رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 11 ديسمبر، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1246

أهمية الصدق في حياة المسلم

اعلموا يا شباب أنَّ الصدق هو أساس الإيمان، وقد جاءت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تأمر بالصدق وتبين فضله وعظم مثوبته وتحذر من ضده، وتتوعد عليه بأشد الوعيد، كقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: 119) .

      قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا»، ويكفي في بيان فضيلة الصدق أن الله -تعالى- جعل مرتبة الصدق في مرتبة تلي مرتبة النبوة، كما قال -تعالى-: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (النساء: 69)، ووعد الصادقين بالجنة والرضوان والفوز العظيم، كما في قوله -سبحانه-: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (المائدة: 119)، فالصدق ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة أعظمَ النفع؛ إذ هو من أسباب الهداية إلى البر والنجاح في الدعوة، بل في كل عمل نافع، وهو من أسباب محبة الخلق، وكثرة الرزق، وتيسير الأمر، وكثرة الأجر، ورفعة الدرجة، والنجاة من النار، والفوز بأعلى درجات الجنة، قال -تعالى-: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (محمد: 21).

من علامات الصدق سلامة القلب

        إن من علامة الصدق سلامة القلب، وخلوه من الغش والحقد والحسد للمسلمين؛ فالشاب المؤمن الصادق في إيمانه لا يضمر في قلبه غلا للمؤمنين ولا شرا، بل إن حب الخير والنصح لإخوانه هو طبعه وعادته، وهذه الحال الإيمانية تظهر علاماتها على أعماله، فتجده يتجنب الظلم والعدوان والاستعلاء على الناس، وتجده يسعى لقضاء حاجات المسلمين، وإغاثة الملهوفين، ودفع الظلم عنهم، والحزن على مصابهم، والفرح لفرحهم.

الصدق مع الله -تعالى-

        الصدق مع الله -تعالى- يكون بأمور، منها: ألا يخالف المسلم ظاهره باطنه، وأن يخلص لله وحده لا شريك له في كل شيء، بعيدًا عن الرياء والسمعة، وكل ما من شأنه أن يشوب صفاء عقيدته شائبة، من التعبد لغير الله، كأن يجعل بينه وبين الله وساطة، أو أن يشرك معه أحدًا في عبادته من بشر، أحياء كانوا أم أمواتًا.

الصدق في القصد والقول والعمل

الصدق الحقيقي غير قاصر على صدق القول فقط، بل يكون في القصد والقول والعمل:
  • فمعناه في القصد: الإخلاص لله -تعالى-، وقوة الإرادة على السير إليه -سبحانه وتعالى-، ويكون ذلك بالمبادرة إلى أداء ما افترضه الله عليه، ومنه الدعوة إلى الله -تعالى.
  • وأما الصدق في القول فمعناه: نطق اللسان بالحق والصواب، فلا ينطق بالباطل أيًّا كان.
  • والصدق في الأعمال: بأن تكون خالصة لله صوابًا على سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم .

الفرق بين الشهوات والشبهات

        «الشبهات» و «الشهوات» هما أصلا الشّرّ في الحياة، وهما من أمراض القلوب الخطيرة، التي تنافي الخشية من الله -تعالى-، والفرق بين الشهوة والشبهة: أن الشهوة هي تقديم الهوى على طاعة الله ومرضاته، كمن يفعل الأمور المحرمة، ومن يتلذذ بشرب المسكرات، وأما الشُّبْهَة فهي التباس الحق بالباطل واختلاطه، ومرض الشبهات والشهوات، كلاهما مذكور في القرآن الكريم، قال -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (الأحزاب:32)، فهذا مرض الشهوة.

وصايا للشباب

قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: أيها الشاب الموفق:
  • عليك أن تعمل على صيانة شبابك بتجنب الشرور والفساد بأنواعه مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه-، وكلّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر!
  • وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولا سيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، ومعونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل.
  • وعليك أن تكون مؤديًا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك، وأعظمها حق الأبوين؛ فإنه حق عظيم وواجب جسيم.
  • وعليك أن تكون قريبًا من أهل العلم وأكابر أهل الفضل، تستمع إلى أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك.

قالوا عن الصدق

  • قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «عليك بالصدق وإن قتلك».
  • قال الإمام الشعبي -رحمه الله-: عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك، واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.
  • وقال عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- :ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه.
  • قال ابن القيم -رحمه الله-: الصدق هو الطريق الأقوم الذي من لم يسر فيه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران.
   

من أصول الاعتقاد التي لا يسع المسلم جهلها

        من أصول الاعتقاد الواجب على المسلم أن يعتقدها: أن الله -تعالى- مستوٍ على عرشه، وعرشه فوق سماواته، وأنه بائن من خلقه -جلَّ وعلا- ليس حاّلاً فيهم، فهو العلي الأعلى، فوق جميع مخلوقاته -سبحانه وتعالى وتقدس-، وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم من أهل القرون المفضلة، قال الله -تعالى-: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى}، وقال الله -تعالى-: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ}، وقال الله -تعالى-: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في سبعة مواضع من القرآن، وكذلك دلت نصوص السنة على ذلك من حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه لجاريته وفيه: فقلت: يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: ادعها، فدعوتها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها، فإنها مؤمنة. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء».  

حقيقة الصدق

       ينبغي للشاب أن يكون صادقًا مع ربه في العمل له، وصادقًا مع الخلق في وعوده وعهوده وعقوده، وفيًّا في كل ذلك، وعلى الشاب الصادق أن يحذر الكذب، فليس الكذب من صفات المؤمنين، وما أضره على الإيمان برب العالمين! ولذا عدَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - من صفات النفاق، ومن علامات المنافقين في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك