
الشباب المسلم – 1256
أثر القرآن في تزكية نفس المسلم
من أهم ما يجب أن يستفيد منه الشباب في رمضان ولا سيما فيما يتعلق بالقرآن الكريم، هو التخلق بأخلاقه، والعمل بآدابه؛ فالقرآن الكريم يدعو الناس إلى مكارم الأخلاق، وجميل الصفات والعادات.
ويحثّ على التحلي بها، والابتعاد عن سيّئها، وقد تضمّن في كثير من سوره كسورة النور، والحجرات، والإسراء على الحِكم، والأخلاق، والوصايا الجامعة العظيمة التي تؤدّي بالبشرية جمعاء إلى سبل الخير والسعادة، وقد بيّن الإمام ابن الجوزي -رحمه الله- أنّ التمسك بكتاب الله -تعالى-، وسنة نبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم - يكون بالوقوف على ألفاظ القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، وفهم المراد منهما، ثم العمل بما فيهما من أحكام، واتّباع ما يصلح النفس الإنسانيّة، ويطهّرها من الدنس ويزكّيها، ويسمو بها إلى مكارم الأخلاق؛ وذلك لما في القرآن والسنّة من أثر بالغ في إصلاح القلوب والنفوس، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر الناس تأثّراً بالقرآن الكريم، وأكثرهم امتثالاً بهديه القويم، وقد سُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: «كان خُلُقُه القُرآنَ»، أي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ممتثلاً لما أمره الله -تعالى- به في القرآن الكريم، أمّا السلف الصالح فقد دلّهم الفهم الصحيح للقرآن الكريم على أهميّة إصلاح الباطن، وتنقيته من الآفات التي تصيب النفس، وتبعدها عن طريق الله -تعالى-.مدرسة شهر الصِّيام
الصِّيام مدرسةٌ تربويَّةٌ عظيمةٌ مباركَةٌ، يتخرَّج فيها المؤمنون المتَّقون، ويتزوَّدون فيها بأعظم زادٍ يمضي معَهم في حياتهم كلِّها، على أنَّ هذه المدرسةَ قد لا يستفيد منها بعض النَّاس؛ إذ تمضي عليهم هذه المدَّة المباركة وهُم يتعايشون ويخرجون منها غير مستفيدين، بينما المؤمن المجدُّ الحريص يدخل هذه المدرسة المباركة فيأخُذ منها دروسًا تربويَّةً إيمانيَّةً علميَّةً تمضي معَه في حياته كلِّها.الحلم وكظم الغيظ
إن من أهم ما يجب أن يتعلمه الشاب من مدرسة الصيام هو الحلم وكظم الغيظ والعفو والصفح؛ فينبغي للصائم إن سابه أحد أو شاتمه أو قاتله أن يقول جهرًا: إني صائم، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب؛ فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائم».ثمرة الصيام الأساسية
إنَّ ثمرة الصيام الأساسية، هي أن يكون حافزًا للصائم على تقوى الله -تعالى-، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، كما قال -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183). فالصيام مدرسةٌ عظيمة، فيها يكتسب الصائمون أخلاقًا جليلة، ويتخلَّصون من صفاتٍ ذميمة، يتعودون على اجتناب المحرمات، ويقلعون عن مقارفة المنكرات.آداب تلاوة القرآن
تلاوة القرآن العظيم من أفضل الطاعات وأعظم القربات، فينبغي للمسلم إذا أراد تلاوة القرآن أن يهيئ نفسه لها، ويحصل الآداب المطلوبة لها لينال الثواب الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى- فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». - ومن أهم الآداب التي ينبغي لقارئ القرآن أن يتحلى بها: أن يقصد بقراءته وجه الله -تعالى- والتقرب إليه، ومنها: الطهارة الظاهرة والباطنة، فيطهر ظاهره من الحدث والخبث، وباطنه من الذنوب والمعاصي. - ومنها: القراءة بتدبر لمعانيه وخشوع بقلبه وخضوع بجوارحه فلا يعبث بشيء منها، أو يشغل سمعه أو بصره، بما يتنافى مع التلاوة. - ومنها: أن يكون نظيف الثياب حسن الهيئة مستقبل القبلة إن أمكن، والسواك قبل القراءة. - ومنها: أنه لا ينبغي له أن يقطع التلاوة لشيء من أمور الدنيا إلا إذا كان ذلك ضروريا.رمضان وسلامة الصدور والألسن
أهمية علوّ الهمة
الهمة العالية لا تزال بصاحبها تزجره عن مواقف الذل، واكتساب الرذائل، وحرمان الفضائل حتى ترفعه من الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد، قال ابن القيم -رحمه الله-: «فمن علت همته، وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته، وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل»، وقال- رحمه الله-: فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، وأفضلها، وأحمدها عاقبة، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات، وتقع عليها كما يقع الذباب على الأقذار؛ فالنفوس العليّة لا ترضى بالظلم، ولا بالفواحش، ولا بالسرقة، ولا بالخيانة؛ لأنها أكبر من ذلك وأجَلّ.من فوائد الصوم
احذر هذه السموم الثلاثة!
- فضول الكلام: أمسك لسانك عن فضول الكلام؛ لتعصم نفسك من كثير من الزلل، فقال رسول الله: «أكثر خطايا ابن آدم من لسانه».
- فضول الأكل: فقلة الطعام توجب رقة القلب وانكسار النفس وضعف الهوى وقهر الغضب ، كما أنها تطلق المرء من قيود الكسل والخمول.
- فضول الصحبة: فهي تؤدي إلى تجاذب أطراف الحديث والسمر، ومن ثَم إغلاق باب الذكر وفتح أبواب اللغو وقسوة القلب والجدل والمراء وفوات الأجر، فضلا عن الغيبة والنميمة ونحوهما من آفات الكلام.
لاتوجد تعليقات