ممنوع. هذا من الاحتساب، وكذلك البلدية تقوم بمتابعة الكيل والميزان والبضاعة المنتهية صلاحيتها... وهكذا. هذا من الحسبة، لأن هذا من الدين كذلك بقية الأمور التي تظهر مثل التأخر عن صلاة الجماعة وحث الناس عليها.

أول من رتبها

وبين المسباح أن أول من رتب الحسبة ونظمها ووضع لها هذا الإطار – ولاية الحسبة – الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ونحن أَمرنا باتباع سنة الخلفاء: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين...» الحديث.

الأصل الشرعي للحسبة

     وعن التأصيل الشرعي للحسبة والدليل عليها قال المسباح هناك آيات كثيرة من كتاب الله -تعالى-، منها قوله -تعالى-: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقوله -تعالى-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}. ومدح الله -تبارك وتعالى- أهل الإيمان فقال -تعالى-: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، ثم قال -تعالى-: {يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، وكذلك يبين الله -تبارك وتعالى- مادحا أهل الإيمان فيقول -تعالى-: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة}، ثم قال -تعالى-: {وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ}، فهذه الفريضة مستندها أدلة من كتاب الله وكذلك من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم .

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

     وأضاف، الصحابة استأذنوا الرسول أن يجلسوا، قال: {إياكم والجلوس في الطرقات}؛ فالرسول نهاهم عن ذلك، طلبوا إليه فقالوا: إلى أين نذهب، قال: لا بأس بالجلوس لكن بشروط، أعطوا الطريق حقه، وحق الطريق غض البصر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك أجمعت الأمة ونقل ذلك أهل العلم على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق الضوابط الشرعية من حيث الفرد كيف آمره بالمعروف وأنهاه عن المنكر، وكذلك الوالي كيف نأمره وكيف ننهاه. وهذا سيؤصل فيه من سيليني في هذا الحديث.

آثار الاحتساب

     وعن آثار هذه الفريضة على الفرد والمجتمع قال المسباح: لا شك أن هذه الفريضة إن أقمناها ازداد الدين والتدين وارتفع الجهل، وهي سبب لحفظ المجتمع من الآفات ومن ذهاب الأمن وبقاء النعم؛ لأن النعم تدوم بالصلاح والاستقامة كما قال -تعالى-: {إن الله لا يغير ما بقوم}، من صحة وأمن ورزق وسخاء ورخاء ورغد، لا يغير ذلك عليهم إلى العكس، إلا إذا غيروا ما بأنفسهم. فنحن نقوم في الحقيقة بتهيئة المجتمع لجلب الرحمة من الله وجلب الأمن وإلى ما يحتاجه الإنسان ويطلبه؛ لذلك لترك هذه الفريضة آثار سيئة على الفرد والمجتمع، من أهمها أنه يدب الجهل في الناس؛ لذلك هذه من أعظم آثار هذه الفريضة ازدياد العلم وقلة الجهل؛ لأن كثيراً من الناس فيهم خير، ويحبون دينهم ويفعلون ذلك ليس تحدياً ولا مبارزة لله -تبارك وتعالى- ورسوله بما لا يرضى، لا، لكن بعضهم يقع في ذلك بسبب الجهل.

     وأضاف، ومن أهم الآثار السلبية والخطيرة لترك هذه الفريضة الرضا بالمنكر وعدم إنكاره بأي درجة من الدرجات التي بينها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا فيه خطر، الله قال عن بني إسرائيل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ}، قال: {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} فهذا خطر عظيم جدا.

     وختم المسباح كلمته بالتأكيد على أهمية هذه الفريضة وضرورة القيام بها، مؤكدًا أنه لابد أن يكون القيام بها وقف الضوابط الشرعية، فبعضهم إذا قام بها قد يتخبط ويرتكب أخطاء ولا يميز المنكر الذي يقع فيه فرد، والمنكر الذي تقع فيه جماعة، والمنكر الذي يقع فيه أولياء أمور، هذا له طريقة، وهذا له طريقة، وهذا له طريقة.

مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

     وفي كلمته بين الشيخ النجدي مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال إنه مما شرفت به أمة الإسلام، فأمة الإسلام دعاة إلى الخير، ودعاة إلى المعروف، ونهاة عن المنكر كما قال الله -تعالى-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} وقال -عزوجل-: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ  وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فلابد للمسلم من القيام بهذه الوظيفة، والقيام بهذا التعبد لله عز وجل الذي جعله كثير من العلماء الركن السادس من أركان الإسلام قياما بالحق الذي يحمله أن يقوم به، وأن يبلغه للناس، وأن يأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر.

ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ثم بين النجدي ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: اهتم العلماء قديما وحديثا بذكر هذه الضوابط، وآداب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وما صفاتهم، نذكر منها ما يلي:

البدء بالأولى فالأولى

     وعن أول هذه الضوابط قال النجدي: أن يبدأ فيه بالأولى فالأولى، فعلى الإنسان إذا أراد أن يأمر بالمعروف أن ينظر إلى أعظم معروف مضاع أو ضيعه الناس فيبدأ به، وهذا كما تعلمون يختلف من بلد إلى بلد، ومن مجتمع إلى مجتمع، ومن شخص إلى شخص، يقول العلماء لو أن إنساناً رأى من يبيع ويغش في البيع، ورآه يحلف بكثرة على البيع. والغش في البيع حرام، والحلف في البيع مكروه، فإنه يبدأ بما هو حرام، فيبدأ بما حرمه الله قبل أن يتكلم عمّا هو مكروه. كذلك لو رأى إنسانا لا يصلي أو لا يؤدي فريضة الزكاة أو لا يصوم، ويفعل بعض المكروهات، ويفعل بعض المحرمات التي هي دون ترك الصلاة وترك الصيام والزكاة فمن الخطأ أن يبدأ بما هو أقل عمّا هو أعظم وأعلى.

ظهور المنكر

     وأضاف النجدي، ومن الضوابط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون هذا المنكر ظاهرا، أو أن يكون تضييع المعروف ظاهرا، فالأصل أن المسلم لا يتبع عورات الناس، ولا يكشف ستر ما أخفوه عن أعين الناس، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول في الحديث المشهور حديث أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، إذاً الرسول - صلى الله عليه وسلم - قيد المنكر بالرؤيا أو بالسماع أو بالعلم الجازم، أما أن يتجسس الإنسان في هذا ليس مطلوبا، بل الأصل منعه قالوا إلا من علم أن رجلا اختلى برجل يقتله الواجب عليه أن يذهب إليه ويقطع خلوته ويمنعه من هذا المنكر، أو من اختلى بامرأة ليزني بها فهذا يستثنى كذلك، كذلك قال أهل العلم أن المحتسبين الذين يوليهم الإمام لأجل النظر في الأمر المضاع – المعروف المضاع أو المنكر الذي يرتكب – فيقوم بمحاصرته ومنعه فهم يحمون المجتمع من الانحراف ويحمون الدين من الضياع، ويحفظون مصالح المسلمين التي لا تقوم إلا بدينهم الذي أمرهم الله -سبحانه وتعالى- به.

استمرارية المنكر

     وعن الضابط الثالث قال النجدي: من الضوابط التي ذكرها أهل العلم أن يكون مرتكب النهي لا يزال يرتكب هذا الأمر المحرم، أو لايزال يترك الفريضة ولا يحاسبه على الماضي؛ لأنه قد يكون تاب إلى الله عز وجل. إذا علم أن فلاناً كان في الماضي يأكل الربا أو كان في الماضي تاركا للصلاة، فإنه لا ينبغي له أن يتكلم معه في هذا الموضوع؛ لأنه قد يكون تاب إلى الله -عز وجل.

المسائل الخلافية

     وأضاف النجدي أن من الضوابط أيضا في هذا الموضوع أن المسائل الخلافية ليست محلا للإنكار، والمسائل الاجتهادية التي لها حظ من النظر واختلف فيها الفقهاء، سواء الأئمة الأربعة أو غيرهم، إذا كانت المسألة اختلافية أو اجتهادية فليست هي محل الإنكار – يعني – إذا رأينا إنسانا مثلا ينزل في الصلاة على ركبتيه لا ننكر عليه، لأنه وردت أحاديث في هذا ووردت أحاديث في خلاف هذا الفعل. طبعا ليس كل خلاف يعتبر، إنما الخلاف الذي له حظ من النظر كما قال أهل العلم بخلاف الذي له أدلة وله نصيب من النظر الشرعي، أما الخلاف الضعيف فإنه يجوز الإنكار فيه. أما المسائل الخلافية التي نقلت حتى عن بعض الصحابة – يعني الصحابة رضي الله عنهم – اختلفوا في مس المرأة هل ينقض الوضوء أو لا ينقض الوضوء، يعني مثل هذه المسائل لا ينبغي أن تكون محلا للإنكار.

شروط الآمر بالمعروف

     وعن الضوابط التي ذكرها أهل العلم، التي تذكر في صفات الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ماذا يشترط في الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؟ قال النجدي: العلماء قالوا: أول ما يشترط فيمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر «العلم الشرعي، والعلم بحقيقة الأمر وواقعه وحال الإنسان». أما العلم الشرعي فكما قال سفيان: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان عالما بما يأمر، عالما بما ينهى، رفيقا بمن يأمر رفيقا بما ينهى، عدلا فيما يأمر عدلا فيما ينهى عنه، فأول شرط من شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون لديك علم بأن هذا الأمر قد حرمه الله، ولهذا قال أهل العلم: من يأمر بجهل أو يعبد الله عز وجل على جهل كان ما يفسد أكثر مما يصلح الإنسان، إذا كان يأمر بالمعروف وينهى عن منكر على جهل فإنه ربما كان فساد أمره ونهيه أعظم من صلاحه.

العلم بحال المأمور والمنهي

     وأضاف، أيضا العلم بحال المأمور والمنهي، يعني الإنسان الذي تأمره وتنهاه لابد أن يكون لديك علم بشيء من حاله، قد يكون أسلم حديثا، وهو جاهل، أو جاء من بيئة تعظم المشاهد والأضرحة والقبور فلابد أن يكون لك علم بحال المدعوين، والدليل على هذا الضابط أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما أرسل معاذا إلى اليمن، ماذا قال له؟ «إنك تأتي قوما أهل كتاب. لماذا قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا؟ يقول العلماء: حتى يستعد معاذ لمناظرة أهل الكتاب؛ لأن حال أهل الكتاب وعلم أهل الكتاب، وعادات أهل الكتاب تختلف عن عادات المشركين وعادات عبدة الأوثان، فأهل الكتاب يؤمنون بالله واليوم الآخر والرسل والملائكة، وليسوا كالمشركين وعبدة الاصنام. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك حتى يستعد لحال المدعوين، وهكذا الأمر بالنسبة للإنسان إذا أراد أن يأمر بمعروف وينهى عن المنكر، لابد أن يكون على علم بحال المدعوين، فهذا من العلم المطلوب والمعتبر.

الرفق واللين

      وأكد النجدي على أهمية الرفق واللين فقال: أما الرفق واللين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمطلوب ومهم لأنك إذا أمرت بقسوة وإذا تكلمت بشدة وعنف قد تحرم الإجابة كما قال بعض السلف: إذا أغضبت الرجل لا يقبل منك شيئاً، فالله -تعالى- قال لنبيه موسى - صلى الله عليه وسلم - وأخاه هارون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، طبعا بعض الناس تحمله الغيرة على دين الله -عز وجل- على الشدة والعنف، لكنه قد يحرم الاستجابة من الخلق.

العدل والإنصاف

     وعن أهمية العدل والإنصاف في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر فقال: أما العدل فينبغي للإنسان أن يكون منصفا فيما يأمره وينهاه، ولا يعامل الناس جميعا بمعيار واحد. يقول أهل العلم: حتى أهل البدع ليسوا على درجة واحدة، فأهل البدعة الواحدة ليسوا على درجة واحدة، فيهم الغالي وفيهم المتوسط وفيهم المتساهل فينبغي لك أن تعامل كلاً على ما يستحق.

الصبر

     ثم ختم النجدي كلامه بالتأكيد على وجوب الصبر عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولاسيما بعد أمرك ونهيك، مبينًا أن الله -سبحانه وتعالى- يقول عن لقمان الحكيم أنه أوصى ابنه فقال: {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عز الأمور}، كثير من الناس إذا أمرته بمعروف أو نهيته عن منكر يغضب ويتضايق وربما يسبك وربما يؤذيك وربما يعاديك، فينبغي لك الصبر على أذى الخلق لتؤجر، ولا ينبغي لك أن تنتصر لنفسك وأن تغضب لنفسك بل تحتسب هذا لله -تبارك وتعالى.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك