الطريق إلى القوة
- هل يحتاج المسلمون إلى القوة المادية؟ ولماذا؟ وكيف الحصول عليها؟ في واقعنا، يصف معظم المتأملين حال الأمة بالضعف، ويرون أن معظم ما يصيبها من أعدائها هو بسبب هذا الضعف؛ لذا فهي تحتاج إلى القوة -على الأقل-؛ لكي تتصدى لمن يريد الكيد بها والنيْل منها.
- من جهة أخرى.. أُنشئت فئة الدول الأقل نموًّا (Least developed countries -LDCs) في عام 1971 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ بهدف إيجاد دعم دولي لهذه الدول، فعقدت مؤتمرات عدة، منها: الأول والثاني في باريس عام1981 ، 1990 والثالث في بروكسل عام 2001، والرابع في اسطنبول عام 2011، وعقد الخامس في الدوحة في عام 2022 باعتماد (إعلان الدوحة)، الذي يعزز التزام المجتمع الدولي ببرنامج عمل الدوحة 2022-2031 تجاه الدول الـ 46 الأقل نموًّا في العالم.
- فما أقل الدول نموًّا؟ تضم القائمة 46 دولة، منها 9 دول في آسيا، 33 دولة في أفريقيا فيها حوالي 880 مليون نسمة، أي 12% من سكان العالم، يمثل المسلمون أكثر من نصفهم أي نحو 450 مليون نسمة من بنغلاديش، وأفغانستان، واليمن، وجيبوتي، وإريتريا، والصومال، والسودان، وتنزانيا، وغيرها من الدول الآسيوية والأفريقية.
- والقوة بالمفهوم الشرعي لها معان كثيرة من أهمها أن القوة لله -تعالى-: {...أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العقاب) (البقرة:165)، فالقوة والقدرة كلها لله ، والله هو القوي المتين، وأن ما دونه ليس فيه من القوة الحقيقية شيء، وقال -تعالى-: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} (الانفال:60)، أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية والأسلحة والصناعات وأيضا السياسة والرأْي السديد، والشجاعة والتدبير، وأيضا قوة الإيمان، قال -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير».
- فلا يمكن أن تعز أمة ونصفها يئن من الضعف والفقر والجوع، ولا يمكن أن تقوى أمة وهي بعيدة عن الدين القويم والمنهج السليم القائم على كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة، نخرها التخلف المادي من جهة والضلال العقائدي من جهة أخرى.
- ومن أمثلة تلازم القوة المادية والقوة الإيمانية هذا الحديث الصحيح .. أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لمَّا خرَجَ إلى (غزوةِ حُنَينٍ)، مَرَّ بشجرةٍ للمشركينَ يُقالُ لها: ذاتُ أَنْواطٍ، يُعلِّقونَ عليها أسلحتَهم، فقالوا: «يا رسولَ اللهِ، اجعَلْ لنا ذاتَ أَنْواطٍ كما لهم ذاتُ أَنْواطٍ»، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «سُبحانَ اللهِ! هذا كما قال قَومُ موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} (الأعراف: 138)، والذي نَفْسي بيدِه، لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَن كان قَبلَكم».
- فظن الصحابة الكرام أن القوة قد تكون في الشجرة، فتعجب النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من قولهم فقال: «سُبحانَ اللهِ»! حيث بين لهم أن في طلَبُهم هذا مشابهة لطلَبِ بَني إسرائيلَ! ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر كل هذا، حماية لجَنابِ التَّوحيدِ، وسدُّا لذَرائِع الشِّركِ، ونَّهيُا عن التَّشبُّهِ بالكفَّارِ والمشرِكين، أو الاقتِداءِ بهم، والأمرُ بنَبذِ عاداتِ الجاهليَّةِ وأفعالِها.
- فالقوة الحقيقية هي القائمة على الفهم الصحيح للدين الإسلامي، والأخذ الجاد بأسباب القوة المادية المعروفة.
1/7/2024م
لاتوجد تعليقات