البحث عن الجنة . . !
- هل في الدنيا جنة؟ وأين هي؟ وكيف يمكن أن ينالها المسلم؟ يتكلم ابن تيمية -رحمه الله- عن جنة الدنيا قائلا: «إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة». هذه الجنة فصَّلها تلميذه ابن القيم -رحمه الله- بقوله: «الإقبال على الله -تعالى-، والإنابة إليه، والرضا به وعنه، وامتلاء القلب من محبته واللهج بذكره، والفرح والسرور بمعرفته، ثواب عاجل، وجنة وعيش لا نسبة لعيش الملوك إليه البتة».
- وإذا لم تحرص وتحصل على جنة الدنيا، فإنه لا يبقى لك إلا متاع الدنيا وهو زائل لا قيمة له.. قال -تعالى-: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ} (القصص:60)، قال السعدي -رحمه الله-: «هذا حضٌّ من الله لعباده على الزهد في الدنيا، وعدم الاغترار بها، وعلى الرغبة في الأخرى»، فإن ما عند الله من النعيم المقيم، {خَيْرٌ وَأَبْقَى}، أي أفضل وصفا، وكمًّا، وهو دائم أبدًا.
- قال ابن تيمية -رحمه الله-: «أسعد الخلق أعظمهم عبودية لله»، وقال ابن القيم -رحمه الله-: «فاحرِص أن يكون همُّك واحدًا، وأن يكون هو الله وحده، فهذا غاية سعادة العبد، وصاحب هذه الحال في جنة معجلة قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل».
- وتحدث السعدي -رحمه الله- عن السعادة الدنيوية، وحدد أنها في معرفة الله وعبادته فقال: «هذان الأمران وهما: معرفته وعبادته، هما اللذان خَلَقَ الله الخلق لأجلهما، وهما الغاية المقصودة منه -تعالى- لعباده، وهما الموصلان إلى كل خير وفلاح وصلاح، وسعادة دنيوية وأخروية، وهما أشرف عطايا الكريم لعباده، وهما أشرف اللذات على الإطلاق، وهما اللذان إن فاتا فات كل خير، وحضر كل شر».
- والسعادة هي الحياة الطيبة التي بينها الله - سبحانه وتعالى - بقوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، ومن خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة قال - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِها المرأةُ الصالحة»، وتحدث -سبحانه- عن الحياة الطيبة وربطها بالعمل الصالح.
- إن متاع الدنيا زائف وزائل وليس له أي قيمة يوم القيامة.. يقول - صلى الله عليه وسلم -: «يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ (أي يغمس) في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ» فتُنْسِيهِ تِلك الغَمسَةُ الواحدةُ كُلَّ نَعيمٍ ذاقَه في الدُّنيا، مهْما طالَ عُمْرُه في نَعيمِ الدُّنيا، ومَهما تَمَتَّعَ بِملذَّاتِها وشَهواتِها.
- وفي المقابل فإن شدة الدنيا على المؤمن لا تعني شيئا يوم القيامة.. يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ».
- والحياة الدنيا هي مقر مؤقت للعمل، ودار للابتلاء، قال - تعالى-: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (الملك:2)؛ لذا يجب الأخذ من الدنيا بقدر محدود، قال -سبحانه-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (القصص:77). من الطيبات والزينة، قال -تعالى-: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (الأعراف:32).
- والسعيد من فرق بين جنة الدنيا ومتاعها الزائل.
18/11/2024م
لاتوجد تعليقات