رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 19 أغسطس، 2024 0 تعليق

أسس ثلاث قامت عليها دولة الإسلام في المدينة  – العقيدة السليمة والأخوَّة الإيمانية والأخلاق الحميدة

حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا العهد المدني على تأسيس الدولة على قواعد القرآن والسُّنَّة، وتوحيد كلمة المسلمين وجمع المهاجرين والأنصار تحت رايةٍ واحدة، فأسهم كلاهما في بناء الدولة بالطريقة الصحيحة؛ حيث كان تكوين المهاجرين والأنصار معتمدًا على ثلاثة عوامل أساسيَّة، هي: العقيدة السليمة، والأخلاق الحميدة، ثم الأخوَّة الإيمانية التي جمعت بين قلوبهم.

  •  جعل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد مركزًا لإدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وهو أشبه ما يكون بدار الحكومة
  • كونت قاعدة التآخي أساسًا مهما في قيم الأخلاق الإسلامية التي توحد المسلمين وتجمعهم على الحق وبها حدد الله تعالى علاقة المؤمنين بعضهم ببعض
  •  كان المسجد النبوي الرئة التي يتنفس من خلالها المجتمع الإسلامي فقد كان له أبعاد دينية وسياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وعسكرية وتكونت من خلاله أمة موحدة ذات أهداف واحدة
  •  كان اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بغير المسلمين في المدينة خطوة مهمة لمشاركتهم الفاعلة في بناء الدولة جنبا إلى جنب مع المسلمين حتى لا يكونوا عامل هدم من خلال تعاونهم مع الأعداء
  • نظمت الصحيفة العقوبات ضد المفسدين وخصوصًا قضايا الأخذ بالثأر؛ بحيث تحول مبدأ الأخذ بالثأر إلى مبدأ القصاص والعقاب
  •  وثيقة المدينة أو المعاهدة بين المسلمين وغير المسلمين، هي مايسمى بلغة العصر دستور دولة الإسلام الواحدة الذي قامت عليه دولة الإسلام الأولى
  • استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يوحد بين المسلمين من قريش ويثرب تحت راية الإسلام ويجعل منهم بهذا الدين أمَّة متميزة من دون الناس
  •  تميَّز المهاجرون بأمرين، هما: السبق إلى الإسلام، وهذا وفَّر لهم علمًا وخبرة، والصبر على البلاء الذي تعرضوا له في مكة، وهذا أعطاهم ثباتًا لافتًا عند الفتن والمحن
 

وقد تميَّز المهاجرون بأمرين، هما: السبق إلى الإسلام، وهذا وفَّر لهم علمًا وخبرة، والصبر على البلاء الذي تعرضوا له في مكة، وهذا أعطاهم ثباتًا لافتًا عند الفتن والمحن، هذان الأمران أهَّلا المهاجرين لأخذ معظم المراكز القياديَّة في العهد المدني وبعده، مثل: قيادات الجيش، والأمراء، والسفراء، كما كان منهم أغلب العلماء، أمَّا الأنصار فقد تميَّزوا في جانب الإيثار والقوَّة العسكريَّة، وهذا أهَّلهم للنُّصْرة، فكانوا هم الداعم لبناء الدولة دون النظر إلى المراكز القياديَّة، هذه الصفات التي تكامل فيها المهاجرون والأنصار كفلت للدولة القيام بنجاح.

أهدافُ الدولة المسلمة

         وقد وضحت أهدافُ الدولة المسلمة منذ اليوم الأوَّل لهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، أعظمها كان ترسيخ العقيدة الإسلاميَّة في نفوس المسلمين، وتطبيق الشريعة الإسلاميَّة المرتكزة على القرآن والسُّنَّة، وتبعها بعد ذلك أهدافٌ كثيرةٌ مهمَّة، منها: تحقيق الأمن والاستقرار، وضمان الحماية للشعب من الأخطار الخارجيَّة، وتوحيد الصفِّ الداخلي، وإعمار الأرض، وتحقيق التعاون المثمر مع الكيانات الخارجية المحيطة بالمدينة.  

الأسس التي قامت عليها دولة المدينة

قامت دولة المدينة على أسس ثلاث هي:
  • الأساس الأول: بناء المسجد النبوي.
  • الأساس الثاني: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.
  • الأساس الثالث: وثيقة المدينة أو دستور دولة الإسلام الأولى.
   

الأساس الأول:

 بناء المسجد النبوي

شرع النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ وصوله المدينة في بناء المسجد في المكان الذي بركت فيه ناقته، وعَمِلَ - صلى الله عليه وسلم - في بنائه ليُرغّب المسلمين في العمل فيه من المهاجرين والأنصار حيث قال قائلهم:

لئن قعدنا والنبي يعمل

                                                                       لذاك منا العمل المضلل

         وهكذا «أو بمثل هذه البساطة تم بناء المسجد النبوي، وبروح التعاون الأخوي والعمل الجماعي رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أركان هذا المسجد الذي صار موئلاً لأعظم رجال عرفتهم الإنسانية، الذي خرّج أرحم القادة وأشجعهم، وأعظم الأبطال وأفضلهم، وأعظم الخلفاء وأرأفهم..»، ووضع من خلاله أرقى الأسس وأقواها في كيفية صناعة الأمة وتوحيدها دينينا ودنيويا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: «كانت المساجد مجامع الأمة ومواضع الأئمة، وقد أسس - صلى الله عليه وسلم - مسجده المبارك على التقوى، فكانت فيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون كلما حزبهم أمر من أمر دينهم ودنياهم».

أهمية الخطوة الأولى

ولإدراك أهمية الخطوة الأولى التي قام بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومدى أثرها في بناء الأمة الإسلامية والحرص على وحدة تكوينها وأهدافها وغاياتها، لابد من الوقوف على الوظيفة التي أرادها الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمسجد الذي بناه:

(1) مركز للعبادة والتعليم والتوجيه

        جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد مركزًا للعبادة والتعليم والتوجيه والإرشاد والتفقه في الدين، وذلك بتبليغ الوحي وتوضيحه للمسلمين في خطب الجمعة ومجالس العلم وفي كل فرصة تسنح له؛ ولهذا أصبح المسجد النبوي النبع الدافق الذي يغذي القلوب والأرواح بعبادة الله -عزوجل- من صلاة وذكر وقراءة قرآن، ويغذي العقول المؤمنة بالعلم والمعرفة الشاملة التي تزيدهم من الله قرباً، وتجعلهم أقدر الناس وأحرصهم على حمل الأمانة ونشر تعاليم الإسلام في المكان الذي يحلون فيه.

(2) مركز لإدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية

         جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد مركزًا لإدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وهو أشبه ما يكون بدار الحكومة؛ إذ في المسجد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتمع بالمسلمين في أثناء صلاتهم وذكرهم لله -تعالى- للتشاور والتفاهم والدراسة والتخطيط للدعوة وتدبير شؤون المسلمين، وفي المسجد كان يستقبل الوفود التي تجيء لأغراض مختلفة كإعلان الإسلام، أو عقد معاهدة، أو طلب معونة.

(3) مركز للقيادة العسكرية

كان المسجد النبوي مركزًا للقيادة العسكرية؛ حيث كانت تنطلق منه ألوية الجهاد بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو بمن ينيبه عنه، وبه كانت تستقبل قوافل النصر والاستشهاد في سبيل الله.

(4) فيه بيت مال المسلمين

كذلك كان المسجد النبوي بيت مال المسلمين؛ حيث كان يجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصدقات والأموال فيه ويوزعها على مستحقيها.  

(5) مركز للقضاء

وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد مركزًا للقضاء؛ إذ كان يفصل فيه بين المتخاصمين بما أنزله الله عليه.

(6) مكان لإيواء الضعفاء والمساكين

كما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد مكانًا مخصصًا لإيواء الضعفاء والمساكين الذين لا سكن لهم من أهل الصفة، وأصبح كل من يحتاج مالاً أو طعامًا أو مساعدة ما يلتقي بأهل الخير في باحة المسجد لسد حاجاته الحياتية.

رئة المجتمع المسلم

           مما سبق يتبين أنَّ المسجد النبوي كان الرئة التي يتنفس من خلالها المجتمع الإسلامي، ويجد فيه الفرد المسلم متنفسًا لقضاء احتياجاته الدينية والدنيوية، فقد كان للمسجد أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وعسكرية لتكوين أمة موحدة ذات أهداف واحدة، والأهم من كل ذلك أن وجود المسجد رسخ لضرورة وجود قيادة مركزية ونظام ووحدة الصف الواحد، وعلى هذه الأسس قامت دعائم الدولة الإسلامية، فأصبح المسلمون يتعاملون مع القائد بطريقة مختلفة عما كانوا يتعاملون مع رئيس العشيرة؛ لذلك كان المسجد نقطة التغيير الأولى في تنظيم المسلمين في إطار الدولة الإسلامية الوليدة.

المهام العظيمة للمسجد

         إذًا من خلال المهام العظيمة التي أداها المسجد النبوي الذي كان أول عمل قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة المنورة، ندرك الأهمية العظيمة للمساجد في صناعة الوحدة الإسلامية وفي الدفاع عن المسلمين والإسلام الذي حض على إنشائها وعمارتها خارجيا ببنائها وتأثيثها وتنظيمها، وداخليا بالحث على التردد إليها لتكون المركز الأساسي في حياة المسلمين؛ حيث قال -تعالى-: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}.  

الأساس الثاني:

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

         تلت بناء المسجد النبوي خطوة مهمة لتعزيز الوحدة بين المسلمين، وهي المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: «تآخوا في الله أخوين أخوين، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: هذا أخي»، هذه المؤاخاة تعد من أعظم الأسس التي قامت عليها دولة الإسلام الأولى؛ إذ آخى النبي -صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار على الحق والمواساة، وعلى أن يتوارثوا فيما بينهم بعد الممات؛ بحيث يكون أثر الأخوة الإسلامية في ذلك أقوى من أثر قرابة الرحم.

         لذلك كانت قاعدة التآخي أساسًا مهما في قيم الأخلاق الإسلامية التي توحد المسلمين وتجمعهم على الحق، وبها حدد الله -تعالى- علاقة المؤمنين في الآية الكريمة: {إنما المؤمنون إخوة}، والأخوة في الله أدوم وأبقى حتى من الأخوة في النسب، لأن أخوة النسب تنتهي وتنقطع باختلاف الدين والعقيدة ولكن أخوة الإيمان دائمة في الدنيا والآخرة.

السبيل لصياغة مجتمع متماسك

         المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، كانت السبيل الوحيد أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - لصياغة مجتمع متماسك متراص كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضًا بوشائج قوية من المحبة والتعاون والإيثار؛ وذلك ليكون قادرًا على مواجهة التحديات الكامنة في كل جانب ومواجهة مشركي مكة الذين سيحاولون بجهدهم الوقوف في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته من الانتشار، وأن يكون له دولة قوية موحدة تهدد نفوذهم ومصالحهم، ولا سيما في مكة المكرمة، وكذلك هناك اليهود الذين عاثوا فسادًا في المجتمع المدني بإثارة العداوة والبغضاء بين الأوس والخزرج؛ وذلك للسيطرة على المدينة ماديا ومعنويا، ولا يتركون النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه يتولون زمام الأمور ويصلحون ما أفسدوه.  

الأساس الثالث:

الوثيقةأو دستور دولة الإسلام الأولى

  ثالثًا: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن بنى للمسلمين مسجدًا، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار، فكتب كتابًا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم. وهذا الكتاب الذي سمي بوثيقة المدينة، أو الصحيفة، أو المعاهدة بين المسلمين وغير المسلمين، أو ما سمي بلغة العصر الحاضر دستور المدينة، أو دستور دولة الإسلام الواحدة الموحدة.

          وقد كونت هذه الخطوة الأساس الثالث الوحدوي الذي قامت عليه دولة الإسلام الأولى، واستكمالاً لما قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - من خطوات وحدوية سابقة؛ إذ بعد أن أصبح للمسلمين مركز واحد متمثل في المسجد النبوي، وبعد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، كان لابد من تنظيم شؤون المسلمين فيما بينهم وعلاقتهم بالدولة، وتنظيم علاقة الطوائف الأخرى الموجودة في المدينة والمتمثلة في اليهود بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات تجاه دولة الإسلام.

اهتمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بغير المسلمين

        لقد كان اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير المسلمين الموجودين في المدينة خطوة مهمة لإتاحة الفرصة لهم للمشاركة الفاعلة في بناء الدولة جنبًا إلى جنب مع المسلمين، وعدم إهمالهم خشية أن يكونوا عامل هدم فيها مستقبلاً من خلال تعاونهم مع الأعداء المتربصين بالدولة الإسلامية الناشئة. وللتأكيد على الجانب الوحدوي في الوثيقة نجدها قد نصت على اعتبار أن الأطراف في هذه الوثيقة أمة واحدة، فقد جاء في مقدمة موادها: «هذا كتاب من محمد النبي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس»، وقد نصت بنود هذه الوثيقة على عوامل الوحدة ونبذ الفرقة والاختلاف فيما بينهم، ومن ذلك «وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله وإلى محمد، وإن الناظر المتفحص إلى هذه المعاهدة يجد أنها قد صيغت بدقة بالغة التفاصيل؛ إذ تناولت جميع الأمور التي تحتاجها الدولة لتكون دولة موحدة قوية وقادرة على حمل رسالة الدعوة في سبيل الله والدفاع عنها.

فوائد هذه الوثيقة

ومن يَعُد إلى بنود هذه الوثيقة يجد أنها قد تضمنت أمورًا في غاية الأهمية تصب فوائدها في خدمة دولة الإسلام ووحدتها، وكيفية المحافظة عليها، ومن أهم هذه الفوائد:
  • استطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوحد بين المسلمين من قريش ويثرب تحت راية الإسلام ويجعل منهم بهذا الدين أمَّة متميزة من دون الناس، يسود بين أبنائها النصح والتناصح والتناصر على محاربة أعداء هذا الدين وهذه الأمة.
  • أعطت هذه الصحيفة للمؤمن هوية مميزة؛ إذ لا يجوز مساواته بالكافر في أثناء القصاص، فلا يجوز قتل مؤمن بكافر، كذلك لا يجوز مساعدة الكافر ومناصرته على محاربة مؤمن.
  • كذلك حرصت هذه الوثيقة على وحدة الصف بين المسلمين؛ إذ لم تجز لأحد منهم أن يوقع اتفاق سلام مع الأعداء من دون المؤمنين جميعًا، وهذا بطبيعة الحال موجه لقادة المسلمين ومن بيده زمام الأمور، مما يشكل خرقًا لصف المسلمين وإضعافًا لموقفهم من الناحية المادية والمعنوية في أثناء المواجهة.
  • اشترطت بنود الصحيفة على المؤمنين التحاكم إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - عند نشوب أي خلاف فيما بينهم، وذلك نبذًا للشقاق والانقسام الذي يضعف وحدة الأمة.
  • نظمت الصحيفة العقوبات ضد المفسدين وخصوصًا قضايا الأخذ بالثأر؛ بحيث تحول مبدأ الأخذ بالثأر إلى مبدأ القصاص والعقاب، وبذلك يعد تحول حق التأديب والتعزير إلى الجماعة بدلاً من الفرد انتقالاً مهما من مجتمع الجاهلية إلى مجتمع الإسلام.
  • أكدت بنود الصحيفة أنه في حال وجود خلاف يخاف فساده بين أهل هذه الصحيفة من المسلمين واليهود والمشركين يردّ إلى الله -سبحانه وتعالى- وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يدل على خضوع جميع رعايا دولة الإسلام الأولى إلى سلطة واحدة واعترافهم بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم .

نواة الأمة الإسلامية الموحدة

       إن ما ورد في وثيقة المدينة من معايير الحكم والدولة ومن أسس يقام عليها المجتمع الإسلامي الموحد، قد مكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أن يرسي بتلك الأسس قواعد الدولة، وأن يصنع نواة الأمة الإسلامية الموحدة التي أخذت تتوسع وتنتشر مع مرور الزمن، وتظهر أهمية ما قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - من عمل من تأمل الأوضاع العامة التي كانت سائدة في جزيرة العرب؛ حيث النزعة الفردية والفوضى التسلطية القبلية واللاقانون، وفي قلب هذا المجتمع بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإقامة مجتمع جديد يقوم على النظام العادل، وأخذ يرسي دعائم دولة موحدة، تقوم على سيادة القانون الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وليس على سيادة أهواء قبلية أو عشائرية أو ما شابه ذلك.  
  • قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كانت المساجد مجامع الأمة ومواضع الأئمة وقد أسس  صلى الله عليه وسلم  مسجده المبارك على التقوى فكانت فيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء وفيه يجتمع المسلمون كلما حزبهم أمر من أمر دينهم ودنياهم

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك